الطعن رقم 1378 سنة 25 ق – جلسة 14 /05 /1956
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 7 – صـ 712
جلسة 14 من مايو سنة 1956
برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسي الجندي، وأحمد زكي كامل – المستشارين.
القضية رقم 1378 سنة 25 القضائية
أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعي. نزاع على ري. المدافعة
عنه باستعمال القوة. لا تصح.
إذا كان كل ما وقع من المجني عليه حسب أقوال المتهم هو محاولة تغيير مجرى مياه لمنعه
من ري أطيانه فإن اعتداء المتهم لرده عن ذلك لا يعتبر دفاعاً شرعياً عن المال إذ ليس
النزاع على الري مما تصح المدافعة عنه قانوناً باستعمال القوة.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة: 1 – عبد السيد عبد العزيز الحكيم (الطاعن). و2 – عبد الله علي المغربي. و3 – عبد الله علي داود بأنهم الأول: ضرب عمداً أنور عبد العظيم عمران بعصا على عينه اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي الشرعي والتي خلفت له عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد ما كانت تتمتع به هذه العين من قوة الإبصار. والثاني: ضرب عمداً المجني عليه سالف الذكر فأحدث برأسه الإصابتين الموصوفتين بالتقرير الطبي الشرعي واللتين استغرق شفاؤهما مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والثالث: ضرب عمداً زكريا عبد الله عمران فأحدث به أسفل عينه اليمنى الإصابة الموصوفة بالكشف الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلب إلى غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم الأول بالمادة 240/ 1 والثاني والثالث بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات فصدر قرارها بذلك. وادعى أنور عبد العظيم عمران بحق مدني قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهم الأول. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بمعاقبة عبد السيد عبد العزيز الحكيم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبإلزامه أن يدفع للمدعي بالحق المدني أنور عبد العظيم عمران 100 جنيه على سبيل التعويض والمصاريف و300 قرش مقابل أتعاب المحاماة وبحبس كل من عبد الله علي المغربي وعبد الله علي داود شهراً واحداً مع الشغل. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه
قد أخل بحق الطاعن في الدفاع، ذلك بأن المحكمة قد التفتت عن طلبه استدعاء أحد أطباء
العيون لمناقشته فيما جاء بالكشوف الطبية المقدمة، وهل إصابات العين ينجم عنها فقد
الإبصار أو أن ضمور مقلة العين وانخفاض ضغطها يرجع إلى فقد الإبصار قبل الحادث، فلم
تجبه المحكمة إلى هذا الطلب واستندت إلى أسباب قاصرة مع أن الطلب يتعلق بمسألة فنية
يتعين الرجوع فيها إلى رأي خبير.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر معه العناصر القانونية للجريمة
التي دان الطاعن بها وذكر الأدلة التي استخلص منها ثبوتها استخلاصاً سائغاً، ثم عرض
للطلب المشار إليه فقال "كما طلب الدفاع إعلان أحد الأطباء الأخصائيين في العيون للكشف
على حالة مقلة عين المجني عليه الأول ومعرفة إن كان فيها ضعف سابق في الإبصار من عدمه،
ولا ترى المحكمة محلاً لإجابة هذا الطلب لأن تقرير الطبيب الشرعي واضح وضوحاً كافياً
بأن عين المجني عليه المذكور قد فقدت جميع ما كانت تتمتع به تلك العين من إبصار قليلاً
كان أم كثيراً"، ولما كان يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الحاضر مع الطاعن
لم يجزم بأن العين كانت فاقدة الإبصار قبل وقوع الحادث وإنما قال "إن العين فاقدة الإبصار
لأنه لم يرد في الكشف أنه حدثت أي ضربة في مقلة العين وطلب احتياطياً استدعاء طبيب
عيون لمناقشته، وكانت المحكمة قد بينت السبب الذي من أجله رفضت الطلب وهو أخذها بما
انتهى إليه تقرير الطبيب الشرعي من أن المجني عليه تخلفت لديه بسبب إصابة منطقة العين
اليمنى عاهة مستديمة هي فقد ما كانت تتمتع به من إبصار، وأن تقدير النسبة المئوية للعاهة
متعذر بسبب عدم معرفة قوة إبصار العين قبل الإصابة، وكان هذا السبب من شأنه أن يبرر
ما رأته من عدم لزوم استدعاء طبيب عيون لمناقشته، فإنه لا محل لما يثيره الطاعن في
هذا الخصوص.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم شابه القصور في البيان ذلك بأن الطاعن
تمسك بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس والمال، والحكم في رده على ذلك قال إنه "قول
ساقه الدفاع دون أن يقدم ما يدعمه أو يؤيده" مع أن أقوال زكريا عبد الله عمران صريحة
في أن الساقية يملكها أفراد عائلة بهنسي التي يستأجر منها الطاعن الأرض التي يزرعها
وأن في محاولة المجني عليه منعه من الري اعتداء على حقه.
وحيث إنه لما كان القانون يشترط في الفقرة الأولى من المادة 246 من قانون العقوبات
لإباحة استعمال القوة دفاعاً عن النفس أن يكون استعمالها لازماً لدفع كل فعل يعتبر
جريمة على النفس منصوصاً عليها في القانون، كما اشترط في الفقرة الثانية من هذه المادة
لإباحة استعمال القوة دفاعاً عن المال أن يكون استعمالها لازماً لرد كل فعل يعتبر جريمة
من الجرائم المنصوص عليها في المواضع التي حددتها تلك المادة من قانون العقوبات، وكان
كل ما وقع من المجني عليه حسب أقوال الطاعن إذا صحت هو محاولة تغيير مجرى مياه لمنعه
من ري أطيانه – لما كان كل ما تقدم، فإن اعتداء الطاعن لرده عن ذلك لا يعتبر دفاعاً
شرعياً عن المال إذ ليس النزاع على الري مما تصح المدافعة عنه قانوناً باستعمال القوة.
لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه يكون سليماً من القصور.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
