الطعن رقم 472 لسنة 14 ق – جلسة 18 /12 /1971
مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ
القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972)
– صـ 104
جلسة 18 من ديسمبر سنة 1971
برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وأحمد حسن العتيق المستشارين.
القضية رقم 472 لسنة 14 القضائية
دعوى. دعوى الإلغاء – "الإجراءات السابقة على رفعها. التظلم الوجوبي".
الشكوى التي تقدم إلى وكيل النيابة الإدارية لا تعتبر تظلماً من القرار المطعون فيه
طالما أنها لم تصل إلى علم الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية.
إن الشكوى المقدمة إلى وكيل النيابة الإدارية لا يمكن اعتبارها تظلماً من القرار المطعون
فيه طالما أنه لم يثبت من الأوراق أنها وصلت إلى علم الجهة الإدارية التي أصدرت القرار
أو الهيئات الرئيسية وذلك طبقاً لنص المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 في شأن
تنظيم مجلس الدولة والمادة الأولى من قرار مجلس الوزراء الخاص ببيان إجراءات التظلم
الإداري وطريقة الفصل فيه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يخلص من أوراق الطعن في أن المدعي "المطعون
ضده" أقام الدعوى رقم 591 لسنة 16 القضائية بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري
في 5 من مارس سنة 1965 ضد – 1 – السيد وزير الإصلاح الزراعي – 2 – السيد رئيس مجلس
إدارة المؤسسة المصرية العامة لتعمير الأراضي – 3 – السيد مدير عام هيئة مديرية التحرير
طالباً في نهايتها الحكم بإلغاء القرار التأديبي رقم 1308 الصادر في 17 من أكتوبر سنة
1961 من السيد مدير عام الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي والذي قضى بمجازاته بخصم خمسة
أيام من راتبه. وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه كان يشغل وظيفة مدير حسابات المنطقة الشمالية
(النوبارية) بمديرية التحرير وحدث أن امتنع أحد المرؤوسين له عن صرف مستحقات بعض العمال
الزراعيين فامتنع هؤلاء العمال عن القيام بأعمالهم الأمر الذي كان يهدد ألف فدان معدة
للزراعة بالبوار. وإعمالاً لرأي السيد مدير المنطقة وأخذاً بما تقضى به اللوائح رخص
لهؤلاء العمال بالعمل وفقاً لنظام الظهورات وهو النظام الذي جرى عليه العمل في جميع
مناطق الهيئة الدائمة لاستصلاح الأراضي وهي الهيئة التي تتبعها مديرية التحرير غير
أن مديرية التحرير أصدرت القرار رقم 1308 في 17 من أكتوبر سنة 1961 بمجازاته بخصم خمسة
أيام من راتبه بدعوى أنه قام باستخراج حوافظ لعمال المقاول باعتبارهم عمال ظهورات دون
وجود اللائحة أو القرار الخاص بتشغيل عمال الظهورات ليكون مستنداً مالياً للصرف وهو
ما يدل على عدم تفهمه للنظم المالية السليمة في تشغيل العمال وصرف أجورهم واستطرد المدعي
قائلاً أن تصرفه كان في حدود القانون واللوائح وأخذاً برأي رؤسائه ثم نعى على المحقق
أنه لم يلتفت إلى مستندات قدمها إليه أثناء التحقيق وأن هذه المستندات كافية للرد على
الأسباب التي بني عليها القرار موضوع الدعوى.
ومن حيث إنه بجلسة 29 من نوفمبر سنة 1967 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون
فيه وقد قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد وبقبولها شكلاً وفي الموضوع
بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وقد أقامت المحكمة قضاءها
من حيث الشكل على أن المدعي قدم بتاريخ 31 من أكتوبر سنة 1961 إلى السيد وكيل النيابة
الإدارية بدمنهور طعناً في التحقيق الذي صدر القرار المطعون فيه بناء عليه ومطالباً
بإعادة التحقيق وأن هذا الطلب إلى وكيل النيابة الإدارية لإعادة التحقيق يمكن اعتباره
تظلماً مقدماً إلى الجهة الإدارية مصدرة القرار المذكور أما من حيث الموضوع فقد نسب
إلى المطعون ضده أنه ارتكب مخالفتين الأولى أنه تعرض للسيد/ …… بوسائل تخرج عن
واجبات الوظيفة أما المخالفة الثانية فهي أنه قام باستخراج حوافظ لعمال المقاول باعتبارهم
عمال ظهورات دون وجود اللائحة أو القرار الخاص بتشغيل عمال الظهورات ليكون مستنداً
مالياً في الصرف مما يدل على عدم تفهمه للنظم المالية السليمة في تشغيل العمال وكيفية
الصرف لهم وقالت المحكمة إنه بالرجوع إلى التحقيق الذي أجرته إدارة الشئون القانونية
فإن المخالفة الأولى لا دليل عليها بل إنه لم ترد أية إشارة إلى هذه المخالفة بمذكرة
إدارة الشئون القانونية رقم 461/ 1961 الأمر الذي يجعل استناد القرار المطعون فيه إلى
هذه المخالفة في مجازاة المدعي استناداً لا يقوم على أساس من التحقيق الذي أجرى في
هذا الصدد وينهار بذلك أحد الأساسين اللذين قام عليهما القرار وذلك بالرغم من ثبوت
المخالفة الثانية في حقه وانتهت المحكمة إلى أن أحد الأساسين اللذين قام عليهما القرار
المطعون فيه قد تخلف وبالتالي فإن القرار المذكور يفقد سند الإبقاء عليه ويتعين الحكم
بإلغائه.
ومن حيث إن الطعن ينعى على الحكم المطعون فيه مخالفته القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله
من ناحية الشكل والموضوع معاً.
فمن ناحية الشكل فإن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده قدم تظلمه الأول 31 من أكتوبر
سنة 1961 ولم يرفع دعواه إلا في 5 من مارس سنة 1962 وبالتالي يكون قد رفعها بعد الميعاد
وأنه لا ينفتح ميعاد جديد بأي تظلم بعد تاريخ التظلم الأول ولما كان الحكم قد احتسب
مواعيد التظلم اعتباراً من 8/ 11/ 1961 وهو تاريخ تظلم تال تقدم به المطعون ضده فإن
الحكم يكون بذلك قد خالف القانون ويصبح جديراً بالإلغاء أما من ناحية الموضوع فإنه
يؤخذ من التحقيق في مجموعه ثبوت المخالفة الأولى المنسوبة إلى المطعون ضده وهي الخاصة
بتعرضه للسيد….. أما المخالفة الثانية فالحكم المطعون فيه مسلم بثبوتها قبل المطعون
ضده. وأنه على فرض ثبوت المخالفة الثانية فقط فإن القضاء الإداري جرى على أن ذكر عدة
أسباب لإصدار القرار وتخلف بعضها لا يؤثر ما دام الباقي يكفي لحمل القرار على وجه صحيح.
ومن حيث إن هيئة مفوضي الدولة قدمت تقريراً بالرأي القانوني مسبباً انتهت فيه إلى أنها
ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون
ضده المصروفات.
ومن حيث إنه يبين من الرجوع إلى الأوراق أن السيد مدير عام الهيئة الدائمة لاستصلاح
الأراضي قد أصدر في 17/ 10/ 1961 القرار رقم 1308 بمجازاة السيد/ …. مدير الحسابات
بمنطقة النوبارية بخصم خمسة أيام من راتبه وذلك بعد الاطلاع على مذكرة إدارة الشئون
القانونية والتحقيقات رقم 461 لسنة 1961 بخصوص الشكوى المقدمة من المحاسب….. ورئيس
قسم التكاليف بمنطقة النوبارية والخاصة بالتلاعب في أجر الشغالة بورشة قسم الآلات الزراعية
بالمنطقة والتي جاء بها أنه ثبت من التحقيق أن السيد/ … تعرض للشاكي السيد/ … بوسائل
تخرج عن واجبات الوظيفة، وأنه قام باستخراج حوافظ لعمال المقاول باعتبارهم عمال ظهورات
دون وجود اللائحة أو القرار الخاص بتشغيل عمال الظهورات ليكون مستنداً مالياً في الصرف
وهو الأمر الذي يدل على عدم تفهمه للنظم المالية السليمة في تشغيل العمال وكيفية الصرف
لهم.
ومن حيث إن الجهة الإدارية قد دفعت أمام محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى شكلاً
لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن المدعي وقد تظلم من القرار المطعون فيه بتاريخ 31/
10/ 1961 ثم أقام هذه الدعوى في 5/ 3/ 1962 فتكون الدعوى قد أقيمت بعد الموعد القانوني.
ومن حيث إنه بالاطلاع على صورة التظلم المقول به تبين أن المدعي قدم بتاريخ 31/ 10/
1961 شكوى إلى وكيل النيابة الإدارية بدمنهور يطالب فيها بإعادة التحقيق الذي صدر القرار
المطعون فيه بناء عليه.
ومن حيث إن الشكوى المقدمة إلى وكيل النيابة الإدارية بدمنهور بتاريخ 31/ 10/ 1961
لا يمكن اعتبارها تظلماً من القرار المطعون فيه طالما أنه لم يثبت من الأوراق أنها
وصلت إلى علم الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئيسية وذلك طبقاً لنص
المادة 12 من القانون رقم 55 لسنة 1959 من شأن تنظيم مجلس الدولة والمادة الأولى من
قرار مجلس الوزراء الخاص ببيان إجراءات التظلم الإداري وطريقة الفصل فيه وإذ قدم المطعون
ضده تظلماً بتاريخ 8/ 11/ 1961 إلى مدير عام الهيئة الدائمة للإصلاح الزراعي وهو مصدر
القرار ينعى فيه على القرار المطعون فيه ما شابه من عيوب فإن هذا التظلم يعتبر التظلم
الأول ويتعين احتساب المواعيد القانونية اعتباراً من ذلك التاريخ. ولما كان المدعي
قد رفع دعواه في 5/ 3/ 1961 فإن الدعوى تكون قد أقيمت في الميعاد القانوني ويكون الدفع
بعدم قبولها لرفعها بعد الميعاد لا سند له من القانون متعين الرفض.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالموضوع فإن القرار المطعون فيه قد بني على أن المطعون ضده
ارتكب المخالفتين الآتيتين:
الأولى: أن تعرض للشاكي السيد/ ….. بوسائل تخرج عن واجبات الوظيفة.
والثانية: إنه قام باستخراج حوافظ لعمال المقاول باعتبارهم عمال ظهورات دون وجود اللائحة
أو القرار بتشغيل عمال الظهورات ليكون مستنداً مالياً في الصرف وهو الأمر الذي يدل
على عدم تفهمه للنظم المالية السليمة في تشغيل العمال وكيفية الصرف لهم.
ومن حيث إنه عن المخالفة الأولى فإنه بالرجوع إلى التحقيقات التي أجرتها إدارة الشئون
القانونية والتحقيقات التي أعدت المذكرة رقم 461 لسنة 1961 نتيجة لها يبين أنه ليس
هناك ما يثبت وقوع هذه المخالفة من المطعون ضده.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بالمخالفة الثانية فإنه وإن كانت مذكرة إدارة الشئون القانونية
سالفة الذكر قد انتهت إلى القول بثبوتها في حق المطعون ضده نتيجة للتحقيقات التي أجرتها
الإدارة المذكورة إلا أن الثابت من مذكرة اللجنة المشكلة بأمر مدير عام هيئة مديرية
التحرير المؤرخة في 24 من سبتمبر سنة 1963 والخاصة ببحث هذه المخالفات أن هذه المخالفة
الثانية لا تستند إلى أساس سليم للأسباب التي أوردتها مذكرة اللجنة وفحواها أن المطعون
ضده قد اعتمد وأمر باستخراج حوافظ لعمال الظهورات بعد موافقة مدير عام الشئون المالية
والإدارية.
ويظهر أن هذه المذكرة الأخيرة لم تكن تحت نظر المحقق عندما وجه التهمتين سالفتي الذكر
إلى المدعي.
ومن حيث إن القرار الصادر بمجازاة المدعي قد قام على الأسباب التي تضمنتها مذكرة إدارة
الشئون القانونية رقم 461 لسنة 1961 وهي ثبوت المخالفتين المنسوبتين إلى المطعون ضده
في حقه إلا أن الثابت من الأوراق أن المخالفة الأولى لم تقع وأن المخالفة الثانية لا
يمكن مساءلته عنها بعد أن تبين أن ما قام به من اعتماد وإصدار الأمر باستخراج حوافظ
لعمال الظهورات إنما كان بناء على موافقة مدير عام الشئون المالية والإدارية.
ومن حيث إن القرار الإداري يجب أن يقوم على سبب يبرره في الواقع وفي القانون وذلك كركن
من أركان انعقاده باعتباره تصرفاً قانونياً إذ لا يقوم أي تصرف قانوني بغير سببه. ولما
كان القرار المطعون عليه لا يقوم على سبب يبرره فإنه يكون قد صدر مخالفاً للقانون ويتعين
إلغاؤه وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء القرار المذكور فإنه يكون قد أصاب الحق في
النتيجة التي انتهى إليها للأسباب السابق بيانها ومن ثم يتعين رفض الطعن وإلزام الجهة
الإدارية المصروفات.
"فلهذه الأسباب"
حكمة المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعنة بالمصروفات.
