الطعن رقم 18 سنة 19 قضائية – جلسة 10 /04 /1953
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثالث – السنة 3 – صـ 751
جلسة 10 إبريل سنة 1953
القضية رقم 18 سنة 19 قضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات
أصحاب العزة: أحمد حسني بك وكيل المحكمة وعبد العزيز محمد بك وعبد المعطي خيال بك وعبد
الحميد وشاحي بك وسليمان ثابت بك وإبراهيم خليل بك ومصطفى فاضل بك وإسماعيل مجدي بك
وعبد العزيز سليمان بك وباسيلي موسى بك المستشارين.
نقض. أوراق الطعن. إيداع أوراق أو ملفات بعد الميعاد المحدد في قانون المرافعات
لإيداع المستندات. طلب استبعادها استناداً إلى المادة 432 مرافعات. رفض المحكمة هذا
الطلب تأسيساً على أن هذه الأوراق هي جزء من ملف الطالب وأن الاطلاع عليها ضروري لتحقيق
ما ينعاه على المرسوم المطعون فيه من أنه ينطوي على إساءة السلطة ومخالفة القانون.
ترقية. الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يماثلها وما فوقها. أساسها الأهلية وعند
التساوي تراعى الأقدمية. تطبيق هذه القاعدة ليس من إطلاقات السلطة التنفيذية. المادة
23 من القانون رقم 66 لسنة 1943.
ترقية. طعن. تخطي قاض في الترقية إلى درجة وكيل محكمة أو ما يماثلها ثبوت أن مرسوم
التخطي لا ينطوي على إساءة استعمال السلطة أو مخالفة القانون. طعن على غير أساس.
1 – أن تحدي الطالب بالمادة 23 من قانون نظام القضاء في طلبه استبعاد الملف الذي أودع
من وزارة العدل بعد الميعاد المخول لها لإيداع المستندات بمقتضى أحكام قانون المرافعات
الخاصة بالطعن بطريق النقض. هذا التحدي مردود بأنه لما كان الطلب المعروض يختلف بطبيعته
عن الطعن بطريق النقض في المواد المدنية لأنه في حقيقته ليس إلا دعوى مبتدأه لم يسبق
عرضها على محكمة قضائية قبل رفعه إلى هذه المحكمة، وكان لا بد للمحكمة من استيفاء جميع
العناصر التي تمكنها من تحقيق الطلب والفصل في موضوعه بعد أن استوفى أوضاعه الشكلية،
وكان من غير المستساغ أن يكون الشارع قد قصد بالنص المشار إليه أن يسد السبيل على المحكمة
في تحقيق الطعن المبني على أن تخطي الطالب في المرسوم المطعون فيه كان عملاً ينطوي
على مخالفة القانون والتعسف في استعمال السلطة، ولهذا جرى قضاء هذه المحكمة في هذا
الطلب وفي أمثاله من طلبات رجال القضاء على تكليف وزارة العدل تقديم بيانات ومستندات
رأت المحكمة ضرورة الاطلاع عليها لا مكان الفصل في هذه الطلبات، لما كان ذلك، وكان
الملف المودع أخيراً من وزارة العدل هو جزء مكمل للملف المقدم أصلاً، وكان ضرورياً
الاطلاع عليه لإمكان الفصل في الطلب، فإن طلب استبعاده يكون في غير محله ويتعين رفضه.
2 – إنه وإن كان لوزارة العدل كامل السلطة في وضع درجان للأهلية حسبما يتجمع لديها
من معلومات تستمدها من واقع أعمال القاضي وما تدل عليه تقارير التفتيش عنه وسائر الأوراق
المودعة ملفه الخاص وتقديرها في هذا الشأن هو مما تستقل به متى كان مستنداً إلى ما
هو ثابت بأوراق الملف المشار إليه، إلا أن المادة 23 من القانون رقم 66 لسنة 1943 إذ
نصت في الفقرة الأخيرة منها على "أنه يجري الاختيار في الوظائف الأخرى – أي وظائف وكلاء
المحاكم وما يعادلها وما فوقها – على أساس الأهلية وعند التساوي تراعي الأقدمية -"
قد شرعت قواعد في هذا الخصوص تجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون. ومن ثم
لا يكون الأمر في تطبيق هذه القواعد من إطلاقات السلطة التنفيذية تباشره بلا معقب عليها
وإلا كان التظلم من الإخلال بها عبثاً لا جدوى منه.
3 – متى كان يبين من الاطلاع على الملف الخاص بالطالب وما احتواه من تقارير وأورق الأخرى
ومن مقارنة أهليته بأهلية من رقوا بمقتضى المرسوم المطعون فيه إلى درجة وكلاء محاكم
من الفئة (ب) أو ما يماثلها ممن كانوا يلونه في الأقدمية وذلك حسب البيانات الرسمية
التي كلفت هذه المحكمة وزارة العدل تقديمها من واقع السجل السري لهم – يبين من كل ذلك
أنه لم يقع في تخطي الطالب في الترقية في الحركة القضائية الصادر بها المرسوم المطعون
فيه مخالفة القانون أو تعسف في استعمال السلطة. فإنه يكون على غير أساس طلب إلغاء هذا
المرسوم وما ترتب عليه من طلب إلغاء المرسومين التاليين له على اعتبار أنهما من آثاره.
الوقائع
في يوم 6 من نوفمبر سنة 1949 طعن الأستاذ….. في المرسوم الصادر
في 26 من سبتمبر سنة 1949 – والمنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1949
والخاص بإجراء تعيينات وتنقلات وانتدابات قضائية بالمحاكم الوطنية، وذلك بتقرير طلب
فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً. وفي الموضوع بإلغاء المرسوم السابق الذكر وذلك فيما يتعلق
بإغفال ترقيته بحسب أقدميته وترقية من يلونه في هذه الأقدمية، وتسوية حالته على أساس
أنه كان يتعين ترقيته إلى درجة وكيل محكمة من الفئة "ب" أو ما يعادلها، مع إلزام المدعى
عليهما بالتضامن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة، مع حفظ كافة الحقوق الأخرى.
وفي 10 من نوفمبر سنة 1949 أعلن المدعى عليهما بتقرير الطعن، وفي 23 من الشهر المذكور
أودع الطالب أصل ورقة إعلان المدعى عليهما بتقرير الطعن ومذكرة شارحة وحافظة بمستنداته،
وفي 17 من ديسمبر سنة 1949 أودعت وزارة العدل مذكرة بدفاعها طلبت فيها رفض الطلب وإلزام
الطالب بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة كما أودعت حافظة بمستنداتها، وفي 31 من ديسمبر
سنة 1949 أودع الطالب مذكرة بملاحظاته على الرد وحافظة أخرى بمستنداته وفي 4 من مايو
سنة 1950 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطلب شكلاً ومع ما تراه من
خلوه بحالته من الدليل مما يستدعي رفضه فإنها ترى بصفة احتياطية ضم مشروع الحركة التي
عرضتها وزارة العدل على مجلس القضاء الأعلى في سبتمبر سنة 1949 ومحضر جلسة هذا المجلس
وقراره فيها. وبجلسة 4 من يونيه سنة 1950 المعينة لنظر هذا الطلب قررت المحكمة قبل
الفصل في الطلب تكليف وزارة العدل تقديم بيانات مطابقة للأصل من واقع السجل السري لحضرات
رجال القضاء الذين رقو بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن يلون الطالب في الأقدمية وحددت
للمرافعة جلسة 22 من أكتوبر سنة 1950 والتزمت الوزارة بإيداع البيانات المطلوبة إلى
ما قبل الجلسة المذكورة بثلاثة أسابيع، وقد نفذت وزارة العدل هذا القرار. وبجلسة 3
من نوفمبر سنة 1951 المحددة أخيراً لنظر هذا الطلب عدل الطالب طلباته بأن أضاف إليها
طلب إلغاء المرسومين التاليين للمرسوم المطعون فيه وهما الصادران في 3 من سبتمبر سنة
1950 و20 من يونيه سنة 1951، ثم قررت المحكمة تأجيل نظر الطلب لجلسة 8 من ديسمبر سنة
1951 مع تبادل المذكرات إلى ما قبل الجلسة المذكورة بأسبوع، وفي 17 من نوفمبر سنة 1951
أودع الطالب مذكرة صمم فيها على الطلبات، وفي أول ديسمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة
مذكرتها وقالت فيها – أولاً – بقبول الطلبات – وثانياً – بضم ملخص التقارير عن عمل
حضرة الأستاذ….. بالنيابة من سنة 1946 حتى تاريخ إجراء الحركة، ولم تقدم وزارة العدل
مذكرة. وبجلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 حضر وكيل الطالب وطلب أن تكون المقارنة بين الطالب
وبين حضرتي الأستاذين……. لا كما جاء خطأ بالمذكرة المقدمة منه من أن تكون المقارنة
بينه وبين الأستاذين…… كما قدمت وزارة العدل حافظة بمستندات، ثم قررت المحكمة تأجيل
نظر الطلب لجلسة 12 من يناير سنة 1952 ومنها أجل جلسة 2 من فبراير سنة 1952 وفيها سمعت
المرافعة كالمبين بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة 5 من إبريل
سنة 1952 وأذنت في تبادل المذكرات إلى ما قبل الجلسة المذكورة بأسبوع، وقد قدمت المذكرات
التكميلية من الطرفين والنيابة، والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إنه يتحصل حسبما جاء به في أن الطالب نال إجازة الليسانس في القانون في سنة
1922 واشتغل بالمحاماة وقرر أمام محكمة الاستئناف في سنة 1926 ثم أمام محكمة النقض
في سنة 1944 ثم عين قاضياً من الدرجة الثانية في مارس من السنة المذكورة. وما لبث طويلاً
حتى رقى إلى الدرجة الأولى في سبتمبر سنة 1946 وظل يعمل في جد ونشاط وهو يترقب الترقية
التي يستحقها فإذا بالمرسوم المطعون فيه يتخطاه بترقية من يلونه في الأقدمية في حين
أنه هو يمتاز عن كثير منهم في الأهلية.
ومن حيث إن الطالب يبني طلبه على سببين: ينعي بأولهما على المرسوم الصادر في 6 من سبتمبر
سنة 1949 مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه إذ تخطاه في الترقية إلى درجة وكيل محكمة
من الفئة "ب" أو ما يماثلها وتناول بالترقية من كانوا يلونه في الأقدمية مع أن أهليتهم
تعدل أهليتهم إن لم تبرزها. وبذلك خالف نص المادة 23 من القانون رقم 66 لسنة 1943.
ومضى في مذكرته الشارحة يتحدث عن الأهلية مبيناً أن التقارير المقدمة من إدارة التفتيش
القضائي تشهد بكفايته ونزاهته واستقامته – وطلب بجلسة 4 من يونيه سنة 1950 ضم ملفات
من رقوا بالمرسوم المشار إليه إلى درجة وكلاء محاكم من الفئة "ب" أو ما يماثلها ممن
كانوا يلونه في الأقدمية فقررت المحكمة تكليف وزارة العدل بتقديم بيانات مطابقة للأصل
من واقع السجل السري لحضرات رجال القضاء الذين رقوا بمقتضى المرسوم المطعون فيه ممن
كانوا يلون الطالب في الأقدمية ثم أضاف طلبات أخرى عارضة بمرافعته الشفوية – والمذكرات
التحريرية المقدمة منه مؤداها طلب إلغاء المرسومين التاليين للمرسوم المطعون فيه والصادرين
في 3 من سبتمبر سنة 1950، 20 يونيه سنة 1951 باعتبارهما من الآثار المترتبة عليه.
ومن حيث إن وزارة العدل ردت على الطلب بأن ليس ثمة خطأ جانبها في تطبيق القانون، ذلك
لأن المادة 23 من القانون رقم 66 لسنة 1943 نصت على أن الاختيار للترقية من قضاة الدرجة
الأولى إلى المناصب الأعلى يجري على أساس الأهلية ولم يورد القانون تعريفاً خاصاً للأهلية
أو تحديداً لمداها مما يستتبع إطلاق سلطتها في التقدير والاختيار وهي لا تلتزم في استخلاص
عناصر الأهلية حد الكفاية الفنية وحدها كما أنها لا تعتمد في تعريف الكفاية على واحد
أو أكثر من التقارير التي يحويها الملف بل إنها تستمد معلوماتها من منظمات مختلفة أنشأها
القانون وعلى رأسها مجلس القضاء الأعلى فإذا كان الطالب لم يقع عليه اختيار الوزارة
للترقية وكان مجلس القضاء قد أقرها على هذا الرأي بعد أن اطلع على ما رآه لازماً من
الأوراق والبيانات فلا خطأ في ذلك فضلاً عن أن ثمة اعتبارات أخرى تبرر هذا التصرف وتبين
بجلاء من مراجعة ملف الطالب المودع منها ملف الطعن وقدمت الوزارة البيانات التي طلبتها
المحكمة كما قدمت الملف الخاص بالطلب، وبجلسة 8 من ديسمبر سنة 1951 قدمت ملفاً آخر
له. وتقول النيابة تعقيباً على ذلك أن تقدير الكفاية ومدى الصلاحية متروك للإدارة العاملة،
وتقدرها بحسب ما تلمسه في القاضي من الاعتبارات وما خبرته فيه من كفاية أثناء قيامه
بعمله وما تجمع لديها في ماضيه من عناصر تساعدها على الحكم في ذلك، وهي لا تلتزم في
ذلك التقرير الأخير بل ترجع إلى جميع ما يحتويه الملف، وتقديرها هذا له اعتباره ولا
معقب عليه إذا خلا من مخالفة القانون أو إساءة استعمال السلطة.
ومن حيث إن الطالب ينعي في السبب الثاني على المرسوم موضوع الطعن التعسف وإساءة استعمال
السلطة وفي بيان ذلك يقول إن إدارة التفتيش القضائي قدمت بيانات عنه إلى مجلس القضاء
الأعلى غير مطابقة للحقيقة إذ جاء بها أنه متوسط الكفاية ولم يكن لدى المجلس فسحة من
الوقت لمراجعة الملفات وقد قدمت البيانات على هذه الصورة بقصد حرمانه من الترقية ولم
يقف الأمر عند هذا الحد بل إنه بالرغم من مرضه بسبب العمل المضني المتواصل وإشارة الطبيب
بأن يعهد إليه بعمل يتناسب مع حالته الصحية فقد أسند إليه العمل بمحكمة الأزبكية وهي
من أشق المحاكم عملاً، ومع كل هذه الظروف فقد نقل بالمرسوم المطعون فيه من محكمة مصر
لم يكن قد أمضى بها سوى سنة وثمانية شهور.
ومن حيث إن وزارة العدل والنيابة العامة ردتا على هذا الوجه بأنه قول مرسل خال من الدليل
فضلاً عن أن الطالب لم يذكر أن وزارة العدل رشحته للترقية في تلك الحركة حتى كان يمكن
القول بأنها أحاطت مجلس القضاء علماً بالبيانات الخاصة بكفايته وصلاحيته للترقية. هذا
إلى أن إساءة استعمال السلطة إنما تكون حيث تستعمل الإدارة سلطتها لغرض غير الذي خولها
الشارع هذه السلطة من أجله كأن يكون تحقيق مصلحة خاصة لمصدر القرار أو غيره أو أن يكون
الدافع إليه حقد أو عداوة أو خصومة سياسية الأمر الذي لم يقيم عليه أي دليل في الدعوى
الحالية.
ومن حيث إن ما تدفع به وزارة العدل من أن تقدير أهلية رجال القضاء واختيار المستحقين
منهم للترقية هو مما تستقل به السلطة التنفيذية مستعينة في ذلك برأي المنظمات التي
أوجب القانون أخذ رأيها في الحركة القضائية، هذا الدفع مردود بأنه وإن كان للوزارة
كامل السلطة في وضع درجات للأهلية حسبما يتجمع لديها من معلومات تستمدها من واقع أعمال
القاضي وما تدل عليه تقارير التفتيش عنه وسائر الأوراق المودعة ملفه الخاص، وتقديرها
في هذا الشأن هو مما تستقل به متى كان مستنداً إلى ما هو ثابت بأوراق الملف المشار
إليه إلا أن المادة 23 من القانون رقم 66 لسنة 1943 إذ نصت في الفقرة الأخيرة منها
على أنه يجري الاختيار في الوظائف الأخرى (أي وظائف وكلاء المحاكم وما يعادلها وما
فوقها) على أساس الأهلية عدا التساوي تراعى الأقدمية، فقد شرعت قواعد في هذا الخصوص
تجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون، ومن ثم لا يكون الأمر في تطبيق هذه
القواعد من إطلاقات السلطة التنفيذية تباشره بلا معقب عليها وإلا كان التظلم من الإخلال
بها عبثاً لا جدوى منه.
ومن حيث إن الطالب عارض في قبول الملف الخاص به والمتقدم أخيراً من وزارة العدل وطلب
استبعاده من أوراق الدعوى مستنداً في ذلك إلى أن المادة 23 من قانون نظام القضاء تنص
على أنه تتبع في تقديم الطلبات المقدمة من رجال القضاء والفصل فيها القواعد والإجراءات
المقررة للنقض في المواد المدنية وأنه وفقاً لقانون المرافعات لا يجوز تقديم مستندات
إلى محكمة النقض إلا في المواعيد المقررة في ذلك القانون. ولما كان الملف المقدم أخيراً
من وزارة العدل قدم بعد مضي أكثر من سنتين على تقديم الطلب ومن تلقاء نفسها كان هذا
مخالفاًًً للقانون.
ومن حيث إن تحدي الطالب بالمادة 23 من قانون نظام القضاء في طلبه استبعاد الملف الذي
أودع من وزارة العدل بعد الميعاد المخول لها لإيداع المستندات بمقتضى أحكام قانون المرافعات
الخاصة بالطعن بطريق النقض، هذا التحدي مردود بأنه لما كان الطلب المعروض يختلف بطبيعته
عن الطعن بطريق النقض في المواد المدنية لأنه في حقيقته ليس إلا دعوى مبتدأة لم يسبق
عرضها على محكمة قضائية قبل رفعه إلى هذه المحكمة، وكان لا بد للمحكمة من استيفاء جميع
العناصر التي تمكنها من تحقيق الطلب والفصل في موضوعه بعد أن استوفى أوضاعه الشكلية،
وكان من غير المستساغ أن يكون الشارع قد قصد بالنص المشار إليه أن يسد السبيل على المحكمة
في تحقيق الطعن المبني على أن تخطي الطالب في المرسوم المطعون فيه كان عملاً ينطوي
على مخالفة القانون والتعسف في استعمال السلطة، ولهذا جرى قضاء هذه المحكمة في هذا
الطلب وفي أمثاله من طلبات رجال القضاء على تكليف وزارة العدل تقديم بيانات ومستندات
رأت المحكمة ضرورة الاطلاع عليها لإمكان الفصل في هذه الطلبات لما كان ذلك، وكان الملف
المودع أخيراً من وزارة العدل هو جزء مكمل للملف المقدم أصلاً، وكان ضرورياً الاطلاع
عليه لإمكان الفصل في الطلب، فإن طلب استبعاده يكون في غير محله ويتعين رفضه.
ومن حيث إنه وإن كان ليس في التحقيقات التي أودعتها وزارة العدل أخير ملف الدعوى والتي
أمر وزير العدل بحفظها بالملف الخارجي الخاص بالطالب دون أن يسأل فيها – وإن كان ليس
فيها ما يؤخذ عليه أو يحول دون ترقيته، إلا أنه يبين من الاطلاع على الملف الخاص بالطالب
وما احتواه من تقارير وأوراق – أخرى ومن مقارنة أهليته بأهلية من رقوا بمقتضى المرسوم
المطعون فيه إلى درجة وكلاء محاكم من الفئة "ب" أو ما يماثلها ممن كانوا يلونه في الأقدمية
وذلك حسب البيانات الرسمية التي كلفت هذه المحكمة وزارة العدل تقديمها من واقع السجل
السري لهم – يبين من كل ذلك أنه لم يقع في تخطي الطالب في الترقية في الحركة القضائية
الصادر بها المرسوم 26 من سبتمبر سنة 1949 المطعون فيه مخالفة القانون أو تعسف في استعمال
السلطة. ومن ثم يكون على غير أساس طلب إلغاء هذا المرسوم وما ترتب عليه من طلب إلغاء
المرسومين التاليين له الصادرين في 3 من سبتمبر سنة 1950 و20 من يونيه سنة 1951 على
اعتبار أنهما من آثاره ويتعين رفض الطلب بجميع مشتملاته.
