الطعن رقم 129 سنة 19 ق – جلسة 15 /11 /1951
أحكام النقض – المكتب الفني – مدني
العدد الأول – السنة 3 – صـ 48
جلسة 15 من نوفمبر سنة 1951
القضية رقم 129 سنة 19 القضائية
برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد حلمي باشا وكيل المحكمة وبحضور حضرات
أصحاب العزة: عبد المعطى خيال بك وسليمان ثابت بك ومحمد نجيب أحمد بك و أحمد العمروسي
بك المستشارين.
تقادم. استئناف. حق الاستئناف حق مستقل بذاته لا يجوز ربطه بسقوط الحق الأصلي. فوائد
لم يقض بها الحكم الابتدائي. استئناف هذا الحكم. الدفع بسقوط الحق في هذا الاستئناف
على أساس أن الحق في الفوائد يسقط بمضي خمس سنوات. رفضه بناء على أنه ما دام باب الاستئناف
مفتوحاً فالدعوى تعتبر قائمة بجميع طلباتها ولا تسرى أثناءها المدة المقررة لسقوط الحق
المطالب به. هذا صحيح.
يجب التفريق بين سقوط الحق موضوع الدعوى وسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر فيها،
فحق الاستئناف حق مستقل بذاته لا يجوز ربطه بسقوط الحق الأصلي، والحكم لا يتقادم إلا
بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ صدوره. وإذ كان يترتب على إعلان صحيفة الدعوى بطلب الفوائد
انقطاع التقادم بالنسبة إليها فإن أثر هذا الانقطاع يمتد إلى أن يصدر الحكم النهائي
في الدعوى. وينبني على ذلك أن مضى المدة من تاريخ صدور الحكم الابتدائي حتى تاريخ استئنافه
– مهما طال ما دام باب الاستئناف ما زال مفتوحاً – لا يترتب عليه سقوط الحق في استئنافه،
كما أن الحق في الفوائد يبقى محفوظاً بحكم انقطاع المدة بعريضة الدعوى الابتدائية.
وإذن فالحكم الذي يقضي برفض الدفع بسقوط حق الاستئناف بالنسبة إلى الفوائد التي لم
يقض بها الحكم الابتدائي استناداً إلى أنه ما دام باب الاستئناف ما زال مفتوحاً فتعتبر
الدعوى المستأنف حكمها بجميع طلباتها قائمة، وما دامت الدعوى قائمة فلا تسرى أثناءها
المدة المقررة لسقوط الحق المطالب به بخمس سنوات، إذ القاعدة العامة أن طلب الحضور
أمام القضاء يحفظ حقوق المدعي بأن يقطع سريان مدة التقادم فتستبدل بالمدة التي كانت
سارية من قبل المدة الطويلة المقررة لسقوط جميع الحقوق – هذا الحكم صحيح في القانون
ولا غبار عليه.
الوقائع
في يوم 3 من أغسطس سنة 1949 طعن بطريق النقض في حكم محكمة استئناف القاهرة الصادر في 23 من مايو سنة 1948 في الاستئناف رقم 512 سنة 64 ق وذلك بتقرير طلب فيه الطاعنون الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه والقضاء أصلياً بعدم قبول الاستئناف المرفوع عن حكم محكمة مصر الكلية الصادر في 18 من فبراير سنة 1935 في القضية المدنية رقم 8 سنة 1928 كلى مصر. واحتياطياً سقوط الحق في المطالبة بالفوائد وتأييد حكم محكمة مصر الكلية القاضي برفض طلب الفوائد أو إحالة القضية على محكمة الاستئناف للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وإلزام المطعون عليهم بصفتهم الشخصية وبصفتهم ورثة المرحومة السيدة أسما شنودة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وفي 6 و8 و15 من أغسطس سنة 1949 أعلن المطعون عليهم بتقرير الطعن وفي 21 منه أودع الطاعنون أصل ورقة إعلان المطعون عليهم بالطعن وصورتين مطابقتين للأصل من الحكم المطعون فيه ومذكرة بشرح أسباب الطعن وحافظة بمستنداتهم. وفي أول سبتمبر سنة 1949 أودع المطعون عليهم الثلاثة الأولون مذكرة بدفاعهم مشفوعة بمستنداتهم طلبوا فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ولم يقدم المطعون عليه الرابع دفاعاً. وفي 27 من مارس سنة 1951 وضعت النيابة العامة مذكرتها وقالت فيها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعنين بالمصروفات. وفي أول نوفمبر سنة 1951 سمعت الدعوى على ما هو مبين بمحضر الجلسة…. إلخ.
المحكمة
… من حيث إن الوقائع تتحصل في أن ميخائيل فلتس توفي عن أولاده
لوندى بك وفلتس أفندي وعن السيدتين جليلة وجلجلة وعن زوجته السيدة أسما شنودة وأولادها
منه وهم عبد المسيح ومنيرة وبهية وشارل ولما كان ما تحت يد السيدة أسما وأولادها أقل
من نصيبهم الشرعي في الأطيان والوابورات حرر اتفاق في 13/ 8/ 1919 تعهد فيه الورثة
الآخرون بأن يدفعوا إليها مبلغ 240 جنيه و757 مليم سنوياً مقابل النقص في الأطيان ومبلغ
125 جنيه سنوياً مقابل ما ينقض سنوياً عن حصتهم في ريع الوابورات ثم تحاسبوا في سنة
1924 عن الريع المتجمد حتى سنة 1922 وتعهد لوندى بك عن نفسه وبوكالته عن إخوته البلغ
في عقد صلح حرر في 18 مايو سنة 1942 بدفع مبلغ 896 جنيه و442 مليم للسيدة أسما وأولادها
تكملة لحصتهم في الريع لغاية سنة 1922. أقامت بعد ذلك السيدة أسما الدعوى رقم 8 لسنة
1928 كلى مصر عن نفسها وبوصايتها على أولادها الذين كانوا قصراً طلبت فيها المستحق
لها ولأولادها عن الأطيان من سنة 1922 لغاية سنة 1927 وما يستجد بواقع 240 جنيه و757
مليم والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء وطلبت أيضا المستحق عن
الوابورات عن نفس المدة والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية لغاية الوفاء
وقيمة ما يخصهم في ريع الحديقة لغاية سنة 1927 والفوائد بواقع 5% وفوائد ما خصهم من
مبالغ من تاريخ الصلح الحاصل في 18/ 5/ 1924 حتى الوفاء. وأثناء سير تلك الدعوى أقام
المدعى عليهم دعوى فرعية على السيدة أسما فأصدرت محكمة مصر في 9 يونيه سنة 1929 حكماً
تمهيدياً بندب خبير حسابي لتصفية الحساب بين الطرفين. استأنفت السيدة أسما بصفتيها
هذا الحكم فقضت محكمة الاستئناف بإلغائه وبإلزام المستأنف عليهم بأن يدفعوا إلى السيدة
أسما بصفتيها قيمة المتجمد حتى سنة 1927 وفوائد المبالغ المستحقة بواقع 5% كما قضت
بعدم قبول الدعوى الفرعية فيما زاد على مبلغ 246 جنيه و31 مليم الذي استنزلته من المتجمد
من ريع الأطيان والماكينات وبإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في النزاع الخاص
بريع الحديقة لغاية سنة 1927 ولما أن أعيدت عدلت المدعية طلباتها طالبة الفرق عن إيجار
الأطيان والوابورات عن المدة من سنة 1928 إلى سنة 1933 مع طلب ريع الحديقة لغاية سنة
1927 والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية حتى الوفاء عن كل من هذه المبالغ.
وفي 18 فبراير سنة 1935 قضت محكمة مصر بإلزام لوندى بك وفلتس أفندي بأن يدفعا إلى المدعية
المبلغ المستحق عن فرق الأطيان والوابورات عن المدة المطالب بها وكذلك المبلغ المستحق
عن ريع الحديقة لغاية سنة 1927 وأخرجت جلجلة وورثة جليلة من الدعوى بناء على أن لوندى
بك والخواجة فلتس هما الواضعا اليد فأعلنت السيدة أسما هذا الحكم إلى المحكوم عليهما
في 5 و28 إبريل سنة 1935 وجاء بالإعلان "مع حفظ حق الطالبة في استئناف الطلبات التي
لم يحكم بها" وسارت في إجراءات التنفيذ فاستشكلت السيدة نجية شكري بصفتها الشخصية وبصفتها
وصية على أولادها من فلتس ميخائيل في التنفيذ في قضية الإشكال رقم 1533 سنة 1943 ديروط
وقد جاء بمذكرة المستشكل ضدها المقدمة إلى المحكمة "المستشكل ضدها السيدة أسما تداين
المستشكلة بصفتها بمبلغ 2668 جنيه و436 مليم بموجب الحكم الصادر لها في القضية رقم
8 لسنة 1928 مدني كلى مصر والذي أصبح نهائياً". استأنفت السيدة أسما وأولادها بعد أن
بلغوا سن الرشد حكم محكمة مصر في الدعوى رقم 8 سنة 1928 كلى مصر بالنسبة لإخراج من
أخرج من الدعوى وبالنسبة للفوائد التي لم يحكم بها من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة
في 18/ 7/ 1927 لغاية الوفاء. فدفع المستأنف عليهما – الطاعنين – بعدم قبول الاستئناف
شكلاً لأن المستأنفين قبلوا الحكم المستأنف كما تمسكا في الموضوع بسقوط حق المستأنفين
في الفوائد القانونية بمضي أزيد من خمس سنوات من يوم 25 فبراير سنة 1935 تاريخ صدور
الحكم المستأنف القاضي برفض الفوائد. وفي 23 مايو سنة 1948 صدر الحكم في الاستئناف
قاضياً بتأييد حكم محكمة أول درجة في قضائها بالريع على لوندى بك وفلتس أفندي وبرفض
ما أثاره المستأنف عليهما – الطاعنين – من سقوط حق المستأنفين في طلب الفوائد التي
أغلقت محكمة أول درجة الحكم بها. فقرر الطاعنون طعنهم فيه بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم أنه أسس قضاءه
على تحصيل خاطئ لما هو ثابت في الأوراق إذ ليس صحيحاً ما جاء بالحكم من أن المطعون
عليهم عندما أعلنوا الحكم للطاعنين قد احتفظوا في الإعلان بحقهم في استئناف الحكم،
كما أن تأويل الحكم المطعون فيه لما جاء بمذكرة المطعون عليهم في دعوى الإشكال رقم
1533 سنة 1943 ديروط من أن الحكم أصبح انتهائياً بالنسبة إلى المستأنف عليهم وحدهم
الذين لم يعد لهم الحق في مناقشته خلافاً للمستأنفين "هو تأويل مخالف مدلول هذا الإقرار".
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يخالف الثابت بالأوراق إذ استند
في قضائه برفض الدفع بعدم قبول الاستئناف شكلاً إلى أن المطعون عليهم احتفظوا عند إعلانهم
الحكم الابتدائي لمورثي الطاعنين بحقهم في استئنافه ذلك لأن المطعون عليهم احتفظوا
في إعلانهم الحكم للوندى بك في 28/ 4/ 1935 وإلى فلتس أفندي ميخائيل في 5/ 4/ 1936
بحقهم في استئنافه بالنسبة إلى الطلبات التي لم يحكم لهم بها كما يبين من صورتي الإعلانين
المقدمتين إلى هذه المحكمة من المطعون عليهم، أما ورقة الإعلان المقدمة من الطاعنين
والمعلنة في 12/ 4/ 1942 إلى الطاعنة الثانية السيدة نجية شكري بصفتها الشخصية وبصفتها
وصية على أولادها القصر ورثة لوندى بك وهو الذي سبق أن احتفظ المطعون عليهم قبله بحقهم
في الاستئناف في إعلان الحكم إليه فلم يثبت تقديمها إلى محكمة الموضوع ومن ثم لا يجوز
التمسك بها أمام هذه المحكمة في الطعن على الحكم ببطلان الإسناد وأما ما أول به الحكم
العبارة الواردة في مذكرة المطعون عليهم في قضية الإشكال 1533 سنة 1941 ديروط السابق
إيراد نصها بأن المقصود منها أن الحكم أصبح نهائياً بالنسبة للمستشكلة وحدها فتأويل
سائغ.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم مخالفة القانون إذ قضى
بأن حق المطعون عليهم في استئناف الحكم بالنسبة للفوائد التي لم يقض بها لا يسقط بمضي
خمس سنوات بل تبدأ مدة سقوطه من تاريخ إعلان الحكم الذي قضى بها مع أن هذا مخالف للقانون
الذي يفرق بين التقادم وبين السقوط فإذا كان الحق المطالب به يسقط بمضي خمس سنوات كالفوائد
فلا يصح استئناف الحكم الصادر بشأنها بعد خمس سنوات لأن الحق نفسه يكون قد سقط فعلاً
وإذا فالمدة التي يصح فيها رفع الاستئناف عن حق يسقط بعدم المطالبة به مدة خمس سنوات
لا يجوز أن تجاوز خمس سنوات، إلا أن الحكم المطعون فيه خالف هذه القاعدة بعلة أن حق
الاستئناف محدود الأجل وأن رفع الدعوى يترتب عليه استبدال الحق وجعل الدين الذي يسقط
بمضي خمس سنوات لا يسقط إلا بمضي خمس عشرة سنة إذا ما صدر به حكم وبذلك خالف في قضائه
المادة 211 من القانون المدني (القديم) التي تنص على سقوط الفوائد بمضي خمس سنوات.
ومن حيث إن الحكم قضى برفض الدفع بسقوط حق الاستئناف بالنسبة للفوائد التي لم يقض بها
الحكم الابتدائي مستنداً إلى أنه "ما دام باب الاستئناف ما زال مفتوحاً أمام المستأنفين
فتعتبر الدعوى المستأنف حكمها بجميع طلباتها قائمة وما دامت الدعوى قائمة فلا تسري
أثناءها المدة المقررة لسقوط الحق المطالب به بخمس سنوات والقاعدة العامة أن طلب الحضور
أمام القضاء يحفظ حقوق المدعي بأن يقطع سريان مدة التقادم ويطيل في أجل الدعوى فتستبدل
بالمدة التي كانت سارية من قبل المدة الطويلة المقررة لسقوط جميع الحقوق.
ومن حيث إن هذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أنه يجب التفريق بين سقوط الحق
موضوع الدعوى وسقوط الحق في استئناف الحكم الصادر فيها فحق الاستئناف هو حق مستقل بذاته
ولا يجوز ربطه بسقوط الحق الأصلي، والحكم لا يتقادم إلى بمضي خمس عشرة سنة من تاريخ
صدوره، وأنه لما كان يترتب على إعلان صحيفة الدعوى بطلب الفوائد انقطاع التقادم بالنسبة
لها فإن أثر هذا الانقطاع يمتد إلى أن يصدر الحكم النهائي في الدعوى وينبني على ذلك
أن مضى المدة من 18/ 2/ 1935 تاريخ صدور الحكم الابتدائي حتى تاريخ استئنافه في 12/
2/ 1942 لا يترتب عليه سقوط الحق في استئنافه، كما أن الحق في الفوائد يبقى محفوظاً
بحكم انقطاع المدة بعريضة الدعوى الابتدائية وعلى ذلك يتعين رفض ما جاء بهذين السببين.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.
