الطعن رقم 3 سنة 20 ق – جلسة 10 /01 /1952
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الثاني – السنة 3 – صـ 362
جلسة 10 يناير سنة 1952
القضية رقم 3 سنة 20 القضائية
برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا، وكيل المحكمة وبحضور
حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك وعبد الحميد شاحي بك وعبد العزيز سليمان بك
وأحمد العمروسي بك المستشارين.
أ – دعوى منع تعرض. أساسها. حيازة المدعي للعقار الذي يطلب منع التعرض فيه. إقامة الحكم
فيها على ثبوت ملكية المدعي لهذا العقار. مخالفة للقانون. عدم استظهار وجه التعرض مخالفة
أخرى.
(ب) – نقض. حكم تمهيدي قضى بإجراء تحقيق لازم في الدعوى. كون الدعوى في حاجة إلى تحقيق
آخر. لا يستوجب نقضه.
1 – إن الشرط الأساسي لدعوى اليد هو حيازة المدعي بشروطها القانونية للعقار الذي يطلب
منع التعرض له فيه، ولا محل فيها لبحث الملكية ومستنداتها إلا على سبيل الاستئناس للتحقق
من صفة وضع اليد لا لتأسيس الحكم عليها. فإذا كان الطاعن ينازع في حيازة المطعون عليه
للحارة المخصصة لمنفعة قطع التقسيم التي يملك هو إحداها، وكانت المحكمة قد حققت شطراً
من دفاع الطاعن وأوردت في حكمها أن الدعوى رفعت قبل مضى سنة من حصول التعرض ولم تلق
بالاً إلى تحقيق الشطر الآخر المتضمن منازعة الطاعن في توافر حيازة المطعون عليه للحارة
المذكورة، وكان الخبير الذي اعتمدت المحكمة في حكمها على تقريره قد أثبت في هذا التقرير
أن الطاعن محق في فتح باب على الحارة، ومع ذلك اعتبرت هذا العمل منه تعرضاً دون أن
تستظهر وجه التعرض في هذا الخصوص وهو الشرط المسوغ لدعوى التعرض وأقامت حكمها على ثبوت
ملكية المطعون عليه للحارة، فإن حكمها يكون قد خالف القانون.
2 – إذا كان الحكم التمهيدي الصادر في الدعوى قد أمر بإجراء تحقيق لازم للفصل في الدعوى
فليس مما يوجب نقضه أن الدعوى كانت في حاجة إلى تحقيق آخر أغفلته المحكمة.
الوقائع
في يوم 7 من يناير سنة 1950 طعن بطريق النقض في حكمي محكمة مصر
الابتدائية بهيئة استئنافية الصادر أولهما في 29 من مارس سنة 1949 والآخر في 11 من
أكتوبر سنة 1949 في القضية المدنية رقم 1169 سنة 1948 س وذلك بتقرير طلب فيه الطاعن
الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكمين المطعون فيهما والقضاء في موضوع
الدعوى بإلغاء الحكم الصادر من محكمة عابدين في 18 من فبراير سنة 1948 وبرفض دعوى المطعون
عليه وإلزامه بجميع المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن درجات التقاضي. وفي 14 من يناير
سنة 1950 أعلن المطعون عليه بتقرير الطعن. وفي 24 منه أودع الطاعن أصل ورقة إعلان المطعون
عليه بالطعن وصورة مطابقة للأصل من كل من الحكمين المطعون فيهما ومذكرة بشرح أسباب
الطعن وحافظة بمستنداته. وفي 20 من فبراير سنة 1950 أودع المطعون عليه مذكرة بدفاعه
مشفوعة بمستنداته طلب فيها رفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وفي أول مارس سنة 1950 أودع الطاعن مذكرة بالرد. وفي 7 من أكتوبر سنة 1951 وضعت النيابة
العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفض الأسباب الأول والثاني
والرابع والسادس من أسباب الطعن وعدم قبول الأسباب الثالث والخامس والسابع وإلزام الطاعن
بالمصروفات.
وفي 27 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة حيث صمم محامياً
الطرفين والنيابة العامة على ما جاء بمذكراتهم. والمحكمة أرجأت إصدار الحكم إلى جلسة
اليوم.
المحكمة
… من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه، وسائر أوراق الطعن، تتحصل في
أنه كان لوقف السيدة زينب عبد الرحمن منزل وملحقاته على قطعة أرض مساحتها 4114 متراً
مربعاً على شارعي السلطان حسين والمدبولي وحارة محو. وفي أول يونيه سنة 1935 قررت المحكمة
الشرعية استبدال 3161 متراً مربعاً و60 سنتياً منها للمطعون عليه نظير قيامه ببناء
عمارة للوقف على جزء من باقي المساحة ويدخل الجزء الآخر في الشوارع الخاصة التي تحد
العمارة. وقسم المطعون عليه ما خصه قطعاً للبناء تتخللها شوارع لمنفعة قطع التقسيم
– وفي 23 من إبريل سنة 1946 أقام الدعوى رقم 1604 سنة 1946 على الطاعن أمام محكمة عابدين
الجزئية وقال في صحيفتها أن الطاعن كان قد اشترى إحدى المساحات المقسمة من أرض الوقف
وهى المرموز لها برقم 8 ثم اشترى المنزل رقم 3 بحارة محو، وأنه أقام جراجاً للسيارات
في الدور الأرضي للمبنى المقام على المساحتين، وهدم السور الذي بناه المطعون عليه،
والفاصل بين حارته الخصوصية وبين منزل الطاعن رقم 3، وأن الطاعن اغتصب من الأرض المملوكة
له والتي كان عليها السور 0.75 سم، وفتح باباً على الحارة الخصوصية المملوكية له –
المطعون عليه – لمرور السيارات إلى الطريق العام من الحارتين الخصوصيتين المخصصتين
لمنفعة قطع التقسيم، وفتح أيضاً نافذة على الحارة السالفة الذكر دون أن يترك المسافة
القانونية، كما فتح في القطعة الأخرى التي اشتراها من التقسيم باباً آخر للجراج، وأن
هذه الاعتداءات لم يمض على وقوعها سوى يومين وطلب الحكم بمنع تعرض الطاعن في الحارات
الخصوصية المملوكة له، وإلزامه بإعادة السور الفاصل بينها وبين ملك الطاعن رقم 3 حارة
محو إلى ما كان عليه، وسد البابين والنافذة المفتوحة عليها. دفع الطاعن الدعوى بأن
السور مملوك له ويدخل في عقد تمليكه، وفي 12 من يونيه سنة 1946 قضت المحكمة تمهيدياً
بندب خبير هندسي للانتقال إلى الأرض موضوع النزاع ومعاينتها والاطلاع على مستندات الطرفين،
وتحقيق دفاع كل منهما. فقدم الخبير تقريره، وأورد فيه أنه ليس للطاعن حق في فتح الباب
والشباك بالحائط الغربي للجراج وهما المطلان على حارة حمودة، وأن الطاعن مالك في تقسيم
حمودة المنزل رقم 8 الواقع على أحد جانبي حارة حمودة وله حق المرور بالحارة الخصوصية
المذكورة بالعربات على أن يكون ذلك من الأبواب الخاصة بالمنزل المذكور، وأنه حسب عقود
المساحة الحديثة المقدمة من المطعون عليه وعقد الطاعن الصادر له من شاهين باشا وحسب
خريطة المساحة يكون الطاعن قد تعدى على 20 سم فقط ببناء حائط في الحارة ملك المطعون
عليه، وأما حسب عقد تمليك شاهين باشا المؤرخ في 26 من أكوبر سنة 1891 فإنه يكون قد
بني الحائط في ملكه الخاص. وفي 18 من فبراير سنة 1948 قضت المحكمة بمنع تعرض الطاعن
في الحارة الخصوصية المبينة بعريضة الدعوى، وإلزامه بإعادة السور المملوك للمطعون عليه
والفاصل بين حارته الخصوصية وملك الطاعن رقم 3 حارة محو إلى ما كان عليه، وسد البابين
والنافذة المفتوحة من الجراج على حارة المطعون عليه الخصوصية. استأنف الطاعن هذا الحكم
وقيد استئنافه برقم 1169 سنة 1948 مستأنف مصر. وكان من ضمن أسباب استئنافه أن المحكمة
لم تحقق وضع يد المطعون عليه وهو شرط أساسي لدعوى منع التعرض. وفي 29 من مارس سنة 1949
قضت محكمة ثاني درجة بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات أن المطعون عليه أقام الدعوى
عقب حصول التعرض وقبل مضى سنة على وقوعه. وفي 11 من أكتوبر سنة 1949 قضت في موضوع الاستئناف
برفضه وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه أخطأ في تطبيق القانون من ثلاثة أوجه – الوجه
الأول – إذا أسس قضاءه على أن الحارة والسور محل النزاع مملوكان للمطعون عليه، في حين
أنه لا يجوز الحكم في دعوى منع التعرض على أساس ثبوت الملكية وذلك عملاً بالمادة 29
من قانون المرافعات (القديم) – والوجه الثاني – إذ قضى في الدعوى دون تحقيق شرط الحيازة
الذي يوجب القانون توافره لقبول دعوى منع التعرض وذلك رغم أن الطاعن نازع لدى محكمة
الموضوع في توافر هذا الشرط، ومع ذلك اكتفت المحكمة في حكمها التمهيدي الصادر في 29
من مارس سنة 1949 بالإحالة على التحقيق لإثبات أن الدعوى أقيمت عقب حصول التعرض وقبل
مضى سنة على وقوعه، دون أن تأمر بتحقيق شرط الحيازة – والوجه الثالث – إذ اعتبر الحكم
أن فتح الطاعن باباً في المبنى المقام على القطعة رقم 8 وهي من قطع التقسيم التي خصص
المطعون عليه حارة حمودة لمنفعتها – اعتبر ذلك تعرضاً مع أن الخبير المنتدب من محكمة
أول درجة أثبت في تقريره الذي اعتمد عليه الحكم في قضائه، أن الطاعن محق في فتح باب
ومطلات من هذا المبنى على الحارة المذكورة، مما كان لا يجوز معه للمحكمة أن تعتبر فتح
الباب في هذا المبنى على الحارة السالفة الذكر تعرضاً يقتضي الحكم بسده.
ومن حيث إن هذا النعي بجميع أوجهه في محله. ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون
فيه، أن الدعامة الأساسية التي أقام عليها قضاءه بمنع تعرض الطاعن في الحارة والسور،
هي ثبوت ملكية المطعون عليه لهما. ولا عبرة بما ورد به من "أنه ليس هناك خلاف بين طرفي
الخصومة على أن الحارات مملوكة للمدعي (المطعون عليه) وفي وضع يده" ذلك لأنه يبين من
الاطلاع على مذكرة الطاعن لدى محكمة أول درجة وكذلك على عريضة استئنافه ومذكرته لدى
محكمة ثاني درجة – المودعة صورها الرسمية جميعاً بملف الطعن – وما أثبته الحكم التمهيدي
الصادر منها في 29 من مارس سنة 1949، أن الطاعن كان ينازع في حيازة المطعون عليه للحارة
المشار إليها بعد أن أصبحت مخصصة لمنفعة قطع التقسيم، والمحكمة إذ حققت شطراً من دفاع
الطاعن وأوردت في أسباب حكمها أن الدعوى رفعت قبل مضى سنة من حصول التعرض فإنها لم
تلق بالاً إلى تحقيق الشطر الآخر المتضمن منازعة الطاعن في توافر حيازة المطعون عليه
للسور والحارة. ولما كان الشرط الأساسي لدعوى اليد هو حيازة المدعي بشروطها القانونية
للعقار الذي يطلب منع التعرض له فيه، ولا محل فيها لبحث الملكية ومستنداتها إلا على
سبيل الاستئناس للتحقق من صفة وضع اليد لا لتأسيس الحكم عليها، وكان الخبير الذي اعتمد
الحكم على تقريره قد أثبت فيه أن الطاعن محق في فتح باب الحارة من المبنى القائم على
قطعة تقسم حمودة رقم 8، وكان الحكم قد اعتبر هذا العمل من جانب الطاعن تعرضاً دون أن
يستظهر وجه التعرض في هذا الخصوص وهذا الشرط المسوغ للدعوى لما كان ذلك يكون الحكم
المطعون فيه الصادر من محكمة مصر الابتدائية بهيئة استئنافية في 11 من أكتوبر سنة 1949
قد خالف القانون مما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن المنصبة على هذا
الحكم.
ومن حيث إن التحقيق الذي أمر به الحكم التمهيدي الصادر في 29 من مارس سنة 1949 كان
لازماً للفصل في الدعوى وليس مما يوجب نقضه أن الدعوى كانت في حاجة إلى تحقيق آخر في
خصوص الحيازة وهو ما أغفلته المحكمة، ومن ثم يتعين رفض الطعن في خصوص هذا الحكم.
