الطعن رقم 734 سنة 26 ق – جلسة 02 /10 /1956
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثالث – السنة 7 – صـ 972
جلسة 2 من أكتوبر سنة 1956
برياسة السيد مصطفى فاضل – وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، والسيد أحمد عفيفي – المستشارين.
القضية رقم 734 سنة 26 القضائية
( أ ) جمارك. عقوبة. تعويض. الجزاء المقرر في الأمر العالي الرقيم
22 من يونيه سنة 1891 التي تختص لجنة الجمارك بتوقيعه عن أعمال التهريب. هو تعويض مدني.
(ب) جمارك. اختصاص. اختصاص المحكمة المدنية والتجارية بنظر المعارضة في قراراتها.
(ج) دخان. اختصاص. اختصاص المحكمة الجنائية بالفصل في مخالفة أحكام القانون رقم 74
سنة 1933.
1 – الجزاء الذي ربطه الشارع في الأمر العالي الرقيم 22 من يونيه سنة 1891 وخص لجنة
الجمارك بتوقيعه هو بمثابة تعويض مدني للخزانة العامة من الضرر الذي أصابها من إدخال
أو اصطناع أو تداول أو إحراز الدخان المغشوش باعتبارها تهريباً جمركياً.
2 – اللجان الجمركية ليست محاكم جنائية وإنما هي لجان إدارية ذات اختصاص خاص والمعارضة
في قراراتها من اختصاص المحكمة المدنية والتجارية.
3 – المحاكم الجنائية هي المختصة بالفصل في مخالفة أحكام القانون رقم 74 سنة 1933 بشأن
تنظيم صناعة وتجارة الدخان.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة المطعون ضدهما لأنهما حازا فضلات التمباك وأعقاب السجاير وما يتخلف من الاستعمال منها والمبينة بالمحضر المتداول وطلبت معاقبتهما بالمادة 9/ 1 و2 من القانون رقم 74 لسنة 1944 ومحكمة جنح طما الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم كل من المتهمين مبلغ عشرة جنيهات والمصادرة بلا مصروفات جنائية. فاستأنف المتهمان هذا الحكم. ومحكمة سوهاج الابتدائية قضت حضورياً بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة طما الجزئية بنظر الواقعة بلا مصاريف جنائية. فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… ومن حيث إن الطاعنة. تؤسس طعنها على أن الحكم المطعون فيه أخطأ
في تطبيق القانون على الواقعة المسندة إلى المطعون ضدهما ذلك بأن المحكمة قضت بعدم
اختصاصها مستندة إلى أن الواقعة المطروحة عرضت على اللجنة الجمركية فقضت بتغريم كل
واحد من المتهمين عشرة جنيهات والمصادرة، وإلى ما قالته من أن القانون رقم 74 لسنة
1933 الذي طلبت النيابة تطبيقه غير منطبق على واقعة الدعوى لأنه إنما يعاقب أصحاب المصانع
على مخالفة حكم المادة الثانية منه. أما الأمر العالي الصادر في 22 يونيه سنة 1891
فقد نص في مادته الثانية على اعتبار استيراد الدخان المغشوش أو المخلوط وتداوله وحيازته
وبيعه وعرضه للبيع من أعمال التهريب، كما جعل الاختصاص بنظر هذه المخالفات للجنة الجمركية
بمقتضى المادة السادسة، قالت المحكمة ذلك مع أن الواقعة رفعت إلى المحكمة لا بوصف أنها
تهريب لبضائع جمركية وإنما بوصف أن المطعون ضدهما وجدا حائزين لفضلات التمباك وأعقاب
السجاير وذلك بقصد التداول وهو ما يعد جريمة تقع تحت أحكام القانون رقم 74 لسنة 1933
الذي تطبقه المحاكم الجنائية.
ومن حيث إن الدعوى العمومية رفعت على المتهمين لأنهما في يوم 14 من مارس سنة 1954 بدائرة
مركز طما حازا فضلات التمباك وأعقاب السجاير وما يتخلف من الاستعمال منها وذلك بقصد
التداول، وطلبت النيابة عقابهما بمقتضى المادة السادسة من القانون رقم 74 لسنة 1933
فقضت محكمة طما الجزئية بمعاقبة كل منهما بتغريمه عشرة جنيهات والمصادرة عملاً بالمادة
الثانية من الأمر العالي الصادر في 22 من يونيه سنة 1891، ولما استأنف المتهمان هذا
الحكم قضت محكمة سوهاج الابتدائية بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص محكمة طما بنظر
الواقعة وأسست حكمها على ما قالته من أن القانون رقم 74 لسنة 1933 لا ينطبق على واقعة
الدعوى وهي حيازة أدخنة مغشوشة وأن القانون المذكور إنما يعاقب أصحاب المصانع على مخالفة
ما نص عليه في المادة الثانية منه، وأن الواقعة المسندة إلى المتهمين سبق عرضها على
اللجنة الجمركية بالقاهرة وأصدرت قراراها فيها بتاريخ 6 من أكتوبر سنة 1954، فلا يجوز
عرضها على المحاكم العادية.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على الأمر العالي الرقيم 22 من يونيه سنة 1891 أنه معنون
"دكريتو ثان إدخال واصطناع وتداول وبيع وإحراز الدخان المغشوش يعتبر من أعمال التهريب"
وجاء في الديباجة المصدر بها ما يفصح عن غرض الشارع من إصداره وهو أن ما يقع من التجار
من هذه الأعمال يضر بصالح الخزانة كما يضر بصالح التجار ذوي الذمة والاستقامة، ولما
كانت هذه العلة هي التي حفزت المشرع على النص في المادة الثانية من هذا الأمر العالي
على اعتبار هذا الغش من قبيل التهريب، وجازى عليه بجزاء مالي وبالمصادرة، وجعل الاختصاص
بتوقيع هذا الجزاء للجنة الجمركية، كما نص في المادة الثالثة المعدلة بالقانون رقم
72 لسنة 1933 الصادر في 3 من يوليو (وهي نفس التاريخ الذي صدر فيه القانون رقم 74 لسنة
1933) على أنه "تعتبر المبالغ المحصلة من الغرامات أو من الأشياء المصادرة من إيرادات
مصلحة الجمارك…" ولما كان يبين من مقارنة هذه النصوص أن اختصاص لجنة الجمارك بهذه
الأفعال أساسه ذلك الاعتبار الذي افترضه الشارع بعد تلك الأفعال من أعمال التهريب فوق
ما تنطوي عليه من غش مستوجب للعقاب بمقتضى القانون رقم 74 لسنة 1933، كما أن الجزاء
الذي ربطه الشارع في الأمر العالي المشار إليه وخص لجنة الجمارك بتوقيعه وهو بمثابة
تعويض مدني للخزانة العامة عن الضرر الذي أصابها من هذه الأفعال باعتبارها تهريباً
جمركياً، لما كان ذلك – وكانت اللجان الجمركية ليست محاكم جنائية وإنما هي لجان إدارية
ذات اختصاص خاص والمعارضة في قراراتها من اختصاص المحكمة المدنية والتجارية، وكان القانون
رقم 74 لسنة 1933 بتنظيم صناعة وتجارة الدخان كما يبين من نصوصه لم يقتصر – كما قالت
المحكمة المطعون في حكمها – على عقاب أصحاب مصانع الدخان على مخالفة أحكام المادة الثانية
منه، بل نص في الفقرة الأولى من المادة السادسة أيضاً (المعدلة بالقانون رقم 79 في
13 من يونيه سنة 1944) على معاقبة كل صانع أو تاجر أو صاحب حانوت أو مخزن يحرز دخاناً
مغشوشاً أو مخلوطاً بعقوبتي الحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كما يعاقب في
الفقرة الثانية من تلك المادة بهذه العقوبات كل من جمع أو نقل أو باع أو عرض للبيع
أو للتداول أو حاز بقصد البيع فضلات التمباك أو أعقاب السجاير أو السيجار أو ما يتخلف
عن الاستعمال وهذا النص هو الذي طلبت النيابة العامة أخذ المتهمين بمقتضاه ووصفت به
الواقعة، ومتى تقرر ذلك فإن المحاكم الجنائية تكون هي المختصة بالفصل فيما أسند للمطعون
ضدهما طبقاً لأحكام القانون رقم 74 لسنة 1933 وتكون المحكمة المطعون في حكمها حين تنكبت
ما تمسكت به النيابة من تطبيق هذا القانون على الواقعة التي طرحت عليها بناء على استئناف
المتهمين وانتهت إلى القضاء بعدم اختصاص المحاكم الجنائية، تكون المحكمة بذلك قد خالفت
القانون وأخطأت في تطبيقه بما يستوجب نقض الحكم المطعون فيه. ولما كانت المحكمة قد
قصرت بحثها على الدفع بعدم الاختصاص دون أن تتعرض لموضوع الدعوى فإنه يتعين مع نقض
الحكم إحالة القضية لنظرها من جديد أمام دائرة أخرى.
