الطعن رقم 117 لسنة 37 ق – جلسة 28 /03 /1967
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة الثامنة عشرة – صـ 457
جلسة 28 من مارس سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، ومحمد أبو الفضل حفني.
الطعن رقم 117 لسنة 37 القضائية
(أ) مستشار إحالة. حكم. "إصداره".
لا يلزم لصحة قرارات مستشار الإحالة صدورها باسم الأمة. علة ذلك ؟
(ب) مستشار إحالة. نقض. " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".
عدم جواز إثارة أمر بطلان قرار الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض.
(ج، د) رشوة. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
جريمة عرض الرشوة. أركانها ؟ قيامها سواء أكان العمل أو الامتناع المطلوب من الموظف
حقا أو غير حق.
مثال لتسبيب غير معيب.
(هـ) حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". إثبات. " شهود ".
لمحكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد والأخذ ببعضها دون البعض الآخر.
1 – قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق وهو فيما يباشره من سلطات
ليس إلا سلطة تحقيق، وليس جزءا من قضاء الحكم. ومن ثم فإنه لا يلزم لصحة قراراته صدورها
باسم الأمة، ما دام أن الدستور لا يوجب هذا البيان إلا في الأحكام.
2 – لا يقبل إثارة أمر بطلان قرار الإحالة لأول مرة أمام محكمة النقض باعتباره إجراءا
سابقا على المحاكمة.
3 – متى كان ما أثبته الحكم في حق الطاعن من أنه عرض رشوة على الشرطي لحمله على الإخلال
بواجبه بالامتناع عن الإبلاغ عن واقعة رؤيته له يحوز شايا غير معبأ يتوافر به جريمة
عرض الرشوة كما هي معرفة به في القانون، وكان لا يؤثر في قيام هذه الجريمة ثبوت توافر
جريمة حيازة الشاي غير المعبأ طبقا لقرار وزير التموين أو عدم توافرها، ما دام أن القانون
يؤاخذ على جريمة الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الإمتناع المطلوب من الموظف
حقا أو غير حق، فإن ما يثيره الطاعن عن قصور الحكم في استظهار توافر عناصر جريمة حيازة
الشاي غير المعبأ وفحوى القرار الذي يحكمها يكون في غير محله.
4 – متى كان الحكم المطعون فيه أنزل بالطاعن العقوبة المقررة في المادة 109 مكررا من
قانون العقوبات لجريمة عرض الرشوة على الموظف العمومي التي أثبتها في حقه بعد أن أعمل
حكم المادة 17 من قانون العقوبات، وكان إيراده للمادة 104 من القانون المذكور إنما
قصد به بيان الغرض الذي أراد الطاعن تحقيقه من عرض الرشوة على الموظف العمومي وهو الإمتناع
عن أداء عمل من أعمال وظيفته وهو من بين الأغراض المشار إليها في تلك المادة والتي
يلزم توافر أحدهما لقيام جريمة الارتشاء أو عرض الرشوة. فإن النعي على الحكم بتطبيقه
المادتين 104 و109 مكررا عقوبات مع اختلاف الجريمة والعقوبة في كل من النصين مما لا
يعرف معه أي النصين أخذت به المحكمة يكون على غير أساس.
5 – من سلطة محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد وتقديرها، فلها أن تأخذ ببعض أقواله
دون البعض الآخر.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في يوم 16 أكتوبر سنة 1965 بدائرة مركز الخانكة محافظة القليوبية: عرض رشوة علي مستخدم عمومي للإخلال بواجبات وظيفته بأن قدم لبيومي علي سالم الشرطي السري بمديرية أمن القليوبية مبلغ خمسين قرشا علي سبيل الرشوة مقابل التغاضي عن الإبلاغ ضده لحيازة بما يخالف قرار وزير التموين لشاي غير معبأ بقصد البيع ولكن المستخدم العمومي لم يقبل الرشوة منه. وطلبت من مستشار الإحالة إحالته إلي محكمة الجنايات لمحاكمته بالمواد 104و109 مكرر و 110و111 من قانون العقوبات. فقرر بذلك. ومحكمة جنايات بنها، بعد أن دفع الحاضر مع المتهم أمامها ببطلان القبض ـ قضت حضوريا بتاريخ 10 نوفمبر سنة 1966 عملا بمواد الإتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل مدة ستة أشهر وتغريمه مبلغ خمسمائة جنيه ومصادرة مبلغ الرشوة المضبوط. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
حيث إن الطاعن ينعي علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة عرض رشوة لم تقبل منه قد اعتراه البطلان وانطوى علي خطأ في الإسناد وفي تطبيق القانون، كما شابه قصور في التسبيب وفساد في الإستدلال، ذلك بأن الدعوى الجنائية لم تتحرك بإجراء صحيح إذ لم يتوج قرار الإحالة باسم الأمة كما لم يعن الحكم ببيان مصدر ما خلص إليه من أن الشاي المسند إلي الطاعن إحرازه لم يكن معبأ وأن هذا الإحراز كان بقصد البيع ولم يشر إلي قرار وزير التموين المدعي بأن الطاعن هدف بعرض الرشوة إلي التخلص من تبعة مخالفته كما عول الحكم في قضائه علي أقوال الشرطي بيومي علي سالم من أن الطاعن أخرج مبلغ الرشوة من حافظة حدد أو صافها علي الرغم من عدم العثور علي تلك الحافظة. ومن ناحية أخرى فقد ركن الحكم في رفض الدفع ببطلان القبض إلي القول بتوافر حالة التلبس أخذا برواية رئيس مباحث التموين من أنه عثر علي دفترين في محل الطاعن ثابت بهما أسماء أشخاص اشتروا سلعا بسعر يزيد عن السعر المقرر قانونا وهي واقعة لا تستند إلي أصل صحيح في الأوراق، ثم انتهي إلي تطبيق المادتين 104و109 مكررا من قانون العقوبات مع اختلاف الجريمة والعقوبة في كل من النصين مما لا يعرف معه أي النصين أخذت به المحكمة مما يعيب قضاءها بما يستوجب نقضه. وحيث إنه لما كانت المادة 155 من الإعلان الدستوري الصادر في 24 من مارس سنة 1964 تنص علي أنه "تصدر الأحكام وتنفيذ باسم الأمة" كان قضاء الإحالة ليس إلا المرحلة النهائية من مراحل التحقيق وما يباشره من سلطات إنما باعتباره سلطة تحقيق، وليس جزءا من قضاء الحكم، فإنه لا يلزم لصحة قراراته صدورها باسم الأمة ما دام أن الدستور لا يوجب هذا البيان إلا في الأحكام، هذا فضلا عن أن قرار الإحالة وهو إجراء سابق علي المحاكمة هو مما لا يقبل إثارة أمر بطلانه أمام النقض ما دام أن الثابت من محضر جلسة المحاكمة أنه لم يدفع به. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى والأدلة عليها عرض للدفع ببطلان القبض ورد عليه وفنده في قوله "وحيث إن هذا الدفع مردود بأن الثابت من أقوال الضابطين أمير أحمد طلب وفرج أحمد الدالي التي اطمأنت المحكمة إليها أنهما ضبطا لدي المتهم دفترين بهما بعض أسماء أشخاص ومدون قرينها سلعا اشتروها وتبين لهما أن أثمان هذه السلع تزيد عن السعر المقرر لها. فاصطحبا المتهم إلي المركز لإجراء التحقيق اللازم في هذه الواقعة. ومن ثم لا يكون فيما اتخذه الضابطان ثمة شائبة وليس فيما إتخذاه من إجراء ثمة بطلان، ذلك لتوافر دلائل قوية علي إتهامه تبيح لهما هذا الإجراء. وفضلا عن ذلك فإن واقعة الرشوة التي أبلغ بها الشاهد الشرطي بيومي علي سالم والذي عولت المحكمة علي أقواله وأخذت بها، واقعة مستقلة تماما عن واقعة ضبط المتهم واصطحابه إلي المركز ولم يكن المتهم يقدم مبلغ الرشوة لإخلاء سبيله وإنما قدم للشاهد الشرطي بيومي سالم حتى لا يبلغ عن واقعة تخلصه من الشاي في دورة المياه لإعتقاده أن في حيازة هذا الشاي جريمة ". وما انتهي إليه الحكم فيما سلف سديد في القانون، ذلك بأن الحكم قد خلص إلي استقلال واقعة عرض الرشوة التي اطمأن إلي صحتها أخذا منه بأقوال الشرطي بيومي علي سالم عن واقعة الضبط ذاتها وأن الطاعن إنما قدم الرشوة للشرطي المذكور لكي يمتنع عن الإبلاغ عن واقعة تخلصه من الشاي غير المعبأ لاعتقاده أن في حيازته جريمة وهو ما يكفي لحمل قضاء الحكم برفض الدفع سالف الذكر، ومن ثم فإن خطأ الحكم فيما أسنده إلي ضابط مباحث التموين يكون غير ذي أثر علي سلامة الحكم في هذا الصدد. لما كان ذلك، وكان ما أثبتته الحكم في حق الطاعن من أنه عرض رشوة علي الشرطي لحملة علي الإخلال بواجبه بالامتناع عن الإبلاغ عن واقعة رؤيته له يحوز شايا غير معبأ يتوافر به جريمة عرض الرشوة كما هي معرفة به في القانون وكان لا يؤثر في قيام هذه الجريمة ثبوت توافر جريمة حيازة الشاي غير المعبأ طبقا لقرار وزير التموين أو عدم توافرها مادام أن القانون يؤاخذ علي جريمة الرشوة بغض النظر عما إذا كان العمل أو الإمتناع المطلوب من الموظف حقا أو غير حق، فإن ما يثيره الطاعن عن قصور الحكم في استظهار توافر عناصر جريمة حيازة الشاي غير المعبأ وفحوى القرار الذي يحكمها يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، وكان من سلطة محكمة الموضوع تجزئة أقوال الشاهد و تقديرها، فلها أن تأخذ ببعض أقواله دون البعض الآخر، فإن ما يثيره الطاعن في شأن القصد من أقوال الشرطي التي اطمأنت المحكمة إليها لا يعدو أن يكون جدلا موضوعيا لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أنزل بالطاعن العقوبة المقررة في المادة 109 مكررا من قانون العقوبات لجريمة عرض الرشوة علي الموظف العمومي التي أثبتها في حقه بعد أن أعمل حكم المادة 17 من قانون العقوبات، وأما إيراده للمادة 104 من القانون المذكور فقد قصد به بيان الغرض الذي أراد الطاعن تحقيقه من عرض الرشوة علي الموظف العمومي وهو الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته ـ وهو من بين الأغراض المشار إليها في تلك المادة والتي يلزم توافر أحدها لقيام جريمة الارتشاء أو عرض الرشوة. لما كان كل ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون علي غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
