الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 1296 لسنة 57 ق – جلسة 26 /12 /1995 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الثاني – السنة 46 – صـ 1465

جلسة 26 من ديسمبر سنة 1995

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد الزواوي، أنور العاصي، سعيد شعله والسيد حشيش نواب رئيس المحكمة.


الطعن رقم 1296 لسنة 57 القضائية

(1، 3) هبة "موانع الرجوع فيها: أثر الرجوع فيها بالتراضي". حكم "عيوب التدليل: التناقض في الأسباب الزائدة".
الرجوع في الهبة. شرطه. م 500 مدني الهبة لذي رحم محرم. من موانع الرجوع فيها. الفقرة هـ من المادة 502 مدني. نص عام مطلق. أثره. سريانه على هبة الوالد لولده. عدم جواز الرجوع فيها بغير التراضي مع الموهوب له.
الحكم بعدم جواز رجوع الواهب في الهبة لقيام مانع من موانع الرجوع المنصوص عليها في الفقرة هـ من المادة 502 مدني ولو قام لدية عذر مقبول. دعامة كافية لحمله. النعي على الحكم بالتناقض لما استطرد إليه تزيداً. غير منتج.
تراضي الواهب مع الموهوب له على الرجوع في الهبة. إقالة منها بإيجاب وقبول جديدين. أثره. اعتبار الهبة كأن لم تكن. المادتان 500/ 1 و503/ 1 مدني.
1 – لما يجوز للواهب طبقاً لنص المادة 500 من القانون المدني الرجوع في الهبة إذا تراضى على ذلك من المرهوب له أو استند إلى عذر يقبله القاضي إلا إذا وجد مانع من الرجوع في الهبة، وكانت المادة 502 من القانون ذاته قد عددت موانع الرجوع في الهبة ومن بينها ما نصت عليه الفقرة هـ إذا كانت الهبة لذي رحم محرم، وقد جاء النص عاماً بغير تخصيص، مطلقاً بغير قيد فيسري على جميع الهبات التي تربط الواهب فيها بالموهوب له قرابة الرحم والمحرمية ومنها هبة الوالد لولده إذ هي هبات لازمة لتحقق غرض الواهب منها وهو صلة الرحم بصدور الهبة ذاتها فلا يجوز للواهب الرجوع فيها بغير التراضي مع الموهوب له، أما القول بأن نص المادة 501 من القانون المدني حدد الأعذار المقبولة للرجوع في الهبة وجاء عاماً فلا يخصص بما تضمنه نص المادة 502 من القانون ذاته من موانع الرجوع في الهبة فإنه يكون تقييداً لمطلق نص المادة 500 من القانون المدني بدون قيد وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز.
2 – إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنه لا يجوز للطاعن الرجوع في الهبة لقيام مانع من موانع الرجوع المنصوص عليها في المادة 502/ هـ من القانون المدني ولو قام لديه عذر مقبول، وهى دعامة كافية لحمل قضائه، ولا يؤثر في الحكم ما تزيد فيه من أن الإقرار الصادر من المطعون ضدهم الثلاثة الأُول يفيد أن الهبة اقتصرت على الثمن وأنه اتفاق مستقل بشأن استغلال العقار، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالتناقض يكون غير منتج ولا جدوى فيه.
3 – مفاد الفقرة الأولى من المادتين 500 و503 من القانون المدني أنه إذا أراد الواهب الرجوع في الهبة وتراضى معه الموهوب له على هذا الرجوع، فإن هذا يكون إقالة من الهبة تمت بإيجاب وقبول جديدين، غير أن الإقالة – بنص القانون – لها أثر رجعي فتعتبر الهبة كأن لم تكن، لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن قد أقام دعواه بطلب الرجوع في الهبة الصادرة منه للمطعون ضدهم الثلاثة الأول ومَثل المطعون ضده الثالث أمام محكمة الاستئناف وسلَّم بطلبات الطاعن فقد تم التراضي بينهما على الرجوع في الهبة فتعتبر كأن لم تكن بالنسبة له وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه أثر ذلك التراضي فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 3345 لسنة 1985 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بالترخيص له في الرجوع في الهبة المبينة بالأوراق، وإلغاء البيع وتثبيت ملكيته للأرض المبيعة وما عليها من بناء وذلك في مواجهة المطعون ضدهما الأخيرين، وقال بياناً لذلك إنه بموجب عقد مشهر في 28/ 5/ 1974 باع المطعون ضدهما الرابع والخامسة إلى أولاده قطعة أرض فضاء مبينة بالأوراق وأنه دفع ثمنها من ماله الخاص ثم أقام عليها بناء على نفقته قاصداً من ذلك هبة العقار لهم وأقروا له بذلك وبأنهم ممنوعون من التصرف مدة حياته، وإذ أخلت المطعون ضدها الثانية بما يجب عليها نحوه من الطاعة والإحسان ويحق له الرجوع في الهبة، فقد أقام دعواه. سلَّم المطعون ضده الأول بالطلبات وحكمت محكمة أول درجة بإثبات رجوع الطاعن في الهبة الممنوحة منه للمطعون ضده الأول عن الحصة الموضحة بعقد البيع المشهر رقم 1818 لسنة 1974 الإسكندرية وبرفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الثانية والثالث ورفض باقي الطلبات. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 846 لسنة 42 ق الإسكندرية سلَّم المطعون ضده الثالث بالطلبات، وبتاريخ 5/ 2/ 1987 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم وعُرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالرابع منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه على أن الهبة من والد لأولاده، تكون لذي رحم محرم ولا يجوز الرجوع فيها طبقاً لنص المادة 502/ هـ من القانون المدني، في حين أن نص المادة 501 من القانون ذاته حدد الأعذار المقبولة للرجوع في الهبة وقد جاء عاماً مطلقاً فلا يقيد بما تضمنه نص المادة 502/ هـ – سالف البيان بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان يجوز للواهب طبقاً لنص المادة 500 من القانون المدني الرجوع في الهبة إذا تراضى على ذلك من الموهوب له أو استند إلى عذر يقبله القاضي إلا إذا وجد مانع من الرجوع في الهبة، وكانت المادة 502 من القانون ذاته قد عددت موانع الرجوع في الهبة ومن بينها ما نصت عليه الفقرة هـ إذا كانت الهبة لذي رحم محرم، وقد جاء النص عاماً بغير تخصيص، مطلقاً بغير قيد فيسري على جميع الهبات التي تربط الواهب فيها بالموهوب له قرابة الرحم والمحرمية ومنها هبة الوالد لولده إذ هي هبات لازمة لتحقق غرض الواهب منها وهو صلة الرحم بصدور الهبة ذاتها فلا يجوز للواهب الرجوع فيها بغير التراضي مع الموهوب له، أما القول بأن نص المادة 501 من القانون المدني حدد الأعذار المقبولة للرجوع في الهبة وجاء عاماً فلا يخصص بما تضمنه نص المادة 502 من القانون ذاته من موانع الرجوع في الهبة فإنه يكون تقييداً لمطلق نص المادة 500 من القانون المدني بدون قيد وتخصيصاً لعمومه بغير مخصص وهو ما لا يجوز، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإن ما يثيره الطاعن على النحو المبين بوجه النعي يكون على غير أساس مما يتعين معه رفضه.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الأول والثاني على الحكم المطعون فيه أنه تمسك بأن البيع الصادر لأولاده المطعن ضدهم الثلاثة الأول يستر هبة ودلل على ذلك بما ورد بإقرارهم من أن الثمن وإقامة البناء كاناً من ماله الخاص، ومن أن له الحق في الريع مدى حياته وليس لهم التصرف فيه خلال ذلك الأجل، ورغم ذلك نفى الحكم الصلة بين الإقرار والهبة واعتبره مجرد أتفاق على استغلال العقار ثم عاد وأخذ بأسباب الحكم المستأنف الذي اعتبر الإقرار مُظهراً لنية التبرع، فإنه يكون معيباً بالتناقض مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على أنه لا يجوز للطاعن الرجوع في الهبة لقيام مانع من موانع الرجوع المنصوص عليها في المادة 502/ هـ من القانون المدني ولو قام لديه عذر مقبول، وهى دعامة كافية لحمل قضائه، ولا يؤثر في الحكم ما تزيد فيه من أن الإقرار الصادر من المطعون ضدهم الثلاث الأُول يفيد أن الهبة اقتصرت على الثمن وأنه اتفاق مستقل بشأن استغلال العقار، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالتناقض يكون منتج ولا جدوى فيه.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أن المطعون ضده الثالث مثل أمام محكمة الاستئناف بجلسة 3/ 1/ 1987 وسلم بطلبات الطاعن بما يفيد قبوله الرجوع في الهبة إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعمل أثر ذلك الإقرار وقضي بتأييد الحكم المستأنف مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن مفاد الفقرة الأولى من المادتين 500 و503 من القانون المدني أنه إذا أراد الواهب الرجوع في الهبة وتراضى معه الموهوب له على هذا الرجوع، فإن هذا يكون إقالة من الهبة تمت بإيجاب وقبول جديدين، غير أن الإقالة – بنص القانون – لها أثر رجعي فتعتبر الهبة كأن لم تكن، لما كان ذلك، وكان الثابت أن الطاعن قد أقام دعواه بطلب الرجوع في الهبة الصادرة منه للمطعون ضدهم الثلاثة الأول ومثل المطعون ضده الثالث أمام محكمة الاستئناف وسلَّم بطلبات الطاعن فقد تم التراضي بينهما على الرجوع في الهبة فتعتبر كأن لم تكن بالنسبة له وإذ لم يعمل الحكم المطعون فيه أثر ذلك التراضي فإنه يكون قد خالف الثابت بالأوراق مما جره إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه نقضاً جزئياً.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات