الطعن رقم 256 لسنة 61 ق “أحوال شخصية” – جلسة 08 /01 /1996
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 47 – صـ 146
جلسة 8 من يناير سنة 1996
برئاسة السيد المستشار/ محمد مصباح شرابيه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي محمود يوسف، حسين السيد متولي، سعيد غرياني نواب رئيس المحكمة وحسن حسن منصور.
الطعن رقم 256 لسنة 61 القضائية "أحوال شخصية"
(1 – 3) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالمسلمين: التطليق للزواج
بأخرى". محكمة الموضوع.
الحكم بالتطليق. م 11 مكرراً من المرسوم بق 25 لسنة 1929 المضافة بق 100 لسنة 1985.
شرطه. إثبات الزوجة وقوع الضرر بها من اقتران زوجها بأخرى مما يتعذر معه دوام العشرة
بين أمثالهما وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما.
الزواج بأخرى في حد ذاته لا يعد ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق. علة ذلك.
على الزوجة إقامة الدليل على إصابتها بضرر منهياً عنه شرعاً حقيقياً ثابتاً مستقلاً
بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق وليس مترتباً عليها منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما.
استبعاد المشرع الأضرار التي مرجعها المشاعر الإنسانية في المرأة تجاه ضرتها للتزاحم
بين امرأتين على رجل واحد.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير عناصر الضرر الموجب للتطليق. شرطه.
1 – النص في المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون
رقم 100 لسنة 1985 مفاده – على ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة – أن المشرع اشترط للحكم
بالتطليق وفقاً لحكم هذا النص أن تثبت الزوجة وقوع الضرر بها لاقتران زوجها بأخرى مما
يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وأن يعجز القاضي عن الإصلاح بينهما.
2 – لا يعد مجرد الزواج بأخرى في حد ذاته ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة طلب التطليق، إذ
أن من حق الزوج أن ينكح من الزوجات مثنى وثلاث ورباع عملاً بقوله تعالى "وإن خفتم ألا
تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا
فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" وما شرع الله حكماً إلا لتحقيق مصالح
العباد، ومن المسلم به أن ما كان ثابتاً بالنص هو المصلحة الحقيقية التي لا تبديل لها
وأن العمل على خلافها ليس إلا تعدياً لحدود الله، والمصلحة التي تعارض النصوص القرآنية،
ليست مصلحة معتبرة، ولكن أدخل إلى أن تكون تشهياً وانحرافاً فلا يجوز تحكيمها، وقد
أذن الله تعالى بتعدد الزوجات لمصلحة قدرها سبحانه وفقاً لأحوال النفوس البشرية فأقره
في إطار من الوسطية التي تلتزم بالاعتدال دون جور باعتبار أن الأصل في المؤمن العدل،
فإن لم يستطع العدل فعليه بواحدة لا يزيد عليها حتى لا يميل إلى غيرها كل الميل، ومن
ثم فإن حق الزوجة التي تعارض الزواج الجديد لا يقوم على مجرد كراهيتها لزوجها أو نفورها
منه لتزوجه بأخرى، فليس لها أن تطلب فصم علاقتها به لمجرد الادعاء بأن اقترانه بغيرها
يعد في ذاته إضراراً بها، وإنما يجب عليها أن تقيم الدليل على أن ضرراً منهياً عنه
شرعاً قد أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها على أن يكون هذا الضرر حقيقياً لا متوهماً،
واقعاً لا متصوراً، ثابتاً وليس مفترضاً، مستقلاً بعناصره عن واقعة الزواج اللاحق في
ذاتها وليس مترتباً عليها، مما لا يغتفر لتجاوزه الحدود التي يمكن التسامح فيها شرعاً،
منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما بما يخل بمقوماتها، وبعد إساءة دون حق اتصلت أسبابها
بالزيجة التالية وكانت هي باعثها، فإن لم تكن هذه الزيجة هي المناسبة التي وقع الضرر
مرتبطاً بها فإن من حق الزوجة طلب التفريق طبقاً للقاعدة العامة في التطليق للضرر وفقاً
لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، وإلا كان مجرد الجمع بين امرأتين
قرينة قانونية يفترض به الإضرار بالزوجة الأولى ويكون التفريق معلقاً على إرادتها وليس
في نص المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100
لسنة 1985 ما يتضمن تعليقاً لآثار الزيجة التالية على إرادة الزوجة التي تعارض بقاءها،
وعلى هذا يكون المشرع قد استبعد الأضرار التي تعود إلى المشاعر الإنسانية التي تعتمل
في صدر المرأة تجاه ضرتها التي مرجعها الغيرة الطبيعية بين امرأتين تتزاحمان على رجل
واحد، وهنا أمر لا يمكن تنقية النفوس البشرية منه، ولم يقصد النص المذكور إلى إزالته.
3 – محكمة الموضوع تستقل بتقدير عناصر الضرر الموجب للتطليق دون رقابة عليها من محكمة
النقض ما دامت قد أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعنة
أقامت الدعوى رقم 603 لسنة 1989 كلي أحوال شخصية دمنهور على المطعون ضده بطلب الحكم
بتطليقها عليه طلقة بائنة للضرر، وقالت بياناً لذلك: إنها زوج له ولا زالت في عصمته
وأنه طردها وامتنع عن الإنفاق عليها وتزوج بأخرى ومن ثم أقامت الدعوى، أحالت المحكمة
الدعوى إلى التحقيق وبعد أن استمعت لشاهدي الطاعنة حكمت بتاريخ 15/ 5/ 1990 بتطليقها
على المطعون ضده طلقه بائنة، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 115 لسنة
1990 شرعي الإسكندرية "مأمورية دمنهور" وبتاريخ 26/ 9/ 91 قضت المحكمة بإلغاء الحكم
المستأنف ورفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة
أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره
وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعي به الطاعنة على
الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول: إن الحكم اعتبر أن الضرر
النفسي الذي أصاب الطاعنة من زواج المطعون ضده بأخرى ليس إلا نوعاً من الألم الذي افترض
المشرع حدوثه وليس هو الضرر المعني في حكم المادة 11 مكرراً من القانون رقم 25 لسنة
1929 مع أن الضرر الذي يلحق الزوجة من جراء ذلك يشمل الضرر بكافة أنواعه مادياً كان
أو أدبياً أو نفسياً إذ أن هذا الضرر له ذاتية خاصة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 25
لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه "…. ويجوز للزوجة التي تزوج
عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة
بين أمثالهما ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها. فإذا عجز القاضي
عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة….." مفاده – على ما هو مقرر في قضاء هذه
المحكمة – أن المشرع اشترط للحكم بالتطليق وفقاً لحكم هذا النص أن تثبت الزوجة وقوع
الضرر بها لاقتران زوجها بأخرى مما يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالهما وأن يعجز القاضي
عن الإصلاح بينهما إذ لا يعد مجرد الزواج بأخرى في حد ذاته ضرراً مفترضاً يجيز للزوجة
طلب التطليق، إذ أن من حق الزوج أن ينكح من الزوجات مثنى وثلاث ورباع عملاً بقوله تعالى:
"وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن
خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا" وما شرع الله حكماً
إلا لتحقيق مصالح العباد، ومن المسلم به أن ما كان ثابتاً بالنص هو المصلحة الحقيقية
التي لا تبديل لها وأن العمل على خلافها ليس إلا تعدياً لحدود الله، والمصلحة التي
تعارض النصوص القرآنية، ليست مصلحة معتبرة، ولكن أدخل إلى أن تكون تشهياً وانحرافاً
فلا يجوز تحكيمها، وقد أذن الله تعالى بتعدد الزوجات لمصلحة قدرها سبحانه وفقاً لأحوال
النفوس البشرية فأقره في إطار من الوسطية التي تلتزم بالاعتدال دون جور باعتبار أن
الأصل في المؤمن العدل، فإن لم يستطع العدل فعليه بواحدة لا يزيد عليها حتى لا يميل
إلى غيرها كل الميل، ومن ثم فإن حق الزوجة التي تعارض الزواج الجديد لا يقوم على مجرد
كراهيتها لزوجها أو نفورها منه لتزوجه بأخرى، فليس لها أن تطلب فصم علاقتها به لمجرد
الادعاء بأن اقترانه بغيرها يعد في ذاته إضراراً بها، وإنما يجب عليها أن تقيم الدليل
على أن ضرراً منهياً عنه شرعاً قد أصابها بفعل أو امتناع من قبل زوجها على أن يكون
هذا الضرر حقيقياً لا متوهماً، واقعاً لا متصوراً، ثابتاً وليس مفترضاً، مستقلاً بعناصره
عن واقعة الزواج اللاحق في ذاتها وليس مترتباً عليها، مما لا يغتفر لتجاوزه الحدود
التي يمكن التسامح فيها شرعاً، منافياً لحسن العشرة بين أمثالهما بما يخل بمقوماتها،
ويعد إساءة دون حق اتصلت أسبابها بالزيجة التالية وكانت هي باعثها، فإن لم تكن هذه
الزيجة هي المناسبة التي وقع الضرر مرتبطاً بها فإن من حق الزوجة طلب التفريق طبقاً
للقاعدة العامة في التطليق للضرر وفقاً لنص المادة السادسة من المرسوم بقانون رقم 25
لسنة 1929، وإلا كان مجرد الجمع بين امرأتين قرينة قانونية يفترض به الإضرار بالزوجة
الأولى ويكون التفريق معلقاً على إرادتها وليس في نص المادة 11 مكرراً من المرسوم بقانون
رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 ما يتضمن تعليقاً لآثار الزيجة
التالية على إرادة الزوجة التي تعارض بقاءها، وعلى هذا يكون المشرع قد استبعد الأضرار
التي تعود إلى المشاعر الإنسانية التي تعتمل في صدر المرأة تجاه ضرتها التي مرجعها
الغيرة الطبيعية بين امرأتين تتزاحمان على رجل واحد، وهذا أمر لا يمكن تنقية النفوس
البشرية منه، ولم يقصد النص المذكور إلى إزالته. لما كان ذلك، وكانت محكمة الموضوع
تستقل بتقدير عناصر الضرر الموجب للتطليق دون رقابة عليها من محكمة النقض مادامت قد
أقامت قضاءها على أسباب سائغة، لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه
برفض الدعوى على ما أورده بأسبابه من أن الحكم المستأنف اعتمد في قضائه على أنه لحق
بالطاعنة ضرر معنوي لأنها صغيرة السن وصدمت بالزواج عليها وهذا الألم افترض المشرع
حدوثه في حالة الزواج بأخرى، وليس ذلك هو الضرر المقصود بنص المادة 11 مكرراً من المرسوم
بقانون رقم 25 لسنة 1929، وهذه أسباب سائغة تتفق وصحيح القانون وتؤدي إلى النتيجة التي
انتهى إليها الحكم، وفيها الرد الضمني المسقط لما أثارته الطاعنة، ومن ثم فإن النعي
يكون على غير أساس.
