الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 212 سنة 20 قضائية – جلسة 01 /05 /1952 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 3 – صـ 1016

جلسة أول مايو سنة 1952

القضية رقم 212 سنة 20 قضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك وأحمد العمروسي بك المستشارين.
( أ ) عقد. تفسيره. سلطة محكمة الموضوع في التفسير. استخلاصها أن العقد هو بيع لا اتفاق على إحلال آخر محل الراسي عليه المزاد في الصفقة. لا خطأ.
(ب) حكم. تسبيبه. الدعوى تضمنت طلبين أحدهما بطلان عقد والثاني رد المبلغ الذي دفع بناء على هذا العقد. رفض الحكم الدعوى بشقيها. أقامته على أسباب لا تنصب إلا على الطلب الأول وحده ولا تؤدي إلى رفض الطلب الثاني. قصور.
1 – لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود وتقرير ما ترى أنه كان مقصود العاقدين مستعينة بظروف الدعوى وملابساتها. وإذن فمتى كان الحكم قد استظهر من عبارة الاتفاق أن نية المتعاقدين انصرفت إلى البيع لا التنازل عن الصفقة الراسي مزادها على المطعون عليه عن طريق إحلال الطاعن محله فيها. وكان هذا الذي استخلصه الحكم مستمداً من أوراق الدعوى ولا يخالف الثابت بها فإن ما نعاه عليه الطاعن يكون على غير أساس.
2 – متى كان الواقع هو أنه قد رسا منزلين على المطعون عليه ثم حرر اتفاق بينه وبين الطاعن على أن يتنازل إلى هذا الأخير عن المنزلين المذكورين حينما يصبح البيع نهائياً ودفع له مبلغاً معيناً عند تحرير الاتفاق وكان الطاعن قد رفع الدعوى وطلب الحكم له. أولاً: ببطلان الاتفاق وثانياً: بإلزام المطعون عليه برد المبلغ الذي دفعه إليه وكانت المحكمة إذ قضت برفض الدعوى بشقيها أقامت قضاءها على أسباب لا تنصب إلا على الطلب الأول وكان هذا القضاء لا يترتب عليه بطريق اللزوم رفض الطلب الثاني وهو استرداد ما دفعه الطاعن إلى المطعون عليه كله أو بعضه فإن الحكم يكون قاصراً التسبيب متعين النقض في خصوص هذا السبب.


الوقائع

في يوم 11 من يوليه سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف المنصورة الصادر في 7 من مارس سنة 1950 في الاستئناف رقم 48 سنة واحد ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وبطلان عقد الاتفاق المحرر بينه وبين المطعون عليه بتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1945 وإلزام المطعون عليه بأن يرد إليه مبلغ 735 جنيه و645 مليم، أو إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 19 من يوليه سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 27 منه أودع الطاعن بأصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداته ولم يقدم المطعون عليه دفاعاً. وفي 24 من فبراير سنة 1952 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من رفض الدعوى بالنسبة لمبلغ 735 جنيه و645 مليم. وفي 17 من إبريل سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة… إلخ.


المحكمة

من حيث إن واقعة الدعوى حسبما يبين من الحكم المطعون فيه – تتحصل في أنه في 13 من ديسمبر سنة 1945 رسا مزاد منزلين كائنين بدمياط على المطعون عليه في قضية البيع رقم 1356 سنة 1942 دمياط. وفي 22 من ديسمبر سنة 1945 حرر عقد اتفاق بين الطاعن والمطعون عليه على أن يتنازل له الأخير عن المنزلين المذكورين متى أصبح البيع نهائياً ودفع له مبلغ 535 جنيهاً و645 مليم قيمة المدفوع منه إلى المحكمة ومبلغ 200 جنيه في نظير التنازل والتزام الطاعن بدفع باقي الثمن بعد أن يصبح البيع نهائياً للمطعون عليه بمجرد إخطاره بذلك. وفي 23 من ديسمبر سنة 1945 حرر بين الطرفين إقرار صدق عليه بقلم كتاب محكمة دمياط المدنية أثبت فيه المطعون عليه تنازله بصفته مشترياً عن العقار الذي رسا عليه مزاده وأنه أصبح للطاعن الحق في الدفع باقي الثمن واستيفاء الإجراءات المؤدية لملكية العقار ثم أرسلت محكمة دمياط حكم رسو المزاد وإقرار التنازل لتسجيلهما بالمحكمة الكلية فأعيد إليها بدون تسجيل لأن إقرار التنازل وقع باطلاً لحصوله بعد الميعاد المبين في المادة 576 مرافعات. وقد سجل حكم رسو المزاد باسم المطعون عليه فرفع الطاعن الدعوى رقم 354 سنة 1947 كلي المنصورة وطلب فيها الحكم ببطلان عقد الاتفاق المحرر بينه وبين المطعون عليه مع إلزام هذا الأخير بأن يرد إليه مبلغ الـ 735 جنيهاً و645 مليم الذي دفعه إليه والمصاريف والأتعاب وفي 9 من يونيه سنة 1948 قضت المحكمة برفض الدعوى فاستأنف الطاعن هذا الحكم فأيدته محكمة الاستئناف لأسبابه ولما أضافته إليها من أسباب فطعن الطاعن فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل الأول منها في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعن ببطلان عقد الاتفاق المحرر بينه وبين المطعون عليه في 22 من ديسمبر سنة 1945 تأسيساً على أن نية المتعاقدين انصرفت إلى أن يبيع المطعون عليه إلى الطاعن المنزلين موضوع التعاقد لا أن يتنازل عنهما بطريق إحلاله محله في رسو المزاد خالف الثابت بعقد الاتفاق والإقرار الصادر من المطعون عليه في 23 من ديسمبر سنة 1945 كما خالف مدلول تأشير قلم الكتاب على حكم رسو المزاد بمضمون الإقرار وإرساله إلى محكمة المنصورة لتسجيل الحكم باسم الطاعن وأعادت رياسة محكمة المنصورة للحكم مع استبعاد الإقرار لحصوله بعد الميعاد المنصوص عليه في المادة 576 مرافعات (قديم) وتسجيل حكم رسو المزاد باسم المطعون عليه لا باسم الطاعن – ذلك أن الثابت من مجموع ما تقدم هو – أن الاتفاق انعقد على أن يكون نقل الملكية بطريق الحلول محل الراسي عليه المزاد لا بطريق الشراء منه إذ البند الثاني في الإقرار ينص على أنه "نفاذ النص القانون الذي يبيح للطرف الأول (المطعون عليه) التنازل بصفته مشترياً للعقار المشار إليه فقد تنازل للطرف الثاني (الطاعن) تنازلاً نهائياً وله الحق في دفع باقي الثمن واستيفاء الإجراءات بمعرفة المحكمة لملكية هذا العقار" كما ينص البند الثالث منه على أن الطاعن دفع للمطعون عليه جميع المبالغ التي أودعها خزانة المحكمة يوم رسو المزاد وتسلم قسائم التوريد من المطعون عليه مما يفيد أن نية الطرفين انصرفت إلى حلوله محل الراسي عليه المزاد لا إلى الشراء منه إذ بهذه الوسيلة وحدها تتحقق مصلحة الطاعن في توفير رسوم تسجيل جديد ومنع الجار من استعمال حق الشفعة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص "وحيث إن ما يدعيه المستأنف (الطاعن) لا يتفق مع مدلول الاتفاق المحرر بينه وبين المستأنف عليه (المطعون عليه) بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1945 لأنه بالرجوع إلى هذا الاتفاق الذي حدد العلاقة القانونية بين الطرفين يتبين أن الغرض منه هو التنازل عن ملكية المنزلين اللذين رسا مزادهما على المستأنف عليه إلى المستأنف بعد أن يصبح شراء الأول لهما بالمزاد نهائياً أي بعد انقضاء العشرة الأيام المحدد لزيادة العشر ولا يفهم من هذا الاتفاق أن نية الطرفين كانت متجهة إلى أن يكون انتقال ملكية المستأنف عن طريق التنازل عن حكم مرسى المزاد المنصوص عنه في المادة 576 مرافعات (قديم) ويؤيد ذلك أن المستأنف التزم في البند الثالث من هذا الاتفاق بسداد باقي الثمن متى أصبح البيع نهائياً للمستأنف عليه بمجرد إخطاره بخطاب مسجل وأنه إن تأخر يكون ملزماً بدفع 500 جنيه على سبيل التعويض مع إلزامه بتنفيذ البيع ودفع باقي الثمن هذا وتكررت الإشارة في البنود الأخرى من هذا الاتفاق إلى كلمة البيع مما يدل على أن الغرض منه أن تنتقل الملكية بالبيع وليس عن طريق التنازل عن طريق قلم الكتاب وقد كان هذا ممكناً إذا كان المستأنف (الطاعن) قد قام بتنفيذ ما التزم به من دفع باقي الثمن بخزينة المحكمة.
وحيث إنه لا يؤثر على وجهة النظر هذه الإقرار المحرر في اليوم التالي والمصدق عليه بمحكمة دمياط بتاريخ 23 ديسمبر سنة 1945 والمتضمن تنازل المستأنف عليه (المطعون عليه) للمستأنف (الطاعن) عن المنزلين الراسي مزادهما عليه إذ أنه قد أشير في هذا الإقرار إلى أن الميعاد المقرر لزيادة العشر قد انتهى وأصبح البيع نهائياً وهذا واضح في الدلالة على أن الطرفين ما قصدا بالاتفاق والإقرار نقل ملكية المنزلين بالتنازل لاستحالة ذلك قانوناً وإنما قصدا أن تنتقل بالطريق العادي بمجرد إمكان ذلك بعد دفع باقي الثمن الذي التزم به المستأنف (الطاعن) واستلام حكم مرسى المزاد وأن المحكمة لا تجد في هذا الإقرار إلا مجرد محاولة من المتعاقدين لتنفيذ عقد الاتفاق الأصلي لنقل ملكية العين موضوع التعاقد إلى المدعي (الطاعن) عن طريق التنازل عن حكم مرسى المزاد وليس في الالتجاء إلى هذا الطريق ما يغير نية المتعاقدين في نفاذ بيع الصفقة من المدعى عليه (المطعون عليه) إلى المدعي (الطاعن) التي هدف إليها المتعاقدان في عقد الاتفاق المؤرخ 22 ديسمبر سنة 1945".
ومن حيث إن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تفسير العقود وتقرير ما ترى أنه كان مقصود العاقدين مستعينة بنظر الدعوى وملابساتها ولما كان الحكم قد استظهر من عبارة الاتفاق المبرم في 22 من ديسمبر سنة 1945 أن نية المتعاقدين انصرفت إلى البيع لا التنازل عن الصفقة الراسي مزادها على المطعون عليه عن طريق إحلاله محله فيها وكان هذا الذي استخلصه مستمداً من أوراق الدعوى ولا يخالف الثابت بها كان النعي عليه بما ورد في هذا السبب لا مبرر له.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الطاعن تمسك في دفاعه أمام محكمة الموضوع بأن عدم تسجيل حكم رسو المزاد باسمه قد ألغي الاتفاق وأن الطرفين وقعا في غلط مبطل للتعاقد وهو ظنهما أن إقرار التنازل صحيح قانوناً ولو بعد الميعاد الذي حددته المادة 576 مرافعات ولكن تبين بعد ذلك أن التنازل غير صحيح وأن هذا الغلط الذي كان أساس التعاقد مفسد للرضا إذ لو كان الطاعن على بينة من حقيقة الأمر لما رضي بالتعاقد فرد الحكم على ذلك بأن هذا الغلط ليس جوهرياً فلا يؤثر في الاتفاق دون أن يورد أسباباً مقبولة لهذا القضاء مما يجعله مشوباً بالقصور.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قال في هذا الخصوص "بأنه وإن كان في تفسير عقد الاتفاق المؤرخ في 22 ديسمبر سنة 1945 وهو أساس العلاقة بين طرفي الخصوم على النحو السابق بيانه غناء عن التطرق إلى بحث الخلاف الثاني وهو الخاص بأثر الغلط الذي وقع فيه المتعاقدان من ناحية زعمهما أن تنازل الراسي عليه المزاد عن الصفقة التي رسا عليه المزاد فيها يجوز بعد الميعاد الذي حدده القانون فإن المحكمة ترى استيفاء للبحث أن تشير إلى أن مثل هذا الغلط لا يؤثر على أركان العقد لأنه يشترط في الغلط الذي يتأثر به كيان العقد أن يكون جوهرياً بحيث إنه لو كان قد تكشف للمتعاقدين وقت التعاقد لما أقدما عليه الاتفاق لأن الغلط الذي يقصده المشرع والذي يبطل التعاقد طبقاً للمادتين 133 و134 هو الغلط الذي يعيب الرضا وليس من شك من أن عدم التنويه في عقد الاتفاق المحرر بتاريخ 22 ديسمبر سنة 1945 على طريقة معينة لتكون هي وسيلة نقل ملكية العقار موضوع التعاقد إلى المدعي (الطاعن) مما يفيد أن طريقة التنازل عن حكم مرسى المزاد التي تضمنها الإقرار المحرر بتاريخ 23 ديسمبر سنة 1945 لم تكن هي الباعث الجوهري الذي حمل المدعي (الطاعن) على التعاقد ولا يهم القول بعد ذلك أن هذه الطريقة كانت أقل نفقة أو أنها كانت تحفظ العقار من طلب الشفعة لأن الاهتداء إلى هذه الطريقة بعد حصول الاتفاق بدليل عدم النص عليها فيه ينفي عنها وصفها بأنها كانت الباعث على التعاقد بصرف النظر عن تقدير هذا الباعث ومدى علاقته بالشيء موضوع التعاقد أو علاقته بشخص المتعاقد معه" ويبين من هذا الذي قرره الحكم أنه استخلص في حدود سلطته الموضوعية بالأدلة السائغة التي أوردها أن ما يزعم الطاعن من أن العقد مشوب بغلط مفسد للرضا لا أساس له ومن ثم يكون هذا السبب مردوداًَ.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم مشوب بالقصور ذلك أنه إذ قضى برفض دعوى الطاعن بإلزام المطعون عليه بأن يرد له مبلغ الـ 735 جنيه و645 مليم لم يورد علة لهذا الرفض.
ومن حيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الطاعن طلب الحكم له أولاً. ببطلان عقد الاتفاق وثانياً بإلزام المطعون عليه بأن يرد إليه مبلغ الـ 735 جنيه و645 مليم فقضت المحكمة برفض الدعوى بشقيها ولما كانت الأسباب التي أوردتها في حكمها وأقامت عليها قضاءها لا تنصب إلا على الطلب الأول وكان هذا القضاء لا يترتب عليه بطريق اللزوم رفض الطلب الثاني وهو استرداد ما دفعه الطاعن إلى المطعون عليه كله أو بعضه – لما كان ذلك كذلك كان الحكم قاصر التسبيب متعين النقض في خصوص هذا السبب وحده.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات