الطعن رقم 112 سنة 20 ق – جلسة 14 /02 /1952
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 3 – صـ 502
جلسة 14 من فبراير سنة 1952
القضية رقم 112 سنة 20 القضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات
أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وسليمان ثابت بك وعبد العزيز سليمان بك وأحمد العمروسي
بك المستشارين.
(م) مسئولية مالك الحيوان عن الضرر الناشئ عنه. خطأ المالك مفترض قانوناً. نفى الحكم
أن الحادث وقع بقوة قاهرة أو بسبب خطأ من جانب المصاب موضوعي. المادة 153 مدني قديم.
متى كان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إذ قضى بتقرير مسئولية
الطاعنة (وزارة الحربية والبحرية) عن الضرر الناشئ عن إحدى الأفراس المملوكة لها قد
أقام قضاءه على أن مورث المطعون عليها كان وكيلاً عسكرياً بالوزارة المذكورة ومن أخص
أعمال وظيفته القيام بالعمل الذي قام به وفقاً لما قرره المجلس العسكري الذي شكل عقب
وقوع الحادث وأنه وقت إصابته كان في طريقه للخروج من ساحة العرض بعد أن تم استعراض
الخيول وأن الحادث لم يقع بقوة قاهرة أو بسبب خطأ من جانب المصاب وإن مسئولية الطاعنة
وهى مالكة الحيوان لا تتوقف وفقاً للمادة 153 مدني (قديم) على خطأ معين يثبت في حقها
وأنها تقوم على مظنة الخطأ وحدها وهي بمثابة قرينة قانونية تستلزم مساءلتها فإن المحكمة
تكون قد نفت في حدود سلطتها الموضوعية وقوع الحادث بقوة قاهرة أو بسبب خطأ من جانب
مورث المطعون عليها وهى إذا قضت بمسئولية الطاعنة عن الضرر الذي أصاب المطعون عليها
بوفاة مورثها تكون قد استندت في هذا الشأن إلى أسباب مسوغة لحكمها.
الوقائع
في يوم 17 من إبريل سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 26 من فبراير سنة 1950 في الاستئنافين رقمي 915 و1237 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 22 من إبريل سنة 1950 أعلنت المطعون عليها بتقرير الطعن. وفي 13 من مايو سنة 1950 أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليها بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 27 منه أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها طلبت فيها عدم قبول الطعن شكلاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 10 من ديسمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها أولاً برفض الدفع المقدم من المطعون عليها بعدم قبول الطعن شكلاً، وثانياً بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 31 من يناير سنة 1952 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث نزل محامي المطعون عليها عن الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً ثم صمم محاميا الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.
المحكمة
… من حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر
أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليها عن نفسها وبصفتها وصياً على أولادها القصر
أقامت الدعوى رقم 1331 سنة 1946 ك مصر على الطاعنة قالت فيها أن مورثها اللواء عبد
الحميد حافظ باشا كان وكيلاً لوزارة الدفاع، وأنه في 16 من يوليه سنة 1944 توجه إلى
القسم البيطري التابع لسلاح الفرسان لمعاينة خيول اشترتها الطاعنة، فلما انطلقت إحدى
الأفراس اصطدمت به فأحدثت به إصابة أفقدته النطق، ثم توفى بسببها في 19 من يوليه سنة
1944، وقالت إن مورثها عند وفاته لم يكن قد جاوز السادسة والخمسين إلا قليلاً، وأنه
قد ثبت من تحقيق المجلس العسكري أن الوفاة حدثت أثناء قيامه بعمله الرسمي.
ومن ثم تكون الطاعنة – بوصفها مالكة للفرس – مسئولة عن التعويض عملاً بالمادة 153 من
القانون المدني القديم وطلبت الحكم بإلزامها بمبلغ ثلاثين ألف جنيه. دفعت الطاعنة الدعوى
بأن مسئولية مالك الحيوان تنتفي إذا ثبت أن الحادث الذي سبب الضرر كانت نتيجة قوة قاهرة
أو بسبب خطأ المصاب نفسه، وأن الحادث الذي أصيب فيه مورث المطعون عليها كان بسبب خطأ
وقع منه، لأنه هو الذي أمر بإطلاق الخيل وكان يعلم أنها حديثة وغير مدربة. وفي 23 من
مايو سنة 1947 قضت المحكمة بإلزام الطاعنة بمبلغ 500 م 5287 ج. فاستأنفت هذا الحكم
كما استأنفته المطعون عليها وقيد استئنافاهما برقمي 915، 1237 سنة 46 ق القاهرة. وفي
26 من فبراير سنة 1950 قضت المحكمة بقبول الاستئنافين شكلاً، وفي الموضوع بتعديل الحكم
المستأنف وإلزام الطاعنة بمبلغ 500 م 7275 ج، استناداً إلى أن الحكم المستأنف قد أصاب
وجه الحقيقة فيما قضى به من مسئولية الطاعنة للأسباب التي استند إليها إلا أنها ترى
أن الحكم الابتدائي قصر التعويض على الأضرار المادية التي سببها الحادث، وأنه يتعين
تعويض الورثة عن الأضرار الأدبية التي لحقتهم وقدرت التعويض عن ذلك بمبلغ 2000 ج أضافته
إلى المبلغ المحكوم به من محكمة أول درجة، فقررت الطاعنة الطعن في هذا الحكم بطريق
النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد من وجهين – حاصل أولهما – أن الطاعنة دفعت الدعوى
بأن خطأ مورث المطعون عليها كان هو السبب المباشر لوقوع الحادث. ذلك أنه قد ثبت من
تحقيقات النيابة أنه هو الذي انتقل على مكان الاستعراض لمشاهدة الخيل، وأنه هو الذي
أمر حارس الفرسين بإطلاق سراحهما، وأنه إذ أمر بذلك لم يقف في مكان أمين، بل هم بالخروج
من ساحة العرض والخيل في عدوها دون أن يتجنب طريقها وقبل أن يأمر بوقفها، وأن الحكم
إذ لم يلق بالاً إلى هذا الدفاع الجوهري، فإنه يكون مشوباً بالقصور كما أنه إذ قرر
المصاب كان وقت إصابته في طريقه إلى الخروج بعد تمام الاستعراض، مع أن الثابت في محضر
التحقيق أنه هم بالخروج قبل توقف الخيل عن عدوها، يكون قد خالف الثابت بالأوراق. وحاصل
الوجه الثاني هو أن الحكم أخطا في الإسناد إذ أضاف مبلغ 2000 ج إلى مبلغ التعويض الذي
قضت به محكمة أول درجة تأسيساً على أن المبلغ المحكوم به ابتدائياً كان عن الأضرار
المادية فقط، مع أن الحكم الابتدائي قدر التعويض عن الضرر الذي لحق المطعون عليها من
الناحيتين المادية والعاطفية.
ومن حيث إن هذا السبب بوجهيه مردود أولاً بأن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم
المطعون فيه في خصوص تقرير مسئولية الطاعنة قال بعد أن أورد دفاعها، إن مورث المطعون
عليها كان وكيلاً عسكرياً لوزارة الدفاع ومن أخص أعمال وظيفته القيام بالعمل الذي قام
به، يؤيد ذلك قرار المجلس العسكري الذي شكل عقب وقوع الحادث، وأنه وقت إصابته كان في
طريقه للخروج من ساحة العرض بعد أن تم استعراض الخيول، ولم يقع الحادث بقوة قاهرة أو
بسبب خطأ من جانب المصاب، وأن مسئولية الطاعنة وهى مالكة الحيوان لا تتوقف وفقاً للمادة
153 مدني (قديم) على خطأ معين يثبت في حقها، وإنما تقوم على مظنة الخطأ وحدها وهى بمثابة
قرينة قانونية تستلزم مساءلتها. ويبين من هذا أن المحكمة بعد أن محصت دفاع الطاعنة،
نفت في حدود سلطتها الموضوعية وقوع الحادث بقوة قاهرة أو بسبب خطأ من جانب مورث المطعون
عليها، وإنها إذ قضت بمسئولية الطاعنة عن الضرر الذي أصاب المطعون عليها بوفاة مورثها
قد استندت في هذا الشأن إلى أسباب مسوغة لحكمها، وليس فيما أسست عليه حكمها خطأ في
الإسناد كما تزعم الطاعنة، ومردود ثانياً بأن الحكم الابتدائي إذ قدر التعويض استند
إلى "أن الثابت الذي تدل عليه أوراق الدعوى ولم يقم دليل على عكسه أن مورث المطعون
عليها كان متمتعاً حال حياته بصحة موفورة وقد توفي وهو في السابعة والخمسين من عمره.
فإذا صح الفرض بأن اكتمال صحته ونشأته العسكرية يسمحان باحتمال امتداد أجله إلى سن
السبعين وهو متوسط عمر العسكريين لكانت خسارة المطعون عليها المادية محسوبة على هذا
الأساس هي الفرق بين مرتبه والمعاش الذي قرر لها عن المدة الباقية حتى بلوغه سن الستين
مضافاً إليه الفرق بين المعاش الذي كان يستحقه لو أنه خرج في سن الستين والمعاش الذي
يتقاضاه الورثة الآن حتى بلوغه سن السبعين. وجملة ذلك هو مبلغ 500 م 5287 ج ويبين من
هذا الذي أورده الحكم أن محكمة أول درجة وإن كانت قد أشارت في أسباب حكمها إلى أن الورثة
يستحقون التعويض عن الضررين المادي والعاطفي، إلا أنها عند تقدير مبلغ التعويض حسبته
على أساس الضرر المادي فقط، فمحكمة الاستئناف إذ قررت أن المبلغ المقضي به ابتدائياً
لم يتضمن التعويض عن الضرر الأدبي وقضت بزيادته حتى يشمل تعويض الضررين معاً، فإنها
لا تكون قد أخطأت في فهم الأساس الذي بني عليه الحكم الابتدائي تقديره التعويض ولم
تجاوز في حكمها نطاق سلطتها في زيادة مبلغه إذ كان الاستئناف مرفوعاً من الطاعنة عن
الحكم الابتدائي.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
