الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 367 لسنة 36 ق – جلسة 23 /05 /1966 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 17 – صـ 664

جلسة 23 من مايو سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ توفيق أحمد الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد محمد محفوظ، وحسين سامح، ومحمود العمراوي.


الطعن رقم 367 لسنة 36 القضائية

حكم. "تسبيبه. تسبيب معيب". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الدليل".
الشهادة المرضية دليل من أدلة الدعوى. خضوعها لتقدير محكمة الموضوع. إبداؤها الأسباب التي من أجلها رفضت التعويل على تلك الشهادة. خضوع تسبيبها في ذلك لرقابة محكمة النقض. مثال.
من المقرر أن الشهادة المرضية وإن كانت لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة، إلا أن المحكمة متى أبدت الأسباب التي من أجلها رفضت التعويل على تلك الشهادة – فإن تسبيبها في ذلك يخضع لرقابة محكمة النقض. ولما كانت المحكمة وهى في سبيل تبيان علة إطراحها للشهادة المرضية المقدمة قد اقتصرت على القول بأن الأمراض الواردة بها وإن جعلت تنفيذ عقوبة الحبس مع الشغل على الطاعن متعذراً إلا أنها لا تمنعه من حضور جلسات المعارضة، دون أن تستظهر درجة جسامة هذه الأمراض وهل هي من الشدة بحيث تمنعه من المثول أمام المحكمة، فضلاً عن أنها فيما ذهبت إليه لم تأت بسند مقبول ترجع فيه إلى رأى فني يقوم على أساس من العلم أو من الفحص الطبي، فإن حكمها يكون معيباً بما يوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحق المدني دعواه بالطريق المباشر ضد الطاعن متهماً إياه بأنه في يوم 25 يوليه سنة 1961 بدائرة قسم الأزبكية: أعطاه شيكاً لا يقابله رصيد قائم. وطلب عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات مع إلزامه أن يدفع له مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنح الأزبكية قضت غيابياً بتاريخ 25/ 10/ 1961 عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم شهراً واحداً مع الشغل وكفالة خمسة جنيهات لإيقاف التنفيذ بلا مصاريف جنائية وإلزامه أن يدفع إلى المدعي بالحق المدني مبلغ قرش صاغ واحد على سبيل التعويض المؤقت والمصروفات ومبلغ ثلاثة جنيهات أتعابا للمحاماة. فعارض المتهم وقضى في معارضته بتاريخ 25 من أكتوبر سنة 1964 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم الغيابي المعارض فيه بلا مصاريف. فاستأنف المتهم هذا الحكم في 29 من أكتوبر سنة 1962 ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت غيابياً بتاريخ 5 يناير سنة 1965 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضى في معارضته بتاريخ 23 مارس سنة 1965 باعتبارها كأن لم تكن. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى باعتبار معارضته في الحكم الغيابي الاستئنافى كأن لم تكن، قد شابه القصور والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، ذلك بأن محامى الطاعن حضر بالجلسة الأولى المحددة لنظر المعارضة وطلب تأجيل نظرها لمرض الطاعن الثابت بالتقرير الطبي الذي قدمه، غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب استناداً إلى أن التقرير المقدم قاصر على إثبات تعذر تنفيذ عقوبة الحبس على الطاعن لمرضه ولا يفيد أن هذا المرض يمنعه من حضور جلسة المعارضة، مع أن البت فيما إذا كان مرض الطاعن يعد عذراً سائغاً له من عدم حضور الجلسة أو لا يعد كذلك هو من المسائل الفنية التي لا تستطيع المحكمة أن تشق طريقها بنفسها دون الاستعانة برأي خبير فيها، وكان يتعين على المحكمة أن تستوضح الطبيب الشرعي في هذا الشأن حتى يكون استدلالها سليماً.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق أن محامياً حضر عن الطاعن في الجلسة الأولى المحددة لنظر معارضته في الحكم الغيابي الاستئنافي الصادر ضده، وقدم للمحكمة صورة تقرير طبي تحدثت عنه في حكمها الذي أصدرته في الجلسة ذاتها باعتبار المعارضة كأن لم تكن والذي استندت فيه إلى قولها: "وحيث إن المتهم (الطاعن) لم يحضر أولى جلسات نظر المعارضة رغم إعلانه مع تابعه وذلك دون عذر مقبول، ذلك أن الشهادة المرضية التي قدمها وكيله إذ انتهى الطبيب الشرعي فيها إلى أن الأمراض التي ذكرها في تقريره تجعل من المتعذر تنفيذ عقوبة الحبس مع الشغل عليه، لم ينته فيها إلى أنها تمنعه من حضور جلسات نظر معارضته، ومن ثم فإن عذره للتخلف عن الحضور بالجلسة يكون غير مقبول ويتعين الحكم باعتبار معارضته كأن لم تكن". لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الشهادة المرضية وإن كانت لا تخرج عن كونها دليلاً من أدلة الدعوى تخضع لتقدير محكمة الموضوع كسائر الأدلة إلا أن المحكمة متى أبدت الأسباب التي من أجلها رفضت التعويل على تلك الشهادة فإن لمحكمة النقض أن تراقب ما إذا كان من شأن هذه الأسباب أن تؤدى إلى النتيجة التي رتبها الحكم عليها. ولما كانت المحكمة وهى في سبيل تبيان علة إطراحها للشهادة المقدمة قد اقتصرت على القول بأن الأمراض الواردة بها وإن جعلت تنفيذ عقوبة الحبس مع الشغل على الطاعن متعذراً إلا أنها لا تمنعه من حضور جلسات المعارضة، دون أن تستظهر درجة جسامة هذه الأمراض وهل هي من الشدة بحيث تمنعه من المثول أمام المحكمة، فقول المحكمة على النحو المشار إليه يجعل حكمها قاصر البيان، هذا إلى أنها إذ فعلت ذلك لم تأت بسند مقبول لما انتهت إليه فهي لم ترجع فيه إلى رأى فني يقوم على أساس من العلم أو من الفحص الطبي، ومن ثم يكون الحكم معيباً بما يوجب نقضه والإحالة، وإلزام المطعون ضده المصروفات المدنية، بغير حاجة إلى بحث باقي ما يثيره الطاعن في طعنه.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات