الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 80 سنة 26 ق – جلسة 02 /04 /1956 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 7 – صـ 464

جلسة 2 من إبريل سنة 1956

برياسة السيد وكيل المحكمة مصطفى فاضل، وحضور السادة مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد حسنين، وفهيم يسي الجندي – المستشارين.


القضية رقم 80 سنة 26 القضائية

مسئولية مدنية. التضامن فيها. أساس ذلك.
أساس المسئولية المدنية القضائية هو مجرد تطابق الإرادات ولو فجأة وبغير تدبير سابق، ويكفي فيها أن تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى إرادة كل مع إرادة الآخرين على إيقاعه ولا يؤثر في قيام هذه المسئولية التضامنية قبل المتهمين عدم ثبوت اتفاق سابق بينهم وبين الآخرين الذين ساهموا في ارتكاب الجريمة.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من: 1 – أحمد محمد علوي شلتوت و2 – عبد العزيز محمد علوي شلتوت "الطاعنين" و3 – فهيم إبراهيم شلتوت و4 – محمد إبراهيم حبيب و5 – حبيب إبراهيم حبيب جليلة و6 – عبد المجيد إبراهيم. و7 – محمد محمد إبراهيم حبيب و8 – أحمد محمد إبراهيم حبيب و9 – هلال علي هلال و10 – محمد إبراهيم عبد الله شلتوت بأنهم المتهمون الثلاثة الأول ضربوا عمداً إبراهيم محمد إبراهيم حبيب فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصدوا من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. المتهم الرابع: محمد إبراهيم حبيب ضرب عمداً المتهم الثاني عبد العزيز محمد علوي شلتوت على أصبعه الوسطى ليده اليمنى فأحدث به الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تخلفت لديه بسببها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هي فقد السلامية الظفرية ومعظم السلامية الوسطى لنفس الأصبع مما يقلل من كفاءته على العمل بما يقدر بحوالي 6% المتهمون الخامس والسادس والسابع والثامن: ضربوا عمداً المتهم الأول والثاني فأحدثوا بهما الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والمتهمان التاسع والعاشر: ضربا عمداً المتهم السابع فأحدثا به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. والمتهمان الأول والثاني أيضاً: ضربا هانم محمد إبراهيم حبيب فأحدثا بها الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي تقرر لعلاجها مدة لا تزيد على عشرين يوماً. وطلبت إلى قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 236/ 1 و240/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات فصدر الأمر بذلك. وقد ادعى كل من أمينة محمد شلتوت ومحمد إبراهيم حبيب بحق مدني قبل المتهمين الثلاثة الأول وطلبا القضاء لهما عليهم متضامنين بمبلغ 1000 جنيه بصفة تعويض كما ادعى عبد العزيز محمد علوي بحق مدني قبل باقي المتهمين عدا العاشر وطلب القضاء له عليهم متضامنين بمبلغ 500 جنيه بصفة تعويض. ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمادة 242/ 1 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 32/ 2 من نفس القانون والمادتين 304 و381 من قانون الإجراءات الجنائية (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول محمد محمد علوي شلتوت بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن تهمتي ضرب إبراهيم محمد إبراهيم حبيب وهانم محمد إبراهيم حبيب. (ثانياً) وبمعاقبة المتهم الثاني عبد العزيز محمد علوي شلتوت بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة عن تهمتي ضرب إبراهيم محمد إبراهيم حبيب وعبد المجيد إبراهيم حبيب وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا لأمينة محمد شلتوت ومحمد إبراهيم حبيب على سبيل التعويض مبلغ 700 جنيه مصري مع المصاريف المدنية المناسبة و1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة (ثالثاً) ببراءة فهيم إبراهيم شلتوت مما أسند إليه ورفض الدعوى المدنية قبله (رابعاً) ببراءة محمد إبراهيم حبيب المتهم الرابع من تهمة إحداث العاهة وبراءة كل من المتهمين الخامس والسادس والسابع والثامن من تهمة ضربهم عبد العزيز محمد علوي ورفض الدعوى المدنية قبلهم جميعاً وألزمت رافعها بالمصاريف (خامساً) بمعاقبة كل من حبيب إبراهيم حبيب جليلة المتهم الخامس وعبد المجيد إبراهيم حبيب المتهم السادس بالحبس مع الشغل لمدة ثلاثة شهور عن تهمة ضربهما أحمد محمد علوي شلتوت (سادساً) براءة باقي المتهمين مما أسند إليهم وأعفتهم جميعاً من المصاريف الجنائية.
فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

… وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب إذ لم ترد المحكمة على ما تمسك به الطاعنان في دفاعهما من أن شهود الإثبات جميعاً من أقارب المجني عليه وأخذت بأقوالهم في القضاء بإدانة الطاعنين مع أنها أطرحتها بالنسبة لمتهم آخر لنفس السبب وأخذت بأقوال والد المجني عليه إبراهيم محمد إبراهيم حبيب برؤيته للمتهمين وقت ارتكاب الحادث مع أنها غير معقولة إذ لو كانت رواية صحيحة لاستعان بأهله وخدمه في إنقاذ ابنه من الضرب – ولم ترد المحكمة أيضاً على ما تمسك به الدفاع من ثبوت كذب هذا الشاهد في الاتهام الذي وجهه إلى أحمد عبد المطلب شلتوت وصرفت النيابة العمومية النظر عنه – كما أغفلت الرد على ما تمسك به الدفاع من تناقض في أقوال شهود الإثبات – هذا إلى أنها قد جزأت أقوال هؤلاء الشهود فأخذت بجزء منها وأطرحت الجزء الآخر من غير أن تبين العلة في ذلك وأخذت بأقوال هانم في القضاء بإدانة الطاعن الأول وأطرحتها في شأن الطاعن الثاني ويضيف الطاعنان أن الحكم قرر أن بلاغي الحادث قدما في وقت واحد استناداً إلى أدلة لا تؤدي إلى ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما يتوافر فيه أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها – واستند في ذلك إلى الأدلة التي أوردها ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها – وأطرح دفاع الطاعنين للاعتبارات السائغة التي ذكرها – لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تأخذ من أدلة الدعوى بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه ما دام تقدير الدليل موكولاً إليها – وكان لها أن تجزئ أقوال الشاهد فتأخذ بشطر منها وتعرض عن شطر آخر كما لها أن تأخذ بأقواله بالنسبة لمتهم وتطرحها بالنسبة لأخر إذ الأمر مرجعه إلى ما تقتنع هي به وتطمئن إليه. وكان التناقض في أقوال الشهود لا يعيب الحكم ما دام أنه استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً – ولما كانت صلة القرابة أو المصاهرة بين شاهد والمجني عليه لا تمنع المحكمة من الأخذ بشهادة الشاهد متى كانت قد اطمأنت إليها – لما كان ما تقدم فإن ما يثيره الطاعنان لا يعدو أن يكون جدلاً في واقعة الدعوى وتقدير الأدلة فيها مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن مبنى الوجه الثاني من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ ألزمت المحكمة الطاعنين بأن يدفعا لورثة المجني عليه تعويضاً لهم عن الضرر الناشئ عن وفاته مع أنها دانتهما بجريمة الضرب البسيط – ذلك لأن المسئولية المدنية إنما تتبع المسئولية الجنائية وجوداً وعدماً. ولأن التعويض يقدر بقدر الضرر الذي أحدثه المتهم المجني عليه – وأخيراً لأنه لا يمكن القول بوجود توافق إرادي بين المتهمين ما دامت المحكمة قد نفت عن الطاعنين مساهمتهما في الضرب الذي أفضى إلى الموت وإدانتهما بجريمة الضرب البسيط.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تحدث عن الدعوى المدنية فقال "وحيث إنه فيما يختص بالدعوى المدنية الموجهة من محمد إبراهيم حبيب وأمينة محمد شلتوت قبل المتهمين الثلاثة الأولين فهي في محلها بالنسبة للمتهمين الأول والثاني لثبوت تهمة ضرب المجني عليه الأول قبلهما للأسباب السابق بيانها – وهذه المسئولية الجنائية وإن وقفت بالنسبة لهما عند حد الضرب البسيط إلا أن هذا لا يقلل من شأن مسئوليتهما المدنية الكاملة في خصوص التعويض المحكوم به لأن إرادتهما قد توافقت مع إرادة الغير ممن اشترك في الحادث في الاعتداء على المجني عليه ممن يجعلهما مسئولين عن التعويض برمته. وتقدر المحكمة التعويض الذي لحق بالمدعيين بالحق المدني عن فقد ولدهما وعائلهما وما حز في نفوسهما من حزن وألم بسبب ذلك تقدر المحكمة مبلغ 700 جنيه" وتحدث عن مسئولية الطاعن الجنائية فقال "ومن حيث إنه فيما يختص بالمتهمين الأول والثاني "الطاعنين" فواقعة اعتدائهما على المجني عليه إبراهيم محمد إبراهيم بالضرب ثابتة ثبوتاً كافياً من أقوال الشهود هانم محمد أحمد حبيب ومحمد علي عامر ومحروس عبد الله ناجي وإبراهيم علي عمار التي تطمئن المحكمة إليها كل الاطمئنان وتعتقد صحتها وتأخذها أساساً لقضائها في الدعوى وقد تأيدت هذه الأقوال بالإصابات التي شوهدت بكل منهما والتي تقطع باشتراكهما في الحادث والاعتداء على المجني عليه فعلاً كما ساهم غيرهما معهما في ارتكاب الجريمة مثل عباس شلتوت أخيهما على القليل على ما جاء بأقوال الشهود جميعاً".
"ومن حيث إن التحقيقات لم توصل لمعرفة شخصية الضارب للمجني عليه الضربات التي شوهدت بالرأس والتي أدت إلى وفاته وقد قصرت شهادة شهود الإثبات جميعاً عن تحديد الضربات التي أحدثها كل من المتهمين المذكورين فلا يمكن مؤاخذتهما إلا في حدود القدر المتيقن في حقهما وهو الضرب البسيط الذي لا يعجز عن العمل أكثر من عشرين يوماً الأمر المنطبق على المادة 242/ 1 من قانون العقوبات" – ولما كان فيما أورده الحكم المطعون فيه ما يكفي لإثبات اتحاد الفكرة وتطابق الإرادات لدى الطاعنين وغيرهم على ضرب المجني عليه – وقد أفضى الضرب إلى موته – وكان أساس المسئولية المدنية هو مجرد تطابق الإرادات ولو فجأة وبغير تدبير سابق – ويكفي فيها أن تتوارد الخواطر على الاعتداء وتتلاقى إرادة كل مع إرادة الآخرين على إيقاعه – ولما كان لا يؤثر في قيام هذه المسئولية التضامنية قبل الطاعنين عدم ثبوت اتفاق سابق بينهما وبين الآخرين الذين ساهموا في ارتكاب الجريمة – ذلك لأن هذا الاتفاق إنما تقضيه في الأصل المسئولية الجنائية عن فعل الغير – وهو ما كان موضع اعتبار الحكم فأخذت الطاعنين بالقدر المتيقن وعاقبتهما بعقوبة الجنحة – وألزمتهما متضامنين بالتعويض المدني عن وفاة المجني عليه – لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه يكون صحيحاً في القانون ويكون ما أثاره الطاعنان في هذا الصدد على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات