الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 196 سنة 19 ق – جلسة 24 /01 /1952 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 3 – صـ 390

جلسة 24 من يناير سنة 1952

القضية رقم 196 سنة 19 القضائية

برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد الحميد وشاحي بك ومحمد نجيب أحمد بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز سليمان بك المستشارين.
حراسة:
أ – أجرة الحراسة. جواز تقريرها باتفاق لاحق للحكم القاضي بها ولو كان منصوصاً فيه على أن تكون بغير أجر. الأحكام المدنية يجوز للخصوم الاتفاق على خلاف موجبها.
ب – أجرة الحراسة. تقريرها بالحكم أو باتفاق الخصوم. سريانها إلى أن تعدل أو تلغى بحكم آخر أو اتفاق جديد.
ج – عقد. إقرار فيه. تفسيره. إقرار من المستحقين في وقف بسريان أجرة الحراسة ما دامت الحراسة قائمة. اعتبار المحكمة هذا الإقرار غير ملزم للموقعين عليه طوال مدة الحراسة. تحريف لمدلوله. خطأ في تطبيق قانون العقد.
1 – من الجائز أن يكون تقرير أجرة الحراسة القضائية باتفاق بين أصحاب الشأن لاحق للحكم القاضي بفرضها حتى ولو كان هذا الحكم قد نص على أن تكون بغير أجر. ذلك أن للخصوم في الأحكام الصادرة في المواد المدنية أن يتفقوا على خلاف ما قضت به.
2 – إن أجر الحارس القضائي الذي يقرر سواء بحكم أو باتفاق بين أصحاب الشأن يظل سارياً حتى يلغى أو يعدل بحكم أو اتفاق جديد.
3 – إذا كانت عبارة الإقرار الصادر من المستحقين في الوقف واضحة الدلالة على سريان أجرة الحراسة ما دامت الطاعنة قائمة بإدارة الوقف بوصفها حارسة عليه وليس فيها أي نص يفيد توقيت الأجرة لمدة معينة قبل انقضاء هذه الحراسة فإن اعتبار المحكمة هذا الإقرار غير ملزم للموقعين عليه طوال مدة قيام الحراسة ذلك يكون خطأ في تطبيق قانون العقد لما فيه من تحريق لعبارته الواضحة وخروج عن ظاهر مدلولها.


الوقائع

في يوم 28 من نوفمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر في 15 من نوفمبر سنة 1949 في الاستئنافين رقمي 659 سنة 1949 و560 سنة 1949 س مصر الابتدائية وذلك بتقرير طلبت فيه الطاعنة الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بإلغاء حكم محكمة الدرجة الأولى فيما قضى به على الطاعنة والحكم برفض دعوى المطعون عليه قبلها. واحتياطياَ إحالة القضية على محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليه في كلتا الحالتين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجات الثلاث. وفي 3 من ديسمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 17 منه أودعت الطاعنة أصل ورقة إعلان المطعون عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتها. وفي 4 من يناير سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 19 من سبتمبر سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنة بالمصروفات. وفي 20 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامياً الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

… من حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تتحصل حسبما يستفاد منه ومن سائر الأوراق المقدمة في الطعن، في أن المطعون عليه مستحق في وقف المرحوم حسن بركات لحصة مقدارها خمسة قراريط وربع قيراط، وأنه بموجب الحكم الصادر في 18 من أكتوبر سنة 1937 من محكمة مصر الابتدائية في الاستئناف رقم 762 سنة 1937 أقيمت الطاعنة وهى الناظرة على الوقف المذكور حارسة قضائية عليه بلا أجر لإدارته وفقاً للحكم الصادر في الدعوى رقم 411 مستعجل مصر سنة 1936 وأنه بمقتضى إقرار موقع عليه في 22 من نوفمبر سنة 1937 بمحكمة الوايلي الجزئية من المطعون عليه وآخرين من المستحقين جعل للطاعنة مقابل قيامها بإدارة الوقف أجر مقداره عشرة في المائة من استحقاقهم في إيراده، وأن المستحقين ومنهم المطعون عليه اعتمدوا كشوف حساب هذا الوقف عن السنوات من 1938 حتى 1946 وقد تضمنت خصم أجر الحراسة الأنف ذكره من استحقاق كل منهم، وأن المطعون عليه أقام على الطاعنة الدعوى رقم 35 جزئي مصر الجديدة سنة 1949 بطلب الحكم بإلزامها بأن تدفع إليه مبلغ 786 م و100 جنيه نصيبه فيما خصمته من إيراد سنتي 1947 و1948 مقابل أجر حراستها على الوقف وذلك استناداً إلى أن توقيعه على الإقرار سالف ذكره كان نتيجة إكراه أدبي وقع عليه بسبب الديون التي كان غارقاً فيها وخشية من امتناع الطاعنة عن دفع النقود المقررة له وإلى أن تعيين الطاعنة حارسة بلا أجر كان بناء على قبولها ذلك أمام المحكمة بما لا يجيز لها أخذ أجر عن حراستها إلا بحكم من القضاء، فدفعت الطاعنة الدعوى بأن حقها في المطالبة بأجر حراستها على الوقف مؤسس على إقرار المستحقين ومنهم المطعون عليه بهذا الأجر سواء في الاتفاق المؤرخ في 22 من نوفمبر سنة 1937 أو في كشوف الحساب المعتمدة من المستحقين سنوياً منذ سنة 1938 حتى سنة 1946، وهو اتفاق مشروع لا يخالف النظام العام والآداب وله سبب قائم هو ما تبذله الطاعنة من جهد في إدارة الوقف كما أن الأصل في الحراسة أن تكون بأجر وسيان أن يكون تقرير هذا الأجر بالحكم القاضي بالحراسة أو باتفاق أصحاب الشأن. وفي 7 من مارس سنة 1949 قضت محكمة مصر الجديدة الجزئية بإلزام الطاعنة بأن تدفع إلى المطعون عليه مبلغ 800 م، 50 ج نصيبه فيما خصمته مقابل أجر حراستها عن سنة 1948 ورفض دعواه بالنسبة إلى نصيبه في أجر حراستها عن سنة 1947، وتتحصل الأسباب التي أقيم عليها هذا الحكم في أن اتفاق المستحقين مع الطاعنة بعد تعيينها حارسة مجاناً على أجر لها مقابل الحراسة هو اتفاق مشروع وأنه ليس مستساغاً قول المطعون عليه بأنه وقع على هذا الاتفاق مكرهاً ولاسيما أنه قد اعتمد كشوف الحساب عن المدة من سنة 1938 حتى سنة 1946 إذ كان في مقدوره أن لا يعتمدها كما فعل بالنسبة إلى حساب سنتي 1947 و1948 وأن الاتفاق المشار إليه هو من قبيل الوكالة الاتفاقية التي تظل ملزمة لطرفيها ما لم يحصل إخطار بالعزل منها وأنه لما كان لم يقم الدليل على أن المطعون عليه عزل الطاعنة من هذه الوكالة حتى نهاية سنة 1947 وكان امتناعه عن اعتماد كشف الحساب الخاص بها يتضمن العزل من الوكالة من ذلك التاريخ فتكون دعواه على أساس بالنسبة إلى ما خصمته من حصته مقابل أجر الحراسة في سنة 1948 وغير صحيحة بالنسبة إلى ما خصمته منها في سنة 1947. استأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 560 محكمة مصر الابتدائية سنة 1949 كما استأنفته الطاعنة وقيد استئنافها برقم 659 وقررت المحكمة ضم الاستئناف الثاني إلى الأول ثم قضت في 15 من نوفمبر سنة 1949 في الاستئنافين بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنة بأن تدفع إلى المطعون عليه مبلغ 786 م، 100 ج وذلك بناء على أسباب تتحصل في أن الأصل في الحراسة القضائية أن تكون بأجر إلا إذا نزل الحارس مقدماً عن أجره وأنه وإن كان الاتفاق المحرر في 22 من نوفمبر 1937 هو اتفاق مشروع إلا أنه قد تم مخالفاً لحكم القضاء الذي تستمد منه الحارسة سلطتها وتحدد ما لها من حقوق وما عليها من واجبات وأن مثل هذا الاتفاق لا يمكن التوسع في تفسيره واعتباره ملزماً للمستحقين طوال مدة الحراسة "على الأخص إذا لم يذكر فيه ما إذا كان خاصاً بأجر عام واحد أو غير ذلك مع ما هو معروف من أن ريع الوقف وغلته تتجدد سنوياً" وأنه: "إذا ما تقرر ذلك وأبى أحد المستحقين الاستمرار في إقرار هذا الاتفاق… فلا يكون للحارسة سوى العودة إلى الأصل الذي استمدت منه سلطانها وحقوقها وهو حكم القضاء أو الالتجاء إلى القضاء نفسه لإقرار هذا الاتفاق أو تقرير أجر لها" وأنه لما كان ثابتاً بالمستندات المقدمة من الطاعنة أن المطعون عليه كان يوقع على كشوف الحساب سنوياً لغاية سنة 1946 أما في عامي 1947 و1948 فقد امتنع عن التوقيع عليها واقتصر على التوقيع على إيصال مستقل باستلام المبلغ الذي أظهرته الحارسة كاستحقاق له من أصل استحقاقه وهو ما يكفى للدلالة على عدم قبوله أداء أجر الحراسة للحارسة التي عينها القضاء بلا أجر، فتكون دعوى المطعون عليه على الطاعنة على أساس سليم. فقررت الطاعنة الطعن بطريق النقض في هذا النقض في هذا الحكم.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه خالف القانون كما أخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين (أولهما) إذ اعتمدت المحكمة في قضائها على ما قررته من أن إقرار المطعون عليه وبقية المستحقين بتقدير أجر للطاعنة مقابل حراستها على الوقف بواقع عشرة في المائة من استحقاقهم في إيراده هو اتفاق جاء ناسخاً لما ورد في حكم الحراسة من إقامتها حارسة بلا أجر وأنه لذلك إذا أبى أحد المستحقين الاستمرار في دفع هذا الأجر فلا يكون للطاعنة إلا الالتجاء إلى القضاء الذي أقامها حارسة لتقرير أجر لها مع أن الأصل في الحراسة القضائية أن تكون بأجر وسيان أن يكون تقرير هذا الأجر بالحكم القاضي بها أو باتفاق لاحق له يتم بين أصحاب الشأن: وأن للخصوم في الأحكام الصادرة في المواد المدنية أن يتفقوا على النزول عنها وعدم التمسك بها أو مخالفة ما تقضي به أو تعديله. وذلك متى كان اتفاقهم مشروعاً غير مخالف للنظام العام والآداب، كما هو الحال في الإقرار الصادر من المطعون عليه في 22 من نوفمبر سنة 1937، وهو ما قررته المحكمة. وأنه ينبني على ذلك أن يكون هذا الاتفاق ملزماً للمتعاقدين ولا يجوز لأحدهما الخروج عن مقتضاه لما في ذلك من مخالفة القوة الملزمة للعقد الذي هو قانون المتعاقدين: وبذلك تكون المحكمة، إذا أوجبت على الطاعنة – وقد أبى المطعون عليه الاستمرار في تنفيذه – الالتجاء إلى القضاء لتقرير هذا الأجر، قد أهدرت هذا الاتفاق (والوجه الثاني) إذ قالت المحكمة بعدم التوسع في تفسير الاتفاق المشار إليه واعتباره غير ملزم للمطعون عليه وبقية المستحقين طوال مدة الحراسة – مع أن عبارته صريحة الدلالة على سريانه طوال المدة التي تقوم فيها الطاعنة بإدارة شئون الوقف بوصفها حارسة عليه.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الإقرار المصدق عليه في 22 من نوفمبر سنة 1937 بقلم كتاب محكمة الوايلي الجزئية من المطعون عليه وآخرين من المستحقين في وقف المرحوم حسن بركات أنه جاء فيه "نقر أننا قد قدرنا للست صفية هانم بركات (الطاعنة) أجراً لها نظير إدارتها لشئون هذا الوقف قدره عشرة في المائة من استحقاقنا في إيراد الوقف المذكور وذلك لأنها قد انفردت بإدارته بمقتضى الحكم الصادر لها من محكمة استئناف مصر الأهلية بتعيينها حارسة قضائية على الوقف المذكور وهذا الأجر هو أجر مثلها وقد قدرناه لها برضانا واختيارنا ونظير مجهودها وما تبذله من أعمال في إدارة الوقف مراعية في ذلك مصلحته ومصلحتنا وتحرر هذا إقرار منا بذلك للعمل بموجبه". وهذه العبارة واضحة الدلالة على سريانه ما دامت الطاعنة تقوم بإدارة الوقف بوصفها حارسة عليه وليس فيها أي نص يفيد توقيت الأجر لمدة معينة قبل انقضاء هذه الحراسة، مما يكون معه خطأ في تطبيق قانون العقد اعتبار المحكمة هذا الإقرار غير ملزم للموقعين عليه طوال مدة قيام الحراسة، لما في هذا الاعتبار من تحريف لعبارته الواضحة وخروج عن ظاهر مدلولها، لما كان ذلك وكان جائزاً أن يكون تقرير أجر الحراسة القضائية باتفاق بين أصحاب الشأن لاحق للحكم القاضي بفرضها حتى ولو كان هذا الحكم قد نص على أن تكون بغير أجر، ذلك أن للخصوم في الأحكام الصادرة في المواد المدنية أن يتفقوا على خلاف ما قضت به. مما ينبني عليه أن يكون الإقرار الصادر من المطعون عليه في 22 من نوفمبر سنة 1937 بتقرير أجر للطاعنة مقابل حراستها على الوقف بواقع عشرة في المائة من استحقاقه فيه هو تعاقد صحيح قانوناً متى خلا من شوائب الرضا – لما كان ذلك يكون خطأ في القانون قول المحكمة بأنه إذا أبى أحد المستحقين الاستمرار في تنفيذ إقراره فلا يكون للطاعنة إلا الالتجاء إلى القضاء لتقرير أجر حراستها، ذلك أن أجر الحارس القضائي الذي يقرر سواء بحكم أو باتفاق بين أصحاب الشأن يظل سارياً حتى يلغى أو يعدل بحكم آخر أو اتفاق جديد، الأمر الذي لم يحصل في الدعوى، ومن ثم يكون الطعن في محله ويتعين نقض الحكم المطعون فيه

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات