الطعن رقم 642 لسنة 36 ق – جلسة 07 /06 /1966
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 17 – صـ 779
جلسة 7 من يونيه سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار مصطفى رضوان، ومحمود عزيز الدين سالم، وحسين سامح، ومحمد أبو الفضل حفني.
الطعن رقم 642 لسنة 36 القضائية
حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب".
متى يكون الحكم مشوباً بالغموض والإبهام؟ إذا جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته
أو نفته من وقائع، سواء كانت متعلقة ببيان أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد
على أوجه الدفاع الهامة أو الدفوع الجوهرية، أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه
العموم، أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها
في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة.
يكون الحكم مشوباً بالغموض والإبهام متى جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبته أو
نفته من وقائع، سواء كانت متعلقة ببيان توافر أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد
الرد على أوجه الدفاع الهامة أو الدفوع الجوهرية أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على
وجه العموم، أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها
في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة – مما لا يمكن معه استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها
بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي محكمة النقض عن إعمال رقابتها على
الوجه الصحيح. فإذا كان الحكم في بيانه لواقعة الدعوى وتدليله عليها لم يبين أي التهم
الأربع المسندة إلى الطاعن هي التي ثبتت عليه وأوقع عليه عقوبتها، واقتصر في قضائه
على الإشارة بعبارة مبهمة إلى أن "التهمة" المسندة إلى كل من المتهمين ثابتة قبله،
دون أن يعرض لدفاع الطاعن وموقفه من الاتهام الذي وجه إليه فيما كان مطروحاً على المحكمة
من تهم أقيمت عنها الدعوى الجنائية، مما لا يبين منه أن المحكمة قد فهمت واقعة الدعوى
على الوجه الصحيح ولا يتحقق معه الغرض الذي قصده الشارع من تسبيب الأحكام – فإنه يكون
مشوباً بالغموض والإبهام والقصور الذي يعيبه بما يستوجب نقضه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وأخرى بأنها في يوم 9 أبريل سنة 1962 بدائرة قسم اللبان: المتهم الأول (الطاعن) حرض على ارتكاب الفجور والدعارة وسهل للمتهمة الثانية ارتكاب الفجور والدعارة على النحو المبين بالمحضر. عاون المتهمة الثانية على ارتكاب الفجور والدعارة على النحو المبين بالمحضر. أدار محلاً للفجور والدعارة مبيناً بالمحضر. عد متشرداً بأن اتخذ لنفسه وسيلة غير مشروعة للتعيش. المتهمة الثانية: اعتادت ممارسة الفجور والدعارة على النحو المبين بالمحضر اتخذت لنفسها وسيلة غير مشروعة للتعيش بأن اتخذت من ممارسة الفجور والدعارة وسيلة للتعيش. وطلبت عقابهما بالمواد 1/ 1 و6/ أ و8 و9/ جـ و10 و12 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961. والمواد 1 و2/ 1 و4 و8 و9 من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945. ومحكمة جنح اللبان الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 28 فبراير سنة 1965 – عملاً بمواد الاتهام (أولاً) حبس الطاعن ثلاث سنوات مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وتغريمه مائة جنيه ووضعه تحت مراقبة الشرطة لمدة ثلاث سنوات عند إمكان التنفيذ عليه في المكان الذي يحدده وزير الداخلية أو من ينوبه في ذلك مع النفاذ وغلق المحل ومصادرة المضبوطات عن جميع التهم المنسوبة إليه. (ثانياً) حبس المتهمة الثانية ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرين جنيهاً لوقف التنفيذ وتغريمها عشرين جنيهاً ووضعها لمدة ستة شهور تحت مراقبة الشرطة عند إمكان التنفيذ عليها في المكان الذي يحدده وزير الداخلية أو من ينوبه في ذلك مع النفاذ عن التهمتين. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً في 9 يونيه سنة 1965 بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ أيد الحكم
الابتدائي الذي قضى بإدانته بجرائم التحريض على ارتكاب الفجور وتسهيل الدعارة ومعاونة
أنثى على ممارسة الدعارة وإدارة محل للفجور والدعارة كما دانه بجريمة التشرد – قد شابه
القصور والغموض، ذلك بأنه لم يبين أي التهم الأربع المسندة إلى الطاعن هي التي ثبتت
في حقه وقضى بمعاقبته عنها.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حصل واقعة الدعوى
بما مؤداه أن التحريات التي تضمنها المحضر المؤرخ 6/ 4/ 1962 دلت على أن المتهم الأول
(الطاعن) يستأجر ثلاثة محال يديرها للدعارة نظير أجر يتقاضاه وتساعده في ذلك المتهمة
الثانية وآخرتين فأذنت النيابة بتاريخ 8/ 4/ 1962 بتفتيش هذه المحال، وتنفيذاً لهذا
الإذن أثبت النقيب عبد القادر عبد المجيد فراج معاون مكتب الآداب في محضر الضبط المؤرخ
9/ 4/ 1962 الساعة 2 صباحاً أنه توجه إلى مكان الضبط وبصحبته قوة من شرطة المكتب فشاهد
المتهم الأول يتقابل مع السيد زكى محمود وبعد حديث بينهما خرجت المتهمة الثانية من
محل المتهم الأول وصاحبت السيد زكى محمود إلى محله الثاني بشارع قاصد كريم حوالي الساعة
1 صباحاً وبعد دخولهما المحل بنحو خمس دقائق تقدم محرر محضر الضبط نحو المحل الأخير
وبدخوله إليه وجد السيد زكى محمود بحالة اختلاط جنسي مع المتهمة الثانية وأجرى ضبط
قطعة القماش التي وجدت مفروشة على الأرض والتي تبين من التقرير الطبي الشرعي أنها تحوي
مواد منوية. وقد شهد السيد زكى محمود بمحضر الشرطة وبالتحقيقات وبجلسة 10 مارس سنة
1963 بأن المتهم الأول عرض عليه ارتكاب الفحشاء مقابل ريال دفعه إليه فصاحبته المتهمة
الثانية إلى محل آخر واختلط معها جنسياً كما اعترفت المتهمة الثانية بمحضر الشرطة بالوقائع
سالفة الذكر وبأنها تتعيش من الدعارة. وقد أورى الدوسيه الخاص بها بمكتب الآداب أنه
سبق ضبطها في أحوال مماثلة آخرها في القضية رقم 828 سنة 1959 اللبان، كما اعترف المتهم
الأول بذات المحضر بأنه قضى عليه في حالة مماثلة بالحبس والمراقبة وأورى الدوسيه الخاص
به بمكتب الآداب أنه يقتاد الرجال والنسوة لارتكاب الفحشاء وتم ضبطه في حالات مماثلة
آخرها القضية رقم 3990 سنة 1960 اللبان وانتهى الحكم إلى إدانة المتهمين وذلك بقوله:
"ومن ثم تكون التهمة المسندة لكل من المتهمين ثابتة قبله وتقضي المحكمة بمعاقبتهما
بالمواد 1/ 1 و6/ 8 و8 و9 و10 و12 و15 من القانون رقم 10 لسنة 1961 والمواد 1 و2/ 1
و4 و8 و9 من المرسوم بقانون 98 لسنة 1945 على الوجه المبين بالمنطوق". لما كان ذلك،
وكان من المقرر أنه ينبغي ألا يكون الحكم مشوباً بإجمال أو إبهام مما يتعذر معه تبين
مدى صحة الحكم من فساده في التطبيق القانوني على واقعة الدعوى، وهو يكون كذلك كلما
جاءت أسبابه مجملة أو غامضة فيما أثبتته أو نفته من وقائع سواء كانت متعلقة ببيان توافر
أركان الجريمة أو ظروفها أو كانت بصدد الرد على أوجه الدفاع الهامة أو الدفوع الجوهرية
أو كانت متصلة بعناصر الإدانة على وجه العموم أو كانت أسبابه يشوبها الاضطراب الذي
ينبئ عن اختلال فكرته من حيث تركيزها في موضوع الدعوى وعناصر الواقعة مما لا يمكن معه
استخلاص مقوماته سواء ما تعلق منها بواقعة الدعوى أو بالتطبيق القانوني ويعجز بالتالي
محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الوجه الصحيح. ولما كان الحكم في بيان لواقعة الدعوى
وتدليله عليها لم يبين أي التهم الأربع المسندة إلى الطاعن هي التي ثبتت عليه وأوقع
عليه عقوبتها، واقتصر في قضائه على الإشارة بعبارة مبهمة إلى أن "التهمة" المسندة إلى
كل من المتهمين ثابتة قبله، دون أن يعرض لدفاع الطاعن وموقفه من الاتهام الذي وجه إليه
فيما كان مطروحاً على المحكمة من تهم أقيمت عنها الدعوى الجنائية، مما لا يبين منه
أن المحكمة قد فهمت واقعة الدعوى على الوجه الصحيح ولا يتحقق معه الغرض الذي قصده الشارع
من تسبيب الأحكام. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالغموض والإبهام
والقصور مما يعيبه بما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. ولما كان القصور
الذي شاب الحكم يتناول مركز المحكوم عليها الثانية فإنه يتعين لحسن سير العدالة نقض
الحكم بالنسبة إليها أيضاً.
