الطعن رقم 1901 لسنة 36 ق – جلسة 06 /02 /1967
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائي
العدد الأول – السنة الثامنة عشرة – صـ 163
جلسة 6 من فبراير سنة 1967
برياسة السيد المستشار/ عادل يونس رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: مختار رضوان، ومحمد محفوظ، ومحمود العمراوي، ومحمود عطيفه.
الطعن رقم 1901 لسنة 36 القضائية
(أ) ضرب أفضى إلى الموت. حكم. " تسبيبه. تسبيب غير معيب ".
عدم تعرض الحكم لإصابات بالمجني عليه لم تكن محل إتهام ولم ترفع بشأنها دعوى. لا عيب.
(ب) نقض. " المصلحة في الطعن ". ضرب أفضى إلى الموت. سبق إصرار.
منازعة الطاعنين في قيام ظرف سبق الإصرار. لا جدوى منه. طالما أن العقوبة المحكوم بها
عليهما مقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت المسندة إليهما بغير سبق إصرار.
1 – الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت
التقرير الطبي الشرعي وجودها واطمأنت المحكمة إلى أن المتهم هو محدثها، فليس به من
حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل اتهام ولم ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح
معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن إليها.
2 – لا جدوى للطاعنين من المنازعة في قيام ظرف سبق الإصرار، طالما أن العقوبة المحكوم
بها عليهما مقررة لجريمة الضرب المفضي إلى الموت المسندة إليهما بغير سبق إصرار.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما في 22 يوليه سنة 1963 بدائرة مركز سمنود محافظة الغربية: الأول: ضرب ربيع راغب السعودي عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بآلة حادة " سكين " في رأسه فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته. الثاني: ضرب فرج فرج السعودي عمدا ومع سبق الإصرار والترصد بآلة حادة " شرشرة " في صدره فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية ولم يقصد من ذلك قتلا ولكن الضرب أفضى إلى موته. وطلبت من مستشار الإحالة إحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهما طبقا للمادة 236 من قانون العقوبات، فقرر بذلك. وادعى بحق مدني فرج فرج إبراهيم السعودي عن نفسه وبصفته وليا طبيعيا على ابن المجني عليه الثاني ووصيا على أولاد المجني عليه الأول وطلب إلزام المتهمين متضامنين مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. ومحكمة جنايات طنطا قضت حضوريا بتاريخ 14 فبراير سنة 1966 عملا بمادة الاتهام بمعاقبة كل من المتهمين بالسجن مدة خمس سنوات وإلزامهما أن يدفعا متضامنين مبلغ ألف جنيه مناصفة لورثة المجني عليهما المدعين بالحقوق المدنية مع المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض… إلخ.
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان كل من الطاعنين
بجريمة الضرب الذي أفضى إلى الموت قد أخطأ في الإسناد وشابه الفساد في الاستدلال، ذلك
بأن اعتد بأقوال الشاهد محمد السيد النجار على الرغم من اختلافها مع التقرير الطبي
الشرعي في تحديد موضع إصابة المجني عليه الآخر. كما اعتد بأقوال الشاهد عطا سيد أحمد
في حين أنه لم يشهد بواقعة اعتداء الطاعن الثاني على المجني عليه الآخر ونفي هذا الإعتداء
عنه بتحقيقات النيابة. ونقل الحكم عن شهود الإثبات أن الطاعن الأول اعتدى على المجني
عليه الأول بسكين وأن الطاعن الثاني اعتدى على المجني عليه الآخر بشرشرة في حين أن
التقرير الطبي انتهى إلى أن إصابة المجني عليه الأول جائزة الحدوث من شاطور أو بلطة
أو من مثل الشرشرة المضبوطة، وأن إصابة المجني عليه الآخر جائزة الحدوث من مثل السكين
المضبوطة. كما قرر الشهود أن الطاعن الثاني أصاب المجني عليه الآخر بإصابة واحدة تحت
إبطه الأيسر بينما كشف التقرير الطبي عن إصابة أخرى في بطنه، ولم يعن الحكم برفع التناقض
بين الدليلين القولي والفني وانطوى الحكم على قصور في استظهار ظرف سبق الإصرار، إذ
الفترة الزمنية التي مرت بين المشادة الكلامية التي سبقت الحادث ووقوع الإعتداء – فترة
قليلة سلم بها الحكم في مدوناته وهي بهذا الوصف لا تكفي لإعمال الفكر في هدوء وروية.
هذا إلى أن الحكم لم يرد على ما قرره والد المجني عليه الآخر من أن الطاعن الثاني لم
يعتد على أحد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجريمتين اللتين دين الطاعنان بهما وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة من شأنها أن تؤدي
إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان ما حصله الحكم من أقوال الشاهد محمد السيد النجار
من أن الطاعن الثاني ضرب المجني عليه الآخر في جنبه من الخلف لا يتعارض مع ما أورده
عن مؤدى التقرير الطبي الشرعي من أن إصابة المجني عليه المشار إليه بأعلى يسار خلف
جدار الصدر عند نهاية الخط الإبطي الخلفي وفي مستوى المسافة السفلى لجدار الحجرة الإبطية
اليسرى الخلفية، بل إن بيان الحكم في ذلك يتفق فيه مساق الدليلين معا في شأن تحديد
موضع الإصابة في عموم قول الشاهد وتحديد التقرير الطبي. كما أن ما اعتد به الحكم من
أقوال الشاهد عطا الله سيد أحمد إنما كان في معرض التدليل على اعتداء الطاعن الأول
على المجني عليه الأول فقط وحصل عنه أنه لا يعرف من الذي اعتدى على المجني عليه الآخر،
ومن ثم تنتفي عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد في هذا الخصوص. لما كان ذلك، وكان الحكم
قد عرض لدفاع الطاعنين في شأن الخلاف بين الدليل القولي والفني ورد عليه وفنده بقوله:
" وحيث إنه عن الخلاف الذي يقول به الدفاع بين الدليل العقلي والدليل الفني فقد أنهى
الطبيب الشرعي بجلسة اليوم ما تصوره الدفاع خلافا إذا قرر صراحة أن إصابة كل من المجني
عليهما ربيع راغب السعودي وفرج فرج السعودي يمكن أن تحدث من أي من الآلتين المضبوطتين
سواء المطواة أو الشرشرة ". وما خلص إليه الحكم من ذلك يتفق وما انتهت إليه مناقشة
الطبيب الشرعي بالجلسة وترتفع به قالة التناقض. لما كان ذلك، وكان الحكم قد انتهى نقلا
عن التقرير الطبي الشرعي إلى أن وفاة المجني عليه الآخر ترجع إلى إصابته الطعنية بأعلى
يسار خلف جدار الصدر وما أحدثته من كسور بالأضلاع وتقطع بأنسجة الرئة اليسرى والأغشية
الدموية وما نشأ عن ذلك من نزيف جسيم وصدمة عصبية شديدة، ودان الطاعن الثاني عنها ولم
يسند إليه إحداث الإصابة الثانية التي أظهرها الكشف الطبي بجدار البطن التي لم يكن
دخل في إحداث الوفاة ولم ترفع الدعوى الجنائية بشأنها، فإن ما يثيره الطاعن الثاني
في هذا الصدد يكون غير سديد. لأن الأصل أنه متى كان الحكم قد انصب على إصابة بعينها
نسب إلى المتهم إحداثها وأثبت التقرير الطبي الشرعي وجودها، واطمأنت المحكمة إلى أن
المتهم هو محدثها فليس به من حاجة إلى التعرض لغيرها من إصابات لم تكن محل إتهام، ولم
ترفع بشأنها دعوى مما لا يصح معه القول بأن سكوت الحكم عن ذكرها يرجع إلى أنه لم يفطن
إليها. لما كان ذلك، وكان ما أورده الحكم يتحقق به سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون
ويسوغ به إثبات توافره في حق الطاعنين، فضلا عن أنه لا جدوى للطاعنين من المنازعة في
قيامه لأن العقوبة المحكوم بها عليهما – وهو السجن خمس سنوات – مقررة لجريمة الضرب
المفضي إلى موت بغير إصرار سابق. لما كان ذلك، وكان لمحكمة الموضوع أن تكون عقيدتها
مما تطمئن إليه من أدلة الدعوى وعناصرها وهي غير مكلفة بالرد على ما شهد به شهود النفي
لأن إطراحها لأقوالهم مستفاد من قضائها بالإدانة للأدلة التي بينتها. وحيث أنه لما
تقدم، يكون الطعن برمته على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
