الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1265 لسنة 10 ق – جلسة 22 /05 /1971 

مجلس الدولة – المكتب الفني – مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السادسة عشرة – العدد الثاني (من منتصف فبراير سنة 1971 إلى آخر سبتمبر سنة 1971) – صـ 301


جلسة 22 من مايو سنة 1971

برئاسة السيد الأستاذ المستشار يوسف إبراهيم الشناوي – رئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة: محمد عبد العزيز يوسف ومحمد صلاح الدين السعيد وعلي لبيب حسن وأحمد حسن العتيق – المستشارين.

القضية رقم 1265 لسنة 10 القضائية

خبير – تقرير الخبير – سلطة المحكمة في إحالة الدعوى إلى خبير – المحكمة هي صاحبة الحق الأصيل في التقدير الموضوعي لكافة عناصر الدعوى وغير ملتزمة إلا بما تراه حقاً وعدلاً من رأي لأهل الخبرة ولها بغير جدال أن تنبذ آراء أهل الخبرة الذين عينتهم في حكمها إن رأت مسوغاً لديها بغير حاجة أو التزام إلى الركون إلى آراء الآخرين من ذوي الخبرة – لا إلزام على المحكمة في إحالة الدعوى إلى خبير – أساس ذلك.
إن عدم الاستجابة من المحكمة إلى طلب إحالة الديون إلى خبير يناقش ويبحث كافة عناصر الأصول والخصوم في تاريخ معين وعلى أساس ميزانية معينة، وقصر المحكمة المهمة الموكولة في البند رابعاً من حكمها إلى الخبير على بعض العناصر من الأصول أو الخصوم لا يعني التزام المحكمة في النهاية عند إصدار حكمها في موضوع الدعوى بتقدير لجنة التقييم المتعلقة بالعناصر الأخرى التي لم تكلف الخبير ببحثها، كما أن ذلك الحكم لا يقف في سبيل مهمة المحكمة من إصدار حكم تمهيدي آخر مستقبلاً بإجراء هذه الإحالة استجابة لمتطلبات بحثها أو تحت تأثير ما أشير إليه مؤخراً من واقعات ومستندات جديدة لم يكن قد أشير إليها من قبل، ذلك أن المحكمة هي صاحبة الحق الأصيل في التقدير الموضوعي لكافة عناصر الدعوى وغير ملتزمة إلا بما تراه حقاً وعدلاً من رأي لأهل الخبرة وأن لها بغير جدال أن تنبذ آراء لجنة التقييم أو أهل الخبرة الذي عينتهم في حكمها إن رأت مسوغاً لديها ومقنعاً بذلك بغير حاجة أو التزام إلى الركون إلى آراء الآخرين من ذوي الخبرة فالمحكمة هي صاحبة الرأي الأول والأخير في التقدير الموضوعي لكافة ما يعرض عليها من أقضية ومنازعات تدخل في اختصاصها وهي التي تقدر بمطلق إحساسها وكامل مشيئتها وفي الوقت الذي تراه مناسباً مدى حاجتها إلى الركون إلى أهل الخبرة من عدمه طالما لم تخرج في تقديرها الموضوعي لكل ما تقدم على ما هو ملزم من الأوضاع القانونية في هذا الخصوص، ومن المسلمات أنه لا إلزام على المحكمة في إحالة الدعوى إلى خبير. وعلى هذا الأساس فإن الحكم في قضائه بالبندين الرابع والخامس موضوع هذا الطعن لم يتضمن من قضاء منهياً للخصومة كلها أو بعضها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يخلص من أوراق الطعن – في أن المدعي أقام الدعوى رقم 423 لسنة 15 القضائية ضد وزارة الاقتصاد والحراسة العامة على أموال الرعايا الفرنسيين وشركة القاهرة للأقطان، بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري في 19 من فبراير سنة 1961 طلب فيها الحكم أصلياً – على ضوء تقييم صحيح لأصول وخصوم الشركة المدعية بزيادة الأصول على الخصوم بمبلغ 250000 جنيهاً قابلة للزيادة بعد تقديم كافة المستندات الموجودة لدى الحراسة العامة وبملفات لجنة التقدير وإلزام المدعى عليهم بصفاتهم بأن يدفعوا بالتضامن والتكافل للشركة المدعية مبلغ 250000 جنيهاً خلاف الفوائد بواقع 6% سنوياً اعتباراً من 29 من إبريل سنة 1957 تاريخ البيع حتى تمام السداد مع إلزامهم بالمصروفات وأتعاب المحاماة، واحتياطياً بندب خبير أو خبراء لتقدير الأصول والخصوم المذكورة لتحديد المركز الحسابي لشركة الأقطان المتحدة بالإسكندرية في يوم إتمام البيع، وقال المدعي شرحاً للدعوى، إنه بموجب قرار صادر من وزير المالية برقم 164 لسنة 1956 بناء على الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 وضعت شركة الأقطان المتحدة بالإسكندرية تحت الحراسة (وهي شركة مساهمة مصرية) نظراً لوجود بعض المساهمين الفرنسيين فيها وبموجب عقد عرفي محرر في 29 من إبريل سنة 1957 باعت الحراسة العامة على أموال الرعايا الفرنسيين أصول الشركة وخصومها الموجودة في مصر إلى شركة القاهرة للأقطان بثمن اتفق في العقد على تحديده فيما بعد بمعرفة لجنة تقييم. وفي 17 من ديسمبر سنة 1958 أصدرت اللجنة قراراً حددت فيه الأصول بمبلغ 1345891 جنيهاً و76 مليماً وقيمة الخصوم بمبلغ 1530674 جنيهاً و966 مليم أي بزيادة في الخصوم على الأصول بمبلغ 183783 جنيهاً و890 مليماً، وفي 15 من ديسمبر سنة 1960 أرست الحراسة العامة إلى المدعي بصفته ممثلاً للشركة المبيعة كتاباً موصى عليه أخطرته فيه بنتيجة التقييم واستناداً إلى القانون رقم 89 لسنة 1959 أقام المدعي موضوع هذه المنازعة طاعناً على التقييم الذي تم بمعرفة لجنة التقييم لأنها قدرت الأصول بثمن غاية في الانخفاض عن قيمتها الحقيقية – فضلاً عن إغفال تقييم بعض الأصول كما أنه بالنسبة للخصوم فإن الكثير منها قيد بغير وجه حق على حساب الشركة كما قومت خصوم أخرى بصورة مبالغ فيها وخصصت بعض أموال الشركة كاحتياطي لخصوم صورية أو لخصوم لا تلتزم بها الشركة أصلاً وقد نشأت هذه التقديرات الخاطئة نتيجة لدراسة غير جدية لحالة الشركة ونتيجة لعدم إعداد ميزانية للشركة يوم البيع وهو التاريخ الوحيد الذي كان يجب أن يعتد به في التقييم وانتهى المدعي إلى أنه لو اتبعت الأصول المحاسبية والقانونية السليمة في التقويم وأحكام عقد البيع لزادت أصول الشركة المقومة عن خصومها بمبلغ 250.000 جنيهاً وأعطت الشركة المدعية مزيداً من التفصيل في بيانها لأوجه طعنها على ما انتهت إليه لجنة التقدير فيما قدمته من مذكرات في الدعوى، إلا أنها لم تتناول بالتفصيل مناقشة كافة عناصر الأصول والخصوم واكتفت بإيضاح وجهة نظرها بالنسبة لبعض هذه العناصر مؤكدة أن ذلك الإيضاح إنما يرد على سبيل المثال لتوكيد ما تدعيه من فساد لأسس التقدير بأكملها – وقد دفع المدعى عليهم الدعوى بعدة دفوع بعضها شكلي والآخر موضوعي. فمن الدفوع الشكلية دفعت الحراسة العامة على أموال الفرنسيين الدعوى بعدم جواز سماعها من المدعي السيد/ أندريه توريل/ بصفته ممثل شركة الأقطان المتحدة وذلك تأسيساً على أن المنازعات الجائز عرضها على محكمة القضاء الإداري طبقاً للقانون رقم 89 لسنة 1959 هي المنازعات التي تُرفع من الفرنسيين وحدهم أما المنازعات التي تُرفع من غير الفرنسيين فيسري عليها الأصل العام المقرر بالقانون رقم 117 لسنة 1959 وهو عدم جواز سماعها، ولما كانت هذه الدعوى مرفوعة من شركة مساهمة مصرية فإنه لا يجوز سماعها، وقد رفضت محكمة القضاء الإداري هذا الدفع استناداً إلى أنه قد صدر قرار بفرض الحراسة على الشركة المدعية استناداً إلى الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1965 فمن ثم يكون وزير المالية قد اعتبر الشركة من الرعايا الفرنسيين حكماً خول له مصالح فرنسية هامة فيها ولهذا ساغ للشركة المدعية استناداً إلى القانون رقم 89 لسنة 1959 الذي أجاز للملاك الفرنسيين ومن في حكمهم – كما هو الحال بالنسبة لهذه الشركة – طلب تعديل التقييم طبقاً للقانون المذكور. كما رفض الحكم المطعون فيه الدفع المبدى من الحراسة العامة على الرعايا الفرنسيين ومن الشركة المشترية بنهائية قرارات لجنة التقدير وعدم جواز الطعن فيها استناداً إلى أن القانون رقم 89 لسنة 1959 أتاح للملاك الفرنسيين ومن في حكمهم المنازعة في الثمن وتعديله بحيث يغطي ثمن البيع قيمة الأموال والحقوق التي تم التصرف فيها وذلك تطبيقاً لاتفاقية زيورخ التي صدر القانون المذكور تنفيذاً لها. وقد خلص الحكم المطعون فيه لما قام عليه من أسباب إلى القضاء في هذه المنازعة "أولاً – برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لنهائية تقدير اللجنة ثانياً – بقبول الدعوى شكلاً ثالثاً – بعدم جواز سماع أوجه طعن الشركة المدعية بخصوص صحة العقد رابعاً – 1 – ندب خبير حسابي لتقديم تقرير في شأن أسهم الشركة المبيعة من الشركة العامة للمكابس والمخازن وفي شأن مبلغ الـ 4484 جنيهاً، قيمة شهرة الشركة المبيعة، وفي شأن النزاع الخاص باحتياطي الطوارئ.
2 – ندب خبير زراعي ليقدم تقريراً في شأن قيمة أرض السنبلاوين 3 – ندب خبير هندسي ليقدم تقريراً في قيمة شونة مينا البصل ومحلج أبو الشقوق.
خامساً – رفض ما عدا ذلك من طلبات……".
ومن حيث إن الطاعن ختم صحيفة طعنه بطلب الحكم في الموضوع "بتعديل الحكم المطعون فيه في البند الرابع منه بالنسبة لمأمورية الخبراء بحيث تشمل تقدير أصول الشركة الطاعنة وخصومها داخل الجمهورية العربية المتحدة في 29 من إبريل سنة 1957، مع إلزام المطعون عليهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة بالنسبة لهذا الطعن." وقد بني الطعن على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون رقم 89 لسنة 1959 واتفاقية زيورخ التي صدر تنفيذاً لها، نصاً وروحاً، وذلك حينما رفض باقي طلبات المدعي وأبعد عن مأمورية الخبراء تقدير كافة أصول الشركة مبتغياً تقدير لجنة التقييم بالنسبة إلى هذه الأصول في حين أنها لم تكن مقدرة من قبل اللجنة تقديراً عادلاً ممثلاً للثمن الحقيقي العادل كما نص تقرير الطعن على الحكم بتنبيه قرار لجنة التقييم فيما يتعلق بالديون التي على الشركة خارج الجمهورية والتي يبلغ مقدارها 45939 جنيهاً و252 مليم وهي ديون على الشركة لوكالاتها وبعض المراسلين والغزالين بالخارج وذلك على حين أن عقد البيع إنما ينصب فحسب على نشاط الشركة وأصولها وخصومها داخل نطاق الجمهورية العربية المتحدة فلا يجوز أن يدخل في تقدير الثمن ما للشركة أو عليها في الخارج، والسماح بإدخال الخصوم التي في الخارج دون الأصول فيه إخلال بميزان التقدير بجعله غير عادل وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً برأيها انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم "بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به في البند خامساً منه من رفض طلبات الشركة الطاعنة الأخرى، وما يترتب على ذلك من شمول مهمة الخبراء المنتدبين لكافة أصول وخصوم الشركة المدعية داخل الجمهورية العربية المتحدة ودون إدخال أصولها أو خصومها في الخارج مع إلزام شركة القاهرة للأقطان بالمصروفات".
ومن حيث إن شركة القاهرة للأقطان وهي إحدى الجهات المطعون ضدها طلبت الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن واحتياطياً برفضه في موضوعه تأسيساً على أن المادة 378 من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 الواجب التطبيق في خصوصية هذه المنازعة لا تجيز الطعن في الأحكام الصادرة قبل الفصل في موضوع الدعوى طالما لم تنته بها الخصومة كلها أو بعضها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في الموضوع سواء أكانت تلك الأحكام قطعية أو متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات، وأن ما يزعمه الطاعن في طعنه من أن قضاء الحكم المطعون فيه في البند خامساً في منطوقه، برفض ما عدا ذلك من طلبات "هو قضاء قطعي وحاسم ينهي جزءاً من الخصومة وهو المتصل بتقدير بنود الأصول والخصوم التي لم يقدم الطاعن بشأنها طلبات محددة، كما أن قضاء الحكم المطعون فيه في البند رابعاً يقصر مهمة الخبراء على فحص بنود الأصول والخصوم التي تقدم الطاعن في شأنها بطلبات محددة هو قضاء في نظره حاسم ينطوي على تسليم الحكم بصحة تقديرات لجنة التقييم بالنسبة لباقي بنود الأصول والخصوم التي لم تشملها مهمة الخبراء فقول شركة القاهرة للأقطان المطعون عليها أن الزعم المتقدم من جانب الشركة الطاعنة مردود ذلك أن عبارة "رفض ما عدا ذلك من الطلبات" لا ترقى إلى مرتبة القضاء الحاسم المنهي للخصومة كلها أو بعضها إلا إذا كانت هذه الطلبات قد بحثها الحكم في أسبابه وفصل فيها بحيث يكتسب الحكم بشأنها قوة الأمر المقضي وأن قضاء محكمة النقض مستقر على أن ما لم تفصل فيه المحكمة لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي وخلصت مذكرة الشركة المطعون عليها إلى أن قضاء الحكم المطعون فيه الذي أورده ببنديه الرابع والخامس لا يحول دون حق الطاعن في إثارة منازعته هذه التي يطرحها على المحكمة الإدارية العليا أمام محكمة الموضوع سواء أثناء نظر الدعوى أو بعد الفصل فيها بدعوى مستقلة أخرى وذلك بالنسبة للبنود من الأصول والخصوم التي لم يكن قد تصدى لها المدعي بمناقشة تفصيلية مباشرة في دعواه أمام محكمة القضاء الإداري طالما أن الحكم المطعون فيه قد جاء غير منطو على حكم حاسم فيها وبهذا يسقط كذلك السببان الأول والثالث من أسباب الطعن. وقالت الشركة المطعون ضدها رداً على السبب الثاني من أسباب الطعن إن عقد البيع المحرر في 29 من إبريل سنة 1957 نص حقيقة في المادة الأولى منه على أن "يشمل هذا البيع جميع أصول وخصوم المؤسسات المشار إليها من عقار أو منقول فيما عدا ما هو موجود أو مستحق منها خارج جمهورية مصر" وأن هذا النص على النحو الذي ورد به يتسق وطبائع الأشياء والأمور فالأوامر العسكرية وقرارات الإخضاع للحراسة هي تشريعات استثنائية اقتضتها ضرورة الحفاظ على أمن الدولة وسلامتها ولها بطبيعتها طابع أعمال السيادة كما أنها من ناحية أخرى فإن أثرها التشريعي إقليمي بحت ولهذا وجب قصر الأصول على ما هو موجود منها في مصر كي يكون في استطاعة المنشأة المصرية المشترية استلامه أما الالتزامات فشرطها أن تكون قد استحقت في مصر وأن يكون من الجائز توجيه المطالبة بها داخل الجمهورية ولو كان الدفع يتم بالعملة الأجنبية في الخارج، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الدائنين للشركة المبيعة خارج مصر قد يكونون من بين الرعايا الفرنسيين أو البريطانيين الخاضعين للحراسة ومن ثم كان من حق الحارس العام على أموالهم النص عند التقييم على أن تلتزم الشركة المطعون ضدها وهي المشترية بأن تؤدي التزامات هؤلاء الدائنين إلى الحارس العام عليهم في مصر لدخول هذه الحقوق في أموال الحراسة التي تحاسب الحراسة العامة أربابها من الأجانب عند تصفية حراساتهم، وقد أشار الطاعن في تقرير طعنه إلى أن هذه الديون الواردة في باب الخصوم المستحقة الدفع في الخارج تبلغ 45939 جنيهاً و252 مليماً منها مبلغ 28781 جنيهاً و637 مليماً مستحقة لوكالات الشركة المبيعة في الخارج وللمراسلين والغزالين ثم مبلغ 17157 جنيهاً و615 مليماً مستحقة لمراسلين في الخارج وهذان المبلغان وردا تحت البندين ثانياً وسابعاً في محضر لجنة تقييم المنشأة الخاضعة للحراسة كما وردا في ميزانية الشركة المبيعة في باب الخصوم كما أقرتها لجنة التقييم بجلستها المنعقدة في 16 من ديسمبر سنة 1958 وقد قرر السيد مندوب الحارس العام أمام اللجنة بأنه يتعين بشأن هذه الديون مراعاة أحكام الأمر العسكري رقم 5 الخاص بالحراسة بتوريد ما يستحقه الدائنون الفرنسيون والبريطانيون إلى الحراسة العامة واستناداً إلى هذا النص الأخير الوارد في الأمر العسكري رقم 5 لسنة 1956 آنف الذكر التزمت الشركة المطعون ضدها بالحلول محل الشركة المبيعة وأداء قيمة هذه الديون إلى الحراسة العامة، وقالت الشركة المطعون ضدها في خاتمة حديثها عن هذا الوجه من أوجه الطعن أنه غير مقبول فليس هناك وجه مصلحة في إصرار الطاعن على تحمل هذه الالتزامات بنفسه بدل أن تتحملها عنه الشركة المطعون ضدها بينما وجه المصلحة بالنسبة لهذه الأخيرة أنها إذا ردت هذا الالتزام إلى الطاعن فلا ضمان لديها لقيامة بالوفاء لأصاحب هذه الديون مما يعرض الشركة المطعون ضدها لمطالبتهم مستقبلاً بوصفها حلت محل الشركة المبيعة في هذه الالتزامات، وفي هذا غبن ظاهر يتعين الاحتياط لدفعه. وأشارت الشركة المطعون ضدها في آخر مذكرة لها إلى أن الطاعن سلم معها في مذكرته المقدمة في 27 من مارس سنة 1971 بانعدام المصلحة في هذا الشق الثاني من طعنه إذ قرر في الصحيفة الثانية عشرة من مذكرته المشار إليها ما يلي: "وقد قدرت شركة أقطان القاهرة أثناء مناقشة القضية أنه بما أن تلك الديون مستحقة على شركة الأقطان المتحدة فليس لهذه الأخيرة أية مصلحة في طلب استبعادها ومضت مذكرة الشركة المطعون ضدها تقول مستطردة في حديثها "هذا صحيح، ولكن يجب تطبيق المبدأ على القيمة الحقيقية للديون المستحقة".
ومن حيث إنه باستظهار مذكرة الطاعن الواردة يوم 27 من مارس سنة 1971 يبين أنها تضمنت في الصحيفة الثانية عشرة منها العبارات التي نوهت بها الشركة المطعون ضدها على التفصيل السابق إيضاحه ولكن التعليق المذكور في هذه الصحيفة كان مرتبطاً ببندي الخصوم رقمي 2، 3 وقيمتهما على التوالي 28782، 42207 جنيهاً وقد قالت المذكرة إن قيمتهما الحقيقية من واقع دفاتر حسابات شركة الأقطان المتحدة الموجودة حتى الآن تحت يد شركة أقطان القاهرة هي 40406 جنيه فقط وبالرجوع إلى الصحيفة الثامنة عشرة من تلك المذكرة يبين أن البند 2 من الخصوم خاص بالوكلاء والمراسلين والغزالين وقد كتب الطاعن قرين هذا البند بتلك الصحيفة أن المطلوب بشأنه هو خبرة جديدة لبحثه، كما ورد بتلك الصحيفة ما يفيد أن البند السادس من الخصوم متعلق بالمراسلين في الخارج ومقداره 17158 جنيهاً وقد كتب قرينه كذلك أن المطلوب في شأنه هو خبرة جديدة لبحثه وقد جاء بمذكرة الطاعن السالف ذكرها في الصحيفة 13 بخصوص البند رقم 6 من بنود الخصوم العبارات التالية "البند رقم 6 من بنود الخصوم هو بند المراسلين في الخارج وقد قدر بمبلغ 17158 جنيهاً وهذا يدل على خطأ واضح مثل الخطأ الذي اقترن بشأن البندين 2، 3 المشار إليهما بعاليه، ذلك لأن شركة أقطان القاهرة لم تقم بسداد المبلغ وهذا الالتزام الذي حطته شركة أقطان القاهرة على عاتق شركة الأقطان المتحدة لا وجود له مطلقاً وفي حالة اعتراض شركة أقطان القاهرة على هذا القول يمكن للمحكمة تكليف خبير لبحث الموضوع". ثم مضت مذكرة الطاعن تقول في شأن البند 6 "وتذكر بالنسبة لهذا البند من بنود الخصوم – كما ذكرنا سابقاً بالنسبة للبندين 2، 3 – أن البيانات التي نعرضها الآن أمام المحكمة لم تكن معروفة من قبل وقد كشف عنها الخبير المحاسب بعد اطلاعه على دفاتر حسابات شركة الأقطان المتحدة الموجودة بمقر شركة أقطان القاهرة….." ومن جماع ما تقدم من قول ورد بمذكرة الطاعن الواردة في 27 من مارس سنة 1971 المقدمة لهذه المحكمة يبين أن الطاعن يسلم بعدم وجود المصحة فيما سبق له أن ضمنه تقرير طعنه في السبب الثاني منه حيث طلب استبعاد البندين 2، 6 من الخصوم لأنها ديون مستحقة لغزالين ووكلاء ومراسلين في الخارج طالما أنها ديون ثابتة في ذمة الشركة المبيعة ولكن تحفظه الجديد وطلبه الجديد بالنسبة لها ينحصر في مراجعة حقيقة قيمة هذه الديون وإعادة بحثها في ضوء ما هو ثابت بسجلات الشركة في شأنها وهو دفاع موضوعي بحت يعرضه لأول مرة أمام هذه المحكمة على هذه الصورة الجديدة التي لم يضعها من قبل أمام محكمة الموضوع والتي لا تزال صاحبة الاختصاص في نظره عند متابعتها لنظر الدعوى الموضوعية.
ومن حيث إن الطاعن ذكر في تقرير طعنه وهو بصدد تكييف الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري في هذه المنازعة أن هذا الحكم كما هو واضح قطعي في البنود أولاً وثانياً وثالثاً وخامساً وتمهيدي في بنده الرابع ومن ثم جاز الطعن فيه بالنسبة للشق الخامس باعتباره حكماً قطعياً جاء على خلاف القانون مضراً بمصالح الطاعن "وعلى الرغم من هذا القول المتقدم للطاعن الوارد بالصحيفة الرابعة من طعنه فإنه ذكر بذات التقرير في الفقرة الأخيرة منه" وواضح من كل ما سبق أن الطاعن كان يورد أمثلة لفساد التقدير بالنسبة للأصول ويطلب استبعاد بعض الخصوم مورداً أمثلة أيضاً لهذا الفساد فإذا قصر الحكم المطعون فيه مأمورية الخبراء على دراسة وإعادة تقييم بعض عناصر الأصول وعدم استبعاد بعض عناصر الخصوم فإنه بذلك يكون قاصراً غير مستوعب ما هو ثابت في الأوراق، ومن ثم جاء باطلاً حينما رفض باقي طلبات متعين الإلغاء لبطلانه ولمخالفته للقانون على الوجه السالف بيانه إذ لم يصل إلى تقدير حقيقي للثمن، وإلغاء الحكم المطعون فيه في شطره الخامس الذي قضى برفض باقي طلبات الطاعن يتحقق في توسيع مأمورية الخبراء بحيث تشمل الطلب الاحتياطي السابق إيراده والذي يخلص في الوصول إلى تقدير سليم للأصول والخصوم جميعاً وداخل الإقليم المصري".
ومن حيث إنه باستظهار الحكم المطعون فيه أسباباً ومنطوقاً، يبين أن ما تضمنه من قضاء في البند خامساً منه برفض ما عدا ذلك من طلبات وذلك في ضوء ما تضمنه من قضاء في البند رابعاً منه ومحمولاً على كامل أسبابه إنما يتمخض عن نافلة في القول إذا ما أردنا تحديد واقعات موضوعية ينصرف إليها هذا الرفض الذي ارتبط فحسب بطلبات إجرائية تتعلق بالإثبات وبهذه المثابة فإن كل ما انطوى عليه ذلك الحكم بشطريه الرابع والخامس، وهما موضوع هذا الطعن لا يعدو به الأمر أو يجاوز أن يكون حكماً تمهيدياً متعلقاً بالإثبات. والغنى عن البيان كما قالت الشركة المطعون ضدها بحق أن عدم الاستجابة من المحكمة إلى طلب إحالة الديون إلى خبير يناقش ويبحث كافة عناصر الأصول والخصوم في تاريخ معين وعلى أساس ميزانية معينة، وقصر المحكمة المهمة الموكولة في البند رابعاً من حكمها إلى الخبير على بعض العناصر من الأصول أو الخصوم لا يعني التزام المحكمة في النهاية عند إصدار حكمها في موضوع الدعوى بتقدير لجنة التقييم المتعلقة بالعناصر الأخرى التي لم تكلف الخبير ببحثها، كما أن ذلك الحكم لا يقف في سبيل مكنة المحكمة من إصدار حكم تمهيدي آخر مستقبلاً بإجراء هذه الإحالة استجابة لمتطلبات بحثها أو تحت تأثير ما أشير إليه مؤخراً من واقعات ومستندات جديدة لم يكن قد أشير إليها من قبل، ذلك أن المحكمة هي صاحبة الحق الأصيل في التقدير الموضوعي لكافة عناصر الدعوى وغير ملتزمة إلا بما تراه حقاً وعدلاً من رأي لأهل الخبرة وأن لها بغير جدال أن تنبذ أراء لجنة التقييم أو أهل الخبرة الذي عينتهم في حكمها إن رأت مسوغاً لديها ومقنعاً بذلك بغير حاجة أو التزام إلى الركون إلى آراء الآخرين من ذوي الخبرة فالمحكمة هي صاحبة الرأي الأول والأخير في التقدير الموضوعي لكافة ما يعرض عليها من أقضية ومنازعات تدخل في اختصاصها وهي التي تقدر بمطلق إحساسها وكامل مشيئتها وفي الوقت الذي تراه مناسباً مدى حاجتها إلى الركون إلى أهل الخبرة من عدمه طالما لم تخرج في تقديرها الموضوعي لكل ما تقدم على ما هو ملزم من الأوضاع القانونية في هذا الخصوص، ومن المسلمات أنه لا إلزام على المحكمة في إحالة الدعوى إلى خبير. وعلى هذا الأساس فإن الحكم في قضائه بالبندين الرابع والخامس موضوع هذا الطعن لم يتضمن قضاء منهياً للخصومة كلها أو بعضها.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن قانون مجلس الدولة قد اقتصر فيما يتصل بتحديد ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام على بيان حالات الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري دون أن يشير إلى تقسيم تلك الأحكام من حيث قابليتها للطعن إلى أحكام يجوز الطعن فيها فور صدورها وأحكام لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر في موضوع الدعوى ومن ثم فإن المرد في ذلك في مجال المنازعة الإدارية إلى أحكام قانون المرافعات.
ومن حيث إن المادة 378 من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 – وهو القانون الواجب التطبيق في خصوصية هذا الطعن طالما أن الحكم موضوع الطعن قد صدر في 5 من مايو سنة 1964 وأن الطعن قد أقيم في 28 من يونيه سنة 1964 – تنص على أن "الأحكام التي تصدر قبل الفصل في موضوع الدعوى ولا تنتهي بها الخصومة كلها أو بعضها لا يجوز الطعن فيها إلا مع الطعن في الحكم الصادر بوقف الدعوى وفي الأحكام الوقتية والمستعجلة قبل الحكم في الموضوع ولقد كان رائد المشرع في تقدير القاعدة التي تضمنتها هذه المادة حسبما أفصحت عن ذلك المذكرة الإيضاحية للقانون هو "منع تقطيع أوصال القضية الواحدة وتوزيعها بين المحاكم وما يترتب عليه حتماً من زيادة نفقات التقاضي مع احتمال أن يقضي آخر الأمر في أصل الحق للخصم الذي أخفق في النزاع الفرعي فيعفيه ذلك من الطعن في الحكم الصادر عليه قبل الفصل في الموضوع" ومن المسلم أن حكم هذه المادة حكم عام ينتظم كل طرق الطعن في الأحكام وآية ذلك أن المشرع أورده في الفصل الخاص بالأحكام العامة التي تنظم كل طرق الطعن. وقد سبق لهذه المحكمة أن عرفت المقصود بالأحكام الصادرة قبل الفصل في الموضوع والتي لا يجوز الطعن فيها على استقلال فور صدورها في ضوء الحكمة التي أفصحت عنها المذكرة الإيضاحية أنها الأحكام التي تصدر قبل الفصل في الطلب الذي رفعت به الدعوى – وذلك سواء كانت تلك الأحكام قطعية أم متعلقة بالإثبات أو بسير الإجراءات أو بما أثير أثناء نظر الدعوى من مسائل متصلة بالموضوع وذلك لتوافر حكمة المنع من الطعن على استقلال بالنسبة لها.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم فإن ما ذهب إليه الطاعن من أن الحكم المطعون فيه قد تضمن قضاء قطعياً عندما قضى برفض ما عدا ما حكم به من طلبات يكون على غير أساس ذلك لأن هذا القضاء لم يتضمن الفصل في الطلب الذي رفعت به الدعوى بل إنه لم يتضمن قضاء موضوعياً على الإطلاق وإنما يتعلق بمسائل الإثبات في نطاق غير قطعي فيها على ما سلف الإيضاح، كما أنه لم يتعلق بوقف الدعوى أو بطلب وقتي أو مستعجل ولهذا كله فإنه يعدو من الأحكام التي لا يجوز – وفقاً لأحكام المادة 378 من قانون المرافعات رقم 77 لسنة 1949 الواجب التطبيق في خصوصية هذا الطعن – الطعن فيها استقلالاً وقبل صدور الحكم المنهي للخصومة في موضوع الدعوى ويتعين لذلك القضاء بعدم جواز نظر هذا الطعن مع إلزام الطاعن بالمصروفات.

"فلهذه الأسباب"

حكمت المحكمة بعدم جواز الطعن وألزمت الطاعن بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات