الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 62 سنة 19 ق – جلسة 20 /12 /1951 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 3 – صـ 220

جلسة 20 من ديسمبر سنة 1951

القضية رقم 62 سنة 19 القضائية

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة، وبحضور حضرات أصحاب العزة: عبد المعطي خيال بك، وعبد الحميد وشاحي بك، ومصطفى فاضل بك، وعبد العزيز سليمان بك، المستشارين.
حكم. تسبيبه. مخاطر الملك. تأجير ماكينة معينة نشأ عن استعمالها حريق التهم محصول المدعي. إقامة الدعوى على المؤجر تأسيساً على المسئولية التقصيرية. الحكم ابتدائياً بمسئولية المؤجر. إلغاء هذا الحكم استئنافياً. اعتماد على الحكم الاستئنافي على أسباب لا ترد أسباب الحكم الابتدائي. قصور معيب.
إذا كان الطاعن قد أسس دعواه على مسئولية المطعون عليها (وزارة الأوقاف) مسئولية تقصيرية ذلك أنها أجرت له ماكينة لاستعمالها في دراس القمح كانت معيبة وقصرت هي فيما يجيب عليها من إصلاحها فنشأ عنها حريق التهم جانباً كبيراً من محصول القمح، وكانت المحكمة الابتدائية قد قضت بمسئولية المطعون عليها بناء على ما اتضح لها من تقرير خبير دعوى إثبات الحالة من أن هذه الماكينة هي التي يرجع إليها سبب الحريق إذ كانت معيبة ولم تعن المطعون عليها بصيانتها وإعدادها للعمل، وأن ما دافعت به الوزارة من أنها لم تؤجر الماكينة للطاعن لدراس القمح وإنما أجرتها له لدراس الفول غير صحيح بدليل أنه دفع إليها أجرتها بموجب إيصال محرر في تاريخ يقع في أوان درس القمح وأن سائق الماكينة التابع للوزارة والخاضع لتعليماتها بدأ عمله عليها في دراس القمح، ثم جاءت محكمة الاستئناف فألغت هذا الحكم معتمدة في ذلك على أن العيوب التي وجدت بالماكينة إنما ترجع إلى سوء صناعتها وأنه لم يكن في مكنة الوزارة تلافيها، وعلى أن التشريع المصري السابق لم يقر المسئولية الشيئية المترتبة على مجرد ملكيه الشيء، وأن الطاعن إنما تسلم الماكينة للري ثم لدارس الفول ولم يتسلمها لدراس القمح وما دام هو قد استعملها في غير ما أجرت له فهو يتحمل نتيجة تصرفه، وأن الإيصال المتضمن دفعه أجرة الماكينة لم يوضح به أن هذه الأجرة كانت عن دراس القمح، فإن حكم محكمة الاستئناف يكون قاصراً قصوراً يبطله. ذلك بأنه إذ أرجع سبب الحادث إلى سوء التصميم وحده قد أغفل الاعتبار بالعيوب الأخرى التي أثبتها الخبير دون أن يبين لما ذا لم يعتبر بها، ثم إن ما قرره من أن التشريع المصري السابق لم يقر المسئولية الشيئية – ذلك خارج عن موضوع الدعوى المؤسسة على المسئولية التقصيرية، والمالك وإن كان لا يسأل في القانون القديم من مخاطر ملكه إلا أنه مسئول عنها إذا ما لابسها شيء من التقصير، ثم إن قوله إن إيصال دفع الأجرة خلا عن بيان أنه عن دراس القمح لا يصلح رداً على ما تمسك به الطاعن وأخذت به محكمة الدرجة الأولى في هذا الخصوص إذ أن خلو الإيصال من بيان الغرض الذي أجرت الماكينة من أجله لا ينفي أنه كان عن دراس القمح مما كان مقتضاه أن تتحقق المحكمة من العمل الذي حصل الاتفاق عليه.


الوقائع

يوم 5 من مايو سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 23 من يناير سنة 1949 في الاستئناف رقم 1186 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنان الحكم بقبول شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وتأييد الحكم الابتدائي وإلزام المطعون عليها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 5 من مايو سنة 1949 أعلنت المطعون عليها بالطعن. وفي 17 منه أودع الطاعنون أصل ورقة المطعون عليها بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهما. وفي أربعة من يونيه سنة 1949 أودعت المطعون عليها مذكرة بدفاعها مشفوعة بمستنداتها طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 14 منه أودع الطاعنان مذكرة بالرد وفي 3 من يوليه سنة 1949 أودعت المطعون عليها مذكرة بملاحظاتها على الرد. وفي 27 من مارس سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالته القضية على محكمة استئناف القاهرة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليها بالمصروفات وفي 6 من ديسمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة…. إلخ.


المحكمة

… ومن حيث إن وقائع الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه تتحصل حسبما يستفاد منه ومن سائر الأوراق المقدمة في الطعن في أن الطاعنين أقاما على المطعون عليها الدعوى رقم 550 كلي مصر سنة 1947 وقالا بياناً لها أنهما استأجرا منها بصفتها ناظرة على وقفي طاهر باشا وحسن غيته نحو 025 فداناً لمدة سنتين تنتهي في آخر أكتوبر سنة 1945 كما استأجرا منها بموجب إيصال محرر في 3 من يونيه سنة 1944 ماكينة ديرنج لاستعمالها في دراس القمح بأجرة يومية مقدارها مائة وثلاثون قرشاً على أن يتولى إدارتها سائق تابع للمطعون عليها وأن هذا السائق بدأ عمله عليها في يوم 4 من يونيه سنة 1944 ولكنه تركها وعهد بها إلى عامل آخر يجهل أصول إدارتها الفنية وإذا باللهب قد تسرب من ماسورة العادم إلى قش القمح وأحدث به حريقاً أتى على محصول مائة فدان ورفع الطاعنان الدعويين رقمي 924 و2310 مستعجل مصر وقضي فيهما بندب الدكتور محمد عويس خبيراً لإثبات حالة الماكينة وبيان ما بها من أوجه النقص وما يترتب على استعمالها بالحالة التي تكون عليها فباشر مأموريته وقدم تقريراً أثبت فيه العيوب التي وجدها بالماكينة وأرجع سبب الحريق إليها وهو ما يفيد خطأ المطعون عليها وتقصيرها في إصلاحها وبالتالي مسئوليتها عن الحادث ولذلك طلب الطاعنان الحكم بإلزامها بأن تدفع إليهما مبلغ 500 م، 2913 ج بصفة تعويض عن محصول القمح الذي حرق فدفعت المطعون عليها هذه الدعوى بأن النيابة العامة أجرت تحقيقاً عن الحادث وقررت حفظه قطعياً لعدم الجناية وبأنه ليس في تقرير الخبير ما يثبت خطأها وتقصيرها في إصلاح الماكينة إذ العيوب التي ذكرها إنما ترجع إلى سوء تصميمها الأصلي وأنها لم تأذن للطاعنين باستعمالها في دراس القمح وإنما هما اللذان استعملاها في هذا الغرض ذلك أنها إعادتها لهما أولاً لاستخدامها في الري بناء على طلب قدم منهما ثم أجرتها لهما لدرس الفول بناء على طلب آخر قدماه وبأنها سلمتهما إليهما مع سائقتها وبذلك تكون قد انتقلت إليهما حيازتها وكذلك حق التوجيه والإشراف على سائقها ومن ثم يتحملان وحدهما نتيجة استعمالها في دراس القمح بغير إذن منها. وفي 15 من مايو سنة 1947 قضت محكمة مصر الابتدائية بإحالة الدعوى على التحقيق لثبت الطاعنان بأي طريق من طرق الإثبات قيمة المحصول الذي تلف من الحريق ذلك بعد أن قررت المحكمة بناء على الأسباب التي أوردتها مسئولية المطعون عليها عن الحريق. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم وقيد استئنافها برقم 1186 سنة 64 قضائية استئناف مصر فقضت المحكمة في 23 من يناير سنة 1949 بإلغائه ورفض دعوى الطاعنين بناء على الأسباب التي اعتمدت عليها في تقرير مسئولية الطاعنين عن الحادث دون المطعون عليها وهو الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن مما ينعاه الطاعنان على هذا الحكم أنه مشوب بالبطلان لخطئه في الإسناد وقصوره في التسبيب من وجهين أولهما: إذ نفت المحكمة مسئولية المطعون عليها عن الأضرار التي لحقت بالطاعنين استناداً إلى ما ذهبت إليه من أن العيوب التي وجدت بالماكينة والتي نشأ عنها الحريق لا ترجع إلى تقصير المطعون عليها في المحافظة عليها وإصلاحها وإنما ترجع إلى سوء تصميمها الأصلي. مع أن الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة أثبت في تقريره أن الحريق نشأ عن خروج غازات محترقة من ماسورة عادم الماكينة كما أرجع سبب احتراقها إلى عدة عوامل منها أن سلندراتها كانت بحالة غير جيدة وأن صماماتها لم تكن محكمة القفل وأن الملوص الذي بين روافع هذه الصمامات كان أزيد من القدر المصرح به وأن حالة الماكينة دلت على أنها استعملت بصفة مستمرة بعد أخر إصلاح أجري لها منذ أربعة عشر شهراً سابقة على الحادث وأنه لم يكن مركباً على ماسورة العادم علبة عادم حقيقية وأن هذه العوامل جميعاً نتج عنها ارتفاع درجة حرارة الغازات الخارجة من ماسورة العادم حتى صيرتها تخرج منها ملتهبة وأن هذا كله يقطع في أن الماكينة عند استعمالها في دراس قمح الطاعنين كانت ناقصة الأدوات معيبة الأجزاء وأن المطعون عليها قصرت فيما كان يجب عليها من إصلاحها – وأنه على الرغم من أن الطاعنين بنيا دعواهما بمسئوليتها على أساس هذا الخطأ الذي يكفي وحده لتقرير هذه المسئولية فإن المحكمة لم تلق بالاً إليه مع ثبوته بتقرير الخبير المقدم إليها. أما قولها بعدم مسئولية المطعون عليها عن الحادث بناء على ما ذهبت إليه من أن العيوب التي وجدت بالماكينة إنما ترجع إلى سوء تركيبها الأصلي لا إلى أي سبب آخر فإنه ينقضه تقرير الخبير الذي أورد العيوب الآنف ذكرها تفصيلاً وأرجع إليها سبب الحريق وكان لزاماً على المحكمة أن تتحدث عنها وهو ما أغفلته (والوجه الثاني) إذ قررت المحكمة أن المسئولية عن الحادث تنحصر في الطاعنين دون المطعون عليها استناداً إلى ما ذهبت إليه من أن ما اتفق عليه بينهم بشأن استعمال الماكينة لم يكن يعد والري أو دراس الفول ومن أن الطاعنين استعملاها في غير ما أعدت له عند تأجيرها لهما ومن ثم يتحملان وحدهما نتيجة هذا التصرف – مع أن حقيقة الواقع هي أن الطاعنين طلباً من المطعون عليها في أول يونيه سنة 1944 استعمال الماكينة في دارس القمح ووافقهما على هذا الطلب بدليل أنهما دفعا إليها في أجرتها في أوان دراس القمح بموجب إيصال محرر في 3 من يونيه سنة 1944 في حين أن طلب دراس الفول إنما قدم منهما في أوان هذا الدراس في 26 من مارس سنة 1944 وبدليل أن تابعها إبراهيم عبد الجواد سائق الماكينة استحضرها وبدأ عمله عليها في دراس القمح في 4 من يونيه سنة 1944 أي في اليوم التالي لدفع أجرتها ولو كان الأمر غير متعلق بدراس القمح لما كان السائق المذكور قد قام به لأن المطعون عليها بحكم تبعيته لها هي التي تحدد مأموريته قبل انتقاله لأدائها ومع أنه ليس في الأوراق المقدمة في الدعوى ما يؤيد القول بأن ما اتفق عليه بموجب الإيصال السالف ذكره لم يكن يعدو الري أو دراس الفول والإيصال خلو من بيان نوع المحصول الذي تجري الماكينة دراسه وأن المطعون عليها لم تقل أنه كان عن الري وإنما قالت أنه كان عن دراس الفول دون أن تؤيد هذا القول بأي دليل وكان يجب على المحكمة للوقوف على حقيقة العمل الذي حصل الاتفاق عليه أن تمكن الطاعنين من إثبات أنه دراس القمح بأي طريق من طرق الإثبات خصوصاً وأنها ترددت بين ما إذا كان هو الري أو دراس الفول وذلك بدلاً من أخذها بقول المطعون عليها حجة مسلمة.
ومن حيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن من بين الأسباب التي أقيم عليها ما يتحصل في أنه يؤخذ من تقرير خبير دعوى إثبات الحالة. وقد أثبتت المحكمة ما ورد فيه – أن ما حدث أثناء إدارة الماكينة من ارتفاع درجة حرارة الغازات وخروج شرارة من ماسورة العادم اتصلت بقش القمح لا يرجع إلى إهمال المطعون عليها في المحافظة على الماكينة ولا إلى تقصيرها في إجراء الإصلاح اللازم لها وإنما يرجع إلى سوء تصميمها الأصلي إذ صنعت ماسورة العادم فيها قصيرة ومتجهة إلى أسفل ولم تركب عليها علبة عادم وهذه كلها عيوب أساسية في صناعتها وقد تلافتها الشركة في ماكيناتها الحديثة وأنه لما كان التشريع الساري (السابق) لم يقر المسئولية الشيئية المترتبة على مجرد ملكية الشيء وكان المالك لا يسأل عن الضرر الذي يقع من ملكه على الغير ما دام لا يقوم الدليل على إهماله في المحافظة عليه. وكان الثابت بالأوراق أن الحريق الذي التهم محصول الطاعنين إنما يرجع قبل كل شيء إلى سوء صناعة الماكينة فلا تسأل المطعون عليها عن هذا الضرر متى كان لم يكن في مكنتها تلافيه وأنه من ناحية أخرى لما كان الطاعنان قد تسلما الماكينة للري ثم لدراس الفول ولم يتسلماها لدراس القمح فيكونان قد استعملاها في غير ما أعدت له عند تأجيرها لهما. ومن ثم يتحملان وحدهما نتيجة هذا التصرف وأن الإيصال الذي استندا إليه والذي يتضمن دفعهما أجرة الماكينة في 3 من يونيه سنة 1944 لم يوضح به أن هذه الأجرة كانت عن دراس القمح وقد تكون عن الري أو دراس الفول الذي طلبا استئجار الماكينة من أجله وأنه إن كان هناك خطأ يرجع إليه الحادث فإنما هو استعمال الماكينة في دراس القمح الأمر التي تنحصر مسئوليته في الطاعنين دون المطعون عليها.
ومن حيث إنه يبين من الحكم الابتدائي أن من بين الأسباب التي أقيم عليها ما يتحصل في أنه يتضح من تقرير خبير دعوى إثبات الحالة وقد أثبتت المحكمة ما ورد فيه، أن الماكينة التي استعملت في الدراس ونشأ عنها الحريق كانت معيبة ولم تعن المطعون عليها بصيانتها وإعدادها للعمل بل تركتها على حالة أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الغازات وخروجها من ماسورة العادم تحترق على شكل لهب وأنه فيما يختص بدفاع المطعون عليها بأنها لم تؤجر الماكينة الطاعنين لدارس القمح وإنما أجرته لهما لدراس الفول فإن الثابت أن الطاعنين استأجرها للدراس لمدة خمسة أيام بأجرة يومية قدرها 130 قرشا وأنهما دفعا هذه الأجرة بموجب إيصال محرر في 3 من يونيه سنة 1944 وفي هذا الوقت كان أوان دراس الفول قد فات بزمن طويل كما إن سائق الماكينة إبراهيم عبد الجواد والتابع للمطعون عليها والخاضع لتعليماتها على ما يبين من التحقيق الذي أجرته النيابة عن الحادث قد بدأ عمله عليها في دارس القمح في اليوم الأول ولو كان صحيحاً ما تقول به المطعون عليها لكان هذا العامل امتنع عن دراس القمح إذا كان مخالفاً لتعليماتها وأنه لذلك وللأسباب الأخرى التي اعتمدت عليها المحكمة تكون المطعون عليها مسئولة عن الضرر الذي أصاب الطاعنين.
ومن حيث إنه يبين من تقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحال وهو الذي استند إليه الحكم المطعون فيه والمقدمة صورته الرسمية ضمن أوراق الطعن. أن ما ورد فيه يتحصل من ناحية في أن الماكينة التي نشأ عنها الحريق مصنوعة في سنة 1931 وأن ماسورة العادم فيها تتجه إلى أسفل ولا يزيد طولها على ستين سنتيمتراً وغير مركب عليها علبة عادم حقيقية و إنما توجد في نهايتها "طنبوشة" صغيرة مما يؤدى إلى أن تكون غازات العادم أثناء انطلاقها من مخرجها على درجة حرارة مرتفعة نسبياً نظراً لعدم وجود فراغ كان يسمح بتمددها وانخفاض حرارتها قبل خروجها إلى الهواء وأن في استعمال المكينة وهى بالأوصاف المذكورة ولاسيما اتجاه ماسورة العادم فيها إلى أسفل في دراس القمح خطراً كبيراً لتعرض قش القمح الذي يرتفع على جانبيها إلى حرارة الغازات وكان يجب أن تستعمل ماكينة تكون ماسورة العادم فيها متجهة إلى أعلا وعليها علبة عادم حقيقية وهو ما روعي في الماكينات الحديثة. ويتحصل من ناحية أخرى في أنه بفحص الماكينة وجدت حالة الكبس في سلندراتها متوسطة وصمامات العادم الخاصة بهذه السلندرات غير جيدة لكثرة استعمالها منذ آخر إصلاح أجري فيها قبل الحادث بأربعة عشر شهراً وأن هذه الحالة تدل على أن هذه الصمامات لم تكن محكمة القفل مما أدى إلى أن تتسرب منها غازات احتراق على درجة حرارة كبيرة وتختلط بغازات العادم وتزيد في ارتفاع درجة حرارتها كما وجد الخلوص الذي بين روافع الصمامات لا يقل عن ملليمتر ونصف وهو يزيد على ضعف أٌقصى قدر مسموح به وقد نشأ عنه أيضاً ارتفاع حرارة غازات العادم إلى درجة محسوسة.
ومن حيث إنه لما كان يبين من الأوراق أن ما أسس عليه الطاعنان دعواهما هو أن المطعون عليها أجرت لهما الماكينة لاستعمالها في دارس القمح بدليل أنهما دفعا إليها أجرتها بموجب إيصال محرر في 3 يونيه سنة 1944 في أوان دراس القمح وأن سائق الماكينة التابع لها والخاضع لتعليماتها باشر عمله عليها في دراس القمح و أن هذه الماكينة كانت معيبة وقصرت المطعون عليها فيما كان يجب عليها من إصلاحها بدليل العيوب التي أثبتها الخبير في تقريره وأرجع إليها سبب الحريق وهو ما أخذ به الحكم الابتدائي كما سبق بيانه. وكان ما اعتمد عليه الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء هذا الحكم وبرفض دعوى الطاعنين من أن العيوب التي وجدت بالماكينة إنما ترجع إلى سوء صناعتها وأن لم يكن في مكنة المطعون عليها تلافيها لا يطابق تماماً ما ورد في تقرير الخبير كما سبق بيانه وكان يجب على المحكمة إذا أرجعت سبب الحادث إلى سوء التصميم وحده أن تبين في حكمها لماذا أغفلت الاعتبار بالعيوب الأخرى التي أثبتها الخبير وقال أنها كانت من جملة الأسباب التي أدت إلى زيادة حرارة غازات العادم إلى درجة محسوسة وكان ما قرره الحكم من أن التشريع المصري (السابق) لم يقر المسئولية الشيئية ليس بذي موضوع في الدعوى لما تقدم ذكره من أن الطاعنين قد أسساها على مسئولية المطعون عليها مسئولية تقصيرية ذلك أنه وإن كان المالك لا يسأل عن مخاطر ملكه إلا أنه يكون مسئولاً عنها إذا لابسها شيء من التقصير وكان قول المحكمة بأن المسئولية عن الحادث تنحصر في الطاعنين وحدهما لاستعمالها الماكينة في دراس القمح وهو غير ما أعدت له عند تأجيرها لهما وذلك استناداً إلى أن إيصال دفع الأجرة عند استعمال الماكينة جاء خلوا من بيان أنه عن دراس القمح وقد يكون عن الري أو دراس الفول هو قول قاصر لا يصلح رداً على ما تمسك به الطاعنان وأخذت به محكمة الدرجة الأولى في هذا الخصوص ذلك أن خلو الإيصال من بيان الغرض الذي أجرت الماكينة من أجله لا يؤدي إلى نفي أنه كان عن دراس القمح وكان الأمر يقتضى من المحكمة التحقق من العمل الذي حصل عليه الاتفاق. لما كان ذلك كذلك يكون الحكم فيه مشوباً بالبطلان مما يستوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث بقية أسباب الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات