الطعن رقم 634 لسنة 47 ق – جلسة 06 /11 /1977
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
السنة الثامنة والعشرون – صـ 902
جلسة 6 من نوفمبر سنة 1977
برياسة السيد المستشار محمد عادل مرزوق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد فؤاد جنينه. ويعيش رشدي. ومحمد وهبه. وأحمد موسى.
الطعن رقم 634 لسنة 47 القضائية
اختصاص. "الاختصاص النوعي". محكمة الجنايات. "اختصاصها".
إحالة الدعوى إلى محكمة الجنايات بوصفها جناية. ثبوت أنها جنحة بعد التحقيق والمرافعة.
على المحكمة الفصل فيها. تكييفهما لها بأنها جنحة قبل التحقيق والمرافعة. وجوب القضاء
بعدم اختصاصها بها وإحالتها إلى المحكمة الجزئية. مادة 382 إجراءات.
أسباب الإباحة وموانع العقاب. "دفاع شرعي". دفوع. "الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعي".
دفاع. "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي. وجوب أن يكون جدياً وصريحاً. اشتراط إيراده بصريح
اللفظ. غير لازم.
قول المتهم أنه رأى أحد اثنين يهم بالإمساك بزوجته فأطلق النار بقصد إنهاء الوضع وتفريق
الجمع. لا يعد تمسكاً بقيام حالة الدفاع الشرعي.
1 – لما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدعوى أحيلت أصلاً إلى محكمة الجنايات
بوصفها جناية قتل عمد ولم تر هي أن الواقعة تعد جنحة إلا بعد تلاوة أقوال الشهود وسماع
مرافعة الدفاع عن الطاعن، فإنه كان متعيناً عليها أن تحكم فيها باعتبارها كذلك إعمالاً
لنص الفقرة الثانية من المادة 382 من قانون الإجراءات. أما الحكم بعدم الاختصاص والإحالة
إلى المحكمة الجزئية فلا مجال له – على ما جاء بصريح الفقرة الأولى من تلك المادة –
إلا إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها بالجلسة
تعد جنحة.
2 – من المقرر أن التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي وإن كان لا يشترط فيه إيراده بلفظه،
إلا أنه يجب أن يكون صريحاً وجدياً. وإذ كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن كل ما
أثاره المدافع عن الطاعن هو أن هذا الأخير رأى واحداً من اثنين من الشبان يهم بالإمساك
بزوجته فأراد بإطلاق النار إنهاء الوضع وتفريق الجمع، وهو ما لا يفصح عن التمسك بقيام
حالة الدفاع الشرعي عن الزوجة – كما هي معرفة به في القانون – ولا يعتبر طلباً جديد
بتحقيقها وكانت الواقعة – حسبما سجلها الحكم لا ترشح لقيام تلك الحالة، فإنه تعييب الحكم
في هذا الخصوص يكون غير مقبول.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل………. الشهيرة ……….. عمداً بأن أطلق عيارين ناريين من مسدسه في اتجاه المجني عليها وآخرين قاصداً القتل وأصابها أحدهما محدثاً بها الإصابات الموضحة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته بمواد الاتهام. فقرر ذلك. ومحكمة جنايات القاهرة بعد أن عدلت وصف التهمة إلى قتل خطأ قضت حضورياً عملاً بالمادة 238/ 1 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات. فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
قتل خطأ قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه إخلال بحق الدفاع وقصور وتناقض في التسبيب،
ذلك بأن الدعوى كانت قد أحيلت إلى محكمة الجنايات باعتبار الواقعة جناية قتل عمد فرأت
المحكمة أنها تعد جنحة، ومن ثم فقد كان عليها أن تحكم بعدم الاختصاص وتحيلها إلى المحكمة
الجزئية لا أن تحكم فيها. هذا إلى أنها قعدت عن تحقيق حالة الدفاع الشرعي عن زوجة الطاعن
التي يتضح من دفاعه بجلسة المحاكمة انه تمسك بقيامها – كما أنها لم تستظهر ركن الخطأ
في حقه، فضلاً عن أنها أوقعت عليه أقصى العقوبة بالرغم مما أثبته في حكمها من أنه كان
مستيقظاً من نومه وأطلق النار وهو في غير حالته الطبيعية.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه أن مشادة حدثت بين زوجة الطاعن
المقيمة بالطابق الثالث وجارتها المقيمة بالطابق الرابع، استيقظ هو على صوتها وخرج
إلى سلم المنزل يستطلع الأمر ثم ما لبث أن عاد وأحضر مسدساً أطلق منه عيارين ناريين
في اتجاه الطابق الأعلى حيث كان تقف الجارة وبعض أقاربها على السلم، فأصاب أحدهما صديقتها
المجني عليها – التي تصادف وجودها معها – وأودى بحياتها. وأورد الحكم على ثبوت هذه
الواقعة أدلة مستقاة من أقوال الشهود واعتراف الطاعن والمعاينة وتقرير الصفة التشريحية.
لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الدعوى أحيلت أصلاً إلى محكمة الجنايات
بوصفها جناية قتل عمد ولم تر هي أن الواقعة تعد جنحة إلا بعد تلاوة أقوال الشهود وسماع
مرافعة الدفاع عن الطاعن، فإنه كان متعيناً عليها أن تحكم فيها باعتبارها كذلك إعمالاً
لنص الفقرة الثانية من المادة 382 من قانون الإجراءات. أما الحكم بعدم الاختصاص والإحالة
إلى المحكمة الجزئية فلا مجال له – وعلى ما جاء بصريح الفقرة الأولى من تلك المادة
– إلا إذا رأت محكمة الجنايات أن الواقعة كما هي مبينة في أمر الإحالة وقبل تحقيقها
بالجلسة تعد جنحة. ومن ثم يكون النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون غير صحيح.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي وإن كان لا يشترط
فيه إيراده بلفظه، إلا أنه يجب أن يكون صريحاً وجدياً. وإذ كان الثابت من محضر جلسة
المحاكمة أن كل ما أثاره المدافع عن الطاعن هو أن هذا الأخير رأى واحداً من اثنين من
الشبان يهم بالإمساك بزوجته فأراد بإطلاق النار إنهاء الوضع وتفريق الجمع، وهو ما لا
يفصح عن التمسك بقيام حالة الدفاع الشرعي عن الزوجة – كما هي معرفة به في القانون –
ولا يعتبر طلباً جدياً بتحقيقها وكانت الواقعة – حسبما سجلها الحكم على النحو السالف
بيانه لا ترشح لقيام تلك الحالة، فإن تعييب الحكم في هذا الخصوص يكون غير مقبول. لما
كان ذلك، وكان الحكم قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية لجريمة
القتل الخطأ التي دان بها الطاعن – ومن بينها ركن الخطأ الذي يمثل في إطلاق العيارين
داخل المنزل المسكون في اتجاه الطابق الأعلى حيث كانت تقف جارته وبعض أقاربها وصديقتها
المجني عليها على السلم وأورد على ثبوت هذه الواقعة أدلة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب
عليها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من قصور في هذا الصدد يكون في غير محله.
لما كان ذلك، وكان البين من الحكم أن ما أثبته من أن الطاعن كان مستيقظاً من نومه وأطلق
النار وهو في غير حالته الطبيعية إنما كان في مقام التدليل على انتفاء نية القتل في
حقه – وصولاً إلى اعتبار الواقعة جنحة قتل خطأ وليست جناية – ومن ثم فلا تناقض بين
هذا الذي أثبتته المحكمة وبين ما ارتأته في حدود سلطتها التقديرية من معاقبة الطاعن
بأقصى العقوبة المقررة لتلك الجنحة. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير
أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
