الطعن رقم 1984 لسنة 35 ق – جلسة 07 /03 /1966
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 17 – صـ 241
جلسة 7 من مارس سنة 1966
برياسة السيد المستشار/ توفيق الخشن نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: حسين السركي، ومحمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام.
الطعن رقم 1984 لسنة 35 القضائية
دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
تطلب الفصل في الدعوى تحقيق دليل بعينه. على المحكمة تحقيقه ما دام ذلك ممكناً. بغض
النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل. استغناؤها عن تحقيق هذا الدليل. عليها أن
تبين علة ذلك باستدلال سائغ. مثال.
من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها
تحقيقه ما دام ذلك ممكناً. وهذا بغض النظر عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل، لأن تحقيق
أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح أن يكون رهيناً بمشيئة المتهم في الدعوى. فإن
هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ – وهو
ما افتقده الحكم المطعون فيه حين برر رفض سماع الشاهد بعدم إعلان الطاعن له. الأمر
الذي ينطوي على إخلال بحق الدفاع يعيب الحكم بما يستوجب نقضه والإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 14 فبراير سنة 1961 بدائرة مركز دمنهور: (أولاً) تسبب بغير قصد ولا تعمد في وفاة كل من رمضان عبد الحميد راضي وادوارد أنطون يعقوب وكان ذلك بإهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة ولم يتخذ الحيطة أثناء انحرافه من الطريق فصدم سيارة المجني عليهما ونشأ عن ذلك إصاباتهما المبينة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتهما. (وثانياً) تسبب من غير قصد ولا تعمد في إصابة كل من السيدة شحاتة إبراهيم وزكي فرج فكري وكان ذلك بإهماله وعدم احتياطه بأن قاد السيارة سالفة الذكر ولم يتخذ الحيطة أثناء انحرافه من الطريق فصدم سيارة المجني عليهما ونشأ عن ذلك إصاباتهما المبينة بالتقرير الطبي وطلبت عقابه بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات. وادعى مدنياً: 1 – ورثة ادوارد أنطون يعقوب 2 – زكي فرج فكري 3 – ورثة رمضان عبد الحميد – وطلب الأول القضاء لهم قبل المتهم وقبل السيد/ رجب الطوري بصفته ولياً طبيعياً على بهية ونعمات وبهية (مالكي السيارة) وشركة أفريقيا للتأمين (المسئولين عن الحقوق المدنية) بمبلغ 10000 ج وطلب الثاني القضاء له قبلهم بمبلغ 51 ج ثم عدل طلباته إلى مبلغ 25000 ج – كما طلب ورثة المدعي بالحق المدني الثالث الحكم لهم قبل المذكورين بمبلغ 51 ج ثم عدلوا طلباتهم إلى 20000 ج وذلك على سبيل التعويض مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة جنح دمنهور الجزئية تنازل المدعيان بالحق المدني الأول والثاني عن اختصام شركة التأمين كما دفع الحاضر عنها بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى المدنية. والمحكمة قضت حضورياً في 12 مارس سنة 1963 عملاً بمادتي الاتهام (أولاً) بحبس المتهم ستة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ (وثانياً) بإلزام المتهم والمسئولين بالحق المدني بأي يدفعوا للمدعين بالحق المدني بالنسبة للمجني عليه المرحوم المهندس رمضان عبد الحميد راضي مبلغ خمسة آلاف جنيه وأن يدفعوا للمدعين بالحق المدني بالنسبة للمرحوم ادوارد أنطون يعقوب مبلغ ثلاثة آلاف جنيه وبالنسبة للمدعي بالحق المدني المهندس زكي فرج مبلغ ألف وخمسمائة جنيه على سبيل التعويض مع إلزامهم بمصاريف هذه الدعاوى المدنية وذلك كله بطريق التضامن بينهم. فاستأنف المتهم هذا الحكم، كما استأنفه المدعيان بالحق المدني الثاني والثالث. ومحكمة دمنهور الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً في 15/ 12/ 1964 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفين المدعيين بالحق المدني وورثة المرحوم رمضان عبد الحميد راضي والمهندس زكي فرج مصاريف استئنافهما. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة
القتل الخطأ قد انطوى على الإخلال بحق الدفاع ذلك بأنه عول من بين ما عول عليه في إدانة
الطاعن على أقوال الشاهد محمد سعيد محمد دون سماع المحكمة له على الرغم من إصرار محاميه
على سماعه وتقديرها لجدية الطلب بتأجيلها الدعوى والتصريح للطاعن بإعلانه واستحالة
ذلك عليه مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن طلب إلى المحكمة
سماع الشاهد محمد سعيد الذي عول عليه حكم محكمة أول درجة المكمل بالحكم المطعون فيه
دون أن تسمعه محكمة أول درجة وقد أجلت الدعوى أكثر من مرة ليعلنه الطاعن، وقد قضت المحكمة
في الدعوى بالحكم المطعون فيه – والذي سجل إصرار الطاعن على طلب سماع الشاهد – وعلل
قضاءه – دون الاستجابة لهذا الطلب – بعدم إعلان الطاعن للشاهد وفسر مسلكه في الإصرار
على سماعه بالرغبة في تأخير الفصل في الدعوى. لما كان ذلك، وكان المستفاد من تأجيل
الدعوى لإعلان الشاهد أن المحكمة قدرت جدية طلب الدفاع في هذا الصدد وأنه ما منعها
من سماع الشاهد إلا أن الطاعن لم يعلنه، وكان من المسلم به أن المحكمة متى رأت أن الفصل
في الدعوى يتطلب تحقيق دليل بعينه فإن عليها تحقيقه ما دام ذلك ممكناً وهذا بغض النظر
عن مسلك المتهم في شأن هذا الدليل لأن تحقيق أدلة الإدانة في المواد الجنائية لا يصح
أن يكون رهيناً بمشيئة المتهم في الدعوى فإن هي استغنت عن تحقيق هذا الدليل فعليها
أن تبين علة ذلك بشرط الاستدلال السائغ وهو ما افتقده الحكم المطعون فيه حين برر رفض
سماع الشاهد بعدم إعلان الطاعن له كما سلف البيان الأمر الذي ينطوي على إخلال بحق الدفاع
يعيب الحكم بما يستوجب نقضه والإحالة بغير حاجة إلى بحث سائر ما يثيره الطاعن في أوجه
طعنه.
