الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1146 سنة 25 ق – جلسة 25 /01 /1956 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة 7 – صـ 91

 جلسة 25 من يناير سنة 1956

برياسة السيد الأستاذ مصطفى فاضل – وكيل المحكمة: وبحضور السادة الأساتذة، محمود إبراهيم إسماعيل، ومصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، ومحمد محمد حسنين – المستشارين.


القضية رقم 1146 سنة 25 القضائية

تزوير. تزوير في أوراق رسمية. متى تتحقق الجريمة؟ ركن الضرر في هذه الجريمة. ماهيته.
مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية كما صدرت من الموظف الرسمي المختص بإصداره وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصاً بعينه من وقوعها لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة، إذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية الغض مما لها من القيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة محمد أمين عبد الواحد بأنه. أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية. ارتكب تزويراً في ورقة رسمية وهي صورة الحكم الصادر في الدعوى رقم 390 سنة 1947 مدني كلي شبين الكوم وكان ذلك بزيادة كلمات بأن أضاف كلمة إلى العبارة الواردة بالبند الخامس بمحضر الصلح والمبينة عن قدر الأطيان المباعة له والمثبتة بنص الحكم سالف الذكر طبقاً لما هو مبين بصدر هذا الأمر وبالمحضر. وثانياً: استعمل الورقة المزورة سالفة الذكر وهو يعلم بتزويرها بأن قدمها إلى مكتب توثيق القاهرة بمصلحة الشهر العقاري لتسجيلها. وطلبت عقابه بالمواد 211 و212 و214 من قانون العقوبات وقد ادعى محمد سعيد عبد الحليم بحق مدني قدره 3000 جنيه قبل المتهم على سبيل التعويض. ومحكمة شبين الكوم الوطنية قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام مع تطبيق المواد 32 و17 و55 و56 من قانون العقوبات. أولاً: بحبس المتهم الأول محمد أمين عبد الواحد ثلاثة أشهر مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائياً بلا مصاريف.
وثانياً: برفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها بمصروفاتها فاستأنف. ومحكمة شبين الكوم الابتدائية قضت حضورياً بتأييد الحكم المستأنف بشقيه بلا مصروفات جنائية وألزمت المدعي بالحق المدني بالمصاريف المدنية الاستئنافية. فطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

وحيث إن محصل الطعن المقدم من المتهم – هو أن الحكم المطعون فيه – أخطأ في تطبيق القانون – إذ دانه بجريمة التزوير في ورقة رسمية – مع انعدام ركني تغيير الحقيقة في المحرر والقصد الجنائي الخاص اللذين يتطلب القانون توافرهما في جريمة التزوير، ذلك بأن التغيير المنسوب حصوله من الطاعن في محضر الصلح (المصدق عليه في القضية رقم 390 سنة 1947 محكمة شبين الكوم الكلية) لم يغير من حقيقة ما اتفق عليه بين الطرفين في محضر الصلح المحرر في 9/ 5/ 1948 – إذ الجملة التي استبدلت في الصورة لم تغير من أمر ما سبق اتفاقهما عليه من قبل في خصوص فرق معدل القسمة (النفلة).
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما يتوافر فيه العناصر القانونية لجريمة التزوير التي دان الطاعن بها وأورد في شأنها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ذلك وكان مجرد تغيير الحقيقة بطريق الغش بالوسائل التي نص عليها القانون في الأوراق الرسمية تتحقق معه جريمة التزوير بصرف النظر عن الباعث على ارتكابها متى كان المقصود به تغيير مضمون المحرر بحيث يخالف حقيقته النسبية كما صدرت من الموظف الرسمي المختص بإصداره وبدون أن يتحقق ضرر خاص يلحق شخصاً بعينه من وقوعها لأن هذا التغيير ينتج عنه حتماً احتمال حصول ضرر بالمصلحة العامة – إذ يترتب على العبث بالورقة الرسمية الغض بما لها من القيمة في نظر الجمهور باعتبارها مما يجب بمقتضى القانون تصديقه والأخذ بما فيه – ولو أن الضرر في صورة هذه الدعوى قد لحق أخت المدعي بالحق المدني وهو الذي استظهر الحكم تواطؤه مع الطاعن على اغتيال حقها – لما كان ما تقدم فإن الطعن يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الطعن المقدم من المدعي بالحق المدني – هو أن الحكم المطعون فيه – أخطأ في تطبيق القانون وشاب أسبابه التناقض والقصور إذ في الوقت الذي قرر فيه بقيام المسئولية وحكم بالعقوبة عل المتهم، قضى برفض الدعوى المدنية – بمقولة انتفاء الضرر مع أن الضرر بعنصريه المادي والأدبي ماثل في الدعوى – وأهونه أن المدعي بالحق المدني اضطر لدفع الإيجار لأخته القاصر عن نصيبها في الأطيان النفلة التي تمكن المتهم من نقل تكليفها باسمه عن طريق هذا التزوير – أما وجه القصور فهو أن الطاعن دفع بأن محضر الصلح المحرر في 9/ 5/ 1948 عدل عنه وأن التزوير في المحضر الذي صدقت عليه المحكمة في 13/ 5/ 1948 لم يقتصر على العبارة الخاصة بمعدل القسمة وإنما شمل أيضاً عبارة أضافها المتهم الطاعن الأول في غفلة من الطاعن الثاني في بيان الأطيان وعي عبارة "المشروحة بالمذكرة التفسيرية المؤرخة 9/ 5/ 1948" في حين أنه لم تحرر مذكرة تفسيرية للمحضر الذي صدقت عليه المحكمة ولكن المحكمة الاستئنافية لم ترد على هذا الدفاع.
وحيث إنه لما كان الحكم المطعون فيه – بين واقعة الدعوى بما تتحقق به أركان جريمة التزوير التي دان المتهم بها – على ما سلف بيانه ثم عرض للدعوى المدنية – بقوله "وحيث إنه لا يمكن القول بأن ضرراً قد لحق المدعي بالحق المدني (الطاعن) من جراء تصرف المتهم ذلك أن النتيجة المادية التي هدف إليها المتهم من وراء الجريمة التي ارتكبها كان متفقاً عليها سلفاً بينه وبين المدعي بالحق المدني بالعقد المؤرخ 9/ 5/ 1948 والموقع عليه من المدعي بالحق المدني – إذ نص فيه في البند السادس على أن النفلة المقررة لمن يأخذ الجزء القبلي من الأطيان الأقل جودة ومساحتها 6 أفدنة تكون من حق المشتري (المتهم)" ثم قال في موطن آخر "هذه الجريمة لم تعد بأقل ضرر على المدعي بالحق المدني لأنه قبل صراحة بعقد موقع عليه منه كل النتائج التي هدف إليها المتهم من وراء ارتكابه الجريمة وليس يقبل أن يتضرر شخص من فعل ارتبط به وتقيد بنتائجه" لما كان ذلك وكان الحكم قد دلل بأدلة سائغة لها أصل في الأوراق على انتفاء حصول الضرر للطاعن – من جراء العبارة التي استبدلت بالمحضر – إذ لم يهدف المتهم من ورائها إلا إلى نقل تكليف النفلة التي شملها محضر الصلح المؤرخ 9/ 5/ 1948 الموقع عليه من الطرفين – لما كان ذلك وكان الضرر الذي لحق بالطاعن لم يكن أساسه التزوير – بل مرده في الواقع إلى تصرفه هو بالبيع في أكثر من نصيبه في أطيان النفلة اغتيالاً لنصيب أخته القاصر – لما كان ذلك كله وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد تناول دفاع الطاعن ورد عليه بما يفنده فإن الطعن لا يكون له محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعنان على غير أساس ويتعين رفضهما موضوعاً.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات