الطعن رقم 149 لسنة 37 ق – جلسة 27 /03 /1967
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة الثامنة عشرة – صـ 449
جلسة 27 من مارس سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد صبري، ومحمد عبد المنعم حمزاوي، ونصر الدين عزام، وأنور أحمد خلف.
الطعن رقم 149 لسنة 37 القضائية
(أ) إجراءات المحاكمة. دعوى مدنية.
المدعى بالحقوق المدنية يسمع كشاهد ويحلف اليمين إذا طلب ذلك أو طلبته المحكمة سواء
من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم.
(ب، ج) حكم. " وصف الحكم ".
(ب) مناط اعتبار الحكم حضوريا أن يحضر المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة
بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى دون أن يقدم عذرا مقبولا.
(ج) العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هو بحقيقة الواقع.
1 – المدعي بالحقوق المدنية إنما يسمع كشاهد ويحلف اليمين إذا طلب ذلك أو طلبته المحكمة
من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم. ولما كان يبين من الأوراق أن الطاعن (المدعي
المدني) لم يطلب من المحكمة إبداء أقوال أمامها، فإنه لا محل لما ينعاه من خطأ الحكم
في تطبيق القانون لإغفال المحكمة إعمال حكم المادة 288 من قانون الإجراءات الجنائية
التي توجب سماع المدعي بالحقوق المدنية كشاهد بعد حلف اليمين. ولا يعيب الحكم عزوفه
عن سماع أقواله وتعويله في قضائه على ما تضمنته التحقيقات.
2 – مناط اعتبار الحكم حضوريا وفقا لنص المادة 239 من قانون الإجراءات الجنائية أن
يحضر المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن الحضور في الجلسات
التي تؤجل إليها الدعوى دون أن يقدم عذرا مقبولا. ولما كان الثابت أن المطعون ضدها
الثانية حضرت أولى الجلسات ثم تخلفت من بعد ذلك وأن الدعوى قد أجلت لجلسات متلاحقة،
فإن الحكم المطعون فيه إذ وصف حضورها بأنه حضور اعتباري يكون قد طبق القانون تطبيقا
صحيحا.
3 – العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هو بحقيقة الواقع. ومن ثم فإن النعي على
الحكم المطعون فيه بالقصور في بيان سنده في وصف حضور المطعون ضدها الثانية بأنه اعتباري
بعد أن تبينت سلامة هذا الوصف – يكون غير سديد.
الوقائع
أقام المدعي بالحق المدني (الطاعن) بصفته وليا طبيعيا على إبنته فاطمة دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الجمالية الجزئية ضد المطعون ضدهما متهما إياهما بأنهما دأبا على تقديم الشكاوى والبلاغات الكاذبة ضده. وطلب عقابهما بالمادتين 303 و305 من قانون العقوبات مع إلزامهما أن يدفعا له مبلغ 51 ج تعويضا مؤقتا والمصاريف والأتعاب. ومحكمة جنح الجمالية الجزئية قضت حضوريا بتاريخ 8 فبراير سنة 1966 عملا بمادتي الاتهام بحبس كل من المتهمين شهرا واحدا مع الشغل وكفالة 5 ج لكل لوقف التنفيذ وإلزامهما أن يدفعا إلى المدعي بالحق المدني بصفته مبلغ 51 ج على سبيل التعويض المؤقت والمصاريف و2 ج مقابل أتعاب المحاماة. ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فاستأنف المحكوم عليهما هذا الحكم في 13 من فبراير سنة 1966. ومحكمة القاهرة الابتدائية – بهيئة استئنافية – قضت بتاريخ 27 من أبريل سنة 1966 حضوريا للأول وحضوريا اعتباريا للثانية بقبول الاستئناف شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهمين ورفض الدعوى المدنية وإلزام رافعها مصروفاتها بلا مصاريف جنائية فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض….. الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى ما ينعاه الطاعن – المدعي بالحقوق المدنية – على الحكم
المطعون فيه هو أنه إذ قضى بتبرئة المطعون ضدهما من جريمة القذف في حق ابنته المشمولة
بولايته قد شابه قصور في التسبيب وخطأ في تطبيق القانون وبطلان الإجراءات فضلا عن فساده
في الإستدلال وتناقض أسبابه، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم وقد صدر حضوريا إعتباريا
بالنسبة إلى المطعون ضدها الثانية قد خلت أسبابه من بيان سنده في ذلك، كما أن المحكمة
لم تعمل حكم المادة 288 من قانون الإجراءات الجنائية التي توجب سماع المدعي بالحقوق
المدنية كشاهد بعد حلف اليمين وراحت تقيم قضاءها على ما تضمنته الشكاوى المقدمة في
الدعوى، هذا إلى أن الحكم تساند إلى أدلة غير مطروحة على المحكمة ومن بينها واقعة اعتداء
المطعون ضدهما على ابنة الطاعن بالضرب وأخيرا فإن الحكم قد تناقض حين خلص إلى تشككه
في تهمة موضوع المحاكمة ثم في مقاله أنها غير صحيحة.
وحيث إنه يبين من مراجعة الحكم المطعون فيه أنه حصل ما تضمنته صحيفة الدعوى المباشرة
المقامة من الطاعن عن واقعة القذف في حق ابنته التي أسندها إلى المطعون ضدهما وحرر
عنها الشكوى رقم 1331 سنة 1965 إداري الجمالية وأورد فحوى ما تضمنته هذه الشكوى من
أقوال ابنة الطاعن وشهودها وأقوال المطعون ضدهما، وأثبتت إطلاع المحكمة على ما قدمه
المطعون ضدهما من صور رسمية لمحاضر جنح وشكاوى حررت عما أبلغا به ضد الطاعن وابنته
من وقائع ضرب وسب وإتلاف وتلفيق اتهامات ومن بين هذه المحاضر المحضر رقم 60 سنة 1965
إداري الجمالية الذي انطوى على إبلاغ ابنه الطاعن ضدهما بالتعدي عليها بالضرب وأسفر
توقيع الكشف الطبي الموقع عليها عن عدم وجود إصابات بها، وكذلك الجنحة رقم 385 سنة
1965 التي قضى بها ببراءة المطعون ضدهما، ثم استظهر الحكم مما تقدم أن الخلاف قد إستشرى
بين العائلتين إلى حد جعل كل فريق لا يتورع عن تلفيق التهم والتجني زورا على الفريق
الأخر، واتخذ من ذلك ومن ثبوت كذب ادعاء ابنة الطاعن في واقعة الضرب التي نسبتها إلى
المطعون ضدهما في تحقيقات الشكوى رقم 60 سنة 1965 إداري الجمالية السالف بيانها ومن
عدم اطمئنانه إلى أقوال الشهود في واقعة الدعوى المطروحة سندا لتشككه فيها وعدم إطمئنانه
إلى وقوع الجريمة المنسوبة إلى المطعون ضدهما، وانتهى من ذلك إلى تبرئتهما، ثم تناول
الدعوى المدنية بعد ذلك وانتهى إلى رفضها تأسيسا على ما استظهرته المحكمة من عدم صحة
الاتهام. لما كان ذلك، وكان الثابت في محضر الجلسة ومفاد ما هو مثبت بديباجة الحكم
أن المطعون ضدها الثانية حضرت أولى الجلسات ثم تخلفت من بعد ذلك، وأن الدعوى قد أجلت
لجلسات متلاحقة، وكان مناط اعتبار الحكم حضوريا وفقا لنص المادة 239 من قانون الإجراءات
الجنائية أن يحضر المتهم عند النداء على الدعوى ولو غادر الجلسة بعد ذلك أو تخلف عن
الحضور في الجلسات التي تؤجل إليها الدعوى دون أن يقدم عذرا مقبولا، فإن الحكم المطعون
فيه إذ وصف حضور المطعون ضدها الثانية بأنه حضوري اعتباري يكون قد طبق القانون تطبيقا
صحيحا، ومتى تقرر ذلك وكان العبرة في وصف الحكم بأنه حضوري أو غيابي هو بحقيقة الواقع،
فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور في بيان سنده في وصف حضور المطعون ضدها الثانية
بأنه اعتباري بعد أن تبينت سلامة هذا الوصف – يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان ما
يثيره الطاعن – وهو المدعي بالحقوق المدنية عن عدم سماع المحكمة لأقواله كشاهد في الدعوى
يحلف اليمين مردودا بأن المدعي بالحقوق المدنية إنما يسمع كشاهد ويحلف اليمين إذا طلب
ذلك أو طلبته المحكمة سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلب الخصوم، ولما كان يبين من
الأوراق أن الطاعن لم يطلب من المحكمة إبداء أقوال أمامها، فإنه لا محل لما ينعاه في
هذا الشأن ولا يعيب الحكم عزوفه عن سماع أقواله وتعويله في قضاءه على ما تضمنته الشكوى
من أقوال. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم من فساد في الاستدلال بدعوى
أنه استند إلى أدلة غير مطروحة على المحكمة غير سديد بأنه مجرد قول مرسل ولم يوضح الطاعن
في أسباب طعنه ما يرمي به الحكم في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم على ما سلف
بيانه قد أقام قضاءه بتبرئة المطعون ضدها على تشككه في أقوال المجني عليها – ابنة الطاعن
– وفي أقوال شهودها، وأيد شكوكه في الواقعة بما دأب عليه الفريقان من تبادل الاتهامات
بغير حق، وهو أمر كشفت عنه لدى المحكمة صور المحاضر التي أثبتت اطلاعها عليها ومن بينها
ومحضر الشكوى الإدارية عن واقعة الضرب التي نسبتها ابنة الطاعن إلى المطعون ضدهما،
وكل أولئك عناصر لا على المحكمة إن هي تزودت بها في تكوين عقيدتها في الدعوى، فإن ما
يرمي به الطاعن الحكم من فساد – حين قدر مدى صدق المجني عليها بما تكشف له عن حقيقة
واقعة الضرب – يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون
في أنه حين ناقش التهمة للفصل فيها خلص إلى تشككه في أدلة الدعوى وأنه لا يطمئن إلى
وقوع الجريمة من المطعون ضدهما، وبعد أن أثبت هذا النظر وتناول الدعوى المدنية أقام
رفضه لها على عدم صحة الاتهام، وما أورده الحكم من ذلك لا يشكل أي تناقض لأن الاتهام
بعد أن تشككت المحكمة فيه غدا ولا قيمة له فأصبح محلا لأن يجري عليه أمران عديلان في
النتيجة هما عدم الصحة المطلقة أو مجرد الشبهة في عدم صحته. لما كان ما تقدم، فإن الطعن
برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا مع مصادرة الكفالة وإلزام الطاعن بصفته
المصاريف المدنية ومقابل أتعاب المحاماة.
