الطعن رقم 869 لسنة 44 ق – جلسة 24 /11 /1974
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
السنة الخامسة والعشرين – صـ 756
جلسة 24 من نوفمبر سنة 1974
برياسة السيد المستشار/ حسين سعد سامح نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: محمود كامل عطيفة، ومصطفى محمود الأسيوطى، وأحمد فؤاد جنينة، وقصدى اسكندر.
الطعن رقم 869 لسنة 44 القضائية
(1-4) إصابة خطأ. حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب". موظفون
عموميون. موانع العقاب. "إطاعة الرئيس". نقض. "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
التناقض الذى يعيب الحكم هو ما تتماحى به أسبابه. مثال لتسبيب غير معيب.
عدم امتداد أحكام المادة 63 عقوبات إلى العاملين بالشركات العامة. أساس ذلك ؟.
عدم امتداد طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 عقوبات بحال إلى ارتكاب الجرائم.
أسباب الطعن. وجوب أن تكون واضحة ومحددة.
1 – من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه بحيث أن ما يثبته
البعض ينفيه البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة – لما كان ذلك – وكان
الحكم المطعون فيه وإن استعرض أقوال سائق السيارة الأتوبيس حسبما وردت فى التحقيقات
مما يتناقض مع أقوال باقى الشهود التى اطمأنت إليها المحكمة وأخذت بها إلا أن هذا
لا يعيبه طالما أنه لم يستند إلى أقوال ذلك السائق ولم يعول عليها فى إدانة الطاعن
فكانت بهذه المثابة خارجة عن سياق اقتناع المحكمة ولم تكن مؤثرة فى عقيدتها.
2 – من المقرر أن الأحكام التى تتضمنها المادة 63 من قانون العقوبات إنما تنصرف
بصراحة نصها إلى الموظف العام فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وبالتالى فإن
حكمها لا يمتد إلى العاملين بالشركات العامة سواء منها المؤممة أو التى تساهم
الدولة أو إحدى الهيئات العامة فى مالها بنصيب، إذ أن المشرع قد أفصح عن اتجاهه إلى
عدم اعتبار موظفى وعمال مثل هذه الشركات من الموظفين العموميين فى هذا الشأن بما
كان عليه نص المادة الأولى من لائحة نظام موظفى وعمال الشركات التى تتبع المؤسسات
العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 1598 سنة 1961 من سريان قوانين العمل
والتأمينات الاجتماعية على موظفى وعمال الشركات المذكورة واعتبار هذا النظام متمما
لعقد العمل. وقد عاد المشرع إلى تأكيد هذا الحكم بإيراده إياه فى المادة الأولى من
لائحة نظام العاملين بالشركات التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس
الجمهورية رقم 3546 سنة 1962 التى حلت محل اللائحة السابقة وامتد سريان أحكامها
بالنسبة إلى العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضى القرار الجمهورى رقم 800 لسنة 1963
بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة والذى حل محله فيما بعد القرار الجمهورى رقم
3309 لسنة 1966 بنظام العاملين بالقطاع العام الصادر تنفيذا للقانون رقم 32 لسنة
1966 فى شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام، وكلما رأى المشرع اعتبار
العاملين بالشركات فى حكم الموظفين العامين فى موطن ما أورد به نصا كالشأن فى جرائم
الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب بالخطأ الجسيم فى إلحاق ضرر جسيم بالأموال
وغيرها من الجرائم الواردة بالبيانين الثالث والرابع من الكتاب الثانى بقانون
العقوبات حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون العقوبات
فقرة مستحدثة نصت على أن يعد فى حكم الموظفين العموميين فى تطبيق نصوص الجرائم
المشار إليها مستخدمى الشركات التى تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة فى ما لها
بنصيب ما بأية صفة كانت، فجعل هؤلاء العاملين فى حكم أولئك الموظفين العموميين فى
هذا المجال المعين فحسب دون سواه فلا يجاوزه إلى مجال المادة 63 من قانون العقوبات
– لما كان ذلك – وكان الطاعن وهو يعمل سائقا بالشركة العربية لاستصلاح الأراضى
البور لا يعد موظفا أو مستخدما عاما فى حكم هذه المادة فلا يجوز الاحتماء بما ورد
فيها.
3 – من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى المادة 63 من قانون العقوبات لا تمتد بأى حال
إلى ارتكاب الجرائم وأنه ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب
فعل يعلم هو أن القانون يعاقب عليه، ومن ثم فان تمسك الطاعن بالاحتماء بحكم المادة
المذكورة فى مجال تحميله السيارة قيادته حمولة تزيد عن المسموح به إطاعة منه لأوامر
رؤسائه – على فرض حصوله – يكون دفاع قانونيا ظاهر البطلان وبعيدا من محجة الصواب
مما لا يستأهل من المحكمة ردا.
4 – من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة ومحددة – لما كان ذلك –
وكان الطاعن لم يكشف فى طعنه عن ماهية أوجه الدفاع الأخرى التى يقول أنه أثارها
أمام المحكمة الاستئنافية وينعى على الحكم المطعون عليه عدم الرد عليها، فان منعاه
فى هذا الصدد يكون غير مقبول.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما فى يوم 19 يناير سنة 1967 بدائرة مركز دمنهور محافظة البحيرة – المتهم الأول – (الطاعن) (أولا) تسبب خطأ فى إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص هم ……… ……… ……… ………. …………. ……….. ………. ………… ……….. ………… ……….. …….. ………. ………. وكان ذلك ناشئا عن إهماله وعدم احترازه ومخالفته القوانين واللوائح بأن قاد سيارة نقل فى الطريق العام وحملها حمولة تبرز من جانبها بروزا يخالف شروط الأمن والمتانة ولم يحترز للسيارة المقبلة أمامه ليتجنب اصطدام حمولته البارزة بها فاصطدم جانبها بسيارة كان يستقلها المجنى عليهم وأحدث إصابتهم (ثانيا) خالف شروط المتانة والأمن بأن قاد سيارة تزيد حمولتها عن المقرر قانونا. (ثالثا) قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص للخطر – المتهم الثانى – خالف شروط المتانة والأمن بأن سمح للمتهم الأول بحمل حمولة يبرز عرضها عن المقرر قانونا. وطلبت معاقبة الطاعن بالمادة 244/ 1 و2و3 من قانون العقوبات ومعاقبته والمتهم الآخر بالمواد 1 و2 و16/ هـ و84/ د من القانون رقم 449 لسنة 1955 والمادة الثانية من قرار وزير الداخلية. وادعى……….. (أحد المجنى عليهم) مدنيا قبل المتهمين وقبل الشركة العربية لاستصلاح الأراضى البور وشركة النيل العامة لأتوبيس البحيرة بصفتهما مسئولتين عن الحقوق المدنية بمبلغ خمسمائة جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة دمنهور الجزئية قضت حضوريا للمتهم الأول وحضوريا اعتباريا للثاني عملا بمواد الاتهام (أولا) بحبس المتهم الأول سنتين مع الشغل وكفالة عشرين جنيها عن التهم الثلاث المنسوبة إليه (ثانيا) بتغريم المتهم الثانى مائة قرش (ثالثا) إحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة. فاستأنف المحكوم عليهما. ومحكمة دمنهور الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضوريا (أولا) بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم الأول سنة مع الشغل عن التهم الثلاث (ثانيا) بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة للمتهم الثانى. فطعن وكيل المحكوم عليه الأول (الطاعن) فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ. وقضى فيه بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة القضية إلى محكمة دمنهور الابتدائية لتحكم فيها من جديد هيئة استئنافية أخرى. والمحكمة المشار إليها – مشكلة من قضاه آخرين – قضت حضوريا بقبول الإستئناف شكلا وفى الموضوع بتعديل الحكم المستأنف وحبس المتهم سنة واحدة مع الشغل عن التهم الثلاث المسندة إليه. فطعن الأستاذ….. عن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجريمة
التسبب خطأ فى إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص قد شابه فساد فى الاستدلال وإخلال بحق الدفاع
ذلك بأنه استند إلى أقوال الشهود رغم تناقضها فقد قرر قائد السيارة الأتوبيس أنه كان
متوقفا بسيارته وقت الحادث وأن السيارة النقل قيادة الطاعن احتكت بها فى حين أن باقى
الشهود قد شهدوا بأن قائد السيارة الأتوبيس كان مسرعا بها فاصطدم بالسيارة النقل التى
كان الطاعن يقودها هذا فضلا ن أن الدفاع كان قد تمسك بأن الطاعن يعمل سائقا بالشركة
العربية لاستصلاح الأراضى البور وأمره رؤساؤه بتحميل المقطورة على ذلك النحو الذى كانت
عليه وقت الحادث فاعتقد عن حسن نية أنهم قاموا باستخراج الترخيص اللازم لتجاوز حمولتها
المسموح بها إلا أن الحكم لم يرد على هذا الدفاع ولا على باقى أوجه دفاعه التى ضمنتها
مذكرته رغم أهميتها.
وحيث إن الحكم المطعون عليه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة الأركان القانونية
لجريمة التسبب خطأ فى إصابة أكثر من ثلاثة أشخاص التى دان بها الطاعن وأورد على ثبوتها
فى حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود والمهندس الفنى وما ورد فى تقريره وما ثبت من المعاينة
وهى أدلة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه عليها، ولما كان الحكم وإن استعرض أقوال سائق
السيارة الأتوبيس حسبما وردت فى التحقيقات، مما يتناقض مع أقوال باقى الشهود التى اطمأنت
إليها المحكمة وأخذت بها إلا أن هذا لا يعيبه طالما أنه لم يستند إلى أقوال ذلك السائق
ولم يعول عليها فى إدانة الطاعن فكانت بهذه المثابة خارجة عن سياق اقتناع المحكمة ولم
تكن مؤثرة فى عقيدتها بأنه من المقرر أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما يقع بين أسبابه
بحيث أن ما يثبته البعض ينفيه البعض الآخر ولا يعرف أى الأمرين قصدته المحكمة، وهو
ما برئ منه الحكم المطعون عليه مما يكون النعى عليه فى هذا الشأن فى غير محله. لما
كان ذلك، وكان من المقرر أن الأحكام التى تتضمنها المادة 63 من قانون العقوبات إنما
تنصرف بصراحة نصها إلى الموظف العام فلا يستفيد منها من لم تكن له هذه الصفة وبالتالى
فإن حكمها لا يمتد إلى العاملين بالشركات العامة سواء منها المؤممة أو التى تساهم الدولة
أو إحدى الهيئات العامة فى مالها بنصيب، إذ أن المشرع قد أفصح عن اتجاهه إلى عدم اعتبار
موظفى وعمال مثل هذه الشركات من الموظفين العموميين فى هذا الشأن بما كان عليه نص المادة
الأولى من لائحة نظام موظفى وعمال الشركات التى تتبع المؤسسات العامة الصادرة بقرار
رئيس الجمهورية رقم 1598 سنة 1961 من سريان قوانين العمل والتأمينات الاجتماعية على
موظفى وعمال الشركات المذكورة واعتبار هذا النظام متمما لعقد العمل. وقد عاد المشرع
إلى تأكيد هذا الحكم بايراده إياه فى المادة الأولى من لائحة نظام العاملين بالشركات
التابعة للمؤسسات العامة الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 3546 سنة 1962 التى حلت
محل اللائحة السابقة وامتد سريان أحكامها بالنسبة إلى العاملين بالمؤسسات العامة بمقتضى
القرار الجمهورى رقم 800 لسنة 1963 بإصدار نظام العاملين بالمؤسسات العامة والذى حل
محلها فيما بعد القرار الجمهورى رقم 3309 لسنة 1966بنظام العاملين بالقطاع العام الصادر
تنفيذا للقانون رقم 32 لسنة 1966 فى شأن المؤسسات العامة وشركات القطاع العام، وكلما
رأى المشرع اعتبار العاملين بالشركات فى حكم الموظفين العامين فى موطن ما أورد به نصا
كالشأن فى جرائم الرشوة واختلاس الأموال الأميرية والتسبب بالخطأ الجسيم فى إلحاق ضرر
جسيم بالأموال وغيرها من الجرائم الواردة بالبابين الثالث والرابع من الكتاب الثانى
بقانون العقوبات حين أضاف بالقانون رقم 120 لسنة 1962 إلى المادة 111 من قانون العقوبات
فقرة مستحدثة نصت على أن يعد فى حكم الموظفين العموميين فى تطبيق نصوص الجرائم المشار
إليها مستخدمى الشركات التى تساهم الدولة أو إحدى الهيئات العامة فى مالها بنصيب ما
بأية صفة كانت، فجعل هؤلاء العاملين فى حكم أولئك الموظفين العموميين فى هذا المجال
المعين فحسب دون سواه فلا يجاوزه إلى مجال المادة 63 من قانون العقوبات. لما كان ما
تقدم وكان الطاعن وهو يعمل سائقا بالشركة العربية لاستصلاح الأراضى البور لا يعد موظفا
أو مستخدما عاما فى حكم هذه المادة فلا يجوز الاحتماء بما ورد فيها، هذا فضلا عن أنه
من المقرر أن طاعة الرئيس بمقتضى تلك المادة لا تمتد بأى حال إلى ارتكاب الجرائم وأنه
ليس على المرؤوس أن يطيع الأمر الصادر له من رئيسه بارتكاب فعل يعلم هو أن القانون
يعاقب عليه ومن ثم فان تمسك الطاعن بالاحتماء بحكم المادة المذكورة فى مجال تحميله
السيارة قيادته حمولة تزيد عن المسموح به إطاعة منه لأوامر رؤسائه – على فرض حصوله
– يكون دفاع قانونيا ظاهر البطلان وبعيدا من محجة الصواب مما لا يستأهل من المحكمة
ردا، ولما كان من المقرر أنه يجب لقبول أسباب الطعن أن تكون واضحة ومحددة، وكان الطاعن
لم يكشف فى طعنه عن ماهية أوجه الدفاع الأخرى التى يقول أنه أثارها أمام المحكمة الاستئنافية
وينعى على الحكم المطعون عليه عدم الرد عليها فان منعاه فى هذا الصدد يكون غير مقبول،
ومن ثم فان الطعن برمته يكون مستوجبا للرفض.
