الطعن رقم 147 لسنة 37 ق – جلسة 26 /06 /1967
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الثاني – السنة الثامنة عشرة – صـ 862
جلسة 26 من يونيه سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: جمال المرصفاوي، ومحمد محفوظ، ومحمد عبد الوهاب خليل، ومحمود عطيفة.
الطعن رقم 147 لسنة 37 القضائية
جريمة. اغتصاب المستندات. "أركانها: القوة. التهديد". اغتصاب المال
بالتهديد. محكمة الموضوع.
(أ) ركن الإكراه المنصوص عليه في المادة 325 من قانون العقوبات كما يكون مادياً باستعمال
القوة والعنف، يكون أدبياً بطريق التهديد.
(ب) اختلاف مجال تطبيق المادة 326 من قانون العقوبات عن مجال تطبيق المادة 325 منه.
(ج) تقدير قيام التهديد. موضوعي.
1 – جرى نص المادة 325 من قانون العقوبات على أن "كل من اغتصب بالقوة أو التهديد سنداً
مثبتاً أو موجداً لدين أو تصرف أو براءة أو سنداً ذا قيمة أدبية أو اعتبارية أو أوراقاً
تثبت وجود حالة قانونية أو اجتماعية أو أكره أحداً بالقوة أو التهديد على إمضاء ورقة
مما تقدم أو ختمها يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة" ومفاد ذلك أن ركن الإكراه في هذه
الجريمة كما يكون مادياً باستعمال القوة والعنف يكون أدبياً بطريق التهديد – ويعد إكراهاً
أدبياً كل ضغط على إرادة المجني عليه يعطل من حرية الاختيار لديه ويرغمه على تسلم السند
أو التوقيع عليه وفقاً لما يتهدده، وهذا التهديد يجب أن يكون على درجة من الشدة تسوغ
اعتباره قرين القوة بالمقارنة لها مما يبرر صرامة العقوبة التي يفرضها القانون لهما
على حد سواء.
2 – مجال تطبيق المادة 326 من قانون العقوبات هو الحصول على مال أو أي شيء من آخر غير
المستندات المثبتة أو الموجدة لدين أو تصرف أو براءة مما ورد في المادة 325 من القانون
المذكور.
3 – تقدير قيام التهديد مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلصه من عناصر الدعوى المطروحة
أمامها ولا معقب عليها في ذلك ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في
العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
الوقائع
بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1964 قررت النيابة العامة في القضية رقم 8052 سنة 1964 جنايات مصر الجديدة – التي كان متهماً فيها كل من: سامي ميخائيل إبراهيم وعزمي ميخائيل إبراهيم وعبد الملك عوض سليمان. بأنهم في 31 من أكتوبر سنة 1964. شرعوا في اغتصاب سند مثبت لبيع عشرين فداناً من إيزاد وهي بربريان وكان ذلك بطريق التهديد والإكراه وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو ضبطهم والجريمة متلبس بها الأمر المنطبق على المواد 45 و46 و325 من قانون العقوبات – قررت قيد الأوراق بدفتر الشكاوى وحفظها إدارياً مع رد الأشياء المضبوطة إلى من كانت في حيازته وقت ضبطها وإخطار سمير بطرس حنا وإيزاد وهي بربريان اللذين كانا قد ادعيا بتعويض مدني مؤقت مقداره واحد وخمسون جنيهاً قبل المتهمين الثلاثة سالفي الذكر. فطعن المدعيان بالحقوق المدنية في هذا القرار أمام مستشار الإحالة في يوم صدوره. وقرر سيادته قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى قبل المتهمين سالفي الذكر. فطعن وكيل المدعيين بالحقوق المدنية في هذا القرار الحكم بطريق النقض….. الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن أن الأمر المطعون فيه إذ قضى بتأييد أمر النيابة
العامة بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل المطعون ضدهم، قد أخطأ في تطبيق القانون
وشابه قصور في التسبيب، ذلك بأنه استبعد الأدلة المستمدة من واقعة الضبط على أساس أن
النيابة العامة حين أصدرت إذنها بالقبض على المتهمين – المطعون ضدهم – لم تستند في
ذلك إلى دلائل كافية، وأن الضابطين استرقا السمع وحصلا على التسجيل الصوتي للمتهمين
خلسة مما يتنافى مع الآداب العامة، مع أن النيابة العامة لم تصدر إذناً بالقبض على
المطعون ضدهم وإنما أذنت لرجال الشرطة بعمل كمين لضبطهم وهم في حالة تلبس بالجريمة،
كما أن استراق السمع الذي حرمه القانون هو ذلك الذي ينطوي على انتهاك لحرمة المسكن
وما في حكمه وقد دخل الضابطان منزل الطاعنين برضائهما لتنفيذ إذن النيابة بعمل الكمين
ولم يشتمل التسجيل الصوتي إلا على إثبات حالة التلبس، وتلك كلها أمور لا خلاف على مشروعيتها
قانوناً. هذا إلى أن الأمر المطعون فيه قد أخطأ فهم معنى التهديد الوارد بالمادة 325
من قانون العقوبات إذ أن ما صدر من المطعون ضدهم من تهديدات كان لها أثرها في نفس الطاعنين
مما تتوافر به عناصر الجريمة التي أسندت إليهم، هذا فضلاً من أن تضمين عقد بيع العشرين
فداناً – محل الجريمة – أن الطاعنة الثانية قد تسلمت – على خلاف الحقيقة – كامل الثمن
وقدره سبعة آلاف جنيه مما تتوافر به – وبما صدر من المطعون ضدهم من تهديد – أركان الجريمة
المنصوص عليها في المادة 326 من قانون العقوبات.
وحيث إن الأمر المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى ورد على ما أثير فيها من دفوع قانونية
عرض لبحث أركان جريمة اغتصاب السندات المنصوص عليها في المادة 325 من قانون العقوبات،
وانتهى إلى عدم توافر ركن استعمال القوة أو التهديد في حق المطعون ضدهم، وإلى أن وسائل
التهديد المنسوبة إلى المطعون ضده الأول لا ترقى إلى مرتبة التهديد المقصود في المادة
326 من قانون العقوبات. لما كان ذلك، وكان نص المادة 325 من قانون العقوبات قد جرى
بأن "كل من اغتصب بالقوة أو التهديد سنداً مثبتاً أو موجداً لدين أو تصرف أو براءة
أو سنداً ذا قيمة أدبية أو اعتبارية أو أوراقاً تثبت وجود حالة قانونية أو اجتماعية
أو أكره أحداً بالقوة أو التهديد على إمضاء ورقة مما تقدم أو ختمها يعاقب بالأشغال
الشاقة المؤقتة" فإن مفاد ذلك أن ركن الإكراه في هذه الجريمة كما يكون مادياً باستعمال
القوة والعنف يصح أن يكون أدبياً بطريق التهديد. ويعد إكراهاً أدبياً كل ضغط على إرادة
المجني عليه يعطل من حرية الاختيار لديه ويرغمه على تسليم السند أو التوقيع عليه دفعاً
لما يتهدده، وهذا التهديد يجب أن يكون على درجة من الشدة تسوغ اعتباره قرين القوة بالمقارنة
لها مما يبرر صرامة العقوبة التي يفرضها القانون لهما على حد سواء، والأمر في تقدير
ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تستخلصه من عناصر الدعوى المطروحة أمامها ولا معقب عليها
في ذلك ما دام استخلاصها سائغاً ومستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصل
في الأوراق. ولما كان الأمر المطعون فيه قد ارتأى للأسباب السائغة التي أوردها أن تهديد
المطعون ضده الأول للطاعنين برفع دعوى صحة تعاقد عن العقدين المبرمين في 7 من ديسمبر
سنة 1961 اللذين صدرا منهما له بصفته ولياً شرعياً على ولديه ببيع مائة فدان، وبرفع
دعوى حراسة، وتلويحه لهما بعزمه على تزوير إيصالين مخالصة منهما عن باقي ثمن البيع
وعلى احتجاز ما لديه من أوراق تخصمها لعرقلة عملية بيع أراضيهما إلى صغار الزراع، لا
يشكل بالنظر – إلى ظروف الطاعنين وسنهما ودرجة ثقافتهما – تهديداً جسيماً من شأنه أن
يعطل حريتهما في الاختيار أو يبعث الرعب في نفسيهما فإنه يكون بذلك قد فصل في مسائل
موضوعية مما لا يجوز الجدل في شأنها أمام محكمة النقض. ولا يقدح في سلامته ما انطوى
عليه من تقريرات قانونية في شأن بطلان إجراءات الضبط وما رتبه على ذلك من استبعاد الأدلة
المستمدة منها، ما دام ما انتهى إليه من عدم توافر أركان الجريمة سليماً متفقاً وصحيح
القانون. لما كان ذلك، وكان مجال تطبيق المادة 326 من قانون العقوبات هو الحصول على
مال أو أي شيء آخر غير المستندات المثبتة أو الموجدة لدين أو تصرف أو براءة – مما ورد
في المادة 325 من قانون العقوبات فإن الأمر المطعون فيه إذ أطرح طلب الطاعنين اعتبار
الواقعة – من باب الاحتياط – منطبقة على المادة 326، واستند في قضائه إلى أن التهديد
منتف أصلاً وأن هذه المادة لا تنطبق على موضوع الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً
صحيحاً. لما كان ما تقدم، فإن الطعن يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً مع مصادرة
الكفالة وإلزام الطاعنين المصاريف المدنية.