الرئيسية الاقسام القوائم البحث

قاعدة رقم الطعن رقم 54 لسنة 23 قضائية “دستورية” – جلسة 22 /09 /2002 

أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء العاشر
من أول أكتوبر 2001 حتى آخر أغسطس 2003 – صـ 622

جلسة 22 سبتمبر سنة 2002

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: على عوض محمد صالح و أنور رشاد العاصي وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفي علي جبالي وإلهام نجيب نوار ومحمد عبد العزيز الشناوي وحضور السيد المستشار الدكتور/ عادل عمر شريف – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.

قاعدة رقم
القضية رقم 54 لسنة 23 قضائية "دستورية"

1 – تشريع "المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 في شأن تنظيم الصحافة: لجنة تقدير التعويض: تشكيلها: مهمتها: قراراتها".
تشكل اللجنة المنصوص عليها بالمادة الرابعة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 في شأن تنظيم الصحافة من عضوين، يختار أحدهما مالك الصحيفة، والآخر يختاره الاتحاد القومي برئاسة مستشار من محكمة الاستئناف وتتولى تقدير التعويض المستحق لأصحاب الصحف التي ألت ملكيتها للاتحاد القومي. ويخطر الطعن على قراراتها بأي طريق من طرق الطعن.
2 – هيئات ذات اختصاص قضائي "عمل قضائي: العناصر المميزة له".
إسباغ الصفة القضائية على لجنة. مناطه: طبيعة العمل الذي تقوم به، فإذا كان جوهر عملها يستهدف بلوغ الحقيقة بإتباع إجراءات رسمها القانون فإن طبيعة عملها تكون قضائية. مجرد وجود عنصر قضائي في لجنة أو رئاسته لها لا يكفي لإسباغ الصفة القضائية عليها.
3 – دستور "حق التقاضي: عوائق: مبدأ المساواة".
حظر الطعن في قرارات اللجنة الإدارية المنصوص عليها بالمادة الرابعة من القرار رقم 156 لسنة 1960، رغم إجازته في قرارات اللجان الإدارية الأخرى. تمييز مخالف للمادتين و من الدستور.
1 – القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 في شأن تنظيم الصحافة نص في المادة منه على أن "تتولى تقدير التعويض المستحق لأصحاب الصحف لجنة تشكيل برئاسة مستشار من محكمة الاستئناف ومن عضوين يختار أحدهما مالك الصحيفة ويختار الاتحاد القومي العضو الآخر ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من رئيس الجمهورية وتصدر اللجنة قراراتها بأغلبية الآراء وبعد سماع أقوال ذوي الشأن وتكون قراراتها نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن".
2 – مجرد وجود عنصر قضائي في لجنة أو رئاسته للجنة باقي تشكيلها من غير القضاة، لا يكفي بذاته لأن يسبغ عليها الصفة القضائية، لأن المناط في إسباغ هذه الصفة عليها هو طبيعة العمل الذي تقوم به، فإن كان جوهر هذا العمل يستهدف بلوغ الحقيقة فيما عهد إليها به من اختصاص، وكان السبيل لبلوغ هذه الحقيقة هو إتباع إجراءات رسمها القانون والالتزام بقواعد معينه ترتبط برباط لا ينفصم في أن يغدو قرارها فيما تصدت له هو عنوان الحقيقة التي بلغتها كأثر لإجراءات يتاح من خلالها لكل صاحب شأن أن يبدي ما يراه محققاً لمصلحته، دفعاً ودفاعاً، وقبولاً ورداً، ليخضع حاصل ذلك كله للبحث والتمحيص الواقعي والقانوني، فيقود اللجنة إلى قرار ينطق بالحقيقة التي استجلتها من واقع ما طرح عليها، فإن طبيعة عمل اللجنة في هذه الحالة تكون قضائية، أما إذا لم يكن عمل اللجنة كذلك، واقتصر الأمر على انفرادها بتقرير قيمة قدرتها لأعيان معينة دون التزام بإجراءات تكفل تحقيق بين هذه القيمة باعتبارها واقعاً وبين قرارها الذي لم تتوافر له مقومات الارتباط بهذه الحقيقة الواقعة كي يكون عنواناً لها، فإنها بذلك لا تكون إلا لجنة إدارية، يتوجب فتح الطريق لأن تخضع قراراتها لرقابة القضاء، حتى يبلغ بالسبل المقررة له تحقيق التوافق بين الحقيقة الواقعية وبين ما يصدره من أحكام هي بطبيعتها عنوان هذه الحقيقة.
3 – تنص المادة من الدستور تنص على أن: "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا.
"ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء". بما مؤداه أن النص الطعين قد خالف حكم هذا النص الدستوري، عندما حظر الطعن على قرارات صادرة من لجنة إدارية أمام القضاء، كما وقع في حمأة مخالفة نص المادة من الدستور عندما أقام تمييزاً في شأن الصادرة في حقهم قرارات من اللجنة المشار إليها حين حظر عليهم الطعن عليها، حال أن هذا الطعن جائز لمن تصدر في حقهم قرارات من اللجان الإدارية الأخرى، بما يكون معه النص المطعون عليه قد خالف أحكام المادتين (40 و68) من الدستور.


الإجراءات

بتاريخ 5 إبريل سنة 2001، أودع المدعيات صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة فيما تضمنته من "أن تكون قرارات التقويم نهائية وغير قالبة للطعن بأي طريق من طرق الطعن".
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعيين كانا قد أقام وآخرون الدعوى رقم 5871 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإداري ضد المدعى عليهم بطلب الحكم أولاً: – بإلزام المدعى عليهم بأن يقدموا للمحكمة قرار لجنة تقييم دار الهلال، بأن يؤدوا لهم كلٌ حسب نصيبه تعويضاً مؤقتاً يوازي قيمة الأسهم المملوكة لهم في دار الهلال طبقاً للسعر الذي انتهت إليه لجنة التقييم والفوائد المستحقة على هذه القيمة طبقاً لقانون التأميم بواقع 4% سنوياً لمدة خمسة عشر عاماً من تاريخ التأميم في 24/ 5/ 1960 حتى تاريخ الاستهلاك في 23/ 5/ 1975، ويضاف إلى ذلك 15% سنوياً منذ 23/ 5/ 1975 حتى تاريخ إقامة الدعوى مع الفوائد من تاريخ إقامة الدعوى حتى تاريخ السداد. ثانياً:- بإلغاء قرار لجنة تقييم صحف دار الهلال المؤممة بالقرار لرقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة، وندب من ترى المحكمة ندبه من الخبراء المختصين لإعادة تقييمها. واحتياطياً: وقف الدعوى وإحالتها إلى المحكمة الدستورية العليا للحكم بعدم دستورية الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة، فيما نصت عليه من أن تكون قرارات لجان التقييم نهائية وغير قابلة للطعن بأي طريق من طرق الطعن، وذلك على سند من أنهم مورثيهما كانوا يملكون صحيفة دار الهلال وبتاريخ 24/ 5/ 1960 صدر القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة، والذي نص في مادته الثالثة على أيلولة ملكية الصحيفة المملوكة لهم وصحف أخرى إلى الاتحاد القومي، ونفاذاً لأحكام القانون فقد شكلت لجنة تقدير التعويض المستحق لأصحاب الصحف وباشرت تلك اللجنة أعمالها وأصدرت بتاريخ 26/ 2/ 1968 قرارها باعتماد قيمة السهم الواحد في شركة دار الهلال في 24/ 5/ 1960 بواقع 2.918 جنيه (جنيهان وتسعمائة وثمانية عشر مليماً)، وإنه كان يتعين أن يحصلوا على كامل التعويض الذي قدرته اللجنة عملاً بالمادة الخامسة من ذات القانون، والتي نصت على أن يؤدي التعويض المشار إليه في المادة الرابعة بسندات على الدولة بفوائد سعرها 3% تستهلك خلال عشرين سنة، إلا أن المادة الخامسة تم تعديلها بالقرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 الصادر في 13/ 12/ 1963 وذلك يجعل الحد الأقصى للتعويض 15000 جنيه، كما أن تقدير قيمة السهم في دار الهلال بالغ الإجحاف بحقوقهم. وتدوولت الدعوى بجلسات محكمة القضاء الإداري وبجلسة 16/ 1/ 2001 قررت المحكمة التأجيل لجلسة 15/ 5/ 2001 وصرحت للمدعيين بإقامة الدعوى الدستورية، وبتاريخ 5/ 4/ 2002 أودع المدعيان قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا صحيفة الدعوى الماثلة وقد أسسا دعواهما الدستورية على أن النص المطعون عليه قد أتى مخالفاً لنص المادتين (40 و68) من الدستور لما تضمنه من مصادرة لحق التقاضي والإخلال بالمساواة بين المواطنين.
وحيث إن القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 في شأن تنظيم الصحافة نص في المادة منه على أن "تؤول إلى الاتحاد القومي ملكية الصحف الآتية وجميع ملحقاتها، وينقل إليه ما لأصحابها من حقوق وما عليهم من التزامات وذلك مقابل تعويضهم بقيمتها وفقاً لأحكام هذا القانون:
صحف دار الأهرام.
صحف دار أخبار اليوم.
صحف دار روز اليوسف.
صحف دار الهلال.
ويعتبر من ملحقات الصحف بوجه خاص دور الصحف والآلات والأجهزة المعدة لطبعها أو توزيعها ومؤسسات الطباعة والإعلان والتوزيع المتصلة بها".
ونص في المادة منه على أن "تتولى تقدير التعويض المستحق لأصحاب الصحف لجنة تشكيل برئاسة مستشار من محكمة الاستئناف ومن عضوين يختار أحدها مالك الصحيفة ويختار الاتحاد القومي العضو الآخر ويصدر بتشكيل اللجنة قرار من رئيس الجمهورية وتصدر اللجنة قراراتها بأغلبية الآراء وبعد سماع أقوال ذوي الشأن وتكون قراراتها نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن" وأعقب ذلك أن صدر القرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 بتعديل المادة من القانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة حيث نص في مادته الأولى على أن يستبدل بنص المادة من القانون رقم 156 لسنة 1960 المشار إليه النص التالي: – "يعوض أصحاب الصحف المشار إليها في المادة بتعويض إجمالي قدره خمسة عشر ألف جنيه ما لم تكن قيمتها أقل من ذلك فيعوض عنها أصحابها بمقدار هذه القيمة. ويؤدي التعويض المشار إليه بسندات اسمية على الدولة لمدة خمس عشرة سنة بفائدة 4% سنوياً وتكون هذه السندات قابله للتداول في البورصة، ويجوز للحكومة بعد عشر سنوات أن تستهلك هذه السندات كلياً أو جزئياً بالقيمة الاسمية بطريق الاقتراح في جلسة علنية، وفي حالة الاستهلاك الجزئي يعلن عن ذلك في الجريدة الرسمية قبل الموعد المحدد له بشهرين على الأقل".
وقد قضت هذه المحكمة في الدعوى رقم 12 لسنة 5 ق "دستورية" بجلسة 2/ 1/ 1988 بعدم دستورية نص المادة الخامسة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة المعدل بالقرار بقانون رقم 179 لسنة 1963 فيما تضمنته من تقدير حد أقصى للتعويض المستحق لأصحاب الصحف.
وحيث إن نص المادة الرابعة من القانون رقم 156 لسنة 1960 – المطعون عليها – إذ أناط بالجنة التي حدد تشكيلها على نحو تكون رئاستها معقودة لمستشار من محاكم الاستئناف، أن تقدر التعويض المستحق لأصحاب الصحف التي آلت ملكيتها للاتحاد القومي وفقاً لحكم المادة الثالثة من ذات القانون، فقد جعل قرارات هذه اللجنة نهائية غير قابلة للطعن عليها بأي طريق من طرق الطعن، بما مؤداه أن يصبح الطعن بعدم دستورية الحكم الخاص بنهائية قرارات هذه اللجنة وعدم قابليتها للطعن عليها دائراً في نطاق التكييف الدستوري لطبيعة هذه اللجنة وما إذا كانت لجنة قضائية أم إدارية، إذ كان ذلك – وكان المقرر في قضاء هذه المحكمة – أن مجرد وجود عنصر قضائي في لجنة أو رئاسته للجنة باقي تشكيلها من غير القضاة، لا يكفي بذاته لأن يسبغ عليها الصفة القضائية، لأن المناط في إسباغ هذه الصفة عليها هو طبيعة العمل الذي تقوم به، فإن كان جوهر هذا العمل يستهدف بلوغ الحقيقة فيما عهد إليها به من اختصاص، وكان السبيل لبلوغ هذه الحقيقة هو إتباع إجراءات رسمها القانون والالتزام بقواعد معينة ترتبط برباط لا ينفصم في أن يغدو قراراها فيما تصدت له هو عنوان الحقيقة التي بلغتها كأثر لإجراءات يتاح من خلالها لكل صاحب شأن أن يبدي ما يراه محققاً لمصلحته، دفعاً ودفاعاً، وقبولاً ورداً، ليخضع حاصل ذلك كله للبحث والتمحيص الواقعي والقانوني، فيقود اللجنة إلى قرار ينطق بالحقيقة التي استجلتها من واقع ما طرح عليها، فإن طبيعة عمل اللجنة في هذه الحالة تكون قضائية، أما إذا لم يكن عمل اللجنة كذلك، واقتصر الأمر على انفرادها بتقرير قيمة قدرتها لأعيان معينة دون التزام بإجراءات تكفل تحقيق التوافق بين هذه القيمة باعتبارها واقعاً وبين قرارها الذي لم تتوافر له مقومات الارتباط بهذه الحقيقة الواقعة كي يكون عنواناً لها، فإنها بذلك لا تكون إلا لجنة إدارية، يتوجب فتح الطريق لأن تخضع قراراتها لرقابة القضاء، حتى يبلغ بالسبل المقررة له تحقيق التوافق بين الحقيقة الواقعية وبين ما يصدره من أحكام هي بطبيعتها عنوان هذه الحقيقة.
وحيث إن النص الطعين قد جرى على حظر الطعن على قرارات هذه اللجنة بأي طريق من طرق الطعن.
وحيث إن المادة من الدستور تنص على أن: "التقاضي حق مصون و مكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل في القضايا.
"ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء". بما مؤداه أن النص الطعين قد خالف حكم هذا النص الدستوري، عندما حظر الطعن على قرارات صادرة من لجنة إدارية أمام القضاء، كما وقع في حمأة مخالفة نص المادة من الدستور عندما أقام تمييزاً في شأن الصادرة في حقهم قرارات من اللجنة المشار إليها حين حظر عليهم الطعن عليها، حال أن هذا الطعن جائز لمن تصدر في حقهم قرارات من اللجان الإدارية الأخرى، بما يكون معه النص المطعون عليه قد خالف أحكام المادتين (40 و68) من الدستور، بما يستوجب القضاء بعدم دستورية ما نص عليه من عدم جواز الطعن على قرارات اللجنة المشكلة وفقاً لحكمه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة الرابعة من القرار بقانون رقم 156 لسنة 1960 بتنظيم الصحافة فيا تضمنته من النص على أن تكون قرارات لجان تقدير التعويض لأصحاب الصحف نهائية غير قابلة للطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات