الرئيسية الاقسام القوائم البحث

القضيتان رقما 385 و867 لسنة 14 ق – جلسة 05 /12 /1971 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) – صـ 83


جلسة 5 من ديسمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد مختار العزبي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة الدكتور أحمد ثابت عويضة وسليمان محمود جاد ومحمد عوض الله مكي وأبو بكر محمد عطية المستشارين.

القضيتان رقما 385 و867 لسنة 14 القضائية

( أ ) مؤسسات عامه – البنك العقاري الزراعي المصري – يعتبر مؤسسة عامة – أساس ذلك.
(ب) عاملون مدنيون "ضم مدة خدمة سابقة" – مؤسسات عامة – الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة.
قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 – يفرق في حكم حساب مدد العمل السابقة بين المدد التي قضيت في المؤسسات العامة والمدد التي قضيت في الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة – (يقصد بالأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة) – يقصد بالأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة في تطبيق هذا القرار المؤسسات العامة الوثيقة الصلة بالدولة في حين يقصد بالمؤسسات العامة ما عدا ذلك من المؤسسات العامة – أساس ذلك ومثال.
(ج) عاملون مدنيون "ضم مدة خدمة سابقة" – مدة الخدمة التي تقضى بدون أجر – لا يجوز ضمها – أساس ذلك.
1 – يبين من استظهار نصوص القوانين والمراسيم بقوانين والمراسيم الصادرة في شأن البنك العقاري الزراعي المصري منذ إنشائه في يوليه سنة 1932، أنه يقوم على مرفق عام هو صيانة الثروة العقارية بالبلاد عن طريق تقديم قروض عقارية من مال الدولة لصغار الملاك الزراعيين بشروط ميسرة والقيام عن المدينين منهم بدفع ديونهم والحلول محل الدائمين تنفيذاً للتدابير التي تتخذ في شأن تسوية الديون العقارية إنقاذاً لصغار الملاك من براثن المرابين وأنه منح شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة وخول استخدام بعض أساليب السلطة العامة في سبيل تحقيق أهدافه وللدولة عليه إشراف قوي سواء في الإدارة أو في رقابة حساباته أو في تعيين أعضاء الهيئات المشرفة على إدارته، أي أنه قد توفرت له كل مقومات المؤسسات العامة.
2 – أن اعتبار البنك العقاري الزراعي المصري مؤسسة عامة لا يثير خلافاً وإنما يثور الخلاف حول ما إذا كان البنك المذكور بهذا الاعتبار يندرج ضمن الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية "المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة التي نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر بحساب مدد العمل السابق التي تقضى بها كاملة أم أنه يندرج ضمن "المؤسسات العامة والهيئات والجمعيات والشركات المساهمة المصرية الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو قرارات جمهورية" المنصوص عليها في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية السابق الإشارة إليه التي نصت الفقرة الرابعة من المادة الثانية منه بحساب ثلاثة أرباع مدد العمل السابقة التي تقضى بها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة.
ويتعين لحسم هذا الخلاف الإلمام بأساليب التنظيم الإداري للوقوف على مدلول عبارة "الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية".
ويبين من دراسة هذه الأساليب أن الدول تأخذ في إدارة مرافقها العامة بأحد أسلوبين: المركزية الإدارية أو اللامركزية الإدارية، والدول التي تتبع الأسلوب الأول تقوم فيها سلطة إدارية واحدة بإدارة جميع مرافقها العامة، أما الدول التي تتبع الأسلوب الثاني فتقوم على إدارة مرافقها إلى جانب السلطة الإدارية المركزية عدة أشخاص إدارية عامة وقد تنشأ هذه الأشخاص في جزء محدد من أرض الدولة فتسمى أشخاصاً إدارية عامة محلية أو إقليمية، وقد تنشأ لإدارة مرفق معين فتسمى أشخاصاً إدارية عامة مرفقية أو مصلحية، ويطلق على هذه الأشخاص اصطلاحاً اسم "المؤسسات العامة".
وقد يقال إنه من مقتضى ما تقدم أن تندرج المؤسسات العامة ضمن "الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية" المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة كما تندرج في ذات الوقت ضمن "المؤسسات العامة والهيئات والجمعيات والشركات المساهمة المصرية الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو قرارات جمهورية "المنصوص عليها في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، أي أن المشرع يكون قد نص في القرار رقم 159 لسنة 1958 على حكمين مختلفين بالنسبة إلى حساب مدد العمل السابقة التي تقضى في المؤسسات العامة على نحو ما توضح فيما تقدم وهو تناقض يحب أن ينزه عنه المشرع. بيد أنه متى روعي أن المشرع لم يضع – حسبما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة – تعريفاً جامداً للمؤسسات العامة نظراً لما ترتب على تطور فكرة المؤسسات العامة ونظمها وأحكامها من اتساع نطاق هذه الفكرة فأصبحت تشمل أنواعاً عديدة من المؤسسات مما يجعل من المستحسن أن يترك تعريف المؤسسة العامة للفقه والقضاء حتى يكون الباب مفتوحاً لما قد ينشأ من أنواع جديدة من المؤسسات العامة مما يقضي الصالح العام بتطبيق قواعد القانون العام بشأنها متى روعي ذلك فإنه لا يكون ثمة تناقض قد انطوى عليه قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 حين نص على حكمين مختلفين بالنسبة إلى حساب مدد العمل السابقة التي تقضى في المؤسسات العامة، إذ تتخصص المؤسسات العامة التي يطبق عليها حكم الفقرة الأولى من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، بحساب مدة الخدمة السابقة بأكملها بالمخصص الوارد بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار المذكور فهي المؤسسات العامة الوثيقة الصلة بالدولة التي تتوفر فيها مقومات "الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مثل المؤسسات العامة الإدارية أو التقليدية والمؤسسات العامة الاقتصادية أو ذات الطابع الاقتصادي" ومن ثم ينصرف النص على "المؤسسات العامة" الوارد في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ينصرف هذا النص إلى ما عدا ذلك من مؤسسات عامة، مثل المؤسسات العامة الطائفية، وواضح أن مدلول عبارة "الأشخاص الإدارية العامة المصلحية ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة، الواردة بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار المشار إليه لا يقع على هذا النوع من المؤسسات العامة فيطبق عليه – إذن – حكم الفقرة الرابعة من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 سالف الذكر بحساب ثلاثة أرباع مدد الخدمة السابقة.
3 – إن من بين الشروط الواجب توافرها لضم مدد الخدمة السابقة أن تكون المدة المضمومة قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف بها، والأمر ليس كذلك بالنسبة إلى المدة التي تقضى بدون أجر كما أنه لا وجه للتمسك بما تقضي به الفقرة الثانية من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن ضم مدد التمرين التي تقضي القوانين واللوائح بضرورة تمضيتها بعد الحصول على المؤهل العلمي، ذلك أن مدة التمرين التي تقضى بالبنك العقاري الزراعي المصري ليست من قبيل مدد التمرين التي تقضي القوانين واللوائح بضرورة تمضيتها بعد الحصول على المؤهل العلمي.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق التقرير بضم الطعنين رقم 385 ورقم 867 لسنة 14 القضائية أحدهما إلى الآخر للارتباط وليفصل فيهما معاً بحكم واحد.
ومن حيث إن الطعن رقم 385 لسنة 14 القضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه ولئن كان تقرير الطعن رقم 867 لسنة 14 القضائية قد أودع قلم كتاب هذه المحكمة يوم أول مايو سنة 1968 على حين صدر الحكم المطعون فيه بجلسة 13 من نوفمبر سنة 1967، إلا أن يوم 12 من يناير سنة 1968 وهو أخر ميعاد للطعن قد صادف عطلة رسمية – وهي عطلة يوم الجمعة – ومن ثم يمتد الميعاد طبقاً للمادة 23 من قانون المرافعات المدنية والتجارية الذي كان سارياً وقتذاك – إلى أول يوم عمل بعدها وهو يوم السبت الموافق 13 من يناير سنة 1968، ويبين من الأوراق أن الطاعن تقدم في هذا اليوم إلى لجنة المساعدة القضائية بهذه المحكمة يطلب إعفائه من الرسوم القضائية المستحقة على الطعن أي في خلال الميعاد القانوني، وقد قيد هذا الطلب برقم 108 لسنة 14 القضائية، وبجلسة 2 من مارس سنة 1968 صدر قرار اللجنة المذكورة بإجابته إلى طلبه، وقد أودع تقرير الطعن قلم كتاب هذه المحكمة في يوم أول مايو سنة 1968 – أي خلال الستين يوماً التالية – ومن ثم يكون الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة في خصوص أثر طلب المساعدة القضائية في قطع ميعاد الطعن.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يخلص من أوراق الطعنين – في أن السيد/ …… أقام الدعوى رقم 362 لسنة 10 القضائية ضد وزارة العدل بعريضة أودعت قلم كتاب المحكمة الإدارية لوزارة العدل في 8 من يوليه سنة 1963 وقد أحيلت إلى محكمة القضاء الإداري للاختصاص وقيدت بجدولها برقم 658 لسنة 19 القضائية طلب فيها "الحكم باستحقاقه لأن يضم إلى مدة خدمته الحكومية ما لم يضم من مدة خدمته بالبنك العقاري الزراعي المصري مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الوزارة مصروفات الدعوى ومقابل أتعاب المحاماة" وتوجز أسانيد دعواه في أنه حصل على دبلوم التجارة المتوسطة في سنة 1933 ثم عين موظفاً بالبنك العقاري الزراعي المصري (بنك الائتمان العقاري حالياً) ابتداء من 27 من يناير سنة 1934 وبقى في خدمته إلى 13 من فبراير سنة 1944 وبعد ذلك عين في خدمة وزارة العدل في وظيفة كتابية من الدرجة الثانية، وعقب تعيينه أصدرت وزارة العدل قراراً بضم نصف مدة اشتغاله بالبنك إلى أقدميته في الدرجة الثامنة وذلك على أساس من البنك العقاري المصري هيئة شبه حكومية وأنه لم يكن يطبق نظم الحكومة في الفترة التي كان المدعي يعمل خلالها موظفاً به، وعقب صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 تقدم المدعي بالتماس ضم باقي مدة خدمته السابقة استناداً إلى أن البنك مؤسسة عامة وأنه شخص من أشخاص القانون العام وأن موظفيه موظفون عموميون، ومن ثم فإن مدة الخدمة فيه تعتبر بمثابة مدة الخدمة في الأشخاص الإدارية العامة المنصوص عليها في البند الثاني من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 والتي قضى القرار بحسابها كاملة في الأقدمية الماهية. ولكن الوزارة لم تجبه إلى طلبه، وقد أجابت الجهة الإدارية عن الدعوى بأنه عقب صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 تقدم المدعي بطلب ضم باقي مدة خدمته بالبنك العقاري الزراعي المصري إلى مدة خدمته، وقد قامت الجهة الإدارية تنفيذاً لأحكام هذا القرار بضم ما يكمل ثلاثة أرباع هذه المدة إلى مدة خدمة المدعي استناداً إلى أن البنك المذكور لا يعتبر من المصالح الحكومية أو الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية المنصوص عليها في البندين الأول والثاني من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، وأنه إماً أن يعتبر مصرفاً من المصارف التي قبلت الحكومة كفالتها أو مؤسسة عامة صدر بإنشائها قانون وهو بهذا التكييف أو ذاك يندرج ضم الجهات الوارد ذكرها في البندين الخامس والثامن من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 الذي تقضي الفقرة الرابعة من المادة الثانية منه بضم ثلاثة أرباع مدة العمل السابقة بها. وبجلسة 13 من نوفمبر سنة 1967 قضت محكمة القضاء الإداري "بقبول الدعوى شكلاً، وفي الموضوع بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته التي قضاها بالبنك الزراعي المصري كاملة ابتداء من 22 من فبراير سنة 1934 حتى 14 من مايو سنة 1944 إلى مدة خدمته، وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الحكومة المصروفات "وأقامت قضاءها على أنه يبين من الاطلاع على قانون إنشاء البنك العقاري الزراعي المصري والقوانين المعدلة لها، أنه قد استوفى كل عناصر الشخص الإداري العام داخل نطاق الدولة وتحت إشرافها استوفى كل هذه العناصر من مرفق عام أو مصلحة عامة يقوم عليها وتتمثل في تقديم قروض عقارية من مال الدولة إلى صغار الملاك الزراعيين بشروط سهلة إنقاذاً لهم من براثن المرابين، إلى شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة، وقد خول سلطات ومزاياً وحقوق من نوع ما تتمتع به الهيئات الإدارية وللدولة عليه إشراف قوي سواء في الإدارية أو في رقابة حساباته أو في تعيين أعضاء الهيئات المشرفة على إدارته أو في إعداد ميزانيته شأنه في ذلك شأن سائر الهيئات الإدارية الأخرى التي تقوم على مرافق عامة للدولة ومن ثم فإن القرارات التي تصدرها الهيئات المشرفة على البنك هي قرارات إدارية يجوز الطعن فيها وتنبسط عليها رقابة القضاء الإداري ويعتبر المدعي بدوره موظفاً عاماً منذ بدء عملة بالبنك، وبالتالي فإنه يتعين ضم مدة خدمته التي قضاها به كاملة إلى مدة خدمته التي قضيت في الحكومة في تقدير المرتب والدرجة إعمالاً للبند الثاني من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 وبالشروط الواردة به، الذي يقضي بضم مدة الخدمة بالأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية كاملة.
ومن حيث إن الطعن رقم 385 لسنة 14 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون حين قضى بأحقية المدعي في ضم مدة خدمته السابقة بالبنك العقاري الزراعي المصري كاملة إلى مدة خدمته مخالفاً بذلك ما تقضى به أحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، وذلك أن البنك العقاري الزراعي المصري لا يمكن أن يكون من المصالح الحكومية أو الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية التي تضم مدة الخدمة التي تقضى بها كاملة طبقاً للبند الثاني من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، وإنما هو مصرف أو مؤسسة عامة صدر بإنشائها قانون مما ورد ذكرهما بالبندين الخامس والثامن من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية السابق الإشارة إليه والذي تقضي الفقرة الرابعة من المادة الثانية منه بضم ثلاثة أرباع مدد العمل السابقة بها.
ومن حيث إن الطعن رقم 867 لسنة 14 القضائية يقوم على أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين اعتبر أن خدمة المدعي بالبنك العقاري الزراعي المصري تبدأ من 22 من فبراير سنة 1934 تاريخ تعيينه بأجر بخدمة البنك، في حين أنه كان قد عين فعلاً بالبنك منذ 27 من يناير سنة 1934 تحت التمرين وبدون أجر، ومن حقه أن تضم إلى مدة خدمته المدة التي قضاها تحت التمرين قبل أن يعين بأجر.
ومن حيث إنه يبين من استظهار نصوص القوانين والمراسيم بقوانين والمراسيم الصادرة في شأن البنك العقاري الزراعي المصري منذ إنشائه في يوليه سنة 1932، أنه يقوم على مرفق عام هو صيانة الثروة العقارية بالبلاد عن طريق تقديم قروض عقارية من مال الدولة لصغار الملاك الزراعيين بشروط ميسرة والقيام عن المدينين منهم بدفع ديونهم والحلول محل الدائنين تنفيذاً للتدابير التي تتخذ في شأن تسوية الديون العقارية إنقاذاً لصغار الملاك من براثن المرابين وأنه منح شخصية معنوية مستقلة عن شخصية الدولة وخول استخدام بعض أساليب السلطة العامة في سبيل تحقيق أهدافه وللدولة عليه إشراف قوي سواء في الإدارة أو في رقابة حساباته أو في تعيين أعضاء الهيئات المشرفة على إدارته، أي أنه قد توفرت له كل مقومات المؤسسات العامة.
ومن حيث إن اعتبار البنك العقاري الزراعي المصري مؤسسة عامة على هذا النحو لا يثير خلافاً بين طرفي الخصومة وإنما يثور الخلاف بينهما حول ما إذا كان البنك المذكور بهذا الاعتبار يندرج ضمن الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية "المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة التي نصت الفقرة الأولى من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر بحساب مدد العمل السابقة التي تقضى بها كاملة أم يندرج" ضمن "المؤسسات العامة والهيئات والجمعيات والشركات المساهمة المصرية الصادرة بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو قرارات جمهورية" المنصوص عليها في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية السابق الإشارة إليه التي نصت الفقرة الرابعة من المادة الثانية منه بحساب ثلاثة أرباع مدد العمل السابقة التي تقضى بها في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة.
ومن حيث إنه يتعين لحسم هذا الخلاف الإلمام بأساليب التنظيم الإداري للوقف على مدلول عبارة "الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية".
ومن حيث إنه يبين من دراسة هذه الأساليب أن الدول تأخذ في إدارة مرافقها العامة بأحد أسلوبين: المركزية الإدارية أو اللامركزية الإدارية، والدول التي تتبع الأسلوب الأول تقوم فيها سلطة إدارية واحدة بإدارة جميع مرافقها العامة، أما الدول التي تتبع الأسلوب الثاني فتقوم على إدارة مرافقها إلى جانب السلطة الإدارية المركزية عدة أشخاص إدارية عامة وقد تنشأ هذه الأشخاص في جزء محدد من أرض الدولة فتسمى أشخاصاً إدارية عامة محلية أو إقليمية، وقد تنشأ لإدارة مرفق معين فتسمى أشخاصاً إدارية عامة مرفقية أو مصلحية، ويطلق على هذه الأشخاص اصطلاحاً اسم "المؤسسات العامة".
ومن حيث إنه قد يقال أنه من مقتضى ما تقدم أن تندرج المؤسسات العامة ضمن "الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مصلحية كانت أم إقليمية" المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد العمل السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة كما تندرج في ذات الوقت ضمن "المؤسسات العامة والهيئات والجمعيات والشركات المساهمة المصرية الصادر بتشكيلها قوانين أو مراسيم أو قرارات جمهورية "المنصوص عليها في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، أي أن المشرع يكون قد نص في القرار رقم 159 لسنة 1958 على حكمين مختلفين بالنسبة إلى حساب مدد العمل السابقة التي تقضى في المؤسسات العامة على نحو ما توضح فيما تقدم وهو تناقض ما يوجب أن ينزه عنه المشرع. بيد أنه متى روعي أن المشرع لم يضع – حسبما جاء في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 32 لسنة 1957 بإصدار قانون المؤسسات العامة – تعريفاً جامداً للمؤسسات العامة نظراً لما ترتب على تطور فكرة المؤسسات ونظمها وأحكامها من اتساع نطاق هذه الفكرة فأصبحت تشمل أنواعاً عديدة من المؤسسات مما يجعل من المستحسن أن يترك تعريف المؤسسة العامة للفقه والقضاء حتى يكون الباب مفتوحاً لما قد ينشأ من أنواع جديدة من المؤسسات العامة ما يقضي الصالح العام بتطبيق قواعد القانون العام بشأنها متى روعي ذلك فإنه لا يكون ثمة تناقض قد انطوى عليه قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 حين نص على حكمين مختلفين بالنسبة إلى حساب مدد العمل السابقة التي تقضى في المؤسسات العامة، إذ تتخصص المؤسسات العامة التي يطبق عليها حكم الفقرة الأولى من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية سالف الذكر، بحساب مدة الخدمة السابقة بأكملها بالمخصص الوارد بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار المذكور فهي المؤسسات العامة الوثيقة الصلة بالدولة التي تتوفر فيها مقاومات "الأشخاص الإدارية العامة ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة مثل المؤسسات العامة الإدارية أو التقليدية والمؤسسات العامة الاقتصادية أو ذات الطابع الاقتصادي ومن ثم ينصرف النص على "المؤسسات العامة" الوارد في الفقرة الثامنة من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 ينصرف هذا النص إلى ما عدا ذلك من مؤسسات عامة، مثل المؤسسات العامة الطائفية، وواضح أن مدلول عبارة "الأشخاص الإدارية العامة المصلحية ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة" الوارد بالفقرة الثانية من المادة الأولى من القرار المشار إليه لا يقع على هذا النوع من المؤسسات العامة فيطبق عليه – إذن – حكم الفقرة الرابعة من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 سالف الذكر بحساب ثلاثة أرباع مدة الخدمة السابقة.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد طبق القانون تطبيقاً سليماً حين قضى بضم مدة خدمة المدعي السابقة بالبنك العقاري الزراعي المصري إلى مدة خدمته بوزارة العدل وما يترتب على ذلك من آثار، وعلى أساس أن البنك المذكور وإن كان يعتبر مؤسسة عامة إلا أنه تتوفر فيه مقاومات الأشخاص الإدارية العامة المصلحية ذات الميزانيات الملحقة أو المستقلة، المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن حساب مدد الخدمة السابقة في تقدير الدرجة والمرتب وأقدمية الدرجة، ويكون الطعن رقم 385 لسنة 14 القضائية غير مستند إلى أساس من القانون.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى بدء تاريخ خدمة المدعي بالبنك العقاري الزراعي المصري فإن الثابت من ملف خدمته أن كل معاملاته وطوال مدة خدمته كانت على أساس أن تاريخ تعيينه هو 22 من فبراير سنة 1934 والمدعي لا ينكر أنه عين بالبنك في هذا التاريخ ولكنه يذهب إلى أن له مدة خدمة سابقة على ذلك منذ 27 من يناير سنة 1934 تحت التمرين بدون أجر.
ومن حيث إن هذه الواقعة لا تغير من الوضع القانوني بالنسبة إلى مدة خدمة المدعي السابقة في البنك التي يحق له طلب ضمها إلى مدة خدمته بوزارة العدل، ذلك أن من بين الشروط الواجب توفرها لضم مدد الخدمة السابقة أن تكون المدة المضمومة قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف بها، والأمر ليس كذلك بالنسبة إلى المدة التي تقضى بدون أجر كما أنه لا وجه للتمسك بما تقضي به الفقرة الثانية من المادة الثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 في شأن ضم مدد التمرين التي تقضي القوانين واللوائح بضرورة تمضيتها بعد الحصول على المؤهل العلمي، ذلك أن مدة التمرين التي تقضى بالبنك العقاري واللوائح بضرورة تمضيتها بعد الحصول على المؤهل العلمي.
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب وجه الحق حين قضى بالاعتداد بتاريخ تعيين المدعي الفعلي بأجر في خدمة البنك العقاري الزراعي المصري، في حساب مدة خدمته السابقة التي تضم إلى مدة خدمته بوزارة العدل ومن ثم يكون الطعن رقم 867 لسنة 14 القضائية بدوره غير مستند إلى أساس من القانون.
ومن حيث إنه على مقتضى ما تقدم يتعين القضاء برفض الطعنين موضوعاً مع إلزام كل من الطاعنين بمصروفات طعنه.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلاً، وبرفضهما موضوعاً، وألزمت كل من الطاعنين بمصروفات طعنه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات