الرائيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 234 لسنة 43 ق – جلسة 29 /04 /1973 

أحكام النقض – المكتب الفني- جنائي
العدد الثاني – السنة 24 – صـ 575

جلسة 29 من أبريل سنة 1973

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم حمزاوى نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: نصر الدين حسن عزام، وحسن أبو الفتوح الشربينى، ومحمود كامل عطيفة، ومحمد عبد المجيد سلامه.


الطعن رقم 234 لسنة 43 القضائية

(2،1) أسباب الإباحة."الدفاع الشرعى". محكمة الموضوع. "سلطتها فى تقدير الدليل". حكم."تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تقدير الوقائع التى يستنتج منها حالة الدفاع الشرعى. موضوعى. مثال لتسبيب سائغ على انتفائها.
عدم التزام المحكمة بالتحدث فى حمكها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها، إغفال الحكم بيان إصابات الطاعن ونتيجة مناظرة المحقق له. لا يعيبه.
حكم."تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إستطراد الحكم إلى تقريرات قانونية خاطئة لم تمس جوهره. لا يضيره.
1- من المقرر أن تقدير الوقائع التى يستنتج منها حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدى إلى ما انتهى إليه. ولما كان ما ساقه الحكم من أدلة منتجا فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع لقيام حالة الدفاع الشرعى تأسيسا على أن إصابات الطاعن لم يكن مردها إلى المجنى عليه وأنها حدثت من التعدى الحاصل أثر تجمع أفراد الفريقين على ما شهد به الشاهد الذى اطمأنت المحكمة إلى أقواله، وكان ما يردده الطاعن من أن المجنى عليه هو الذى بدأ بالتماسك به وأن الشاهد أمسك به فقيد حركته مما أتاح للمجنى عليه فرصة ضربه بالحزام لا يعدو أن يكون جدلا فى مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بغير معقب ومساسا بما هو مقرر من حق المحكمة فى تحصيل أقوال الشاهد وتفهم سياقها واستشفاف مراميها، فإن ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن ينحل فى الواقع إلى جدل فى سلطة محكمة الموضوع فى استنباط معتقدها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
2- لا يقدح فى سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن ونتيجة مناظرة المحقق له لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها ولا عليها إن هى التفتت عن أى دليل آخر لأن فى عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه.
3- لا يضير الحكم ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة ما دامت لم تمس جوهر قضائه.


الوقائع

إتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه فى يوم 21/ 11/ 1965 بدائرة مركز أجا محافظة الدقهلية: أحدث عمدا بـ …… الإصابة الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى بأن طعنه بمطواه فى عنقه فأحدث به إصابته سالفة الذكر والتى تخلف لديه من جرائها عاهة مستديمة يستحيل برؤها هى ندبه غائرة ملتصقة أعلا يسار العنق وقطع جزئى بالعضلة الحلمية الترقوية الأمر الذى يؤثر فى دقة وتناسق حركات العنق وقوة احتماله للصدمات والحركات العنيفة وحرمان الأوعية الدموية الرئيسية على يسار العنق من حمايتها الطبيعية محمية بالعضلات الأمر الذى يقلل من كفاءة المصاب وقدرته بما يقدر بحوالى 10% فضلا عما يتنج عن الإصابة من تشويه ظاهر بالعنق، وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقا لمواد الاتهام فقرر بذلك بتاريخ 20/ 2/ 1968، وادعى المجنى عليه مدنيا قبل المتهم بمبلغ 250 ج على سبيل التعويض، ومحكمة جنايات المنصورة قضت حضوريا فى 16/ 12/ 1972 عملا بالمادتين 240/ 1 و17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وبإلزامه بأن يدفع للمدعى بالحق المدنى مبلغ مائة وخمسين جنيها والمصاريف المدنية المناسبة ومبلغ عشرة جنيهات أتعابا للمحاماة. فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض …. الخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال وخطأ فى تطبيق القانون، ذلك بأن الحكم لم يورد مضمون أقوال المجنى عليه والشاهد إيرادا سليما. فقد تضمنت أقوال أولهما أنه هو الذى بدأ بالتماسك مع الطاعن وأقر ثانيهما أنه أمسك بالأخيرة فقيد بذلك حركته فى الوقت الذى اعتدى عليه المجنى عليه بحزام. وكان لإغفال الحكم هاتين الواقعتين – مما يشكل بترا لأقوال الشاهدين ومسخا لها – أثره فى عدم تفطن المحكمة وتفهمها لدفاع الطاعن بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس. كما أغفل الحكم بيان إصابات الطاعن من واقع التقرير الطبى ومناظرة وكيل النيابة المحقق له اكتفاء بقوله – وهو فى مقام الرد على حالة الدفاع الشرعى – باحتمال أن تكون تلك الإصابات قد حدثت نتيجة اعتداء آخرين عليه وهو ما لا أصل له فى الأوراق ولا ينفق مع وجوب بناء الأحكام على الجزم واليقين لا على أساس الظن والاحتمال. هذا إلى أنه نفى حالة الدفاع الشرعى بقالة أن الطاعن هو الذى ابتدر عليه بألفاظ أثارته واستفزته وأن الضرب بالحزام من المجنى عليه كان بسيطا لم يكن يستلزم الرد عليه باستعمال المطواة. وهى أسباب لا تؤدى فى حكم العقل والمنطق إلى ما رتبه الحكم عليها فضلا عن مخالفتها للقانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مجمله أن عتابا ثار بين المجنى عليه والطاعن تشاحنا على أثره، فاستل الطاعن مطواه من جيبه وطعن بها المجنى عليه فى رقبته فأحدث به إصاباته، وأورد أقوال الشاهد ….. بما مؤداه أن شجارا نشب بين المجنى عليه والطاعن حاول أثناءه أن يحول بينهما إلا أن المجنى عليه أخرج حزاما ضرب به الطاعن فما كان من الأخير إلا أن عاجله بضربة مطواة فى رقبته تجمع بعدها الأهالى وحدثت تعديات أخرى. ثم عرض الحكم للدفع المبدى من الطاعن بأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس ورد عليه بقوله: "إن الثابت من الرجوع إلى شهادة ……. وهو شاهد الإثبات الثانى الذى حضر الواقعة من مبتدأها وشاهد الشجار بين كل من المتهم والمجنى عليه والذى تطمئن المحكمة إلى شهادته وصحة أقواله قرر بأن المتهم هو الذى ابتدر المجنى عليه بالاعتداء القولى بمعنى أنه هو الذى استثار المجنى عليه واستفزه كما أن الأخير لم يعتد على المتهم إلا بالحزام وهذا النوع من الاعتداء بسيط ولا يبرر الرد بالطعن بالمطواة فى العنق وهى لا شك ضربه فى مقتل كما قال بذلك الطبيب الشرعى. ومن هذا يتضح أنه لا مبرر للتعدى بالمطواة أصلا خاصة وقد شهد الشاهد السابق بأنه حاول التفريق بينهما على أثر ذلك الشجار. ومن ثم فإن اعتداء المتهم لم يكن له ما يبرره على الإطلاق وبالتالى فلا قيام لحالة الدفاع الشرعى. ولئن قال الدفاع عن المتهم بالجلسة أنه ثبت وجود إصابات بموكله غير أن ذلك مردود بأن الإصابات ليس مردها إلى المجنى عليه ولعلها حدثت له من آخرين بعد التعدى الحاصل منه وتجمع أفراد من الفريقين على الحادث". وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التى تستنتج منها حالة الدفاع الشرعى أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى، لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب عليها ما دام استدلالها سليما يؤدى إلى ما اتهى إليه، وكان ما ساقه الحكم من أدلة منتجا فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه من رفض الدفع بقيام حالة الدفاع الشرعى تأسيسا على أن إصابات الطاعن لم يكن مردها إلى المجنى عليه وأنها حدثت من التعدى الحاصل أثر تجمع أفراد الفريقين على ما شهد به ……. الذى اطمأنت المحكمة إلى أقواله، وكان ما يردده الطاعن من أن المجنى عليه هو الذى بدأ بالتماسك به وأن الشاهد أمسك به فقيد حركته مما أتاح المجنى عليه فرصة ضربه بالحزام لا يعدو أن يكون جدلا فى مسائل واقعية تملك محكمة الموضوع التقدير فيها بغير معقب مساسا بما هو مقرر من حق المحكمة فى تحصيل أقوال الشاهد وتفهم سياقها واستشفاف مراميها، فان ما ينعاه الطاعن فى هذا الشأن ينحل فى الواقع إلى جدل فى سلطة الموضوع وفى استنباط معتقدها بما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. ولا يقدح فى سلامة الحكم إغفاله بيان إصابات الطاعن ونتيجة مناظره المحقق، لما هو مقرر من أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث فى حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر فى تكوين عقيدتها ولا عليها إن هى التفتت عن أى دليل آخر لأن فى عدم إيرادها له ما يفيد إطراحه وعدم التعويل عليه كما لا يضيره ما استطرد إليه من تقريرات قانونية خاطئة ما دامت لم تمس جوهر قضائه. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات