الطعن رقم 1407 سنة 25 ق – جلسة 10 /04 /1956
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 7 – صـ 542
جلسة 10 من إبريل سنة 1956
برياسة السيد المستشار حسن داود، وبحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين، وأحمد زكي كامل – المستشارين.
القضية رقم 1407 سنة 25 القضائية
( أ ) إجراءات. ضبط الأشياء وتحريزها. إغفال الإجراءات الواردة
بهذا الشأن في قانون الإجراءات الجنائية. اطمئنان المحكمة إلى سلامة الإجراءات التي
اتخذها مأمور الضبطية القضائية. لا بطلان. المادة 55 أ. ج وما بعدها.
(ب) دفاع. متى تلتزم محكمة الموضوع بالرد صراحة على ما يقدم إليها من طلبات؟
1 – لم يرتب قانون الإجراءات الجنائية البطلان على عدم مراعاة ما نصت عليه المادة 55
وما بعدها في خصوص تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة، مما يجعل الأمر فيها راجعاً
إلى تقدير محكمة الموضوع لسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبطية القضائية.
2 – يشترط لكي تكون محكمة الموضوع ملزمة بالإجابة صراحة على طلب يقدم إليها، حتى ولو
كان من الطلبات الأصلية، أن يكون هذا الطلب ظاهر التعلق بموضوع القضية المنظورة أمامها،
أي أن يكون الفصل فيه لازماً للفصل في الموضوع ذاته، ومن غير ذلك يجوز لها ألا تلتفت
إلى الطلب وألا ترد عليه.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: أحرز جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها وبغير مسوغ قانوني، وطلبت من غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول ( أ ) المرفق به، فأمرت بذلك. وأمام محكمة جنايات المنيا التي سمعت الدعوى دفع المتهم ببطلان الإجراءات، فأنهت سماعها ثم قضت حضورياً أولاً: برفض الدفع المذكور. وثانياً: بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنين وتغريمه خمسمائة جنيه ومصادرة الجواهر المخدرة المضبوطة، وذلك تطبيقاً للمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والجدول ( أ ) الملحق به. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثاني في التقرير المقدم من الأستاذ
فؤاد صديق، ومبنى الوجه الأول من التقرير المقدم من الأستاذة مفيدة عبد الرحمن والأوجه
الستة الأول والوجه العاشر من التقرير المقدم من الأستاذ محمد فهمي فرغلي المحامي،
هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ رفض الدفع ببطلان التفتيش الذي أسسه الطاعن
على أن قطعة المخدر لم تظهر عرضاً ولم تكن ترى بالعين المجردة، بل كانت مخبأة داخل
ورقة من أوراق السيلوفان لا يعقل أن تحوي المبلغ المختلس موضوع التهمة الموجهة للطاعن
– وهو ما يخالف ما تقضي به المادة 50 من قانون الإجراءات الجنائية من أن التفتيش يجب
أن يكون مقصوراً على ما يهدي إلى الحقيقة في الجريمة موضوع التحقيق دون سواها إلا أن
يظهر عرضاً وأثناء التفتيش شيء يعد حيازته جريمة – هذا إلى أن الثابت من الأوراق أن
إذن التفتيش صدر للمأمور فقط، فما كان يجوز له أن يصحب أحداً من الضباط أو رجال البوليس
الملكيين مما يبطل الدليل المستمد منه.
وحيث إن الحكم رد على الدفاع الذي أثاره الطاعن وردده في طعنه فقال: "وحيث إن هذا الدفع.
بجميع وقائعه مردود لأن التفتيش كان يدور بمعرفة الصاغ المنتدب لإجرائه وكان يعاونه
معاون المباحث وضابط البندر والكونستابل ممدوح صالح، وكان كل ذلك يدور تحت نظره في
غرفة واحدة ولا غبار على ذلك" ولما كان الحكم قد أورد أدلة سائغة تؤدي إلى ما أثبته
من أن معاون المباحث وضابط البندر والكونستابل كانوا يعملون وقت تفتيش الطاعن تحت إمرة
الصاغ المنتدب لإجراء التفتيش وتحت إشرافه، فإنه لا يهم – مع استظهار تحقيق هذا الإشراف
– أن يكون الإذن بالتفتيش صادراً للصاغ وحده، ما دام هؤلاء لم يكونوا يعملون مستقلين،
وإنما كانوا يساعدونه، في إجراء التفتيش – لما كان ذلك، وكانت المادة 50 من قانون الإجراءات
الجنائية تنص على أنه "إذا ظهر عرضاً أثناء التفتيش وجود أشياء تعد حيازتها جريمة أو
تفيد في كشف الحقيقة في جريمة أخرى، جاز لمأمور الضبط القضائي أن يضبطها" وكان ما أثبته
الحكم يؤدي إلى أن العثور على الورقة التي بها المخدر جاء عرضاً أثناء التفتيش عن أدلة
جريمة اختلاس يقتضي الكشف عنها تفتيش العلبة التي وجدت في حيازة الطاعن عن أوراق أو
أختام، ومن ثم يكون العثور على الورقة التي بها المخدر نتيجة لتفتيش صحيح في القانون
ولا بطلان فيه ويكون الحكم إذ أخذ الطاعن بما أسفر عنه التفتيش لم يخالف القانون في
شيء.
وحيث إن مبنى الأوجه الثالث من التقرير المقدم من الأستاذ فؤاد صديق والثاني من التقرير
المقدم من الأستاذة مفيدة عبد الرحمن والسابع من التقرير المقدم من الأستاذ محمد فهمي
فرغل هو أن الحكم المطعون فيه بني على إجراء باطل وانطوى على خطأ في الإسناد، إذ لم
يوضع الحشيش المضبوط في حرز مغلق كما تقضي بذلك المادة 56 من قانون الإجراءات الجنائية،
بل ترك في حوزة المأمور ليلة كاملة ثم تبين وجود خلاف بين وزن المخدر المضبوط لدى الطاعن
ووزن المخدر كما أثبته الطبيب الشرعي وردت المحكمة على ما أثاره الدفاع في هذا الصدد
بأن هذا الخلاف لا يعدو أن يكون فرق موازين. وأضافت لتأييد وجهة نظرها أن وكيل النيابة
الذي شاهد قطعة الحشيش وقت الضبط هو الذي شاهدها في اليوم التالي وهو ما يخالف الثابت
في الأوراق من أن وكيل النيابة الذي تسلم قطعة الحشيش في الصباح ليس هو الذي سلمها
لرجل البوليس وقت الضبط.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه رد على دفاع الطاعن فقال: "وحيث إنه عن عدم وضع قطعة
الحشيش في حرز على أثر ضبطها واحتفاظ المأمور بها للصباح فإن الثابت من التحقيق هو
أن الصاغ محمد عبد الرحيم فوزي عرض قطعة الحشيش على النائب في حضور المتهم على أثر
ضبطها، ووصفها النائب المحقق وفتح محضراً سأل فيه الصاغ والمتهم ونظراً لأن التحقيق
ظل إلى ساعة متأخرة جداً من الليل، ولم يكن من الميسور وجود الوسائل اللازمة لوضع القطعة
المضبوطة بداخل حرز فقد أمر النائب المحقق بحفظها للصباح، وسلمها للمأمور فاحتفظ بها
في خزانة حديدية بمكتبه واحتفظ بمفتاحها لديه، ثم سلمها لليوزباشي في صباح اليوم التالي
لتوصيلها للنائب المحقق، حيث وضعها في حرز ختم عليها بختمه – ولما كان النائب المحقق
الذي أثبت مشاهدته لقطعة الحشيش على أثر ضبطها هو نفسه الذي قدمت له قطعة الحشيش في
الصباح، ولم يذكر أن القطعة هي غير القطعة، فإن المحكمة لا يساورها أي شك في أنها هي
بعينها القطعة التي ضبطت وهي التي وضعت في حرز وهي التي أرسلت للتحليل ووردت النتيجة
بأنها حشيش وما دام الأمر كذلك فإن الضمانات التي يطلبها المتهم توافرت ولم يعتورها
أي خلل – أما قول الدفاع بأن الوزن الذي أثبته الصيدلي يختلف عن الوزن الذي أثبته المعمل
الكيماوي، فإنه لا يشكك المحكمة فيما سبق أن انتهت إليه لأن الخلاف في الوزن تافه جداً،
لا يتجاوز الثلاثة سنتيجرامات، وهذا مألوف ويطلق عليه عادة فرق وزن، ويرجع ذلك إلى
عدم الدقة أو إلى خلل في أحد جهازي الوزن" ولما كان الحكم قد أثبت أن وكيل النيابة
المحقق عاين الحرز في حضور المتهم وأن الحشيش لم يحرز في الحال لعدم توفر وسائل ذلك،
وكان يبين من مراجعة المفردات التي أمرت المحكمة بضمها تحقيقاً لدفاع الطاعن أن وكيل
النيابة الأستاذ جمال الدين عبد اللطيف هو الذي انتقل فور إبلاغه بالحادث في 25/ 8/
1953 وأثبت في محضره أنه فض العلبة التي قدمها إليه المأمور في حضور الطاعن ووجد بداخلها
ورقة من السيلوفان الأبيض، وبداخلها قطعة داكنة اللون يشتبه في أن تكون حشيشاً، ثم
أثبت أنه أعاد غلق العلبة وسلمها للمأمور ليحتفظ بها حتى الصباح لعدم وجود الأدوات
اللازمة لتحريزها، وفي صباح اليوم التالي فتح المحضر بمعرفة وكيل النيابة الأستاذ مصطفى،
وقدم إليه معاون المباحث علبة كرتون طبية عليها وزن 67 جراماً وبداخلها مخدر قام بتحريزها
بحضور الطاعن وفي يوم 2 من سبتمبر سنة 1953 أثبت وكيل النيابة الأستاذ السيد علي يوسف
أن الحرز أعيد من الطبيب الشرعي لفض الختم وإعادة ختمه بأختام واضحة مقروءة، فاستحضر
المتهم وعاين الحرز في حضوره فوجده عبارة عن علبة كرتون مكتوباً عليها 67 جراماً ضبط
في الجناية 2019 سنة 1953 بندر المنيا مع المتهم عبد الحكيم عبد الحليم حزين ومختوم
عليه بالشمع الأسود بخاتم السيد جمال الدين عبد اللطيف وكيل النيابة في 26/ 8/ 1953
وفض الحرز وأعاد ختمه بثلاثة أختام بختمه في حضور المتهم ومحاميه الأستاذ موريس ميخائيل
– الأمر الذي يتضح منه أن وكيل النيابة الذي حرز الحشيش المضبوط بختمه هو نفسه الذي
شاهده في ليلة الحادث، ومن ثم فلا محل لما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من خطأ
في الإسناد – لما كان ذلك، وكان قانون الإجراءات لم يرتب البطلان على عدم مراعاة ما
نصت عليه المادة 55 وما بعدها في خصوص تحريز المضبوطات المتعلقة بالجريمة، مما يجعل
الأمر فيها راجعاً إلى تقدير محكمة الموضوع لسلامة الإجراءات التي اتخذها مأمور الضبطية
القضائية – وكان الحكم المطعون فيه قد أورد أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى اقتناعه
بسلامة هذه الإجراءات فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد على الحكم لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث من التقرير المقدم من الأستاذة مفيدة عبد الرحمن هو أن الحكم
المطعون فيه شابه إخلال بحق الطاعن في الدفاع، إذ طلب ضم قضية الاختلاس المتهم فيها
والتي أصدر بشأنها وكيل النيابة المحقق إذناً بالتفتيش ولكن المحكمة لم تجب هذا الطلب،
ولم تبين سبب رفضه.
ومن حيث إنه يبين من محضر جلسة المحاكمة، ومن تقرير أسباب الطعن أن الدفاع عن الطاعن
طلب ضم قضية الاختلاس المتهم فيها لأن الإذن بتفتيش منزله صدر بمناسبة التحقيق فيها
– ولما كان يشترط لكي تكون محكمة الموضوع ملزمة بالإجابة صراحة على طلب يقدم إليها
حتى ولو كان من الطلبات الأصلية أن يكون هذا الطلب ظاهر التعلق بموضوع القضية المنظورة
أمامها، أي أن يكون الفصل فيه لازماً للفصل في الموضوع ذاته، ومن غير ذلك يجوز لها
أن تلتفت إلى الطلب ولا ترد عليه، وبذلك تكون قد رفضته ضمناً – لما كان ذلك وكان الطاعن
لا ينازع في صدور إذن تفتيش منزله أو على محتويات هذا الإذن أو المناسبة التي دعت إلى
هذا الإجراء، فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إخلال بحق الدفاع لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجهين الثامن والتاسع من التقرير المقدم من الأستاذ محمد فهمي فرغلي
هو أن الحكم المطعون فيه شابه قصور في التسبيب وخطأ في تكييف الواقعة إذ لم يستظهر
ركن الإحراز مع أهميته في ظروف هذه الدعوى ولما تبين من أن التفتيش حصل في وقت لم يكن
للطاعن فيه سيطرة فعلية على داره لوجوده في السجن ولغياب عائلته، وفي وقت كان يمكن
فيه لأعدائه أن يدسوا المخدر له هذا إلى أن المحكمة قد عولت في الحكم بإدانة الطاعن
إلى ما قيل في اعترافه أمام بعض رجال البوليس الأمر غير المعقول والذي نفاه بعض رجال
البوليس الآخرين.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه أركان الجريمة التي دان
الطاعن بها وأورد الأدلة التي استند إليها والتي من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها
– ولما كان للمحكمة أن تأخذ من أدلة الدعوى بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه مما لا تطمئن
إليه، وهي غير ملزمة بتعقب كل دفاع يثيره المتهم ما دام الرد عليه مستفاداً من القضاء
بالإدانة للأدلة التي أوردتها في حكمها – لما كان ذلك، وكان تقدير قيمة الاعتراف كدليل
إثبات في الدعوى من شأن محكمة الموضوع، فلا حرج عليها إن أخذت به ولو عدل المتهم عنه
فيما بعد، ما دامت قد اطمأنت إلى صحته، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الوجه لا يعدو أن
يكون جدلاً في موضوع الدعوى وتقدير الأدلة فيها ومبلغ اقتناع المحكمة بها مما لا تجوز
إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن برمته على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
