الطعن رقم 864 سنة 26 ق – جلسة 29 /10 /1956
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 7 – صـ 1086
جلسة 29 من أكتوبر سنة 1956
برياسة السيد حسن داود – المستشار، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين – المستشارين.
القضية رقم 864 سنة 26 القضائية
مسئولية مدنية. تضامن. ضرب. تضامن الفاعلين الذين ساهموا في إحداث
الضرر بالمجني عليه في المسئولية المدنية. شرطه.
التضامن في التعويض بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجب بنص القانون ما
دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني عليه ولو
دين أحدهم بتهمة الضرب الذي تخلفت عنه عاهة ودين الآخرون بتهمة الضرب والجرح فقط.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلاً من 1 – جرجس عبد الملاك بنيامين (الطاعن)
و2 – رزق الله موسى اسطفانوس و3 – يوسف سعد الله يوسف بأنهم: في يوم 8 من أبريل سنة
1952 الموافق 13 رجب سنة 1371 بناحية شارون من أعمال مركز مغاغة مديرية المنيا أولاً:
المتهمان الأول والثاني – ضربا علي أحمد بسيوني عمداً على رأسه فأحدثا به الاصابة المبينة
بالتقرير الطبي الابتدائي والشرعي والتي تخلف لديه بسببها عاهة مستديمة هي فقد جزء
من عظام قبوة الجمجمة في مساحة 5 × 7 سم لا ينتظر ملؤه مستقبلاً بنسيج عظمي وقد يملأ
بنسيج ليفي وسيظل المخ في هذا الموضع فاقداً لحمايته الطبيعية وهذا من شأنه أن يجعله
عرضة للتأثر بالتغيرات الجوية والإصابات البسيطة التي تقع على هذا الجزء من المخ والتي
ما كانت لتؤثر فيه لو أنه كان محمياً بالعظام وقد تطرأ مضاعفات كالتهاب السحايا أو
الصرع أو الجنون أو خراج المخ مما يعرض حياته للخطر وتقلل من قوة احتماله على العمل
بنحو 30% وثانياً – المتهم الثالث ضرب علي أحمد بسيوني عمداً فأحدث به بقية الإصابات
التي بجسمه والموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على العشرين يوماً
وضرب حسن محمد علي عمداً على ذراعه اليسرى فأحدث بها الإصابة المبينة بالتقرير الطبي
الابتدائي والشرعي والتي أعجزته عن أعماله الشخصية مدة تزيد على العشرين يوماً. وثالثاً
– الأول ضرب حسين محمد علي عمداً فأحدث به إصابة مبينة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها
مدة لا تزيد على العشرين يوماً. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم على محكمة الجنايات
لمعاقبتهم بالمواد 240/ 1 و241/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات، فقررت الغرفة بذلك وقد
ادعى علي أحمد بسيوني بحق مدني قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائتي جنيه تعويضاً. نظرت
محكمة جنايات المنيا هذه الدعوى ثم قضت حضورياً بتاريخ 25 ديسمبر سنة 1955 عملاً بالمادتين
240/ 1 و242/ 1 مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهم الأول وبالمادة
242/ 1 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثاني وبالمادتين 241/ 1 و242/ 1 مع تطبيق
المادة 32 منه بالنسبة إلى المتهم الثالث بمعاقبة المتهم الأول جرجس عبد الملاك بنيامين
بالسجن لمدة ثلاث سنوات عن التهمتين المسندتين إليه وبمعاقبة المتهم الثاني رزق الله
موسى اسطفانوس بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر وبمعاقبة المتهم الثالث يوسف سعد الله
يوسف بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة أشهر عن التهمتين وبإلزام المتهمين جميعاً متضامنين
بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني على أحمد بسيوني مائة جنيه على سبيل التعويض مع المصاريف
المدنية وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه
أخطأ في تطبيق القانون وشابه فساد في الاستدلال إذ دان الطاعن بجريمة الضرب العمد الذي
تخلفت عنه عاهة مستديمة بالرأس استناداً إلى أقوال المجني عليه مع أن أقواله مضطربة
متخاذلة لا يصح الاطمئنان إليها ذلك أنه اتهم الطاعن في محضر ضبط الواقعة بضربه على
رأسه ثم عاد في تحقيق النيابة وبالجلسة واتهم آخر معه بضربه على رأسه وتعذر معرفة أي
الضربات أحدثت العاهة مما كان يقتضي لشيوع التهمة أخذ الطاعن بالقدر المتيقن في حقه
واعتباره مسئولاً عن جنحة الضرب.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى وأورد على ثبوتها في حق الطاعن أدلة سائغة
من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها – ومن هذه الأدلة ما شهد به المجني عليه في محضر
ضبط الواقعة من أن الطاعن وحده هو الذي ضربه بالعصا على رأسه وما أثبته التقرير الطبي
من إصابة المجني عليه بجرح رضي بالعظم المقدمي للرأس أحدث كسوراً مضاعفة منخسفة بالعظم
الجداري الأيمن والأيسر والعظم المقدمي وكسراً شرخياً بالعظم الأخير مما ترتب عليه
رفع جزء من عظام الرأس وتخلف عاهة مستديمة بالمجني عليه نتيجة إصابته بضربة واحدة على
الرأس من عصا ثقيلة – لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بقول الشاهد في مرحلة
من مراحل التحقيق وتلتفت عن قوله في غيرها كما أن لها أن تأخذ ببعض قوله في مرحلة بعينها
وتطرح ما عداه إذ المرجع في ذلك إلى ما تقتنع هي به وتطمئن إليه – فإن ما يثيره الطاعن
في هذا الوجه لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ أيضاً في تطبيق القانون إذ
قضى بالتعويض ضد المتهمين الثلاثة بالتضامن مع أن الطاعن لم يسأل عن تهمة الجنحة التي
دين بها المتهمان الثاني والثالث ولم يقع الحادث نتيجة سبق إصرار بينهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين قضى في التعويض قال "بأن المتهمين جميعاً اعتدوا على
المدعي بالحق المدني علي أحمد بسيوني وقد توافقت واتحدت إرادتهم جميعاً على العدوان
والإيذاء فأوقعوا به أضراراً متعددة يستحق بسببها تعويضاً عما ناله من أضرار ويلزمون
به متضامنين لتوافق إرادتهم واتحادها على التعدي". لما كان ذلك وكان ما قاله الحكم
صحيحاً في القانون وكان التضامن بين الفاعلين الذين أسهموا في إحداث الضرر واجباً بنص
القانون ما دام قد ثبت اتحاد الفكرة والإرادة لديهم وقت الحادث على إيقاع الضرب بالمجني
عليه ولو دين أحدهم بتهمة الضرب الذي تخلفت عنه عاهة ودين الآخرون بتهمة الضرب والجرح
فقط. لما كان ما تقدم فإن هذا الوجه من الطعن يكون على غير أساس.
وحيث إن مبنى الوجهين الثالث والرابع هو أن الحكم المطعون فيه أخطأ إذ دان المتهم الثاني
بتهمة إحداث إصابات بمعصم اليد اليسرى للمجني عليه فأسند إليه بذلك واقعة جديدة لم
ترد في وصف التهمة كما أنه لم يثبت في منطوقه براءة هذا المتهم من تهمة العاهة التي
كان مقدماً بها إلى المحاكمة.
وحيث إنه لما كان هذان الوجهان متصلين بالمتهم الثاني وحده ولم يطعن في الحكم فلا يقبل
من الطاعن أن يتحدث عنهما ويتعين رفضهما.
وحيث إن مبنى الوجه الخامس هو قصور الحكم في بيان مؤدى أقوال الشهود ومن بينهم أختا
المجني عليه فاطمة أحمد بسيوني وهانم أحمد بسيوني وقد شهدتا لصالح الطاعن ولكن الحكم
المطعون فيه لم يناقش أقوالهما ولم يرد عليها مما يعيبه بالقصور.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في إدانة الطاعن إلى أقوال الشاهدتين
المذكورتين بل عول على أقوال المجني عليه في محضر ضبط الواقعة وعلى التقرير الطبي –
لما كان ذلك وكان استخلاص الإدانة من أقوال المجني عليه ومن التقرير الطبي سائغاً ومقبولاً
ومستنداً إلى أصل ثابت في الأوراق وكان لمحكمة الموضوع أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال
بعض الشهود دون البعض الآخرون وأن تطرح أقوال من لا تثق بشهادته من غير أن تكون ملزمة
بتبرير هذا الإطراح – لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يكون له محل
ولا يعدو أن يكون جدلاً في وقائع الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين لذلك رفضه موضوعاً.