الطعن رقم 24 سنة 26 ق – جلسة 06 /03 /1956
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 7 – صـ 312
جلسة 6 من مارس سنة 1956
برياسة السيد مصطفى فاضل – وكيل المحكمة، وبحضور السادة: محمود إبراهيم إسماعيل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى الجندي، والسيد أحمد عفيفي – المستشارين.
القضية رقم 24 سنة 26 القضائية
حكم. بياناته. بيان سن المتهم وصناعته وسكنه. الغرض منه. متى لا
يكون إغفاله مؤثراً في الحكم؟
الغرض من ذكر البيانات الخاصة بسن المتهم وصناعته وسكنه بالحكم أو بمحضر الجلسة هو
التحقق من أنه هو الشخص الذي رفعت عليه الدعوى العمومية وجرت محاكمته فإذا ما تحقق
هذا الغرض بذكر اسم المتهم ولقبه وكان المتهم لا ينازع في أنه هو الشخص المطلوب محاكمته
ولم يدع أنه من المجرمين الأحداث الذين لسنهم تأثير في مسئوليتهم أو عقابهم، فإن إغفال
هذا البيان لا يصح أن يكون سبباً في بطلان الحكم.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: شرع في قتل سعد عوده سعد عمداً بأن ضربه بآلة حادة (شرشرة) قاصداً قتله فأحدث به جرحاً طعنياً بالظهر نافذاً لتجويف الصدر الأيسر وجروحاً أخرى مبينة بالتقرير الطبي الشرعي وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجني عليه بالعلاج. وطبت إلى غرفة الاتهام إحالته إلى محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 45 و46 و234/ 1 عقوبات. فقررت الغرفة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للمواد سالفة الذكر. سمعت محكمة جنايات المنيا هذه الدعوى وقضت حضورياً بالمواد 45 و46 و234/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة حمدان مبارك راشد بالأشغال الشاقة لمدة سبع سنين بلا مصاريف جنائية. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
… وحيث إن الطاعن يأخذ على الحكم المطعون فيه القصور في البيان،
ويقول إنه أبدى للمحكمة أن إصابة المجني عليه النافذة حدثت من سقوطه على شرشرة، وإنه
كان في حالة دفاع شرعي عن ماله، غير أن المحكمة ردت على ذلك رداً قاصراً لا يتلاءم
مع الكشف الطبي ولا يبين منه هل اعتبرت المحكمة الدابة التي حصل عليها النزاع للمتهم
أو للمجني عليه، وفضلاً عن ذلك فقد خلا الحكم ومحضر الجلسة من بيان سن المتهم وصناعته
وسكنه وهي بيانات جوهرية أوجب القانون ذكرها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فيما قاله من أن المجني عليه سعد عوده
سعد سرقت دابته من أسبوع سابق على الحادث ووجه شبهته إلى حمدان مبارك راشد المتهم (الطاعن)
وكان من نتيجة اتهامه إياه أنه استولى على دابة المتهم وذهب بها إلى منزل شيخ القبيلة
علي سليمان طالباً الاحتفاظ بها عنده حتى يرد له المتهم دابته التي سرقها وتدخل شيخ
القبيلة في الأمر وعرض على المتهم أن يحلف اليمين في مجلس عرفي فقبل المتهم وتحدد يوم
للحلف وترتب على إظهار المتهم استعداده للحلف أن كلف الشيخ المجني عليه برد دابة المتهم
إليه وهذا القرار لم يرض المجني عليه ففي صباح يوم الحادث تنازع كل من المتهم والمجني
عليه دابة أولهما، فالمجني عليه يريد بقاءها هنا حتى يرد إليه دابته والمتهم يريد الاستيلاء
عليها نزولاً على قرار شيخ القبيلة وكان من نتيجة هذه المنازعة أن أخرج المتهم سكيناً
كان يحملها وطعن بها المجني عدة طعنات في ظهره ورأسه وعضده الأيسر قاصداً قتله وما
أن شاهد شيخ القبيلة قادماً من بعيد حتى لاذ بالفرار تاركاً المجني عليه يتخبط في دمه
من أثر إصاباته وفي الطريق قابله الشيخ وسأله عن الأمر فأخبره أنه ضرب المجني عليه
بسبب منازعته إياه على الدابة. وواضح من هذا البيان أن الدابة التي حصل عليها النزاع
يوم الحادث هي دابة الطاعن لا المجني عليه، ولما كان الحكم قد رد على دفاع الطاعن من
أنه أصيب من شرشرة ومن أنه كان مدافعاً عن ماله فقال: "إن المتهم لم ينكر تماسكه مع
المجني عليه وادعى أنه سقط هو والمجني عليه فأصيب من المحشة التي كانت مع المجني عليه
وهذا الدفاع مردود نظراً لتعذر تصور إصابات المجني عليه بالشكل الذي يصوره المتهم ولتعدد
الإصابات مما يتنافى مع هذا التصوير… وحيث إن الدفاع دفع التهمة عن المتهم قائلاً
بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن ماله وهذا الدفاع مردود لأنه لم يقم أي دليل على أن
المجني عليه كان يريد سرقة دابة المتهم بالإكراه بل أن الذي ظهر من التحقيق هو أن المجني
عليه أوصل دابة المتهم إلى منزل شيخ القبيلة وطلب إبقاءها عنده حتى يرد له المتهم دابته
التي وجه إليه تهمة سرقتها فالقول بأن المجني عليه كان قد حاول الاستيلاء على دابة
المتهم كرهاً يتنافى مع هذا التصرف من جانب المجني عليه والمنازعة قامت بين المتهم
والمجني عليه على رغبة المتهم استرداد دابته قبل أن يحلف اليمين التي وجهت إليه ورغبة
المجني عليه إبقاءها عند الشيخ حتى يقسم اليمين فالأمر ليس أمر سرقة ودفاع شرعي عن
المال بل هو نزاع قام بين الطرفين بسبب ما وجهه المجني عليه إلى المتهم من سرقة دابته
ويقينه أن المتهم هو الذي استولى عليها وعدم رضائه بقرار شيخ القبيلة الذي كان في ظنه
في صالح المتهم فلا محل إذن للدفع بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي" وهذا الرد سائغ
وفيه ما يكفي لتفنيد ما أبداه الطاعن من دفاع، لما كان ذلك وكان الغرض من ذكر البيانات
الخاصة بسن المتهم وصناعته وسكنه بالحكم أو بمحضر الجلسة هو التحقق من أنه هو الشخص
الذي رفعت عليه الدعوى العمومية وتجري محاكمته فإذا ما تحقق هذا الغرض بذكر اسم المتهم
ولقبه كما هو ثابت في الحكم، وكان الطاعن لا ينازع في أنه هو الشخص المطلوب محاكمته
ولم يدع أنه من المجرمين الأحداث الذين لسنهم تأثير في مسئوليتهم أو عقابهم، فإن إغفال
هذا البيان لا يصح أن يكون سبباً في بطلان الحكم، لما كان ذلك فإن ما يثيره الطاعن
لا يكون سديداً.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
