الطعن رقم 23 سنة 19 قضائية – جلسة 15 /05 /1952
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 3 – صـ 797
جلسة 15 من مايو سنة 1952
القضية رقم 23 سنة 19 قضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات
أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وعبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد
الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل
بك وإسماعيل مجدي بك وعبد العزيز سليمان بك وباسيلي موسى بك المستشارين.
ترقية. تخطي قاض في الترقية كان نتيجة عدم إدراج لجنة الترقية لاسمه في كشف المرشحين
للترقية بالأقدمية من قضاة الدرجة الثانية. الثابت من التقارير المودعة بملفه أن اللجنة
لم تخالف القانون ولم تسئ استعمال السلطة. طعن على غير أساس.
إذا كان قد تبين من الأوراق أن تخطي الطالب في الترقية كان نتيجة عدم إدراج لجنة الترقية
لاسمه في كشف المرشحين للترقية بالأقدمية من قضاة الدرجة الثانية وتبين من مراجعة ما
احتواه ملفه من تقارير عن حالته أن اللجنة فيما أجرته من استبعاده لم تخالف القانون
ولم تسئ استعمال السلطة فإن ما نعاه على المرسوم المطعون فيه من إساءة استعمال السلطة
يكون في غير محله ولا جدوى من مقارنة حالته بحالة بعض من رقوا ممن كانوا يلونه ما دام
قد كان لاستبعاد اللجنة لاسمه في كشف الترشيح ما يبرره.
الوقائع
في يوم 9 من نوفمبر سنة 1949 طعن الأستاذ….. في المرسوم الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1949 الخاص بإجراء الحركة القضائية الوطنية والمنشور في الوقائع المصرية في 10 من أكتوبر سنة 1949 بالعدد رقم 130، وذلك بتقرير طلب فيه الحكم بقبول الطلب شكلاً وفي الموضوع……. بإلغاء المرسوم السابق الذكر من حين ترقية من رقي من قضاة الدرجة الثانية ممن كانوا يلونه في أقدميته في كادر قضاة الدرجة الثانية المعمول به في وزارة العدل مع الاحتفاظ بكامل حقوقه من أن نوع. وفي 15 من نوفمبر سنة 1949 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن وفي 28 من الشهر المذكور أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما بتقرير الطعن ومذكرة شارحة والعدد رقم 130 من الوقائع المصرية، وفي 19 من ديسمبر سنة 1949 أودعت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطلب وإلزام الطالب، بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة كما أودعت حافظة بمستنداتها، وفي 2 من مايو سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطلب شكلاً ورفضه موضوعاً. وبجلسة 3 من نوفمبر سنة 1951 المحددة أخيراً لنظر هذا الطلب قررت المحكمة التأجيل لجلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 مع تبادل المذكرات لمن يشاء إلى ما قبل الجلسة المذكورة بأسبوع، ولم تقدم مذكرات من الطالب ولا من وزارة العدل، وفي أول ديسمبر سنة 1951 قدمت النيابة العامة مذكرة صممت فيها على ما جاء بمذكرتها السابقة. وبجلسة 22 من ديسمبر سنة 1951 المحددة أخيراً للنطق بالحكم في هذا الطلب قررت المحكمة إعادة الدعوى إلى المرافعة لجلسة 2 من فبراير سنة 1952 وتكليف وزارة العدل تقديم بيانات رسمية مستخرجة من واقع السجل السري عن أهلية قضاة الدرجة الثانية الذين رقوا بمقتضى المرسوم المطعون فيه وكانوا يلون الطالب في الأقدمية. صورة رسمية من كشف المرشحين للترقية بالامتياز وصورة أخرى رسمية من كشف المرشحين للترقية بالأقدمية من قضاة الدرجة الثانية وفقاً لقرار لجنة الترقية في الحركة التي صدر بها المرسوم المطعون فيه. صورة من كادر قضاة الدرجة الثانية قبل صدور المرسوم المطعون فيه، وقد نفذت وزارة العدل هذا القرار. وبجلسة 8 من مارس سنة 1952 المحددة أخيراً للمرافعة في هذا الطلب قررت المحكمة التأجيل لجلسة 5 من إبريل سنة 1952 وأذنت في تبادل المذكرات إلى ما قبل الجلسة المذكورة بأسبوع، ولم تقدم مذكرات من الطالب ولا من وزارة العدل. وفي 23 من فبراير سنة 1952 قدمت النيابة العامة مذكرة وقالت فيها بقبول الطلب شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء المرسوم الصادر في 29 من سبتمبر سنة 1949 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة قاض من الدرجة الأولى، مع إلزام وزارة العدل بالمصروفات. وبجلسة 5 من إبريل سنة 1952 سمعت المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة والمحكمة قررت إرجاء النطق بالحكم أخيراً إلى جلسة اليوم.
المحكمة
من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطالب يبني طلبه على أنه حصل على إجازة الليسانس في الحقوق في يونيه سنة 1924
واشتغل بالمحاماة إلى أوائل سنة 1944 إذ عين قاضياً بالمحاكم الوطنية بالمرسوم الصادر
في 16 مارس سنة 1944 وقد رتبت له أقدمية وضع بمقتضاها في منتصف الكادر على خلاف ما
تقضي به أقدميته في التخرج فحاول تصحيح هذا الوضع إلا أنه لم يجب إلى طلبه فاستمر في
عمله، وقد صدرت حركتان قضائيتان في سنة 1944، سنة 1945 إلا أنه لم يرق فيهما بسبب أقدميته
المتأخرة ومن جهة أخرى بسبب ما جرى عليه التقليد من عدم ترقية القاضي المعين في المحاماة
إلا بعد مضي ثلاث سنوات على عمله، ثم أجريت حركتان في سنتي 1946 – 1947 ولم يرق فيهما
أيضاً وترك دون مبرر فسكت حتى كانت حركة سبتمبر سنة 1949 إذ كان يعتقد أن الأوان قد
آن لإعطائه حقه إلا أنها قد تخطته أيضاً، ويقول إن ما حصل في ذلك من ترقية من يلونه
يرجعان إلى إساءة استعمال السلطة خصوصاً وأن تقارير التفتيش عنه دالة على كفايته وحسن
قيامه بواجبه، وانتهى إلى طلبه الحكم بإلغاء المرسوم الملكي الصادر بتاريخ 29 سبتمبر
سنة 1949 والمنشور بالعدد 130 من الوقائع المصرية من حيث ترقية من كانوا يلونه في الأقدمية
ومن يسبقهم في أقدميته في كادر قضاة الدرجة الثانية المعمول به في وزارة العدل.
وحيث إن وزارة العدل ردت بأن الترقية لا تكون للكفاية الفنية وحدها بل إن شرطها الأساسي
هو الصلاحية لشغل الدرجة وأن تقدير الكفاية كتقدير الصلاحية أمر متروك لها ولا معقب
عليها فيه وأن الوزارة إذا كانت قد تخطت الطالب في الترقية إعمالاً منها لسلطتها في
التقدير ولحقها في الاختيار ولاعتبارات أخرى مستمدة من ملفه الخاص فإنه لا يقبل منه
المنازعة في صواب هذا التقدير. فلا يكفي الطالب وهو في سبيل الاستدلال على قيام حقه
في الترقية أن يقف عند حد القول بأن في التقارير المقدمة عنه ما يدل على كفايته. ثم
أن القول بإساءة استعمال السلطة لا يقوم إلا بالبرهنة على قيام الباعث الشخصي أو المصلحة
الخاصة في التخطي، فإذا كان الطالب لم يقدم دليلاً على ما يدعيه في ذلك فإن طلبه يكون
على غير أساس من الواقع ومن القانون. وتقول النيابة في مذكرتها الأولى إن الوزارة قد
استعرضت حالة الطالب في الحركة المطعون في مرسومها وفي الحركات السابقة التي يشكو منها
واستعانت في هذا الاستعراض بمنظماتها المختلفة وخبرة رجالها المسئولين وما تبين لها
من الاطلاع على الملفات وأن المقرر أن تقدير الكفاية ومدى صلاحية الموظف للوظيفة التي
يرقى إليها أمر متروك لسلطة الإدارة العامة، وأن تقدير الإدارة في هذا الشأن له اعتباره
ولا معقب عليه إذا خلا من مخالفة القانون أو مجاوزة حدود المصلحة أو صالح العمل، وإذا
لم قترن بأي ضرب من ضروب إساءة استعمال السلطة، ثم إن القرار الإداري إذا لم يشتمل
على ذكر الأسباب التي استند إليها يكون المفروض فيه أنه صدر وفقاً للقانون وأنه يهدف
إلى تحقيق المصالح العامة وأن هذه القرينة تبقى قائمة حتى يتحدى الطاعن بإساءة استعمال
السلطة فيقيم الدليل عليها سواء من مخالفة القانون أو قيام الباعث الشخصي أو المصلحة
الخاصة أو انعدام الباعث المشروع أو عدم اتصال الباعث بالمصالح العامة، وأنه لما كان
الطالب لم يتحد بشيء من ذلك كما لم يتحد بشيء آخر يتعلق بمخالفة القانون أو الخطأ في
تطبيقه أو عيب في الشكل مما أوردته المادة 23 من قانون نظام القضاء لما كان ذلك فإن
الطلب يكون على غير أساس. ثم قدمت النيابة مذكرة أخرى عما استجد في الدعوى من تقديم
البيانات الخاصة بمن رقوا ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية وقد قارنت فيها بين حالة
الطالب وحالة بعض من شملتهم الترقية وانتهت إلى أن اثنين من هؤلاء قد رقيا مع أن حالة
الطالب لم تكن تختلف عن حالتهما وأنه سواء أكان خطأ الوزارة هو في ترقية هذين القاضيين
وأمثالهما إلى الدرجة الأولى أو في تخطي الطالب في الترقية فإن دلالة ذلك هو أن لجنة
الترقية ووزارة العدل لم يسيرا على قاعدة منضبطة أو خطة مطردة في شأن ترقية قضاة الدرجة
الثانية، وأنه وإن كانت القاعدة الهامة في قوانين التوظيف ولوائح الاستخدام أن تراعى
إلى جانب الأقدمية الصلاحية للترقية وأن الأقدمية وحدها لا تكفي إذا لم تقترن بها الصلاحية
إلا أن هذه القاعدة لا تكون سليمة إلا إذا طبقت بصفة مطردة فإذا ما تكشف خطأ في تطبيق
هذا المنهج بأن أعملته الوزارة في حق الطالب وأغفلته في حق آخرين كان المرسوم الصادر
بالتخطي مخالفاً للقانون في تطبيق حكم الأقدمية وهي أساس الترقية لقضاة الدرجة الثانية.
وانتهت إلى القول بأن الطالب وأن وصف هذا التخطي بأنه إساءة لاستعمال السلطة ولم يقم
على ذلك دليل إلا أن طلبه إلغاء المرسوم لتخطيه يقع لعيب مخالفة القانون والخطأ في
تطبيقه لأن الإساءة إنما هي صورة من صور مخالفة القانون والخروج عن أحكامه.
وحيث إن الطالب لم يقدم دليلاً على ما يدعيه من إساءة استعمال السلطة وقد تبين من الأوراق
أن تخطيه في الترقية كان نتيجة عدم إدراج لجنة الترقية لاسمه في كشف المرشحين للترقية
بالأقدمية من قضاة الدرجة الثانية كما تبين من مراجعة ما احتواه ملفه من تقارير عن
حالته أن اللجنة فيما أجرته من استبعاده لم تخالف القانون ولم تسئ استعمال السلطة،
أما ما تشير إليه النيابة من مقارنة حالته بحالة بعض من رقوا ممن كانوا يلونه فلا جدوى
منه في هذا الخصوص ما دام قد كان لاستبعاد اللجنة لاسمه في كشف الترشيح ما يبرره.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطلب.
