الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 50 لسنة 15 ق – جلسة 13 /11 /1971 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة عشرة – العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1971 إلى منتصف فبراير سنة 1972) – صـ 16


جلسة 13 من نوفمبر سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة حسين عوض بريقي ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق المستشارين.

القضية رقم 50 لسنة 15 القضائية

( أ ) عاملون مدنيون – تأديب – إبداء رئيس مجلس التأديب رأيه مسبقاً في الدعوى التأديبية يفقده صلاحية الفصل فيها – أساس ذلك.
(ب) – المحكمة الإدارية العليا – بطلان الحكم المطعون فيه لمخالفته للنظام العام يحول دون تصدي المحكمة الإدارية العليا للفصل في موضوع الدعوى – بيان ذلك.
1 – أن رئيس مجلس التأديب تقدم بمذكرة إلى مدير جامعة الإسكندرية أثناء سير الدعوى التأديبية طلب فيها إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية – ويبين من مطالعة المذكرة المشار إليها أن رئيس المجلس قد أفصح في مذكرته عن الأسباب التي رأى من أجلها طلب إحالة الطاعن إلى المحكمة التأديبية، وبذلك يكون قد أبدى رأيه مسبقاً في الدعوى التأديبية، مما يفقده صلاحية الفصل فيها، ويجعل عمله باطلاً طبقاً لنص المادتين 313 و314 من قانون المرافعات القديم رقم 77 لسنة 1949 الذي كان سارياً وقت صدور القرار المطعون فيه.
2 – متى ثبت أن رئيس الهيئة التي أصدرت القرار التأديبي، محل المنازعة، قد لحق به سبب من أسباب عدم الصلاحية لنظر الدعوى التأديبية، فإن القرار المطعون فيه يكون باطلاً ومخالفاً للنظام العام، ويترتب على ذلك أن يمتنع على المحكمة الإدارية العليا، حسبما جرى على ذلك قضاؤها، التصدي لنظر موضوعها لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بإجراءات التقاضي، وتفويت لدرجة من درجاته، على أساس أن شرط التصدي أن يكون الحكم صادراً من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل، حسبما يبين من أوراق الطعن، في أن الجهاز المركزي للمحاسبات بالتفتيش عام 1964 على أعمال قسم الخدمات الفنية بما يتضمنه هذا القسم من ورش ومخازن بكلية العلوم بجامعة الإسكندرية، وأسفر تقريره عن تقصير ومخالفات ماليه وعجز أسند إلى بعض العاملين بتلك الكلية – وعندما أحيل الأمر إلى النيابة الإدارية لتحقيقه، أحالته إلى النيابة العامة نظراً لما رأته من أن بعض الوقائع ترقى إلى شبهة الاختلاس فقامت النيابة العامة بتحقيقه وانتهت إلى الاكتفاء بمجازاة المتهمين إدارياً، ولما أعيدت الأوراق إلى النيابة الإدارية قيدت الوقائع مخالفة مالية استناداً إلى المادة 2 من القانون رقم 184 لسنة 1958 بتنظيم الجامعات المصرية والمادتين 101 و102 من قانون تنظيم الجامعات والمواد 73 و82 مكرر 1/ 4 و 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 و45 و53 و73/ 1 و368 و383 و384 من لائحة المخازن والمشتريات و61 من قانون العاملين المدنيين رقم 46 لسنة 1964 والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمخالفات التأديبية ضد هؤلاء العاملين – وقد عرض الموضوع على مدير الجامعة فوافق في 28/ 2/ 1967 على ما انتهت إليه النيابة الإدارية من إحالة سبعة من العاملين إلى مجلس تأديب العاملين بجامعة الإسكندرية لمحاكمتهم عما نسب إليهم، وأحيل المتهمون إلى مجلس التأديب المذكور الذي نظره بجلسة 10 من إبريل سنة 1967 ثم في جلسات 29 من مايو سنة 1967 و15 من يوليه سنة 1967 و5 من أغسطس سنة 1967، وقد أودع المتهمون مذكرات بأقوالهم ودفاعهم وقام المجلس بمناقشتهم ومناقشة بعض الشهود على النحو المبين بمحاضر الجلسات – وقد تبين للمجلس في جلسة 5 من أغسطس سنة 1967 من سؤال السيد/ أحمد عبد العزيز عزت رئيس ورشة الجيولجيا بكلية العلوم – وكان مقدماً كشاهد في الاتهام – أن سيادته كان يرأس لجنة التسليم والتسلم الخاصة بمخزن كلية العلوم، ومع ذلك لم يوقع على كشوف الاستلام والتسليم، وظلت في حيازته ما يزيد على خمسة شهور، وقد تبين لرئيس مجلس التأديب – وهو في ذات الوقت أمين الجامعة – من أقوال المذكور وشهادته أنه سلك سلوكاً مخالفاً للتعليمات ينبغي معه أن يضاف حسب تحقيق مجلس التأديب إلى قائمة الاتهام في الحادث المعروض على المجلس، ومن ثم رأى عرض أمره على مدير الجامعة لإحالته إلى مجلس التأديب فحرر مذكرة بذلك بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1967 أفصح فيها عن الأسانيد والوقائع المنسوبة إلى السيد/ …. والتي جعلها أساساً لتوجيه الاتهام إليه وعرضها على السيد مدير الجامعة الذي وافق على إحالته إلى مجلس التأديب المذكور – ومن ثم قام مجلس التأديب بالتحقيق معه وسؤاله فيما نسب إليه وقد تمت محاكمته وذلك على النحو المبين بمحاضر الجلسات، ورأى المجلس مساءلته لتسلبه من اختصاصه كرئيس لجنة جرد مخزن ورشة كلية العلوم في ديسمبر سنة 1963 وإهماله شأن هذا الجرد لمدة خمسة شهور دون مسوغ، وبجلسة 24 من فبراير سنة 1968 صدر قرار مجلس التأديب ببراءة المحالين إلى المجلس من الأول إلى السابع مما نسب إليهم ومجازاة….. (الطاعن) بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون، وذلك لأن إجراءات الإحالة للمحاكمة التأديبية لم تتبع حسبما يقضي به القانون، إذ لم يخطر به النيابة الإدارية أو غيرها من الجهات ولم يجر بشأنها تحقيق سابق على المحاكمة ولم تقدم أدلة ضد الطاعن أو مستندات، وأن مجلس التأديب لم يحقق معه بل سمعه كشاهد فقط، ثم تقدم رئيس المجلس بمذكرة لمدير الجامعة بطلب تحويله من شاهد إلى متهم فوافق عليها المدير وأنه بذلك يكون المجلس أو رئيسه قد أبدى رأياً مسبقاً في الدعوى مما يمتنع عليه قانون النظر في محاكمته، وإلا كان حكمه باطلاً بطلاناً جوهرياً – كما يقوم الطعن على أن قرار مجلس التأديب صدر باطلاً لأنه لم يصدر "باسم الأمة" وأن ثمة خطأ وقع في تطبيق القانون وإخلال بحق الدفاع، لأن مجلس التأديب لم يبحث اختصاصات الطاعن حتى يمكن تحديد الخطأ الذي ارتكبه، بل أنه أنزل به العقوبة على أساس فروض وهمية، ولم يحقق دفاعه الذي قدمه كتابة لرئيس المجلس، وبذلك يكون قد أخطأ في تطبيق القانون – كما يقول الطاعن أن مواعيد الطعن ممتدة بالنسبة له، وذلك لأنه سمع كشاهد بجلسة 5 من أغسطس سنة 1967، ثم حضر جلسة 20 من أغسطس سنة 1967 كمتهم، ثم سمح له المجلس ورئيسه، وإدارة الجامعة بالسفر إلى الكويت تنفيذاً للإعارة، وأنه لم يعلم بالقرار عند صدوره، ولم يبلغ إليه بصورة صريحة، وإنما ذكر في خطاب، تسلمه في الكويت في 12 من مايو سنة 1968، بأنه صدر ضده أمر عقاب من الجامعة وافق عليه مجلس التأديب، وهي صياغة فاسدة أوقعته في لبس وغموض بدليل أنه تظلم إلى مدير الجامعة في 9 من يوليه سنة 1968 أي في الميعاد القانوني للتظلم من القرار الإداري 60 يوماً مضافاً إليها 150 يوماً للمسافة، وانتهى الطاعن إلى طلب قبول طعنه شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وكافة آثاره التي ترتبت عليه بعد ذلك، وبراءته مما نسب إليه.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن فإنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن السيد/ ….. رئيس مجلس التأديب تقدم بمذكرة إلى مدير جامعة الإسكندرية في 10 من أغسطس سنة 1967 أثناء سير الدعوى التأديبية، (طلب فيها إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية – ويبين من مطالعة المذكرة المشار إليها أن رئيس المجلس قد أفصح في مذكرته عن الأسباب التي رأى من أجلها طلب إحالة الطاعن إلى المحاكمة التأديبية، وبذلك يكون قد أبدى رأيه مسبقاً في الدعوى التأديبية، مما يفقده صلاحية الفصل فيها، ويجعل عمله باطلاً طبقاً لنص المادتين 313 و314 من قانون المرافعات القديم رقم 77 لسنة 1949 الذي كان سارياً وقت صدور القرار المطعون فيه، إذ تنص أولهما على أن القاضي يكون غير صالح لنظر الدعوى، ممنوعاً من سماعها ولو لم يرده أحد الخصوم في أحوال معينه من بينها حالة ما إذا كان قد أفتى أو ترافع عن أحد الخصوم في الدعوى أو كتب فيها ولو كان ذلك قبل اشتغاله بالقضاء أو كان قد سبق له نظرها قاضياً أو خبيراً أو محكماً أو كان قد أدى شهادة فيها وينص في المادة الثانية على أن "عمل القاضي أو قضاؤه في الأحوال المتقدمة الذكر ولو باتفاق الخصوم يقع باطلاً"..
ومن حيث إنه متى ثبت على الوجه الذي سلف بيانه أن رئيس الهيئة التي أصدرت القرار التأديبي، محل المنازعة، قد لحق به سبب من أسباب عدم الصلاحية لنظر الدعوى التأديبية فإن القرار المطعون فيه يكون باطلاً ومخالفاً للنظام العام، ويترتب على ذلك أن يمتنع على المحكمة الإدارية العليا، حسبما جرى على ذلك قضاؤها، التصدي لنظر موضوعها لما ينطوي عليه ذلك من إخلال بإجراءات التقاضي، وتفويت لدرجة من درجاته، على أساس أن شروط التصدي أن يكون الحكم صادراً من هيئة مشكلة تشكيلاً صحيحاً، كما يترتب على ذلك، من ناحية أخرى أن يعتبر القرار المطعون فيه منعدماً، ولا يتقيد الطعن فيه بميعاد، ومن ثم فإن الدفع بعدم القبول الذي أثارته هيئه مفوضي الدولة يكون على غير أساس حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن القرار المطعون فيه قد شابته عيوب انحدرت به إلى درجة الانعدام، ومن ثم فإنه يتعين الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، دون ما حاجة إلى مناقشة أوجه الطعن الأخرى، وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بجامعة الإسكندرية لنظرها من جديد أمام هيئة أخرى، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء القرار المطعون فيه وبإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بجامعة الإسكندرية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات