الطعن رقم 1184 لسنة 34 ق – جلسة 14 /12 /1964
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 15 – صـ 820
جلسة 14 من ديسمبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: أديب نصر، ومختار رضوان، ومحمد عبد الوهاب، وحسين سامح.
الطعن رقم 1184 لسنة 34 القضائية
(أ وب) مناجم ومحاجر. جريمة.
( أ ) مفاد المادة الأولى من القانون 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر أن جميع
الأراضي التي تحتوي على مادة أو أكثر من الخامات التي نصت عليها تعتبر في حكم هذا القانون
محاجر.
جريمة استخراج خامات المحاجر دون ترخيص أو الشروع فيها. طبيعتها: جريمة من نوع خاص
قوامها العبث بتلك المحاجر واستغلالها خفية.
عدم تفريق القانون المذكور – بالنسبة إلى الحصول على الترخيص للاستغلال – يبين مالك
الأرض وغيره [(1)].
(ب) استخراج مواد المناجم والمحاجر. متى يكون مؤثماً؟ إذ كان بقصد استعمالها استعمالاً
مغايراً لمجرد بقائها في الأرض. مجرد نقلها من مكانها لا يحتاج إلى ترخيص [(2)].
1 – نص القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر في مادته الأولى على أن تطلق
عبارة "خامات المحاجر" على مواد البناء وغيرها مما ورد ذكره فيها، ومن هذه المواد الرمال….
وتطلق كلمة "المحاجر" على الأمكنة التي تحتوي على مادة أو أكثر من خامات المحاجر –
كما نص في المادة 43 منه على أنه: "يعاقب بعقوبة السرقة أو الشروع فيها كل من استخرج
أو شرع في استخراج مواد معدنية من المناجم أو أي مادة من مواد المحاجر بدون ترخيص ويحكم
بمصادرة أدوات التشغيل". ومفاد المادة الأولى أن جميع الأراضي التي تحتوي على مادة
أو أكثر من الخامات التي نصت عليها تعتبر في حكم هذا القانون محاجر، وقصد الشارع من
هذا القانون أن يحقق إشراف الدولة على استخراج تلك الخامات واستغلالها، كما أنه دل
بما جاء في نصوص القانون المشار إليه على أنه قصد من العقاب على جريمة استخراج خامات
المحاجر بدون ترخيص أو الشروع فيها إلى أن يجعل منها جريمة من نوع خاص قوامها العبث
بتلك المحاجر واستغلالها خفية. ولم يفرق القانون في المادة 32 منه – بالنسبة إلى الحصول
على الترخيص للاستغلال – بين مالك الأرض وغيره. مما كان يتعين معه معاقبة المطعون ضده
بعقوبة السرقة وفقاً لما تقضي به المادة 43 من القانون. ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه
إذ قضى بالغرامة طبقاً للمادة 44 يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 – جرى قضاء محكمة النقض على أن المستفاد مما ورد في نصوص المواد 1/ 3، 3، 4، 25،
27، 29، 31، 32 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر أن المشرع لا
يعني بالتأثيم مجرد نقل مواد المناجم والمحاجر من مكانها بحيث يكون هذا النقل رهناً
بالحصول على ترخيص – وإنما يعني استخراج تلك المواد من مكانها بما يؤدي إليه لفظ الاستخراج
من معنى لغوي ومدلول اصطلاحي هو استنباط ما في المناجم والمحاجر من مواد بقصد استعمالها
استعمالاً مغايراً لمجرد بقائها في الأرض. ولما كانت مدونات الحكم لا يبين منها إن
كان المطعون ضده (المتهم) قد اقتصر فعله على مجرد نقل الرمال من مكانها مع بقائها في
حيز الأرض أو أنه استخرجها بقصد استعمالها استعمالاً مغايرا لمجرد بقائها في الأرض
بغية استغلالها وهل استكملت الجريمة عناصرها أو أنها كانت في مرحلة الشروع أو دون هذه
المرحلة مما يعجز محكمة النقض عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار
إثباتها في الحكم مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه في يوم 18/ 9/ 1960 بدائرة مركز طوخ: قام برفع مواد المحاجر (رمال) بدون ترخيص من مصلحة المناجم والمحاجر. وطلبت عقابه بالمواد 318 من قانون العقوبات و1 و2 و3 و4 و44 و45 و47 من القانون رقم 86 لسنة 1956. ومحكمة طوخ الجزئية قضت حضورياً بتاريخ 27/ 12/ 1962 عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم شهرين مع الشغل والنفاذ بلا مصاريف جنائية. استأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة بنها الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت حضورياً بتاريخ 20/ 2/ 1963 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم عشرة جنيهات. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض…. إلخ.
المحكمة
حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بمعاقبة
المطعون ضده بعقوبة الغرامة طبقاً للمادة 44 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم
والمحاجر فيما وقع منه من استخراجه مادة من مواد المحاجر (رمال) بدون تصريح من مصلحة
المناجم والمحاجر – قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه ذهب إلى أن المطعون ضده لا
يعاقب بعقوبة السرقة طالما أنه قد استخرج الرمال من أرض مملوكه له – في حين أن الشارع
لم يفرق في خصوص وجوب الحصول على الترخيص بالاستغلال بين مالك الأرض وغيره – مما كان
يتعين معه معاقبة المطعون ضده بعقوبة السرقة وفقاً لما تقضي به المادة 43 من القانون
لا بعقوبة الغرامة المنصوص عليها في المادة 44 منه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية على المطعون
ضده بوصف أنه قام برفع مادة من مواد المحاجر (رمال) بدون ترخيص من مصلحة المناجم والمحاجر
– وطلبت عقابه بالمواد 1 و3 و4 و43 و44 و45 و47 من القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص
بالمناجم والمحاجر والمادة 318 من قانون العقوبات. ومحكمة أول درجة قضت حضورياً بحبسه
شهرين مع الشغل والنفاذ. فاستأنف المطعون ضده، وقضت المحكمة الاستئنافية بحكمها المطعون
فيه بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف والاكتفاء بتغريم المتهم
(المطعون ضده) عشرة جنيهات.
وحيث إن الحكم الابتدائي الذي أحال إليه الحكم المطعون فيه في بيان واقعة الدعوى قد
حصل هذه الواقعة بما مؤداه أنه ملاحظ المحاجر شاهد المطعون ضده يقوم برفع رمال من أرض
مملوكة له كائنة بناحية ميت كنانة بدون تصريح من مصلحة المناجم على الرغم من سبق التنبيه
عليه بالامتناع عن ذلك، وبسؤاله في محضر ضبط الواقعة قرر أنه لم يستخرج رمالاً من أرضه
وإنما استخرج الرمال من محجر مرخص باستغلاله – اشتراه ممن يدعي عبده سليمان – وبالاستعلام
من قسم تفتيش محاجر القاهرة بمصلحة المناجم والمحاجر عن صحة دفاع الطاعن أجاب بأنه
قام باستخراج الرمال من الأرض المملوكة له بدون تصريح – وبعد أن استعرض الحكم نصوص
القانون رقم 86 لسنة 1956 تحدث عن مدى انطباقها على واقعة الدعوى بقوله: "وحيث إنه
تأسيساً على ما تقدم فما دام أن الثابت من وقائع الدعوى وأقوال ملاحظ المحاجر وشهادته
أمام محكمة أول درجة أن المتهم (المطعون ضده) استولى على رمال من أرضه المملوكة له.
ولما كان ذلك، فإن هذه الرمال لا تعتبر مملوكة للدولة إعمالاً لنص المادة الثالثة من
القانون رقم 86 لسنة 1956 ومن ثم فلا يمكن عد المتهم سارقاً لها ومعاقبته بعقوبة السرقة
إذا ما استولى عليها رغم عدم حصوله على ترخيص من الجهة المختصة وبالتالي تكون التهمة
المسندة إليه معاقب عليها طبقاً للمادة 44 من القانون رقم 86 لسنة 1956 بالغرامة التي
لا تقل عن عشرة جنيهات ولا تزيد على مائتي جنيه ويتعين لذلك تعديل الحكم المستأنف على
هذا الأساس". لما كان ذلك، وكان القانون رقم 86 لسنة 1956 الخاص بالمناجم والمحاجر
قد نص في مادته الأولى على أن تطلق عبارة "خامات المحاجر" على مواد البناء وغيرها مما
ورد ذكره فيها – ومن هذه المواد الرمال – وتطلق كلمة "المحاجر" على الأمكنة التي تحتوي
على مادة أو أكثر من خامات المحاجر – كما نص في المادة 43 منه على أنه "يعاقب بعقوبة
السرقة أو الشروع فيها كل من استخراج أو شرع في استخراج مواد معدنية من المناجم أو
أي مادة من مواد المحاجر بدون ترخيص ويحكم بمصادرة أدوات التشغيل". وكان مفاد المادة
الأولى أن جميع الأراضي التي تحتوي على مادة أو أكثر من الخامات التي نصت عليها تعتبر
في حكم هذا القانون محاجر – وقصد الشارع من هذا القانون أن يحقق إشراف الدولة على استخراج
تلك الخامات واستغلالها كما أنه قد دل بما جاء في نصوص القانون المشار إليه على أنه
قصد من العقاب على جريمة استخراج خامات المحاجر بدون ترخيص أو الشروع فيها إلى أن يجعل
منها جريمة من نوع خاص قوامها العبث بتلك المحاجر واستغلالها خفية – ولم يفرق القانون
في المادة 32 منه – بالنسبة إلى الحصول على الترخيص للاستغلال – بين مالك الأرض وغيره،
مما كان يتعين معه معاقبة المطعون ضده بعقوبة السرقة وفقاً لما تقضي به المادة 43 من
القانون. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالغرامة طبقاً للمادة 44
يكون قد أخطأ في تطبيق القانون. ولما كان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن المستفاد
مما ورد في نصوص المواد 1/ 3 و3 و4 و25 و27 و29 و31 و32 من القانون المذكور أن المشرع
لا يعني بالتأثيم مجرد نقل مواد المناجم والمحاجر من مكانها بحيث يكون هذا النقل رهناً
بالحصول على ترخيص – وإنما يعني استخراج تلك المواد من مكانها بما يؤدي إليه لفظ الاستخراج
من معنى لغوي ومدلول اصطلاحي هو استنباط ما في المناجم والمحاجر من مواد بقصد استعمالها
استعمالاً مغايراً لمجرد بقائها في الأرض. وكانت مدونات الحكم لا يبين منها إن كان
المطعون ضده (المتهم) قد اقتصر فعله على مجرد نقل الرمال من مكانها مع بقائها في حيز
الأرض أو أنه استخرجها بقصد استعمالها استعمالاً مغايراً لمجرد بقائها في الأرض بغية
استغلالها، وهل استكملت الجريمة عناصرها أو أنها كانت في مرحلة الشروع أو دون هذه المرحلة،
مما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على واقعة الدعوى كما صار إثباتها
في الحكم وهو مما يتعين معه أن يكون مع النقض الإحالة.
[(1)] و[(2)] هذا المبدأ مقرر في الطعن رقم 2013 لسنة 33 ق جلسة 10/ 2/ 1964 15 ص 136.
