الطعن رقم 1548 سنة 26 ق – جلسة 09 /04 /1957
أحكام النقض – المكتب الفني– جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 383
جلسة 9 من أبريل سنة 1957
برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمد محمد حسانين، وفهيم يسى جندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.
القضية رقم 1548 سنة 26 القضائية
نقد. عدم تقديم المتهم شهادة الجمرك القيمية عن البضاعة التى استوردها
فى الميعاد. توفر الجريمة ولو كان قد استخرجها فعلا وتأخر فى تقديمها.
متى كان المتهم لم يقم فى الميعاد بتقديم شهادة الجمرك القيمية عن البضاعة التى استوردها
فانه يكون قد أخل بالواجب الذى فرضه عليه القانون رقم 80 سنة 1947 المعدل بالقانون
رقم 157 سنة 1951 وقرار وزير المالية رقم 75 سنة 1948، ولا وجه للادعاء بحسن النية
لتأخره فى تقديمها مادام قد استخرجها فعلا، ذلك أن الإخلال بالواجب الذى فرضه القانون
يقع إما بالقعود عن أدائه أو التراخى عن القيام به فى إبانه أو فى ميعاده.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه لم يقدم إلى المصرف الذى يتعامل معه (البنك الأهلى اليونانى) ما يثبت استخراج شهادة جمرك قيمية مبينا فيها أن البضائع التى أفرج من أجل استيرادها عن عملة أجنبية قد وردت إلى مصر، وذلك فى خلال الميعاد القانونى. وطلبت عقابه بالمادتين 7 و9 من القانون رقم 90 لسنة 1947 المعدل بالقرار رقم 225 لسنة 1948 ورقم 257 لسنة 1950. ومحكمة الدرب الأحمر الجزئية قضت حضوريا بحبس المتهم ثلاثة شهور مع الشغل وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من صيرورة الحكم نهائيا، وذلك تطبيقا لمواد الاتهام مع المادتين 55 و56 من قانون العقوبات، فاستأنف ومحكمة القاهرة الابتدائية نظرت استئنافه وقضت غيابيا بتأييد الحكم المستأنف. فعارض، وقضت المحكمة بقبول معارضته شكلا وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه. فطعن المحكوم عليه فى الحكم الأخير بطريق النقض.
المحكمة
….. وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه
خالف القانون، إذ أن الفعل المسند إلى الطاعن لا جريمة فيه لأنه قد استخرج شهادة الجمرك
القيمية فعلا، ووصلت هذه الشهادة إلى المصرف عن طريق إدارة الجمارك. يضاف إلى ذلك أن
الطاعن قد قدم الصورة التى تحت يده إلى البنك الأهلى اليونانى قبل إذن مدير إدارة النقد
برفع الدعوى. وبذلك يكون تقديم الشهادة الجمركية للمصرف ما هو إلا إجراء شكلى وطالما
أن الطاعن استخرج الشهادة، فهو حسن النية، إذ تأخر فى تقديمها.
وحيث إن قول الطاعن من ذلك مردود عليه بأن القانون رقم 80 سنة 1947 بتنظيم الرقابة
على النقد الأجنبى حظر فى المادة الأولى منه المعدلة بالقانون رقم 157 لسنة 1951 تحويل
العملة أو التعامل فيها إلا بالشروط والقيود التى يحددها وزير المالية بقرار منه، وقد
صدر قرار وزير المالية رقم 75 سنة 1948 فى 5 من نوفمبر سنة 1948 وقضى بإلزام المستوردين
بتقديم شهادة الجمرك القيمية عن البضاعة التى استوردوها مبينا فيها أن هذه البضاعة
التى أفرج من أجل استيرادها عن عملة أجنبية قد وردت إلى مصر، كما قضى بإلزام المستوردين
بتقديم هذه الشهادة إلى المصارف التى يتعاملون معها فى ميعاد لا يتجاوز ستة أشهر من
تاريخ استعمال الاعتمادات المفتوحة، أو من تاريخ دفع قيمتها. ولما كان الإخلال بهذا
الواجب جريمة، وكان الإخلال يقع إما بالعقود عن الواجب المفروض، وإما بالتراخى عن القيام
بالإجراء الذى فرضه القانون فى إبانه، أو فى ميعاده فإن دعوى حسن النية لا يكون لها
وجه ولا يعتد بها قانونا. لما كان ذلك، وكان لا يفيد الطاعن أن تكون شهادة الجمرك القيمية
قد وصلت للمصرف عن طريق إدارة الجمارك، وما ادعاه من أنه سلم الصورة التى تحت يده للمصرف
بعد انقضاء الميعاد المنصوص عليه قانونا، وقبل رفع الدعوى العمومية ضده – لما كان ما
تقدم، فإن هذا الوجه من الطعن لا يكون له محل.
وحيث إن مبنى الوجه الثانى من الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ رفض الدفع بسقوط الدعوى
العمومية قد خالف القانون كما شابه قصور فى التسبيب إذ اكتفت المحكمة فى الرد على هذا
الدفع بأن النيابة قد بدأت التحقيق فى الدعوى فى 9 من فبراير سنة 1953، مما يجعل الحكم
مشوبا بالابهام، لأنه لم يبين ماهية هذه التحقيقات حتى يظهر ما إذا كان من شأنها أن
تقطع المدة أم لا، على أن ما قامت به النيابة لا يعدو أن يكون مجرد جمع استدلالات بناء
على طلب إدارة النقد، وتم فى غيبة الطاعن، ولم يخطر به، فلا تقطع مدة التقادم، فهو
بلاغ مكتوب جاء فى صورة محضر أثبت فيه أقوال الشاكى. هذا إلى أن إحالة الأوراق بعد
ذلك إلى إدارة النقد لسؤال مخالف ليس من الإجراءات التى تقطع المدة، لأن هذه الإدارة
ليست سلطة من سلطات التحقيق، وأخيرا فان محضر البوليس المحرر فى 16 مايو سنة 1954 لا
يصح أن يرتب عليه أثر لأنه حرر بعد انقضاء المدة المسقطة للدعوى. فضلا عن أن الطاعن
لم يسأل فيه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على المفردات التى أمرت هذه المحكمة بضمها أن الادارة العامة
لعمليات النقد أبلغت فى 22 يناير سنة 1953 وكيل نيابة الشئون المالية بالقاهرة مذكرة
باسم الطاعن (وشركاه) لأنه لم يف بتعهده باستيراد البضائع التى حول عنها عملة أجنبية
إلى الخارج وذلك فى خلال المدة التى نص عليها القانون رقم 80 لسنة 1947 المعدل بالقانون
رقم 157 لسنة 1950 وفى 8 من فبراير سنة 1953 أشر وكيل النيابة بطلب الطاعن ومندوب إدارة
النقد لليوم التالى، وفتح وكيل النيابة محضره فى اليوم المحدد للتحقيق أى فى 9 من فبراير
سنة 1953 وأثبت فى ديباجته أنه حدد هذا اليوم ليحقق ما ورد فى مذكرة إدارة النقد بشأن
ما هو منسوب إلى الطاعن بالنسبة للاستمارة المصرفية رقم 2611 فى 13 من ديسمبر سنة 1949
كما أثبت اطلاعه على محضر الجنحة الخاص رقم 212 سنة 1953 شئون مالية (وقيد بعد ذلك
بنمرة 2730 جنح الدرب الأحمر كما قيد الاستئناف المرفوع عنه بنمرة 6592 استئناف مصر
وهو الحكم المطعون فيه) ثم أثبت وكيل النيابة أنه بالنداء على المطلوبين حضر مندوب
إدارة النقد فقط، فاستدعاه وسأله فى محضر التحقيق فأجاب بما هو ثابت فيه من أن الطاعن
لم يقم باستيراد البضاعة فى بحر المدة المنصوص عليها فى القرار الوزارى رقم 75 لسنة
1948 وأجل وكيل النيابة التحقيق إلى 3 من مارس سنة 1953، ثم إلى 19 منه، لسؤال الطاعن
ولكنه لم يحضر ولم يسأل عن التهمة المسندة إليه – لما كان ذلك، وكانت المادة 17 من
قانون الإجراءات الجنائية تنص على أن تنقطع المدة بإجراءات الاتهام أو التحقيق أو المحاكمة….
وتسرى المدة من جديد ابتداء من يوم الانقطاع، وكانت المدة المسقطة للدعوى العمومية
تبدأ من 27 من يناير سنة 1951 أى من تاريخ انقضاء الستة الأشهر التالية ليوم استعمال
الاعتماد فى 27 من يوليه سنة 1950، وكانت إجراءات التحقيق التى اتخذت فى الدعوى بسؤال
الشاهد صادرة من سلطة مختصة بالتحقيق الجنائى، وهى النيابة العامة وكان سؤاله بمعرفة
وكيل النيابة فى 9 من فبراير سنة 1953 أى قبل التاريخ الذى كانت تنقضى فيه الدعوى العمومية
بمضى المدة وينتج التحقيق أثره فى قطع هذه المدة حتى ولو لم يكن المتهم قد استجوب فيه
– لما كان ما تقدم، فان الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى الجنائية
يكون صحيحا فى القانون، ولا يكون لهذا الوجه من الطعن محل.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.
