الطعن رقم 547 لسنة 38 ق – جلسة 15 /04 /1968
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 19 – صـ 464
جلسة 15 من أبريل سنة 1968
برياسة السيد المستشار/ مختار مصطفى رضوان نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، وحسين سامح، ومحمود عطيفه.
الطعن رقم 547 لسنة 38 القضائية
(أ، ب) تبديد، "خيانة أمانة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تفسير
المحررات". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
( أ ) حق محكمة الموضوع في تفسير المحررات بما لا يخرج عما تحتمله.
(ب) النص في العقد على دفع قيمة الشيء محل التعاقد في حالة عدم رده. لا ينفي أن نية
العاقدين قد انصرفت إلى اعتبار العقد إيجاراً. استخلاص هذه النية مما يسوغها. تقديري
لمحكمة الموضوع.
1 – لمحكمة الموضوع حق تفسير العقود والإقرارات على الوجه الذي تراه مفهوماً منها،
وبما لا يخرج عما تحتمله عباراتها، ولا معقب عليها في ذلك ما دامت عبارات المحرر تحتمل
التفسير الذي أخذت به.
2 – متى كانت عبارات العقد كما أوردها الحكم المطعون فيه تؤيد ما استظهرته المحكمة
منها، ولم يخرج الحكم في تفسيره للعقد عما تحتمله نصوصه، فاستخلص أن نية المتعاقدين
قد انصرفت في وضوح وفي دلالة قاطعة إلى اعتبار العقد عقد إيجار، وأن تقديرهما لقيمة
الأخشاب والنص على التزام المتهم بدفعها في حالة عدم رد الأخشاب، لم يقصد به سوى حفظ
حق المدعي المدني وذلك بتقدير تلك القيمة سلفاً، قطعاً لكل نزاع قد يثار في شأنها مستقبلاً،
وكان هذا الذي خلص إليه الحكم هو استخلاص سائغ حصلته محكمة الموضوع في حدود سلطتها
التقديرية مما تستقل به ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، فإن النعي على الحكم
بالخطأ في تطبيق القانون يكون غير سديد.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 3/ 8/ 1963 بدائرة مركز المنزلة: بدد الأخشاب المبينة وصفاً وقيمة بالمحضر والمملوكة لمحمد الإمام عطا معوض وكانت قد سلمت إليه على سبيل الإيجار لاستعمالها في غرض البناء فاختلسها لنفسه إضراراً بالمجني عليه حالة كونه عائداً. وطلبت معاقبته بالمادتين 49/ 3 و341 من قانون العقوبات. وادعى….. المجني عليه مدنياً قبل المتهم بمبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة المنزلة الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم ثلاثة أشهر مع الشغل والنفاذ وألزمته بأن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ مائة جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة المنصورة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. فطعن الوكيل عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
خيانة الأمانة، قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن العقد المحرر بين الطاعن والمجني
عليه لا يعتبر عقداً من عقود الأمانة فهو إذ أجاز للطاعن استعمال الأخشاب محل العقد،
وخلا من شرط رد الشيء المودع بعينه فإنه بذلك لا يعد عقد وديعة. وهو إذا اعتبر عقد
إيجار ابتداء إلا أنه وقد انطوى على التزام تخييري يجيز للطاعن أن يختار بين رد الأخشاب
أو رد قيمتها، فإن إعمال هذا الالتزام يؤول به إلى عقد بيع لا تترتب على مخالفته ثمة
مسئولية جنائية.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى
في قوله إنها "تخلص فيما أبلغ به وقرره المجني عليه من أن المتهم (الطاعن) تسلم منه
بموجب عقد ائتمان مؤرخ 2/ 5/ 1963 الأخشاب المبينة بالعقد لاستعمالها شدة لبناء لقاء
أجرة قدرها 50 جنيهاً عن الثلاثة أشهر وإذا لم يسلمها في نهاية المدة يلزم بدفع ثمنها
وقدره 800 جنيه – وقدم عقداً مؤرخاً 2/ 5/ 1963 مذيلاً بتوقيع المتهم يقرر فيه أنه
تسلم من المجني عليه الأخشاب المبينة وصفاً وقيمة بالعقد لاستعمالها كشدة بناء لمدة
ثلاثة أشهر بأجرة قدرها 50 جنيهاً ويقرر أن تلك الأخشاب أصبحت أمانة في ذمته ويتعهد
بتسليمها في نهاية تلك المدة أي بعد ثلاثة أشهر ويتعهد بملزوميته في حالة عدم تسليمها
في نهاية تلك المدة بدفع ثمنها وقدره 800 جنيهاً وبعد أن أورد الحكم دفاع الطاعن في
شأن تكييف العقد رد عليه بقوله "إن التكييف السليم للعقد المؤرخ 2/ 5/ 1963 أنه عقد
إيجار كصريح نصه الذي يجب عدم الانحراف عنه طالما هو واضح وظاهر وقاطع في الدلالة على
إرادة طرفيه لا لبس فيه ولا غموض، وما التزيد بالنص فيه على ملزومية المتهم إذا لم
يسلم الأخشاب في نهاية مدة الإيجار بدفع ثمنها وقدره 800 جنيه إلا حفظاً لحق المجني
عليه في الرجوع على المتهم بقيمة الأخشاب في حالة تبديدها أو تلفها وتقدير قيمتها مؤقتاً
حتى لا تكون موضوع نزاع مستقبلاً. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع حق تفسير العقود
والإقرارات على الوجه الذي تراه مفهوماً منها، وبما لا يخرج عما تحتمله عباراتها. ولا
معقب عليها في ذلك ما دامت عبارات المحرر تحتمل التفسير الذي أخذت به، وكانت عبارات
العقد كما أوردها الحكم المطعون فيه تؤيد ما استظهرته المحكمة منها، ولم يخرج الحكم
في تفسيره للعقد عما تحتمله نصوصه فاستخلص أن نية المتعاقدين قد انصرفت في وضوح وفي
دلالة قاطعة إلى اعتبار العقد عقد إيجار، وأن تقديرهما لقيمة الأخشاب والنص على التزام
الطاعن بدفعها في حالة عدم رد الأخشاب لم يقصد به سوى حفظ حق المدعي المدني وذلك بتقدير
تلك القيمة سلفاً، قطعاً لكل نزاع قد يثار في شأنها مستقبلاً، وكان هذا الذي خلص إليه
الحكم هو استخلاص سائغ حصلته محكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية مما تستقل به
ولا رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك، فإن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون
يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
