الطعن رقم 407 لسنة 40 ق – جلسة 03 /05 /1970
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة 21 – صـ 636
جلسة 3 من مايو سنة 1970
برياسة السيد المستشار/ نصر الدين عزام، وعضوية السادة المستشارين: سعد الدين عطية، وأنور خلف، ومحمود عطيفة، والدكتور محمد محمد حسنين.
الطعن رقم 407 لسنة 40 القضائية
(أ، ب، ج) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة. أركانها. "حكم". "تسبيبه.
تسبيب غير معيب". إثبات. "إثبات بوجه عام".
( أ ) القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر. ماهيته؟ عدم التزام المحكمة بالتحدث استقلالاً
عن هذا الركن.
(ب) الإحراز بقصد الاتجار. واقعة مادية. استقلال قاضي الموضوع بالفصل فيها.
(ج) لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وردها إلى صورتها الصحيحة من جماع الأدلة
المطروحة عليها. نطاق هذا الحق؟
1 – القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر إنما هو علم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه
أو يحوزه من المواد المخدرة. والمحكمة غير مكلفة بالتحدث استقلالاً عن هذا الركن، إذا
كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه مخدراً.
2 – إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها طالما يقيمها
على ما ينتجها.
3 – لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها
من جماع الأدلة المطروحة عليها، وهي ليست مطالبة في هذا الصدد بألا تأخذ إلا بالأدلة
المباشرة بل لها أن تستخلص الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة ولو كانت
غير مباشرة متى كان ما حصله الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فلا يلزم
لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد على
ألسنة الشهود وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات
العقلية، ما دام ذلك سليماً ومتفقاً مع حكم العقل والمنطق.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما في يوم 25/ 9/ 1968 بدائرة مركز أبو حمص محافظة البحيرة: (المتهم الأول) أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. (المتهم الثاني) أحرز بقصد التعاطي جواهر مخدرة (حشيشاً) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وطلبت إلى مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما بالمواد 1 و2 و7 و34/ أ و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند أ من الجدول رقم 2 الملحق فصدر قراره ذلك. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و2 و7 و34/ أ و37 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون 40 لسنة 1966 والبند 12 من الجدول رقم 1 الملحق بالنسبة إلى المتهم الأول – الطاعن – و1 و372 و42 من القانون المذكور بالنسبة إلى المتهم الثاني والمادة 17 من قانون العقوبات بالنسبة إلى المتهمين (أولاً) بمعاقبة المتهم الأول – الطاعن – بالأشغال الشاقة لمدة خمس سنوات وبتغريمه ثلاثة آلاف جنيه. (ثانياً) بمعاقبة المتهم الثاني بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وبتغريمه خمسمائة جنيه. (ثالثاً) مصادرة المواد المخدرة والأدوات المضبوطة. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
إحراز جواهر مخدرة بقصد الاتجار قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، ذلك بأن
الحكم عول في توافر علم الطاعن بأن ما يحرزه مخدراً على مجرد القول بأن هذا العلم ثابت
في حقه من ظروف الدعوى وملابساتها ولم يكشف عن تلك الظروف وهذه الملابسات. كما استند
في توافر قصد الاتجار لدى الطاعن إلى ضبط "مطواة" وجد على نصلها أثر حشيش وإلى أن المتهم
الثاني ضبط وهو يدخن الحشيش كعينة تمهيداً للشراء وإلى ضبط مبلغ بجيب الطاعن مع أن
"المطواة" التي وجدت أمام المتهم الثاني ولم تضبط مع الطاعن ولم يكشف الحكم عن الظروف
التي أقام عليها اقتناعه بأن المتهم الثاني كان يدخن الحشيش كعينة تمهيداً للشراء ولم
يقل أحد من الشهود بذلك كما أن المبلغ المضبوط لم يتجاوز 2 ج و200 م وليس في ضبط مثل
هذا المبلغ الضئيل دليل على قصد الاتجار.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر فيه كافة العناصر القانونية
لجريمة إحراز المخدرات بقصد الاتجار التي دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها في حقه أدلة
مستمدة من أقوال رئيس مكتب مكافحة المخدرات ونائبه والشرطيين السريين وتقرير التحليل،
وكان القصد الجنائي في جريمة إحراز المخدر إنما هو علم المحرز أو الحائز بأن ما يحرزه
أو يحوزه من المواد المخدرة، وكانت المحكمة غير مكلفة بالتحدث على استقلال عن هذا الركن
إذا كان ما أوردته في حكمها كافياً في الدلالة على أن المتهم كان عالماً بأن ما يحرزه
مخدراً، وكان الحكم قد أورد أن تحريات الشرطة دلت على أن الطاعن يحرز جواهر مخدرة بقصد
الاتجار وصدر إذن من النيابة العامة بتفتيشه وتفتيش مسكنه فعثر لديه على كمية من الحشيش،
كما ضبط معه المتهم الثاني يدخن حشيشاً من جوزة، وكان يبين من محاضر جلسات المحاكمة
أن أياً من الطاعن أو المدافع عنه لم يدفع بانتفاء هذا العلم، وكان ما أورده الحكم
من وقائع وظروف دالاً على قيامه في حق الطاعن، فإن ما يثيره في هذا الصدد يكون في غير
محله. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لقصد الطاعن من إحراز المخدر في
قوله "أما عن قصد المتهم الأول (الطاعن) من الإحراز فنظراً لكبر الكمية المضبوطة التي
وجدت مجزأة مع المطواة التي عثر على نصلها على فتات الحشيش والمبالغ المحتفظ بها بجيبه
وبمعطفه الذي كان معلقاً على الحائط والذي عثر به على طربة حشيش كاملة وضبط المتهم
الثاني وهو يدخن الحشيش كعينة تمهيداً للشراء، كما يدل على ذلك ظروف الحال بالإضافة
إلى ما أسفرت عنه تحريات البوليس من أن المتهم يتجر في المواد المخدرة. فترى المحكمة
أن الإحراز كان بقصد الاتجار" وكان هذا الذي أثبته الحكم يكفي لتبرير ما انتهى إليه
من أن الطاعن إنما كان يحرز المخدر بقصد الاتجار وهي واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع
بالفصل فيها طالما يقيمها على ما ينتجها وهو ما لم يخطئ الحكم في تقديره. أما ما يثيره
الطاعن من أن المطواة وجدت أمام المتهم الثاني أو أن أحداً من الشهود لم يقل بأن المتهم
الثاني كان يدخن الحشيش كعينة تمهيداً للشراء فمردود بأن لمحكمة الموضوع أن تتبين حقيقة
الواقعة وتردها إلى صورتها الصحيحة التي تستخلصها من جماع الأدلة المطروحة عليها وهي
ليست مطالبة – في هذا الصدد – بألا تأخذ إلا بالأدلة المباشرة بل أن لها أن تستخلص
الحقائق القانونية من كل ما يقدم إليها من أدلة، ولو كانت غير مباشرة متى كان ما حصله
الحكم منها لا يخرج عن الاقتضاء العقلي والمنطقي، فلا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي
ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد على ألسنة الشهود، وإنما يكفي
أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية، ما دام ذلك سليماً
متفقاً مع حكم العقل والمنطق كما هو الحال في الدعوى المطروحة. لما كان ما تقدم فإن
ما ينعاه على الحكم المطعون فيه من دعوى القصور في التسبيب وفساد الاستدلال لا يكون
له محل ولا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل والقرائن التي كونت منها المحكمة
عقيدتها وهو ما لا يصح إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم، يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
