قاعدة رقم الطعن رقم 50 و66 لسنة 22 قضائية “دستورية” – جلسة 15 /12 /2002
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء العاشر
من أول أكتوبر 2001 حتى آخر أغسطس 2003 – صـ 761
جلسة 15 ديسمبر سنة 2002
برئاسة السيد المستشار/ ماهر البحيرى – نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفي علي جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وماهر سامي يوسف والسيد عبد المنعم حشيش وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 50 و66 لسنة 22 قضائية "دستورية"
1 – دعوى دستورية "شرائط قبولها: الدفع بعدم الدستورية من الخصم
المتدخل: القبول الضمني: بطلان الإعلان.
إبداء الخصم المتدخل دفعاً بعدم الدستورية في صحيفة تدخله. تصريح محكمة الموضوع بإقامة
الدعوى الدستورية قبل الفصل في طلب التدخل. مؤداه: قبول ضمني لتدخله باعتباره من ذوي
الشأن في إقامة الدعوى الدستورية بطريق الدفع الفرعي. المادة (29/ ب) من قانون المحكمة
الدستورية العليا. عدم مراعاة إجراءات الإعلان. جزاؤه: البطلان النسبي.
2، 3 – دعوى دستورية "مطاعن شكلية وموضوعية: الحكم فيها: حجيته: عدم قبول". تشريع "قانون
التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادرة بالقانون رقم 27 لسنة 1994".
2 – استيفاء النصوص المطعون فيها أوضاعها الشكلية يسبق بالضرورة الخوض في عيوبها الموضوعية.
فصل المحكمة الدستورية العليا في الطعون الموضوعية يعتبر قضاءً ضمنياً بتوافر الإجراءات
الشكلية المقررة لنص المطعون فيه. القضاء بعدم دستورية الفقرة الأولى من المدة والبند من المادة من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون
رقم 27 لسنة 1994. مقتضاه: استيفاء هذا القانون الأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور.
3 – قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى رقم 155 لسنة 20 قضائية "دستورية" برفض
ما أثير فيها من مطاعن بشأن نص الفقرة الأولى من المدة من قانون التحكيم المشار
إليه له حجية مطلقة. أثره: عدم قبول الدعوى التي تستهدف الطعن في النص ذاته.
4 – دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: مناطها: تطبيق".
مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى الدستورية، أن تتوافر رابطة منطقية
بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة
الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
مؤدى ذلك: استبعاد النصوص الطعينة التي لا شأن لها بالنزاع الموضوعي. تعلق النزاع بسلطة
هيئة التحكيم في الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها. أثره: تحديد نطاق الدعوى
الدستورية في نص الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم في المواد المدنية
والتجارية.
5 – تحكيم "مفهومه. مصدره" تنظيم الحقوق: سلطة المشرع التقديرية. اختصاص هيئات التحكيم.
رقابة القضاء.
أصل التحكيم: عرض نزاع بين طرفين على محكم من الأغيار ليفصل فيه. مصدره: إرادة المحتكمين
في اختيار هذا الطريق بدلاً من القضاء العادي. حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها
التحكيم من قبيل سلطة المشرع التقديرية في تنظيم الحقوق. تخويل هيئة التحكيم الفصل
في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها. أساسه: عدم تجزئة الخصومة محل التحكيم. اختصاص القضاء
العادي بالأمر بتنفيذ حكم التحكيم ونظر التظلم منه ودعوى بطلان أحكام المحكمين. مؤداه:
عدم إخلال نص الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم بالحق في التقاضي أو الانتقاص
من استقلال القضاء وحصانته.
6 – دستور "مبدأ المساواة: مفهومه".
مفهوم المساواة: عدم التمييز بين أفراد الطائفة الواحدة الذين تتماثل مراكزهم القانونية.
المادة من الدستور. عدم إعمال هذا المبدأ عندما تنتفي صلته بفرص يجرى التزاحم
عليها.
7 – المحكمة الدستورية العليا "ولاية".
التعارض بين تعيين قانونين لا يعتبر من المسائل الدستورية التي تختص بها المحكمة الدستورية
العليا.
1 – الثابت من الأوراق أن المدعية في الدعوى الماثلة قدمت صحيفة تدخلها أمام محكمة
الموضوع وتمسكت فيها بعدم دستورية النصوص المطعون عليها – وصرحت لها محكمة الموضوع
– بعد أن قدرت جدية الدفع – بإقامة الدعوى الدستورية فأقامتها ومن ثم فإن تصريح المحكمة
لها بإقامة الدعوى الدستورية، يكشف عن أنها رأت أن القضاء في دستورية النصوص الطعينة
أمر لازم للفصل في موضوع طلبات التدخل المطروحة عليها، بما يعد معه ذلك التصريح بمثابة
قبول ضمني لتدخلها ومن ثم فإنها تعد من ذوي الشأن الذين أجازت لهم المادة (29/ ب) من
قانون المحكمة الدستورية العليا إقامة الدعوى الدستورية بطريق الدفع الفرعي ومن ثم
فإن دعواها تكون مقبولة. ومن ناحية أخرى فإنه لما كان البطلان الناشئ عن مراعاة إجراءات
الإعلان هو بطلان نسبي غير متعلق بالنظام العام، فلا يملك التمسك به – ولو كان الموضوع
غير قابل للتجزئة – إلا من شرع ذلك البطلان لمصلحته وكان المدعى عليهما السادس والسابع
لم يمثلا ويدفعان ببطلان إعلانهما بصحيفة الدعوى فإن الدفع المبدى من الهيئة يكون غير
قائم على أساس متعيناً الالتفات عنه.
2 – سبق أن صدر الحكم في القضية رقم 84 لسنة 19 قضائية "دستورية" بجلسة 6 نوفمبر 1999
بعدم دستورية ما تضمنته الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم في المواد المدنية
والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 من اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في طلب
رد الحكم، ثم صدر الحكم في القضية رقم 92 لسنة 21 قضائية "دستورية" بجلسة 6 يناير سنة
2001 بعدم دستورية البند من المادة من القانون المشار إليه فيما نصت عليه
من إنه "لا يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم"، وقد تناول كل من الحكمين
مسائل دستورية تمثل عواراً موضوعاً اتصل بالنصوص المطعون عليها وآل إلى بطلانها للقيام
الدليل على مخالفتهما للمضمون الموضوعي لقواعد دستورية، ومن ثم فإن هذين الحكمين يكونان
قد انطويا لزوماً على استيفاء قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية والصادر بالقانون
رقم 27 لسنة 1994 للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور بما يحول دون بحثها من جديد،
وذلك باعتبار أن الاستيثاق من توافر الأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور في قانون
ما – وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – يعتبر سابقاً بالضرورة على الخوض في أمر
اتفاقها أو تعارضها مع الأحكام الموضوعية للدستور، ومن ثم فإن المناعي الشكلية التي
نسبتها المدعية إلى ذلك القانون تكون غير مقبولة.
3 – لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية بشأن
نص الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم المشار إليه وانتهت إلى موافقته
لأحكام الدستور وعدم خروجه عليها، وقضت برفض الدعوى رقم 155 لسنة 20 قضائية "دستورية"
بجلسة 13/ 1/ 2002 ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 4 (تابع) بتاريخ 24/
1/ 2002 وكان مقتضى أحكام المادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة
الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً
من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد
لمراجعته، فإن الدعوى الدستورية في شأن هذه الفقرة المطعون عليها من المادة تكون
غير مقبولة.
4 – المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهي شرط لقبول الدعوى
الدستورية أن تتوافر رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية،
وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في الطلبات الموضوعية
المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وكانت طلبات المتدخلة في الدعوى الموضوعية
(المدعية في الدعوى الدستورية) إنما تنصرف إلى إبطال شرط التحكيم الذي اشتملت عليه
العقود المبرمة بين شريكها وشركة شل وقد أبدت الدفع بعدم الدستورية إثر دفع أبداه ممثل
تلك الشركة بعدم قبول الدعوى استناداً لوجود شرط تحكيم. وكان النص في الفقرة الثانية
من المادة المطعون فيه على أنه "ولا يحول رفع الدعوى المشار إليها في الفقرة السابقة
دون البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو إصدار حكم التحكيم" يخاطب هيئة
التحكيم لتُعمِل مقتضاه فيما يعرض عليها من منازعات، ولا مجال لإعماله في الدعوى الموضوعية
ومن ثم لا يوجد أدنى قدر من الانعكاس للحكم في دستورية النص الطعين على طلبات المدعية
في دعوى الموضوع مما لازمه الحكم بعدم قبول الدعوى الماثلة أيضاً في خصوص الفقرة الثانية
من المادة سالفة البيان.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم
المشار على أنه "تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع
المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع"
وكان القضاء بعدم دستورية هذا النص مؤداه أن جهة القضاء العادي تعتبر هي المختصة بالفصل
في تلك الدفوع، ومنها الدفع ببطلان اتفاق التحكيم، بما يتوافر معه للمدعية مصلحة شخصية
مباشرة في إقامة الدعوى الدستورية الماثلة في شأن هذا النص. باعتبار أنه لازم للفصل
في طلبات التدخل التي أبدتها أمام محكمة الموضوع ببطلان شرط التحكيم التي اشتملت عليها
العقود المبرمة بين المدعي والمدعى عليه في الدعوى الموضوعية الأمر الذي يتحدد به نطاق
الدعوى الدستورية المطروحة في نص هذه الفقرة من المادة من قانون التحكيم المشار
إليه.
5 – الأصل في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما
أو بتفويض منهما وفقاً لشروط يحددانها ليفصل في النزاع بقرار يقطع دابر الخصومة، بعد
أن يدلى كل منهما بوجهة نظره من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية، وهو ما مؤداه اتجاه
المحتكمين إلى ولوج هذا الطريق لفض خصوماتهم بدلاً من القضاء العادي ومن ثم فإن المشرع
– بما له من سلطة تقديرية في تنظيم الحقوق – قد حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها
التحكيم استثناءً من أصل خضوعها لولايتها. وإذ كان النص الطعين قد خول هيئة التحكيم
الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق
تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع، فذلك لاعتبارات تتفق والمنطق
القضائي قوامها أن عرض نزاع ما على هيئة التحكيم يعتبر وسيلة قضائية يحسم من خلالها
النزاع موضوع التحكيم برمته، بما فيه من أوجه دفاع ودفوع، فلا تتجزأ الخصومة محل التحكيم
لتفصل في موضوعها هيئة التحكيم، بينما تفصل في دفوعها هيئة أخرى وذلك حتى تتمكن هيئة
التحكيم من القيام بواجبها في الفصل في النزاع المطروح عليها دون أن تتمزق أوصاله،
وما ذلك إلا تطبيقاً للقاعدة المتفق عليها فقهاً وقضاءً وهي أن قاضي الدعوى هو قاضي
الدفع. كما أنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت في في الدعوى رقم 155 لسنة 20
قضائية "دستورية" برفض الطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم
المشار إليه التي توجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق تحكيم أن
تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى،
وهو ما مؤداه أن هيئة التحكيم أصبحت هي الجهة الوحيدة التي تستطيع الفصل في الدفوع
التي قد يثيرها الخصوم بشأن اتفاق التحكيم. لما كان ذلك وكان الاتفاق على عرض نزاع
ما على هيئة التحكيم لا يحول دون أن تفرض جهة القضاء العادي رقابتها على قرارات هيئة
التحكيم التي تنتهي بها الخصومة كلها فقد جعل المشرع لجهة القضاء الأمر بتنفيذ حكم
التحكيم والتظلم منه كما جعل لها وحدها الاختصاص بنظر دعوى بطلان أحكام المحكمين ليتمكن
من خلالها الخصوم وغيرهم من ذوي الشأن الذين يستطيل التحكيم إليهم إبداء ما يعن لهم
من مطاعن تؤدي إلى بطلان ذلك الحكم، ومن ثم لا يكون النص الطعين قد أخل بالحق في التقاضي
أو تضمن عدواناً على استقلال القضاء أو حصانته.
6 – وحيث إنه لما كان المقصود بالمساواة التي تعنيها المادة من الدستور عدم التميز
بين أفراد الطائفة الواحدة الذين تتماثل مراكزهم القانونية. ومن ثم فلا محل للقول بالإخلال
بتلك المساواة في مجال إعمال النص الطعين، كما أن إعماله لا يتصل بفرص قائمة تقدمها
الدولة يجرى التزاحم عليها، وبالتالي فإن قالة مخالفة مبدأ تكافؤ الفرص تكون لغواً.
7 – وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لنص المادة من قانون السلطة القضائية
الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 فإنه لما كانت الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة
الدستورية العليا في شأن دستورية القوانين واللوائح، مناطها قيام تعارض بين نص قانوني
وحكم في الدستور، فإنه لا شأن لها بالتناقض بين نصين قانونيين سواء جمعهما قانون واحد
أم تفرقا بين قانونين مختلفين.
الإجراءات
بتاريخ 28/ 2/ 2000، أودعت المدعية صحيفة الدعوى رقم 50 لسنة 22
قضائية "دستورية" قلم كتاب المحكمة، بطب الحكم بعدم دستورية الفقرتين الأولى والثانية
من المادة والفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم في المواد المدنية
والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب
المحاماة وبتاريخ 26/ 3/ 2000 أودعت أيضاً صحيفة الدعوى رقم 66 لسنة 22 قضائية، "دستورية"
بذات الطلبات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرات دفعت فيها بعدم قبول الدعوى رقم 50 لسنة 22 قضائية
"دستورية" وببطلان إعلان المدعى عليهما السادس والسابع بصحيفة الدعوى رقم 66 لسنة 22
قضائية "دستورية" وطلبت الحكم برفض الدعويين.
وبعد تحضير الدعويين، أودعت هيئة المفوضين تقريراً بالرأي في كل منها.
ونظرت الدعويان على الوجه المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة ضمهما وحددت جلسة اليوم
ليصدر فيهما حكم واحد.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعية
والمدعى عليه الرابع أسسا شركة توصية بسيطة كشركاء (متضامنين) مع آخرين (شركاء موصين)
بموجب عقدين مؤرخين 19/ 2/ 1994 و7/ 11/ 1995 باسم "مجموعة التوفيق" و"مجموعة التوفيق
الجديدة لإدارة الخدمات البترولية وبتاريخ 8/ 3/ 1994، 23/ 1/ 1996 تعاقد المدعى عليه
الرابع مع شركة شل (المدعى عليه الخامس) على استئجار واستغلال محطات لخدمة تموين السيارات،
وقد تضمنت عقود الإيجار شرط تحكيم، وإذ وجد المدعى عليه الرابع أن القيمة الإيجارية
للمحطات المستأجرة مبالغ فيها أقام الدعوى رقم 7886 لسنة 1999 مدني أمام محكمة جنوب
القاهرة الابتدائية بطلب ندب خبير لتحديد القيمة الإيجارية للمحطات المستأجرة وإلزام
شركة شل برد الفروق المالية التي تستحق وفق ما ينتهي إليه تقرير الخبير. وقد تدخلت
المدعية في هذه الدعوى هجومياً طالبة الحكم ببطلان ما اشتمل عليه عقد الإيجار من اتفاق
على التحكيم. دفع محامي شركة شل بعدم قبول الدعوى الأصلية لوجود الاتفاق على التحكيم
حيث ينعقد الاختصاص لمركز القاهرة للتحكيم التجاري الدولي المعروض عليه بالفعل طلبي
التحكيم رقمي 135، 136 لسنة 1999 المقدمين من الشركة، تدخلت المدعية بصحيفة طلبت فيها
الحكم أصلياً ببطلان شرطي التحكيم واحتياطياً دفعت بعدم دستورية المواد (13، 22/ 1،
52/ 1) من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة
1994 وبعد أن قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع صرحت لها برفع الدعوى الدستورية فأقامت
الدعويين الماثلتين وأثناء تحضير الدعويين تمسكت بعدم دستورية القانون المشار إليه
لعدم عرضه على مجلس الشورى رغم كونه من القوانين المكملة للدستور بالمخالفة لنص المادة
منه.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى رقم 50 لسنة 22 قضائية "دستورية"
لعدم اتصالها بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة بقانونها، تأسيساً على أن الدفع
بعدم الدستورية قد أُبدي من طالبة التدخل قبل أن تقول محكمة الموضوع كلمتها بشأن قبول
هذا التدخل. كما دفعت ببطلان إعلان المدعى عليهما السادس والسابع بصحيفة الدعوى رقم
66 لسنة 22 قضائية "دستورية".
وحيث إن هذين الدفعين مردودين. ذلك أن الثابت من الأوراق أن المدعية في الدعوى الماثلة
قدمت صحيفة تدخلها أمام محكمة الموضوع وتمسكت فيها بعدم دستورية النصوص المطعون عليها
– وصرحت لها محكمة الموضوع – بعد أن قدرت جدية الدفع – بإقامة الدعوى الدستورية فأقامتها
ومن ثم فإن تصريح المحكمة لها بإقامة الدعوى الدستورية، يكشف عن أنها رأت أن القضاء
في دستورية النصوص الطعينة أمر لازم للفصل في موضوع طلبات التدخل المطروحة عليها، بما
يعد ذلك التصريح بمثابة قبول ضمني لتدخلها ومن ثم فإنها تعد من ذوي الشأن الذين أجازت
لهم المادة (29/ ب) من قانون المحكمة الدستورية العليا إقامة الدعوى الدستورية بطريق
الدفع الفرعي ومن ثم فإن دعواها تكون مقبولة. ومن ناحية أخرى فإنه لما كان البطلان
الناشئ عن مراعاة إجراءات الإعلان هو بطلان نسبي غير متعلق بالنظام العام، فلا يملك
التمسك به – ولو كان الموضوع غير قابل للتجزئة – إلا من شرع ذلك البطلان لمصلحته وكان
المدعى عليهما السادس والسابع لم يمثلا ويدفعان ببطلان إعلانهما بصحيفة الدعوى فإن
الدفع المبدى من الهيئة يكون غير قائم على أسا متعيناً الالتفات عنه.
وحيث إنه عن طلب المدعية الحكم بعدم دستورية قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية
المشار إليه لعدم عرضه على مجلس الشورى باعتباره من القوانين المكملة للدستور وفقاً
للمادة منه وهو ما تمسكت به بمذكرتها الأخيرة أمام هذه المحكمة فإنه وقد سبق أن
صدر الحكم في القضية رقم 84 لسنة 19 قضائية "دستورية" بجلسة 6 نوفمبر 1999 بعدم دستورية
ما تضمنته الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية
الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994 من اختصاص هيئة التحكيم بالفصل في طلب رد الحكم،
ثم صدر الحكم في القضية رقم 92 لسنة 21 قضائية "دستورية" بجلسة 6 يناير سنة 2001 بعدم
دستورية البند من المادة من القانون المشار إليه فيما نصت عليه من إنه "لا
يجوز التظلم من الأمر الصادر بتنفيذ حكم التحكيم"، وقد تناول كل من الحكمين مسائل دستورية
تمثل عواراً موضوعياً اتصل بالنصوص المطعون عليها وآل إلى بطلانها للقيام الدليل عبي
مخالفتهما للمضمون الموضوعي لقواعد دستورية، ومن ثم فإن هذين الحكمين يكونان قد انطويا
لزوماً على استيفاء قانون التحكيم في المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم
27 لسنة 1994 للأوضاع الشكلية التي تطلبها الدستور بما يحول دون بحثها من جديد، وذلك
باعتبار أن الاستيثاق من توافر الأوضاع الشكلية التي يتطلبها الدستور في قانون ما –
وعلى ما استقر عليه قضاء هذه المحكمة – يعتبر سابقاً بالضرورة على الخوض في أمر اتفاقها
أو تعارضها مع الأحكام الموضوعية للدستور، ومن ثم فإن المناعي الشكلية التي نسبتها
المدعية إلى ذلك القانون تكون غير مقبولة.
وحيث إنه لما كانت المحكمة الدستورية العليا قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية
بشأن نص الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم المشار إليه وانتهت إلى موافقته
لأحكام الدستور وعدم خروجه عليها، قضت برفض الدعوى رقم 155 لسنة 20 قضائية "دستورية"
بجلسة 13/ 1/ 2002 ونشر هذا الحكم بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 4 (تابع) بتاريخ 24/
1/ 2002 وكان مقتضى أحكام المادتين (48، 49) من قانون هذه المحكمة الصادر بالقانون
رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة
الكافة، وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تعقيباً
من أي جهة كانت، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه، أو إعادة طرحه عليها من جديد
لمراجعته، فإن الدعوى الدستورية في شأن هذه الفقرة المطعون عليها من المادة تكون
غير مقبولة.
وحيث إنه لما كان من المقرر في قضاء المحكمة أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة وهي
شرط لقبول الدعوى الدستورية أن تتوافر رابطة منطقية بينها وبين المصلحة القائمة في
الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر في المسألة الدستورية لازماً للفصل في
الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع. وكانت طلبات المتدخلة
في الدعوى الموضوعية (المدعية في الدعوى الدستورية) إنما تنصرف إلى إبطال شرط التحكيم
الذي اشتملت عليه العقود المبرمة بين شريكها وشركة شل وقد أبدت الدفع بعدم الدستورية
إثر دفع أبداه ممثل تلك الشركة بعدم قبول الدعوى استناداً لوجود شرط تحكيم. وكان النص
في الفقرة الثانية من المادة المطعون فيه على أنه "ولا يحول رفع الدعوى المشار
إليها في الفقرة السابقة دون البدء في إجراءات التحكيم أو الاستمرار فيها أو إصدار
حكم التحكيم" يخاطب هيئة التحكيم لتُعمِل مقتضاه فيما يعرض عليها من منازعات، ولا مجال
لإعماله في الدعوى الموضوعية ومن ثم لا يوجد أدنى قدر من الانعكاس للحكم في دستورية
النص الطعين على طلبات المدعية في دعوى الموضوع مما لازمه الحكم بعدم قبول الدعوى الماثلة
أيضاً في خصوص الفقرة الثانية من المادة سالفة البيان.
وحيث إنه لما كان ما تقدم، وكان النص في الفقرة الأولى من المادة من قانون التحكيم
المشار على أنه "تفصل هيئة التحكيم في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع
المبنية على عدم وجود اتفاق تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع"
وكان القضاء بعدم دستورية هذا النص مؤداه أن جهة القضاء العادي يعتبر هي المختصة بالفصل
في تلك الدفوع، ومنها الدفع ببطلان اتفاق التحكيم، بما يتوافر معه للمدعية مصلحة شخصية
مباشرة في إقامة الدعوى الدستورية الماثلة في شأن هذا النص، باعتبار أنه لازم للفصل
في طلبات التدخل التي أبدتها أمام محكمة الموضوع ببطلان شرط التحكيم التي اشتملت عليها
العقود المبرمة بين المدعي والمدعى عليه في الدعوى الموضوعية الأمر الذي يتحدد به نطاق
الدعوى الدستورية المطروحة في نص هذه الفقرة من المادة من قانون التحكيم المشار
إليه.
وحيث إن المدعية تنعي على النص المذكور مخالفته لأحكام المواد (8، 40، 65، 68، 165)
من الدستور لما يتضمنه من إخلال بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة أمام القانون، واعتداء
على استقلال القضاء وحصانته، فضلاً عن إهداره حق التقاضي الذي يكفله الدستور للناس
كافة، كما خالف النص المطعون فيه المادة من القرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن
السلطة القضائية والتي عقدت ولاية الفصل في المنازعات للمحاكم.
وحيث إن النعي في جملته مردود، ذلك أنه وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن الأصل
في التحكيم هو عرض نزاع معين بين طرفين على محكم من الأغيار يعين باختيارهما أو بتفويض
منهما وفقاً لشروط يحددانها ليفصل في النزاع بقرار يقطع دابر الخصومة، بعد أن يدلي
كل منهما بوجهة نظره من خلال ضمانات التقاضي الرئيسية، وهو ما مؤداه اتجاه إرادة المحتكمين
إلى ولوج هذا الطريق لفض خصوماتهم بدلاً من القضاء العادي ومن ثم فإن المشرع – بما
له من سلطة تقديرية في تنظيم الحقوق – قد حجب المحاكم عن نظر المسائل التي يتناولها
التحكيم استثناءً من أصل خضوعها لولايتها. وإذ كان النص الطعين قد خول هيئة التحكيم
الفصل في الدفوع المتعلقة بعدم اختصاصها بما في ذلك الدفوع المبنية على عدم وجود اتفاق
تحكيم أو سقوطه أو بطلانه أو عدم شموله لموضوع النزاع، فذلك لاعتبارات تتفق والمنطق
القضائي قوامها أن عرض نزاع ما على هيئة التحكيم يعتبر وسيلة قضائية يحسم من خلالها
النزاع موضوع التحكيم برمته، بما فيه من أوجه دفاع ودفوع، فلا تتجزأ الخصومة محل التحكيم
لتفصل في موضوعها هيئة التحكيم، من القيام بواجبها في الفصل في النزاع المطروح عليها
دون أن تتمزق أوصاله، وما ذلك إلا تطبيقاً للقاعدة المتفق عليها فقهاً وقضاءً وهي أن
قاضي الدعوى هو قاضي الدفع. كما أنه سبق للمحكمة الدستورية العليا أن قضت في الدعوى
رقم 155 لسنة 20 قضائية "دستورية" برفض الطعن بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة
من قانون التحكيم المشار إليه التي توجب على المحكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد
بشأنه اتفاق تحكيم أن تحكم بعدم قبول الدعوى إذا دفع المدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي
طلب أو دفاع في الدعوى، وهو ما مؤداه أن هيئة التحكيم أصبحت هي الجهة الوحيدة التي
تستطيع الفصل في الدفوع التي قد يثيرها الخصوم بشأن اتفاق التحكيم. لما كان ذلك وكان
الاتفاق على عرض نزاع ما على هيئة التحكيم لا يحول دون أن تفرض جهة القضاء العادي رقابتها
على قرارات هيئة التحكيم التي تنتهي بها الخصومة كلها فقد جعل المشرع لجهة القضاء الأمر
بتنفيذ حكم التحكيم والتظلم منه كما جعل لها وحدها الاختصاص بنظر دعوى بطلان أحكام
المحكمين ليتمكن من خلالها الخصوم وغيرهم من ذوي الشأن الذين يستطيل حكم التحكيم إليهم
إبداء ما يعن لهم من مطاعن تؤدي إلى بطلان ذلك الحكم، ومن ثم لا يكون النص الطعين قد
أخل بالحق في التقاضي أو تضمن عدواناً على استقلال القضاء أو حصانته.
وحيث إنه لما كان المقصود بالمساواة التي تعنيها المادة من الدستور عدم التميز
بين أفراد الطائفة الواحدة الذين تتماثل مراكزهم القانونية. ومن ثم فلا محل للقول بالإخلال
بتلك المساواة في مجال إعمال النص الطعين، كما أن إعماله لا يتصل بفرص قائمة تقدمها
الدولة يجرى التزاحم عليها، وبالتالي فإن قالة مخالفة مبدأ تكافؤ الفرص تكون لغواً.
وحيث إنه عن النعي بمخالفة النص المطعون فيه لنص المادة من قانون السلطة القضائية
الصادر بالقانون رقم 46 لسنة 1972 فإنه لما كانت الرقابة القضائية التي تباشرها المحكمة
الدستورية العليا في شأن دستورية القوانين واللوائح، مناطها قيام تعارض بين نص قانوني
وحكم في الدستور، فإنه لا شأن لها بالتناقض بين نصين قانونيين سواء جمعهما قانون واحد
أم تفرقا بين قانونين مختلفين.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن النص المطعون فيه لا يتعارض مع أحكام المواد (8، 40، 65،
68، 165) من الدستور ولا يخالف أي نص دستوري آخر فإنه يتعين القضاء برفض الدعويين.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعويين، وبمصادرة الكفالة، وألزمت المدعية المصروفات، ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة عن كل دعوى.
