الطعن رقم 463 لسنة 34 ق – جلسة 26 /10 /1964
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 15 – صـ 605
جلسة 26 من أكتوبر سنة 1964
برياسة السيد المستشار/ أديب نصر، وبحضور السادة المستشارين: حسين صفوت السركي، ومختار رضوان، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عزيز الدين سالم.
الطعن رقم 463 لسنة 34 القضائية
(أ، ب) شيك بدون رصيد. جريمة.
( أ ) جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. تحققها: متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو
أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير
كاف لسداد قيمة الشيك.
(ب) سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. توفره: بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل
وفاء للشيك الذي أصدره.
دفع المتهم الجريمة بأنه أوفى بقيمة الشيك إلى المستفيد قبل تاريخ الاستحقاق. لا يجديه.
ما دام لم يسترد الشيك من المجني عليه.
1 – تتحقق جريمة إعطاء شيك بدون رصيد متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى
شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب؛ أو سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف
لسداد قيمة الشيك.
2 – سوء النية في جريمة إعطاء شيك بدون رصيد يتوفر بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل
وفاء للشيك الذي أصدره. ولا يجدي الطاعن ما دفع به من أنه قد أوفى بقيمة الشيك إلى
المستفيد قبل تاريخ الاستحقاق ما دام هو – بفرض صحة هذا الدفاع – لم يسترد الشيك من
المجني عليه.
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني هذه الدعوى بالطريق المباشر أمام محكمة جنح قصر النيل ضد الطاعن بوصف أنه في يوم أول أكتوبر سنة 1960 بدائرة قسم قصر النيل: "أعطاه بسوء نية شكياً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب" وطلبت عقابه بالمادتين 336 و337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يدفع له واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل ولا كفالة. والمحكمة المذكورة قضت غيابياً بتاريخ 29 يونيه سنة 1961 عملاً بمادتي الاتهام: أولاً – بحبس المتهمة ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لوقف التنفيذ: وثانياً – بإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني عشرين جنيهاً على سبيل التعويض مع المصروفات المدنية. فعارض المحكوم عليه في هذا الحكم، وأثناء نظر المعارضة طلب الحاضر مع المتهم اعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً لدعواه المدنية؛ لعدم حضوره بالجلسة. ثم قضى فيها في 3 مايو سنة 1962 بقبولها شكلاً وفي الموضوع: أولاً – بإلغاء الحكم المعارض فيه والاكتفاء بتغريم المتهم عشرين جنيهاً وأمرت بإيقاف تنفيذ العقوبة المقضي بها لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة هذا الحكم نهائياً مع جعل الايقاف شاملاً كافة الآثار المترتبة على الحكم: ثانياً – بالنسبة للدعوى المدنية باعتبار المدعي بالحق المدني تاركاً دعواه المدنية. فاستأنف المتهم هذا الحكم. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت بتاريخ 28 أكتوبر سنة 1962 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو الخطأ في تطبيق القانون والخطأ في الإسناد،
ذلك أن الحكم المطعون فيه دان الطاعن بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في
المادة 337 من قانون العقوبات في حين أن هذه الجريمة لا تتحقق الا بتوافر قصد جنائي
خاص يقوم لدى الساحب وهو نية سلب أموال المستفيد من الشيك بينما الثابت من وقائع الدعوى
أن رصيد الطاعن عند إعطاء الشيك كان يتجاوز قيمة هذا الشيك واستمر الرصيد قائماً حتى
وفاء الطاعن بقيمة الشيك إلى المستفيد بإيصال استلمه منه ووعده بأن يعيد إليه الشيك
ولكنه نكث عن وعده مما اضطر معه الطاعن إلى أن يعرض عليه قيمته مرة أخرى على شرط تسليمه
إليه وهو ما يقطع بحسن نيته وعدم توافر القصد الجنائي لديه، وقد طلب الطاعن إلى المحكمة
تحقيق هذه الوقائع إلا أنها لم تجبه إلى طلبه استناداً إلى أن القانون لم يشترط لإنزال
العقاب بمن يخالف نص المادة 337 عقوبات إلا مجرد علمه بأن الشيك الذي أصدره لم يكن
له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب وهذا الرد يخالف صريح نص هذه المادة من وجوب توافر
سوء النية عند مصدر الشيك أما قول الحكم بأن الطاعن أصدر أمراً بوقف صرف الشيك فهو
قول لا سند له من الأوراق إذ أن الطاعن لم يصدر أمراً إلى البنك بوقف صرف الشيك وإنما
قدمه المستفيد إلى البنك بمجرد علمه بأن رصيد الطاعن أصبح لا يفي بقيمته.
وحيث إن الحكم الابتدائي الصادر في المعارضة والمؤيد بالحكم المطعون فيه بين واقعة
الدعوى بما يخلص في أن الطاعن كان يستأجر شقة من المدعي بالحق المدني فأعطاه سداداً
لبعض أجرتها شيكاً تاريخه أول أكتوبر سنة 1960 مسحوباً على بنك مصر، ولما تقدم به المستفيد
لصرفه أفاده البنك بالرجوع على الساحب كطلبه، ثم وعده الطاعن بالسداد ونكل عن وعده
وقدم المدعي المدني صورة ذلك الشيك وإفادة البنك المتضمنة طلب الرجوع على الساحب. وبسؤال
الطاعن عن التهمة المسندة إليه قرر أنه كان قد سلم ذلك الشيك في 12 من أكتوبر سنة 1960
إلى وكيل المجني عليه فأخطره بخطاب بأن موكله رفضه قبوله فسلمه مبلغ 256ج و340 م قيمة
أجرة سبعة شهور ولم يرد إليه المجني عليه الشيك وحاول صرفه دون وجه حق، وقدم إيصالاً
تاريخه 12 من أكتوبر سنة 1960 يفيد استلام وكيل المجني عليه الشيك موضوع الدعوى وخطاباً
من هذا الأخير تاريخه 13 من أكتوبر سنة 1960 يخطره أن المجني عليه رفض قبول الشيك إلا
بعد الفصل في دعوى إخلاء الشقة. ولما ووجه المجني عليه بذلك قرر أن قيمة الشيك تمثل
بعض الأجرة المستحقة في ذمة الطاعن إذ أنه تخلف عن السداد من أول مايو سنة 1960 حتى
أبريل سنة 1961 وبلغ مجموع الأجرة المتأخرة عليه 439 ج و440 م بواقع 36 ج و630 م للشهر
الواحد سدد له منها مبلغ 256 ج و340 م وتبقى عليه 183 ج و100 م وهو قيمة الشيك موضوع
الدعوى. ثم عرض الحكم لدفاع الطاعن بشأن حسن نيته وأطرحه بقوله "وحيث إن المستقر عليه
فقهاً وقضاء هو أن الشيك في حكم المادة 337 عقوبات هو الشيك بمعناه المعروف في القانون
التجاري من أنه أداة دفع ووفاء مستحق الأداء بمجرد الاطلاع دائماً ويغني عن استعمال
النقود في المعاملات وأن وفاء المتهم بقيمة الشيك حتى قبل تاريخ الاستحقاق لا يؤثر
في الجريمة ما دام هو لم يسترده من صاحبه كما قضت محكمتنا العليا بأن الجريمة المنصوص
عليها في المادة 337 عقوبات تتحقق بمجرد صدور الأمر من الساحب إلى المسحوب عليه بعدم
الدفع حتى ولو كان هناك سبب كما لا عبرة في قيام الجريمة المذكورة بسبب تحرير الشيك
والغرض من تحريره. ومتى كان ما تقدم، فإن كل جدل من المتهم حول حسن نيته لا يكون مقبولاً
إذ الثابت من الأوراق أنه لم يسترد الشيك وأنه أصدر أمراً للجهة المسحوب عليها الشيك
بعدم دفع قيمته" وأضاف الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم أنه لا وجه لما يدفع به المتهم
من وجوب توافر قصد جنائي خاص في هذه الجريمة إذ أن القانون لم يشترط لإنزال العقاب
بمن يخالف نهيه الذي أصدره بالمادة 337 من قانون العقوبات إلا مجرد علمه بأن الشيك
الذي أصدره لم يكن له وقت إعطائه لمن أصدر له مقابل وفاء قائم وقابل للسحب وأنه لا
عبرة بالقول بأن المتهم إذ سحب رصيده بعد الوفاء بقيمة الشيك قبل تاريخ الاستحقاق كان
حسن النية ما دام هو لم يسترده من صاحبه وأصدر أمراً بوقف صرف الشيك كالثابت من إجابة
البنك. وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون وتتوافر به عناصر الجريمة التي دين الطاعن
بها ذلك أن سوء النية يتوفر بمجرد علم الساحب بعدم وجود مقابل وفاء للشيك الذي أصدره،
ولا يجدي الطاعن ما دفع به من أنه قد أوفى بقيمة الشيك إلى المستفيد قبل تاريخ الاستحقاق
ما دام هو بفرض صحة هذا الدفاع لم يسترد الشيك من المجني عليه كما أن هذه الجريمة تتحقق
متى أعطى الساحب شيكاً لا يقابله رصيد أو أعطى شيكاً له مقابل ثم أمر بعدم السحب، أو
سحب من الرصيد مبلغاً بحيث يصبح الباقي غير كاف لسداد قيمة الشيك وهو ما يقر به الطاعن
في طعنه. لما كان ذلك، فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع مصادرة
الكفالة عملاً بالفقرة الثانية من المادة 36 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات
وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.