الطعن رقم 21 لسنة 47 ق – جلسة 14 /04 /1982
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 33 – صـ 409
جلسة 14 من أبريل سنة 1982
برئاسة السيد المستشار محمد كمال عباس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد علي هاشم، فهمي عوض مسعد، جهدان حسين عبد الله ومحمود شوقي أحمد.
الطعن رقم 21 لسنة 47 القضائية
(1، 2) حكم. "حجية الحكم الجنائي". إثبات.
حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. نطاقها.
القضاء بالبراءة تأسيساً على قيام وكالة المطعون ضده للطاعن في إدارة أرضه الزراعية.
لزوم ذلك للفصل في الدعوى الجنائية. أثره. تقيد المحكمة المدنية بهذا الوصف في شأن
العلاقة بين الطرفين. مثال.
1 – مفاد المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات، وعلى
ما جرى به قضاء محكمة النقض يدل على أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية
أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك
بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا
فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها
ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها
مخالفاً للحكم الجنائي السابق.
2 – إذا كان البين من الحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا بتاريخ 12/ 2/ 1972 المرفق
صورته الرسمية بالأوراق في قضية النيابة العامة رقم 574 لسنة 67 مغاغة (83 لسنة 1967
كلي) أنه قضى ببراءة الطاعن من تهمة التزوير المسندة إليه وبرفض دعوى المطعون عليه
المدنية بطلب التعويض وأسست قضاءها في ذلك على ثبوت قيام وكالة من المطعون عليه للطاعن
في إدارة أرضه الزراعية نيابة عنه واستمرار هذه الوكالة إلى سنة 1964، ومن ثم فإن فصل
الحكم الجنائي في هذه المسألة على النحو السالف البيان لازم لقضائه بالبراءة فتكون
له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر
وقضى بإلزام الطاعن بالمبلغ المحكوم به على أساس أنه كان مغتصباً لأرض المطعون عليه
الزراعية عن المدة من سنة 1962 إلى 1964 فإنه يكون قد خالف حجية الحكم الجنائي السابق
وأخطأ في تطبيق القانون.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار
المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في
أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 3492 سنة 1971 شمال القاهرة الابتدائية على الطاعن
وابنه طالباً الحكم بإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ ألفين وأربعمائة جنيه، وقال
شرحاً لذلك أنه يمتلك أرضاً زراعية مساحتها عشرة أفدنة وأن الطاعن وضع اليد عليها وامتنع
عن أداء مقابل الانتفاع بها طوال المدة من سنة 1958 إلى سنة 1966 ومن ثم أقام الدعوى
بطلب ريعها خلال هذه المدة وهي المبلغ المطالب به بتاريخ 30/ 12/ 1971 حكمت المحكمة
بندب مكتب الخبراء لأداء المهمة المبينة بالمنطوق، وبعد أن قدم الخبير تقريره عادت
فحكمت بتاريخ 3/ 4/ 1975 (أولاً) بسقوط الدعوى بالتقادم الخمسي عن المطالبة خلال المدة
من سنة 1958 إلى نهاية سنة 1961. (ثانياً) بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون ضده بمبلغ
1297 ج و800 م ريعاً عن المدة من أول سنة 1962 إلى نهاية سنة 1966 استأنف الطاعن هذا
الحكم بالاستئناف رقم 2097 سنة 92 ق القاهرة. وبتاريخ 9/ 11/ 1976 حكمت المحكمة بالتأييد.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم
وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
ومن حيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة
القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في صحيفة الاستئناف بحجية الحكم الصادر ببراءته
من محكمة الجنايات في القضية رقم 574 سنة 1967 كلي المنيا فيما قام عليه هذا القضاء
من أنه كان وكيلاً عن المطعون ضده في إدارة أرضه الزراعية المطالب بريعها، وقد حاز
هذا الأساس حجية الأمر المقضي، وإذ ألزمه الحكم المطعون فيه بالريع تأسيساً على أنه
كان غاصباً لهذه الأطيان، فإنه يكون قد أهدر حجية الحكم الجنائي بما يعيبه بمخالفة
القانون.
ومن حيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية
تنص على أن يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية
بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم
يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها
ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة.
ولا يكون له هذه القوة إذ كان مبيناً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون، وكانت المادة
102 من قانون الإثبات تنص على أن "لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع
التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً"، فإن مفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء
هذه المحكمة أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية
كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية
والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية
في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها
وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها كي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي
السابق له، وإذ كان ذلك وكان البين من الحكم الصادر من محكمة جنايات المنيا بتاريخ
12/ 2/ 1972 المرفق صورته الرسمية بالأوراق – في قضية النيابة العامة رقم 574 مغاغة
سنة 1967 (83 سنة 1967 كلي) أنه قضى ببراءة الطاعن من تهمة التزوير المسندة إليه وبرفض
دعوى المطعون عليه المدنية بطلب التعويض، وأسست قضاءها في ذلك على ثبوت قيام وكالة
من المطعون عليه للطاعن في إدارة أرضه الزراعية نيابة عنه واستمرار هذه الوكالة إلى
سنة 1964 ومن ثم فإن فصل الحكم الجنائي في هذه المسألة على النحو السالف البيان لازم
لقضائه بالبراءة فتكون له قوة الشيء المحكوم فيه أمام المحاكم المدنية، وإذ خالف الحكم
المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلزام الطاعن بالمبلغ المحكوم به على أساس أنه كان مغتصباً
لأرض المطعون عليه الزراعية عن المدة من سنة 1962 إلى سنة 1964 فإنه يكون قد خالف حجية
الحكم الجنائي السابق وأخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه، لهذا السبب دون حاجة
لبحث السبب الثاني من أسباب الطعن.
