قاعدة رقم الطعن رقم 10 لسنة 22 قضائية “تنازع” – جلسة 14 /04 /2002
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء العاشر
من أول أكتوبر 2001 حتى آخر أغسطس 2003 – صـ 1258
جلسة 14 إبريل سنة 2002
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيري وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلي عوض محمد صالح والدكتور حنفي علي جبالي ومحمد عبد العزيز الشناوي، وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 10 لسنة 22 قضائية "تنازع"
1، 2 – دعوى فض تناقض الأحكام "أحكام التنفيذ الوقتية: مناط قبولها:
اختلاف جهات القضاء الصادرة منها".
1 – الأحكام الصادرة في مادة تنفيذ وقتية من القضاء العادي وفي الشق المستعجل من القضاء
الإداري. حجيتها المؤقتة لا تحول دون وجوب تنفيذها طالما صارت نهائية. مؤدى ذلك: استنهاض
ولاية المحكمة الدستورية العليا لإزالة التناقض الذي يثور بين هذه الأحكام عند تنفيذها.
2 – مناط قبول طلب وقف تنفيذ الأحكام المتناقضة أن يكون أحد الحكمين صادراً من إحدى
جهات القضاء أو هيئة ذات اختصاص قضائي، والآخر صادراً من جهة أخرى منها، وأن يكون تناقضاً
بحيث يتعذر تنفيذهما معاً.
3 – منازعة تنفيذ "أحكام القضاء الإداري".
منازعات التنفيذ في أحكام القضاء الإداري تندرج في منازعات القانون العام يختص بالفصل
فيها مجلس الدولة (المادة 172 من الدستور).
1 – الأحكام الصادرة في مادة تنفيذ وقتية من القضاء العادي وفي الشق المستعجل من القضاء
الإداري وإن كانت حجيتها وقتية تزول بصدور حكم في الموضوع إلا أن ذلك لا يحول دون وجوب
تنفيذ هذه الأحكام طالما صارت نهائية، بما من شأنه استنهاض ولاية هذه المحكمة لإزالة
التناقض الذي يثور عند تنفيذها وتحديد أي منها هو الواجب الاعتداد به.
2 – مناط طلب الفصل في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين نهائيين متناقضين،
طبقاً للبند الثالث من المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة
ذات اختصاص قضائي، والثاني من جهة أخرى
منها، وأن يكونا قد تصادما، ليغدو متعذراً – عقلاً ومنطقاً – اجتماع تنفيذهما معاً،
مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض بالمفاضلة بين الحكمين
على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية
الفصل في الدعوى، وأحقهما بالتالي بالتنفيذ.
3 – تصرف الجهات الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل
الترخيص وتكون المنازعات المثارة بشأنه منازعة إدارية يختص بالفصل فيها مجلس الدولة
– كهيئة مستقلة – وفقاً لحكم المادة من الدستور وقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون
رقم 47 لسنة 1972. وحيث إنه متى كان ذلك وكان الحكم الصادر من جهة القضاء العادي قد
قضى بوقف تنفيذ القرار الإداري المستشكل في تنفيذه، فإنه يكون قد سلب اختصاصاً محجوزاً
للقضاء الإداري، ومن ثم يكون الحكم الصادر من الجهة الأخيرة هو الأحق بالاعتداد به.
الإجراءات
بتاريخ العشرين من إبريل سنة 2000، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بوقف تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا
في الطعن رقم 859 لسنة 40 قضائية وفي الموضوع بالاعتداد بالحكم المستعجل الصادر في
الدعوى رقم 106 لسنة 1992 والمؤيد استئنافياً بالحكم الصادر في القضية رقم 256 لسنة
1992 مدني مستأنف دمياط.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً: الحكم بعدم قبول الدعوى لأن الحكمين
المدعي تناقضهما غير نهائيين، واحتياطياً: الحكم برفض الدعوى.
وبتاريخ 16/ 7/ 2000 قرر السيد المستشار رئيس المحكمة رفض طلب وقف التنفيذ، وبعد تحضير
الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي
كان قد تعاقد مع مجلس مدينة دمياط بتاريخ 12/ 2/ 1975 على استغلال قطعة أرض بكورنيش
النيل لمدة سبع سنوات وذلك بقصد إقامة كافيتريا عليها، مقابل رسم سنوي قدرة مائتان
وخمسون مليماً للمتر المربع، وبتاريخ 20/ 8/ 1980 تم إبرام ملحق لهذا العقد زيدت بمقتضاه
مساحة الأرض محل التعاقد من مائة وخمسين متراً مربعاً إلى ألف ومائة وتسعة وسبعين متراً
مربعاً بإيجار سنوي قدره ثلثمائة وعشرون مليماً للمتر المربع اعتباراً من 11/ 7/ 1980
حتى نهاية العقد الأصلي في 11/ 2/ 1982، وقد تجدد هذا العقد تلقائياً وفقاً لحكم البند
ثالثاً منه والذي ينص على أنه إذا لم تقتض المصلحة العامة إنهاء التعاقد يتجدد العقد
لمدة أخرى بنفس الشروط الواردة بالبند ثانياً، وبذكر المدعي أنه أقام منشآت على الأرض
المذكورة تزيد قيمتها على مليوني جنيه إلا أنه فوجئ بتاريخ 28/ 3/ 1992 بإخطار من مجلس
المدينة بصدور قرار المجلس رقم 14 لسنة 1992 بتاريخ 19/ 3/ 1992 باعتبار الإيجار المشار
إليه كأن لم يكن لإنهائه في 11/ 2/ 1989 وسحب قطعة الأرض وإلغاء كافة التراخيص الصادرة
بشأنها، وإذ استشكل المدعي في تنفيذ هذا القرار أمام محكمة بندر دمياط الجزئية بالدعوى
رقم 106 لسنة 1992، فقد قضت هذه المحكمة بجلسة 29/ 6/ 1992 بوقف تنفيذ القرار المذكور
وتأيد هذا الحكم بحكم محكمة دمياط الابتدائية الصادر بجلسة 11/ 1/ 1993 في القضية رقم
256 لسنة 1992 مدني مستأنف دمياط.
وفضلاً عما تقدم قام المدعي بالطعن على القرار سالف الذكر أمام محكمة القضاء الإداري
ببور سعيد بالدعوى رقم 2656 لسنة 1 قضائية التي قضت بجلسة 6/ 12/ 1993 بوقف تنفيذ القرار
المطعون فيه إلا أن الجهة الإدارية قامت بالطعن على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية
العليا بالطعن رقم 859 لسنة 40 قضائية عليا حيث قضت بجلسة 28/ 11/ 1999 بإلغاء الحكم
المطعون فيه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وإذ ارتأى المدعي أن ثمة تناقضاً بين الحكم النهائي الصادر في الاستئناف رقم 256 لسنة
1992 مدني مستأنف دمياط، وبين الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم
859 لسنة 40 قضائية، بما يتعذر معه تنفيذهما معاً، فقد أقام الدعوى الماثلة بغية فض
ذلك التناقض.
وحيث إن الدفع بعدم قبول الدعوى على سند من أن الأحكام محل التناقض الماثل ليست أحكاماً
نهائية في موضوع الدعوى، فإنه مردود بأن الأحكام الصادرة في مادة تنفيذ وقتية من القضاء
العادي وفي الشق المستعجل من القضاء الإداري وإن كانت حجيتها وقتية تزول بصدور حكم
في الموضوع إلا أن ذلك لا يحول دون وجوب تنفيذ هذه الأحكام طالما صارت نهائية، بما
من شأنه استنهاض ولاية هذه المحكمة لإزالة التناقض الذي يثور عند تنفيذها وتحديد أي
منها هو الواجب الاعتداد به. وذلك في ضوء ما استقر عليه قضاؤها من أن مناط طلب الفصل
في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين قضائيين نهائيين متناقضين، طبقاً للبند الثالث
من المادة من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979،
هو أن يكون أحد الحكمين صادراً من أية جهة من جهات القضاء، أو هيئة ذات اختصاص قضائي،
والثاني من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تصادما، ليغدو متعذراً – عقلاً ومنطقياً –
اجتماع تنفيذهما معاً، مما يستوجب أن تتولى المحكمة الدستورية العليا حسم هذا التناقض
بالمفاضلة بين الحكمين على أساس من قواعد الاختصاص الولائي لتحديد على ضوئها أيهما
صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل في الدعوى، وأحقهما بالتالي بالتنفيذ.
وحيث إن النزاع في الدعويين إنما يتعلق بموضوع واحد هو القرار الإداري رقم 14 لسنة
1992 حيث قضى حكم محكمة بندر دمياط الجزئية المؤيد استئنافياً بحكم محكمة دمياط الابتدائية
بوقف تنفيذه في حين قضى حكم المحكمة الإدارية العليا برفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار.
وحيث إن البين من الأوراق أن قطعة الأرض السابق للمدعي التعاقد مع مجلس مدينة دمياط
على استغلالها بإقامة كازينو ومطعم عليها، هي جزء من شارع كورنيش النيل بدمياط، ومن
ثم تعتبر من الأموال العامة المملوكة للدولة، وحيث إنه من المستقر عليه أن تصرف الجهات
الإدارية في الأموال العامة لانتفاع الأفراد بها لا يكون إلا على سبيل الترخيص وتكون
المنازعات المثارة بشأنه منازعة إدارية يختص بالفصل فيها مجلس الدولة – كهيئة قضائية
مستقلة – وفقاً لحكم المادة من الدستور وقانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم
47 لسنة 1972.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان الحكم الصادر من جهة القضاء العادي قد قضى بوقف تنفيذ القرار
الإداري المستشكل في تنفيذه، فإنه يكون قد سلب اختصاصاً محجوزاً للقضاء الإداري، ومن
ثم يكون الحكم الصادر من جهة الأخيرة هو الأحق بالاعتداد به.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 859 لسنة 40 قضائية عليا دون الحكم الصادر من محكمة دمياط الابتدائية في القضية رقم 256 لسنة 1992 مدني مستأنف دمياط.
