الطعن رقم 18 سنة 26 ق – جلسة 27 /03 /1956
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 7 – صـ 451
جلسة 27 من مارس سنة 1956
برياسة السيد مصطفى فاضل – وكيل المحكمة، وبحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمد محمد حسنين، والسيد أحمد عفيفي – المستشارين.
القضية رقم 18 سنة 26 القضائية
( أ ) أسباب الإباحة وموانع العقاب. حق الدفاع الشرعي عن النفس.
شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره.
(ب) إجراءات. محكمة الجنايات. دفاع. فصل الجنحة عن الجناية. واجب المحكمة في أن تحقق
الواقعة برمتها بما فيها واقعة الجنحة على الوجه الذي يكفل استيفاء دفاع المتهم.
1 – حق الدفاع الشرعي عن النفس شرع لرد أي اعتداء على نفس المدافع أو على نفس غيره.
2 – فصل تهمة الجنحة المسندة إلى متهمين آخرين عن الجناية المسندة إلى الطاعن ليس من
شأنه أن يحول دون تحقيق الدعوى برمتها بما فيه واقعة الجنحة التي فصلت على الوجه الذي
يكفل استيفاء دفاع الطاعن، ومن حق المحكمة بل من واجبها أن تعرض لها بوصفها عنصراً
من عناصر الأدلة المعروضة عليها في صدد دفاع الطاعن لتقول كلمتها في حقيقته بما لا
يتجاوز حاجيات الدعوى المطلوب من المحكمة الفصل فيها ولا خصوصياتها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن: بأنه أولاً – ضرب عمداً علي معوض عبد الله على رأسه فأحدث به الإصابة المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتله ولكن الضرب أفضى إلى موته. وثانياً: ضرب عمداً حسن معوض عبد الله ضرباً لم يترك به أثراً. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالته على محكمة الجنايات لمعاقبته بالمادتين 236/ 1 و242/ 2 من قانون العقوبات فقررت بذلك وقد ادعى بحق مدني كل من 1 – معوض عبد الله البسيوني و2 – صابحة السيد قاسم. وطلبا القضاء لهما قبل المتهم بمبلغ خمسمائة جنيه تعويضاً. نظرت محكمة جنايات المنصورة هذه الدعوى ثم قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام مع تطبيق المادة 32 من قانون العقوبات بمعاقبة أبو صالح عبد الجواد محمد بالسجن لمدة أربع سنوات وبإلزامه أن يدفع للمدعيين بالحق المدني معوض عبد الله وصابحه السيد قاسم مبلغ ثلاثمائة جنيه والمصروفات المدنية المناسبة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإدانته
في التهمتين المسندتين إليه، قد شابه قصور في التسبيب وفساد في التدليل. ذلك بأن الطاعن
تمسك بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن أخيه وعن نفسه إذ اعتدى المجني عليه وأخواه على
أخي الطاعن "رياض عبد الجواد" وهي الواقعة التي استدعت قدوم الطاعن لمحل الحادث لإنقاذ
أخيه، وقد تأيد هذا الدفاع بوجود إصابات رضية استلزم علاجها مدة تقل عن عشرين يوماً
كما قدم أخوا المجني عليه (حسن معوض عبد الله وعبد الله معوض عبد الله) في القضية ذاتها
إلى المحاكمة بتهمة ضرب رياض عبد الجواد، وهي التهمة التي قررت المحكمة فصلها عن تهمتي
الجناية والجنحة المسندتين إلى الطاعن – ولكن المحكمة صورت الواقعة على أنها حادث فردي
لم يصب فيه غير المجني عليه الذي ابتدره الطاعن بالاعتداء على خلاف ما جاء بأقوال شاهدي
المجني عليه نفسه وهما عبد الجبار أو العينين المرشدي وعبد السلام عبد المقصود بالجلسة
اللذان أكدا هذه الظروف جميعها وأبرزا واقعة اعتداء المجني عليه على الطاعن عند مقابلته
له وهو قادم لمحل الحادث لإنقاذ أخيه، ولم يتحدث الحكم عن دفاع الطاعن إلا في شقه الخاص
بالدفاع الشرعي عن نفسه ملتفتاً عن الشق الآخر الخاص بالدفاع عن نفس أخيه – فجاء الحكم
معيباً من ناحيتين بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من محضر الجلسة أن المدافع عن الطاعن دفع أمام المحكمة بأن الطاعن كان
في حالة دفاع شرعي عن أخيه وعن نفسه ولكن الحكم المطعون فيه قضى عليه بالعقوبة ولم
يتحدث بشيء بشأن دفاع الطاعن عن أخيه وقال في صدد نفي حالة الدفاع الشرعي عن نفسه ما
يأتي: "وحيث إنه لما تقدم جميعه تطمئن المحكمة إلى شهادة الشهود الذين شهدوا بأن المجني
عليه علي معوض عبد الله حين أقبل من البلد إلى الحقل على صوت استغاثة أخيه حسن معوض
عبد الله خرج له المتهم أبو صالح عبد الجواد محمد من دواره يحمل عصا غليظة وابتدره
بالعدوان وهوى بتلك العصا على رأسه بدون مبرر وبدون أن يكون قد صدر من المجني عليه
أو ممن حضروا معه من البلد إلى مكان الحادث ما يدعو المتهم للعدوان عليه أو ما يثير
التخوف في نفسه وإنما كان المتهم هو المبتدئ بالعدوان على المجني عليه مما يبين منه
على جلاء أن المتهم لم يكن في حالة دفاع شرعي تلك الحالة التي لا تقوم إلا بضرورة يقتضيها
الدفاع عن النفس أو المال وهو ما لم يتوافر في هذه الدعوى". لما كان ذلك وكان يبين
من محضر الجلسة أن ما قالته المحكمة بشأن شهادة عبد الجبار أبو العينين وعبد السلام
عبد المقصود اللذين أشار إليهما الطاعن في طعنه، يخالف الثابت في الأوراق إذ قرر المذكوران
بما يتفق ودفاع الطاعن من اعتداء المجني عليه وأخوته على أخي الطاعن فلما أن قدم الطاعن
لمحل الحادث على استغاثة أخيه بادره المجني عليه بالضرب. لما كان ذلك وكانت المحكمة
قد اعتمدت في ثبوت الحقيقة التي قالت بها على ما اجتزأته من أقوالهما على خلاف صريح
مؤداهما – كما أغفلت بحث واقعة من الوقائع التي تتصل بتوافر حالة الدفاع الشرعي التي
يتمسك بها الطاعن وهي واقعة الاعتداء على أخيه وبيان الصلة بين الاعتداء على أخيه وما
أسند إلى الطاعن من اعتداء. ولما كان حق الدفاع الشرعي عن النفس قد شرع لرد أي اعتداء
على نفس المدافع أو على نفس غيره، وكان فصل تهمة الجنحة المسندة إلى المتهمين الأخيرين
عن الجناية المسندة إلى الطاعن ليس من شأنه أن يحول دون تحقيق الدعوى برمتها بما فيه
واقعة الجنحة التي فصلت على الوجه الذي يكفل استيفاء دفاع الطاعن، ومن حق المحكمة بل
من واجبها أن تعرض لها بوصفها عنصراً من عناصر الأدلة المعروضة عليها في صدد الحالة
التي يدعيها الطاعن لتقول كلمتها في حقيقتها بما لا يتجاوز حاجيات الدعوى المطلوب من
المحكمة الفصل فيها ولا خصوصياتها – لما كان ذلك جميعه، فإن الحكم المطعون فيه يكون
قاصراً متعيناً نقضه.
