الطعن رقم 164 سنة 19 ق – جلسة 06 /12 /1951
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 3 – صـ 179
جلسة 6 من ديسمبر سنة 1951
القضية رقم 164 سنة 19 القضائية
برئاسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات
أصحاب العزة: عبد العزيز محمد بك وعبد الحميد وشاحي بك ومصطفى فاضل بك وعبد العزيز
سليمان بك المستشارين.
( أ ) التزام. التزام محله عين معينة. يجوز للدائن أن يحصل على وضع يده عليها ما دامت
مملوكة للمدين وقت التعهد وآلت إليه بعد ذلك. ضمان ابن البائع للمشتري نقل ملكية العين
المشتراة ولو من تكليفه أيلولة هذه العين إلى الضامن بعقد مسجل. تصرفه فيها بالبيع
إلى آخر. للمشتري الأول أن يطالب الضامن بهذه العين ما دام أنه كان أسبق من المشتري
الثاني في تسجيل دعوى صحة ونفاذ عقده.
(ب) نقض. حكم سكت عن بيان ما إذا كان قد أمر على هامش صحيفة دعوى صحة التعاقد بالحكم
الصادر فيها. لا يجوز لمحكمة النقض أن تتعرض لذلك من تلقاء نفسها.
1 – متى كان محل التزام المدين عيناً معينة جاز للدائن أن يحصل على وضع يده عليها ما
دامت مملوكة للمدين وقت التعهد أو آلت ملكيتها إليه بعده ولم يكن لأحد حق عيني عليها.
وإذن فإذا ضمن ابن البائع للمشتري نقل ملكية العين التي اشتراها من والده ولو من تكليفه
هو ثم تملك الضامن هذه العين بعقد مسجل حرر له من والده، فإنه يكون للمشتري أن يطالب
الضامن بهذه العين ولو كان يزاحمه فيها مشتر آخر من الضامن، ما دام أنه كان أسبق منه
في تسجيل صحيفة دعوى صحة ونفاذ عقده، لأن هذا التسجيل من شأنه – إذا ما صدر الحكم بصحة
التعاقد وأشر به على هامش تسجيل العريضة وفقاً للقانون – أن يحتج به على كل من تلقى
حقاً عينياً على نفس العين من أي ممن رفعت عليهم هذه الدعوى.
2 – إذا كان الحكم المطعون فيه قد سكت عن بيان ما إذا كان قد أشر على هامش صحيفة دعوى
صحة التعاقد بالحكم الصادر فيها، ولم يكن الطاعنون قد نعوا على الحكم خطأ في هذا الخصوص
فلا تملك محكمة النقض إثارة هذا من تلقاء نفسها لقيامه على عنصر واقعي كان يجب عرضه
على محكمة الموضوع.
الوقائع
في يوم 12 من سبتمبر سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 31 مايو سنة 1949 في الاستئناف رقم 1118 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بتأييد الحكم المستأنف واحتياطياً إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن جميع درجات التقاضي. وفي 19 – 28 من سبتمبر سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي 29 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم وفي 18 – 19 من أكتوبر سنة 1949 أودع المطعون عليه الأول مذكرتين بدفاعه مشفوعتين بمستنداته طلب فيهما رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ولم يقدم المطعون عليهما الثاني والثالثة دفاعاً. وفي 16 من سبتمبر سنة 1951 وصفت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة للمطعون عليها الثالثة وبقبوله شكلاً بالنسبة للباقين ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وفي 22 من نوفمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمة
من حيث إن النيابة العامة دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً بالنسبة إلى
المطعون عليها الأخيرة لأنها أعلنت به بعد فوات الميعاد القانوني.
من حيث إنه يبين من محضر إعلان التقرير بالطعن أنه أعلن للمطعون عليها الأخيرة للنيابة
في 28 من سبتمبر سنة 1949 أي بعد مضي الميعاد المنصوص عليه في المادة 17 من قانون إنشاء
محكمة النقض وهو 15 يوماً من تاريخ التقرير بالطعن الحاصل في 12 من سبتمبر سنة 1949
ومن ثم يكون الطعن بالنسبة إليها غير مقبول شكلاً.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى بقية المطعون عليهم.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن
مورث الطاعنين – المرحوم الشيخ عبد اللطيف على – أقام الدعوى رقم 255 سنة 1944 كلي
بني سويف على المطعون عليهم بطلب الحكم بتثبيت ملكيته إلى 3 ف و6 ط المبينة في صحيفة
الدعوى وتسليمها له وعدم منازعة المطعون عليهما الأولين له فيها وإلزامهما متضامنين
بأن يدفعا إليه الريع باعتبار ريع الفدان الواحد عشرين جنيهاً في السنة ابتداء من أول
نوفمبر سنة 1943 حتى التسليم واحتياطياً إلزام المطعون عليها الأخيرة بأن تدفع إليه
مبلغ 637 ج و500 م واستند إلى عقد بيع رسمي محرر في 24 من يونيه من سنة 1943 ومسجل
في 13 من يوليه سنة 1943 اشترى بموجبه 19 ف و17 ط و22 س من السيدة فتحية هانم محمد
أحمد عبد العاطي (المطعون عليها الأخيرة) ومن ضمنها المقدار موضوع النزاع كما استند
في إثبات ملكية البائعة له إلى عقد بيع مسجل في 27 من يونيه سنة 1940 صادر لها عن نفس
الأطيان من محمد أفندي أحمد عبد العاطي المالك الأصلي لها – فدفع المطعون عليه الأول
الدعوى بأنه اشترى الأرض موضوع النزاع من محمد أفندي أحمد عبد العاطي بموجب عقد بيع
صادر منه في 13 من أغسطس سنة 1939 بضمانة ابنته السيدة فتحية هانم المطعون عليها الأخيرة
البائعة لمورث الطاعنين وأنه أقام الدعوى بطلب صحة ونفاذ هذا البيع على ورثة البائع
له والسيدة فتحية بصفتها ضامنة بصحيفة سجلها في 19 من مايو سنة 1943 قبل تسجيل عقد
البيع الصادر منها إلى مورث الطاعنين في 13 من يوليه سنة 1943 – و في 14 من مايو سنة
1947 حكمت المحكمة أولاًًًًًً بتثبيت ملكية الطاعنين إلى 3 ف و6 ط شيوعاً في 26 ف و2
ط و4 س المبينة الحدود والمعالم بالعريضة وكف المنازعة والتسليم مع إلزام المطعون عليهما
الأولين بالمصاريف المناسبة وبرفض ماعدا ذلك من الطلبات فيما يتعلق بهذا الشطر وثانياً
فيما يتعلق بالريع تمهيدياً وقبل الفصل في موضوعه بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات
ونفى ما دون بأسباب ذلك الحكم. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم وقيد استئنافه
برقم 1118 سنة 64 ق استئناف مصر. وفي 31 من مايو سنة 1949 قضت محكمة الاستئناف بحكمها
المطعون فيه أولاً بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من تثبيت ملكية ورثة المرحوم
الشيخ عبد اللطيف على عبد العال إلى الأطيان الموضحة بصحيفة الدعوى وبرفض دعواهم وبإلغائه
كذلك فيما قضى به من إحالة الدعوى على التحقيق وثانياً بإلزام المطعون عليها الأخيرة
بأن تدفع إلى الطاعنين مبلغ 587 ج و500 م.
ومن حيث إن الطعن بني على أربعة أسباب يتحصل السبب الأول منها في أن الحكم خالف القانون
إذ قضى بأفضلية عقد المطعون عليه الأول على عقد مورث الطاعنين استناداً إلى أن المطعون
عليها الثالثة وقد ضمنت تنفيذ العقد الصادر من والدها إلى المطعون عليه الأول من تكليفها
فإن من حق هذا الأخير أن يطالبها بتنفيذ هذا الالتزام عيناً بنقل ملكية الأطيان المبيعة
إليه من تكليفها بعد أن آلت إليها بموجب عقد البيع الصادر لها من والدها ما دام أنه
قام بتسجيل صحيفة دعوى إثبات التعاقد المرفوعة منه على ورثة والدها وعليها بصفتها ضامنة
في 19 من مايو سنة 1943 قبل أن يسجل مورث الطاعنين عقد شرائه منها في 13 من يوليه سنة
1943 لأن هذا التسجيل يحتج به على كل من تتصرف إليه السيدة فتحية بعد ذلك في الأرض
موضوع النزاع ووجه المخالفة في ذلك هو أن تسجيل عريضة صحة ونفاذ العقد إنما يحتج به
على من يشترى من نفس البائع إذا كان تسجيل العريضة سابقاً على تسجيل عقد الشراء أما
إذا كان البائع قد تصرف فعلاً في العين للغير بعقد مسجل قبل تسجيل عريضة الدعوى بطلب
صحة التعاقد فإن هذا التسجيل لا يحتج به قبل المتصرف له ومن ثم لا يبقى للمطعون عليه
الأول إلا دعوى الضمان العادية قبل من ضمن له نفاذ البيع. ولما كانت السيدة فتحية ليست
بائعة لجبره حسن المطعون عليه الأول – فتسجيل صحيفة دعواه المقامة على البائع أو ورثته
لا تأثير له على حقها في نقل ملكية ما آل إليها بطريق الشراء بعقد سجل قبل تسجيل عريضة
دعوى صحة التعاقد ولا يكون للمشتري من البائع لها الذي لم يسجل عقد شرائه قبل تسجيل
هذا التصرف إلا الرجوع على الضامنة بحقه الشخصي قبلها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما جاء بالحكم المطعون فيه من أنه "وإن كانت ملكية العين
المتنازع عليها انتقلت إلى السيدة فتحية محمد إلا أنها ضامنة لجبره حسن صحة ونفاذ عقد
البيع الصادر له من والدها ولو من تكليفها من حقه أن يطالبها بمقتضى هذا الضمان وهو
نقل الملكية إليه من تكليفها بعد أن آلت إليها بموجب عقد البيع الصادر لها من والدها
وأنه وقد أقام دعوى صحة ونفاذ عقد البيع الصادر له من والدها بضمانتها على ورثة والدها
وعليها بصفتها ضامنة وسجل صحيفتها في 19 من مايو سنة 1943 فإن هذا التسجيل يحتج به
على كل من تتصرف إليه السيدة فتحية بعد ذلك في الأرض موضوع النزاع وأن تاريخ تسجيل
عقد جبره حسن (هكذا ورد في الحكم) ضد السيدة فتحية محمد يرجع إلى تاريخ تسجيل صحيفة
الدعوى بصحته ونفاذه في 19 من مايو سنة 1943 وهو أسبق من تسجيل عقد البيع الصادر من
السيدة المذكورة إلى المرحوم عبد اللطيف على عبد العال (مورث الطاعنين) الحاصل في 13
من يوليه سنة 1943. وهذا الذي قرره الحكم لا مخالفة فيه للقانون ذلك أنه متى كان موضوع
التزام المدين عيناً معينة جاز للدائن أن يحصل على وضع يده عليها ما دامت مملوكة للمدين
وقت التعهد أو آلت ملكيتها إليه بعده ولم يكن لأحد حق عيني عليها وقد تملكت الضامنة
المطعون عليها الأخيرة العين موضوع النزاع بموجب عقد البيع الصادر لها من والدها المسجل
في 27 من يونيه سنة 1940 فحق للمطعون عليه الأول أن يطالبها بهذه التي تعهدت له بنقل
ملكيتها ولو من تكليفها وذلك رغم مزاحمة المشتري منها لها ما دام أنه كان أسبق منه
في تسجيل صحيفة دعوى صحة ونفاذ عقده لأن هذا التسجيل من شأنه إذا ما صدر الحكم بصحة
التعاقد وأشر به على هامش تسجل العريضة وفقاً للقانون أن يحتج به على كل من تلقى حقاً
عينياً على نفس العين من أي من المدعى عليهم في تلك الدعوى. وأنه إن كان الحكم المطعون
فيه قد سكت عن بيان ما إذا كان قد أشر على هامش صحيفة دعوى صحة التعاقد بالحكم الصادر
فيها في 14 من يونيه سنة 1948 إلا أن الطاعنين لم ينعوا على الحكم خطأ أو قصوراً في
هذا الخصوص ولا تملك المحكمة إثارة هذا الوجه من تلقاء نفسها لقيامه على عنصر واقعي
مما كان يجب معه التمسك به لدى محكمة الموضوع.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن المحكمة مسخت عبارة الضمان الصادرة من المطعون
عليها الأخيرة وأعملت حكم هذا الضمان على العين موضوع النزاع رغم قيام حق الطاعنين
عليها بالموافقة لحكم القانون مع أن العبارة المشار إليها تدل على التزام المطعون عليها
الأخيرة بأن تعطى للمطعون عليه الأول من ملكها الخاص قدراً يعوض ما يضيع عليه بسبب
عدم نفاذ عقده.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن عبارة الضمان التي أوردها الحكم مطابقة للعبارة الواردة
في عقد البيع الصادر من والد المطعون عليه الأخيرة إلى المطعون عليه الأول والمودع
ضمن أوراق الطعن وأن المحكمة لم تخرج في تفسيرها عن ظاهر مدلولها.
ومن حيث إن السبب الثالث يتحصل في أن الحكم شابه القصور إذ لم تلق المحكمة بالاً إلى
ما تمسك به الطاعنون من إقرار المطعون عليه الأول في الشكوى الإدارية التي كانت مضمونة
لملف الدعوى بأن القدر المبيع المورث الطاعنين بعيد عما اشتراه هو من مورث المطعون
عليها الأخيرة وإقراره في دعوى الشفعة التي أقيمت عليه بأنه لم يشتر من والد المطعون
عليها الأخيرة أطياناًً وإقرار والد المطعون عليها الأخيرة في نفس تلك القضية بأنه
لم يبع إلى المطعون عليه الأول أرضاً وصدور الحكم في دعوى الشفعة برفضها لعدم حصول
البيع. كما لم تلق بالاً إلى ما تمسك به الطاعنون من أن القدر المبيع كان في حيازة
المطعون عليها الأخيرة البائعة لمورثهم ومؤجر منها لمدة تنتهي في أكتوبر سنة 1943 وكان
لزاماً على المحكمة أن ترد على هذا الدفاع الجوهري حتى يستقيم قضاؤها.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم مقام في أساسه على أن الأرض موضوع النزاع هي
بذاتها التي حصل فيها التصرف من والد المطعون عليها الأخيرة إلى المطعون عليه الأول
ثم منها إلى مورث الطاعنين وذلك بعد أن ثبت للمحكمة من المستندات المقدمة إليها أن
المبيع في العقد الصادر إلى مورث الطاعنين يشمل القدر المبيع إلى المطعون عليه الأول
ولما كان هذا استخلاصاً موضوعياً فإنه لا يجوز إثارة الجدل فيه هنا، ومحكمة الموضوع
بعد غير ملزمة بتناول جميع أوجه الدفاع والرد على كل واحد منها على استقلال وبحسبها
أن تقيم حكمها على أسباب كافية لحمله كما هو الحال في الدعوى.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم شابه القصور إذ جاء خالياً من بيان العناصر
التي من أجلها نزل بالتعويض المطلوب إلى مائة جنيه.
ومن حيث إن هذا السبب لا يجوز النظر فيه لأنه إنما يتعلق بما قضى به للطاعنين على المطعون
عليها الأخيرة التي تبين أن الطعن بالنسبة إليها غير مقبول شكلاً.
