الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 759 لسنة 47 ق “أحوال شخصية” – جلسة 23 /02 /1982 

أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
الجزء الأول – السنة 33 – صـ 272

جلسة 23 من فبراير سنة 1982

برئاسة السيد المستشار محمد محمود الباجوري نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمد طه سنجر، ومحمود حسن رمضان، وجلال الدين أنسي، وواصل علاء الدين.


الطعن رقم 759 لسنة 47 القضائية "أحوال شخصية"

وقف. "الاستحقاق الواجب". دعوى.
الاستحقاق الواجب في الوقف لورثة الواقف الموجودين وقت وفاته. م 24 ق 48 لسنة 1946. المحروم من الاستحقاق. حقه في رفع دعوى مطالبة خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف بشرط التمكن وعدم العذر الشرعي. تقرير قيام العذر. متروك لمحكمة الموضوع.
حكم. "تسبيب الحكم".
إغفال الحكم ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها في قضائه. لا عيب، ما دامت مقدمة للمحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم.
1 – مؤدى نص المادتين 24، 30 من القانون 48 لسنة 1946 الخاص بأحكام الوقف يدل على أن المشرع رأى أن يحد من حرية الواقف في حرمان الوارثين من ذريته وزوجه أو أزواجه الموجودين وقت وفاته من الاستحقاق فيما يوقفه زيادة على ثلث ماله وأن يتم توزيع الاستحقاق عليهم وفقاً لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقاً لأحكام القانون فإذا حرم الواقف أحداً ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو بعض ما يجب له، كان له الحق – عند المنازعة – في رفع دعوى للمطالبة بحقه وذلك خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف وذلك بشرط التمكن وعدم العذر، وأن أمر العذر موكول إلى تقدير المحكمة.
2 – لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم بما يكفي معه مجرد الإشارة إليها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 6702 لسنة 1963 أمام محكمة القاهرة الابتدائية ضد الطاعنين للحكم بتثبيت ملكيتها لحصة قدرها قيراطاً و6 و6/ 11 سهماً مشاعاً في المنزل المبين بصحيفة الدعوى، وقالت في بيان دعواها أن والدها المرحوم…….. مورث الطرفين أوقف بتاريخ 2/ 10/ 1945 هذا المنزل على نفسه مدى حياته ومن بعده عليها وعلى باقي من عينهم بكتاب وقفه ومنهم إخوتها الطاعنين، ولكنه عاد وأخرجها من الاستحقاق بموجب أشهاد التغيير المؤرخ 10/ 3/ 1946 وجعل نصيبها لهؤلاء الإخوة، ثم شرع بعد ذلك في إعادة إدخالها ضمن المستحقين إلا أنه توفى في 1/ 4/ 1952 قبل إتمام الإجراءات اللازمة، ولما كانت المادة 24 من قانون أحكام الوقف رقم 48 لسنة 1946 تعطيها الحق في الحصة المطالب بها، فقد أقامت دعواها وبتاريخ 31/ 5/ 1967 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 1524 سنة 84 ق القاهرة، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق، وبتاريخ 22/ 6/ 1969 قضت بإلغاء الحكم المستأنف، وبتثبيت ملكية المطعون عليها للحصة المطالب بها. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقيد الطعن برقم 578 سنة 39 ق، وبتاريخ 13/ 2/ 1975 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه وبمعاودة السير في الاستئناف حكمت المحكمة في 22/ 3/ 1977 بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون عليها للجزء المطالب به. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الحاضر عن الطاعنين قرر بالجلسة الأخيرة تنازله عن السبب الأول من أسباب الطعن، ومن ثم فلا محل للتعرض له.
وحيث إن الطاعنين ينعون بباقي الأسباب على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون إن الحكم أقام قضاءه بتثبيت ملكية المطعون عليها للحصة المطالب بها في منزل النزاع على سند من أن شاهديها قد شهدا بأن السبب الذي منعها من رفع دعواها الحالية خلال سنتين شمسيتين من تاريخ وفاة الواقف – طبقاً لما تقضي به المادة 30/ 2 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف – هو قبضها وبيع حصتها في المنزل موضوع النزاع بصفة مستمرة حتى سنة 1962، وأن المراسلات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين والمقدمة من كل منهما تعني وجود مفاوضات استمرت بينهما للصلح، في حين أنهم تمسكوا بطلب العدول عن حكم التحقيق تأسيساً عن عدم جواز الإثبات بالبينة وانعدام المانع الأدبي، كما تمسكوا بعدم الأخذ بشهادة شاهدي المطعون عليها لأن أحدهما هو زوجها ووكيلها فلا تقبل شهادته، كما أن هذه الشهادة جاءت مخالفة لإقرارات المطعون عليها في الدعوى الحالية وما سبق أن رفعته من دعاوى، ورغم ذلك لم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع مكتفياً بالقول بأنه يطمئن لشهادة الشاهدين، كما أنه لم يورد بياناً بالمستندات التي ركن إليها فيما قرره من أن الطاعنين كانوا يعرضون الصلح على المطعون عليها، مما يعيبه بالفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 24 من القانون رقم 48 لسنة 1946 بأحكام الوقف على أنه "مع مراعاة أحكام المادة 29 يجب أن يكون للوارثين من ذرية الواقف وزوجه أو أزواجه الموجودين وقت وفاته استحقاق في الوقف فيما زاد على ثلث ماله وفقاً لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقاً لأحكام هذا القانون. ولا يجب هذا الاستحقاق لمن يكون الواقف قد أعطاه بغير عوض ما يساوي نصيبه عن طريق تصرف آخر، فإن كان ما أعطاه أقل مما يجب له استحق في الوقت بقدر ما يكمله، والنص في المادة 30 من ذات القانون على أنه إذا حرم الواقف أحداً ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو من بعض ما يجب أن يكون له في الوقف أعطى كل واحد من هؤلاء حصته الواجبة ووزع الباقي على من عدا المحروم من الموقوف عليهم بنسبة ما زاد في حصة كل منهم إن كانوا من ذوي الحصص الواجبة، وبنسبة ما وقف عليهم إن كانوا من غيرهم. ولا يتغير شيء من الاستحقاق إذا لم يرفع المحروم الدعوى بحقه مع التمكن وعدم العذر الشرعي خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف، أو رضى كتابة بالوقف بعد وفاة الواقف. وينفذ رضاءه بترك بعض حقه ولا يمس ذلك ما بقى منه، يدل على أن المشرع رأى أن يحد من حرية الواقف في حرمان الوارثين من ذريته وزوجه أو أزواجه الموجودين وقت وفاته من الاستحقاق فيما يوقفه زيادة على ثلث ماله وأن يتم توزيع الاستحقاق عليهم وفقاً لأحكام الميراث وأن ينتقل استحقاق كل منهم إلى ذريته من بعده وفقاً لأحكام القانون، فإذا حرم الواقف أحداً ممن لهم حق واجب في الوقف بمقتضى أحكام هذا القانون من كل أو بعض ما يجب له، كان له الحق – عند المنازعة – في رفع دعوى للمطالبة بحقه وذلك خلال سنتين شمسيتين من تاريخ موت الواقف وذلك بشرط التمكن وعدم العذر الشرعي. لما كان ذلك، وكان المقرر أن أمر الأعذار موكول إلى تقدير المحكمة، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه على قوله "وقد أجمع شاهدي المستأنفة للمطعون عليها على أن السبب الذي منعها من رفع دعواها الحالية في الميعاد القانوني هو أنها كانت تقبض ريع حصتها في المنزل موضوع النزاع بصفة مستمرة حتى سنة 1962 وإلى أن توقف إخوتها عن أداء هذا الريع لها وأنكروا حقها فيه لخلاف نشأ بينهم. ولما كانت المحكمة تطمئن لصدق شهادة شاهدي المستأنفة وتعتمد عليها، ومن ثم فتعتبر أن السبب في تراخي المستأنفة عن رفع دعواها في الميعاد هو ما شهد به شاهديها من أنها كانت تقبض ريع حصتها حتى سنة 1962، وعندما امتنع إخوتها عن إعطائها هذا الريع وأنكروا حقها لخلاف نشأ بينهم على باقي أعيان التركة اضطرت إلى رفع هذه الدعوى، خاصة وأن المستأنف عليهم "الطاعنين" لم يتقدموا بشهود لنفي واقعة قبض الريع وإنما أنكروا في مذكرتهم ذلك استناداً إلى ما جاء في مدونات الحكم رقم 4041 لسنة 1976 مستعجل القاهرة من أن المستأنفة طلبت عزل الحارس على العقار المتنازع عليه لامتناعه عن تسليمها ما تستحقه من ريع. ولما كانت المحكمة لا تأخذ بما جاء في مدونات الحكم سالف الذكر لأنه مجرد دفاع تقدمت به المستأنفة في دعوى ومقصور ما ورد على لسانها على الدعوى التي صدر الحكم فيها ولا يعني ذلك أيضاً أنها كانت قبل رفع الدعوى المذكورة لا تتحصل على ريع نصيبها أو أنها بعد الحكم في الدعوى سالفة الذكر لم تحصل على الريع، لا سيما وأنه يبين من مطالعة الحكم في الدعوى رقم 1952 لسنة 1952 مدني السيدة أن تلك الدعوى كانت مرفوعة من المستأنفة وإخوتها المستأنف عليهم ضد أحد مستأجري شقة بالمنزل موضوع النزاع لمطالبته بالإيجار بعد وفاة والدهم، وقد أيدها شاهداها سالفي الذكر في تقاضيها ريع حصتها في المنزل محل النزاع. ولما كانت المحكمة ترى في المراسلات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين والمقدمة من كل منهما أنها تعني وجود مفاوضات استمرت بين الطرفين للصلح، وكان المستأنف عليهم في سبيل تفويت الميعاد القانوني على المستأنفة في رفع دعواها بالاستحقاق قد دفعوا لها ريع حصتها المستحقة في المنزل محل النزاع منذ وفاة والدها باعتبارها مستحقة فيه، وصاروا يماطلونها في إتمام الصلح معها مما دعاها إلى السكوت عن رفع دعواها لاعتبارات أدبية وحتى لا تفسد رابطة الأخوة، فلما أنكروا عليها حقها أقامت دعواها مطالبة بحقها، ولا شك أن مسلك المستأنف عليهم كان من الأعذار الشرعية المانعة من رفع الدعوى في الميعاد، إذ كانت المستأنفة تخشى أن يمسك المستأنف عليهم عن دفع حصتها في الريع أو العدول عن مشروع الصلح الذي كان معروضاً، وكان هذا الذي أورده الحكم يفيد إقامته على دعامتين أولاهما شهادة شاهدي المطعون عليها، والثانية ما استخلصه من الحكم رقم 1952 لسنة 1952 السيدة في القضية المرفوعة من الطرفين ضد أحد مستأجري شقة في المنزل موضوع النزاع لمطالبته بالإيجار بعد وفاة والدهم، ومن المراسلات والمكاتبات المتبادلة بين الطرفين والمقدمة من كل منهما والتي تضمنت وجود مفاوضات بينهما للصلح، لما كان ما تقدم، وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع سلطة تحصيل فهم الواقع في الدعوى طالما كان له سنده وكان لا خروج فيه عن الثابت بالأوراق، وأنه لا يعيب الحكم إغفال ذكر نصوص المستندات التي اعتمد عليها ما دامت مقدمة إلى المحكمة ومبينة في مذكرات الخصوم بما يكفي معه مجرد الإشارة إليها، كما لا يعيبه عدم تتبعه الخصوم في مناحي دفاعهم والرد عليها استقلالاً متى كان ما أورده يحمل الرد الضمني عليها، إذ بحسب الحكم أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، وكان المقرر أيضاً في قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقيم الحكم على دعامات متعددة وكانت إحدى هذه الدعامات كافية وحدها لحمل الحكم فإنه تعيبه في باقي الدعامات الأخرى – بفرض صحته يكون غير منتج، وكان الثابت أن الحكم المطعون فيه قد أقيم على دعامتين على ما سلف بيانه، وكانت الدعامة الثانية لها أصلها الثابت بالأوراق وقد أقيمت على أسباب سائغة وهي تكفي وحدها لحمل قضائه، فإن النعي عليه في استناده إلى البينة أساس الدعامة الأخرى – أياً كان وجه الرأي فيه – يكون غير منتج، ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات