الطعن رقم 704 سنة 25 ق – جلسة 20 /03 /1956
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 7 – صـ 400
جلسة 20 من مارس سنة 1956
برياسة السيد حسن داود – المستشار، وبحضور السادة محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين – المستشارين.
القضية رقم 704 سنة 25 القضائية
( أ ) اختصاص. محكمة الاستئناف. دعوى كسب غير مشروع. تقديمها إلى
إحدى دوائر محكمة الاستئناف. ثبوت أن هذه الدائرة هي من دوائر الجنايات طبقاً لكشف
توزيع العمل. هذا لا يمنع من ولايتها بنظر الدعوى.
(ب) اختصاص. كسب غير مشروع. المحكمة المختصة محلياً بنظر دعوى الكسب غير المشروع. هي
محكمة الاستئناف الكائن بدائرتها محل عمل الشخص المرفوعة عليه الدعوى. مكان انعقاد
جلسات محكمة الاستئناف المذكورة. لا يؤثر ما دامت قد انعقدت في المدينة التي بها مقرها.
1 – متى تبين أن لجنة فحص الإقرارات والشكاوي قررت قيد الأوراق مادة كسب غير مشروع
بالمرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 المعدل بالقانونين رقم 191 لسنة 1952 ورقم 180 لسنة
1953 وبإقامة الدعوى الجنائية ضد المتهم أمام محكمة استئناف القاهرة فأمر رئيس هذه
المحكمة بتقديم القضية إلى إحدى دوائرها مشكلة من ثلاثة مستشارين، فإنها تكون صاحبة
الولاية بنظر الدعوى ولا يغير من ذلك أن هذه الدائرة هي أصلاً إحدى محاكم الجنايات
طبقاً لكشف توزيع العمل الذي أقرته الجمعية العمومية لمستشاري محكمة استئناف القاهرة.
2 – متى كان المتهم في دعوى الكسب غير المشروع يعمل بمصلحة الأملاك بمدينة القاهرة
فإن محكمة استئناف القاهرة تكون وحدها هي المختصة بنظر الدعوى، وما دامت قد انعقدت
فعلاً في مقر المحكمة وهو مدينة القاهرة فإنه لا يؤثر على سلامة هذا الإجراء أن تكون
قد عقدت جلساتها في بناء محكمة القاهرة الابتدائية بدلاً من دار القضاء العالي.
الوقائع
أقامت لجنة فحص الإقرارات المنصوص عليها بالمادة الثامنة من المرسوم
بقانون رقم 131 لسنة 1952 هذه الدعوى على الطاعن بمقتضى السلطة المخولة لها في المادة
العاشرة من هذا المرسوم بقانون متهمة إياه بأنه في خلال المدة من عام 1939 حتى آخر
عام 1951 وأثناء عمله بالتفاتيش الزراعية التابعة لمصلحة الأملاك الأميرية حصل على
كسب غير مشروع مقداره 4320 جنيهاً و571 مليماً عجز عن إثبات مصدره حالة كونه موظفاً
عاماً. وطلبت إحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمحاكمته بالمواد 1 و5 و7 و10 و12 و16
و23 من المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952 المعدل بالمرسومين بقانون رقم 191 لسنة 1952
ورقم 180 لسنة 1953. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 7 و16 من المرسوم
بقانون رقم 131 لسنة 1952 المعدل بالمرسومين بقانون رقم 191 لسنة 1952 ورقم 180 لسنة
1953 بإلزام محمد أحمد أحمد عوض بأن يرد لخزانة الدولة كسبه غير المشروع البالغ قدره
4320 جنيهاً و571 مليماً (أربعة آلاف وثلاثمائة وعشرين جنيهاً وخمسمائة وواحدا وسبعين
مليماً).
فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن مبنى الوجهين الأول والثالث من الطعن هو بطلان الحكم
المطعون فيه لصدوره من محكمة جنايات القاهرة التي لا ولاية لها بنظر قضايا الكسب غير
المشروع مخالفاً بذلك ما تقضي به المادة 7 من القانون رقم 131 لسنة 1952 والتي تنص
على "أن تحكم بالرد محكمة الاستئناف وتتبع الإجراءات المقررة لمحاكم الجنايات في مواد
الجنايات في رفع الدعوى ونظرها والحكم فيها بما لا يتعارض مع الإجراءات المنصوص عليها
في هذا القانون – وتعقد المحكمة جلساتها في مقر محكمة الاستئناف الواقع في دائرة اختصاصها
محل عمل الشخص المرفوع عليه الدعوى – ويجوز لها أن تنعقد في أي مكان آخر يعين بقرار
منها" – وهو ما يبين منه أن المشرع قصد أن تختص محكمة الاستئناف لا محكمة الجنايات
بقضايا الكسب الغير مشروع وذلك لأن المصادرة المقررة بقانون الكسب الغير مشروع هي من
قبيل الرد فآثر المشرع أن يكل الحكم في موضوعها إلى محكمة مدنية لا إلى محكمة جنائية
وإن كان قد ترك الفصل في الطعن بطريق النقض للدائرة الجنائية. هذا ولما كانت النيابة
العمومية قد عدلت بالجلسة التاريخ الذي وقع فيه الحادث فجعلته – "في المدة من سنة 1939
لآخر سنة 1951 وأثناء عمله بالتفاتيش الزراعية التابعة لمصلحة الأملاك الأميرية" وكانت
التفاتيش الزراعية التي عمل بها الطاعن تابعة في الاختصاص لمحكمة استئناف المنصورة
فإن هذه المحكمة تكون هي المختصة بنظر الدعوى – يضاف إلى ذلك أن محكمة الجنايات عقدت
جلساتها بمقر محكمة القاهرة الابتدائية فخالفت بذلك المادة 7 من القانون رقم 131 لسنة
1952 السابق الإشارة إليها والتي تقضي بأن تعقد المحكمة جلساتها في مقر محكمة الاستئناف
الواقع في دائرة اختصاصها محل عمل الشخص المرفوع ضده الدعوى.
وحيث إنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 7 من المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952
تنص على "أن تحكم بالرد محكمة الاستئناف وتتبع الإجراءات المقررة لمحاكم الجنايات في
مواد الجنايات في رفع الدعوى ونظرها والحكم فيها" كما تنص المادة 3 من قانون نظام القضاء
على أن "تؤلف محكمة الاستئناف من رئيس ووكيل وعدد كاف من المستشارين وتصدر الأحكام
من ثلاثة مستشارين" والمادة 4 منه على "أن تشكل في كل محكمة استئناف محكمة أو أكثر
للجنايات وتؤلف كل منها من ثلاثة مستشارين" – وكان يبين من المفردات التي أمرت المحكمة
بضمها أن لجنة فحص الإقرارات والشكاوي أصدرت في 29/ 4/ 1954 قراراً بقيد الأوراق مادة
كسب غير مشروع بالمواد 1 و5 و7 و10 و12 و16 و23 من المرسوم بقانون رقم 131 لسنة 1952
المعدل بالقانون رقم 191 لسنة 1952 ورقم 180 لسنة 1953 وبإقامة الدعوى العمومية ضد
الطاعن أمام محكمة استئناف القاهرة وبإرسال الأوراق للنيابة العامة لإعلانه بالحضور
أمام المحكمة في أقرب جلسة لمباشرة الدعوى. وعرضت الأوراق على رئيس محكمة استئناف القاهرة
في أول يوليه سنة 1954 فأمر بتقديم القضية لجلسة في دور أكتوبر أمام الدائرة التي يرأسها
الزميل محمود عبد الرازق" – لما كان ذلك وكانت الدائرة التي أمر رئيس المحكمة بتقديم
القضية إليها بنظرها هي دائرة من دوائر محكمة استئناف القاهرة ومشكلة من ثلاثة مستشارين
فإنها تكون صاحبة الولاية بنظر الدعوى ويكون الأمر الذي أصدره رئيس المحكمة بتقديم
القضية إليها صحيحاً في القانون – ولا يغير من ذلك أن هذه الدائرة هي أصلاً إحدى محاكم
الجنايات طبقاً لكشف توزيع العمل الذي أقرته الجمعية العمومية لمستشاري محكمة استئناف
القاهرة لأن هذا لا يغير من حقيقة الأمر الواقع وهو أنها دائرة من دوائر محكمة استئناف
القاهرة – وتؤلف من ثلاثة من مستشاريها طبقاً لنص المادة الرابعة من قانون نظام القضاء
السابق الإشارة إليها.
وحيث إنه لما كانت الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون رقم 131 لسنة 1952
سالفة الذكر تنص على أن تعقد المحكمة جلساتها في مقر محكمة الاستئناف الواقع في دائرة
اختصاصها محل عمل الشخص المرفوع عليه الدعوى وكان يبين من الأوراق أن لجنة فحص الإقرارات
والشكاوي أصدرت قراراتها ضد الطاعن محمد أحمد أحمد عوض مدير التحصيلات المساعد بمصلحة
الأملاك الأميرية سابقاً – لما كان ذلك وكان الاختصاص المكاني لمحكمة الاستئناف التي
تقدم القضية إليها يتحدد بمحل عمل الشخص المرفوع عليه الدعوى وكان عمل الطاعن الأخير
بمصلحة الأملاك بمدينة القاهرة فإن محكمة استئناف القاهرة تكون وحدها هي المختصة بنظر
الدعوى – لما كان ما تقدم وكانت المادة 3 من قانون نظام القضاء تنص على أن يكون مقر
محاكم الاستئناف في القاهرة والإسكندرية وطنطا والمنصورة وأسيوط – وكانت المحكمة التي
أصدرت الحكم المطعون فيه قد عقدت جلساتها بمدينة القاهرة فإنه لا يؤثر على سلامة هذا
الإجراء أن تكون المحكمة قد عقدت جلساتها في بناء محكمة القاهرة الابتدائية بدلاً من
دار القضاء العالي ما دامت قد انعقدت فعلاً في مقر المحكمة وهو مدينة القاهرة.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون ما أثاره الطاعن عن عدم ولاية المحكمة التي شكلت لنظر
الدعوى أو عدم اختصاصها بالنسبة للمكان أو عدم اتباع الإجراء المنصوص عليه لمكان عقد
جلساتها – كل ذلك لا يكون له محل ويتعين رفضه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه ما جاء في الوجه الأخير من الطعن من
أن الحكم جاء قاصر البيان في الرد على دفاع الطاعن والأدلة التي ساقها لإثبات مصدر
الكسب إذ اقتصر الحكم على القول "بأن ما أثاره المتهم في دفاعه وضمنه مذكرته المقدمة
بعد حجز القضية للحكم ليس إلا ترديداً لما أبداه من قبل أمام الخبراء وفي التحقيقات
وفي ذلك تؤيد المحكم ما ذهب إليه الخبراء ومن بعدهم لجنة فحص الإقرارات في الرد عليه
وعلى العقود التي تجلت صوريتها" فأحال الحكم على تقارير الخبراء من غير أن يذكر محصل
ما جاء فيها مع أن هذه التقارير مترددة ومختلفة وليس فيها ما يقطع بشيء كما اكتفى الحكم
بمجرد الإيماء إلى دفاع الطاعن بغير بيان ومن غير أن يتكلف إيراد مضمون هذا الدفاع
ولو على الجملة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين تعرض للرد على دفاع الطاعن قال "وحيث إن ما أثاره المتهم
في دفاعه وضمنه مذكرته المقدمة بعد حجز القضية للحكم بشأن نشاطه التجاري في عمليات
القطن والأرز والكسب والسماد وبذور البرسيم والأطيان المستأجرة وقروضه في غير ما سلف
ذكره ليس إلا ترداداً لما أبداه من قبل أمام الخبراء في التحقيقات – وفي ذلك تؤيد المحكمة
ما ذهب إليه الخبراء ومن بعدهم لجنة فحص الإقرارات في الرد عليه وعلى تحدي تقدير الريع
لأرض المتهم وزوجته والعقود التي تجلت صوريتها". ولما كان الحكم قد أشار إلى دفاع الطاعن
في المذكرة المقدمة ضده بعد حجز القضية للحكم دون أن يورد مضمونه وأحال في الرد عليه
على ما جاء بتقرير الخبراء وتقرير لجنة الفحص من غير أن يذكر مؤداهما – فحجبت المحكمة
بذلك نفسها عن تمحيص الدفاع الذي أبداه أمامها – لما كان ذلك وكان الإثبات في المواد
الجنائية إنما يقوم على إقناع القاضي نفسه بناء على ما يجريه في الدعوى من التحقيق
بحيث لا يجوز له أن يؤسس حكمه على رأي غيره – وكان واجباً على المحكمة متى قضت بالإدانة
أن تعني ببيان الأدلة التي أقامت عليها قضاءها مفصلة واضحة – لما كان ما تقدم فإن الحكم
المطعون فيه يكون فاسد الاستدلال قاصر البيان قصوراً يعيبه بما يستوجب نقضه من غير
ما حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
