الرئيسية الاقسام القوائم البحث

طعن رقم 1208 سنة 27 ق – جلسة 25 /11 /1957 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثالث – السنة 8 – صـ 935

جلسة 25 من نوفمبر سنة 1957

برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وابراهيم عثمان يوسف، ومحمود حلمى خاطر المستشارين.


طعن رقم 1208 سنة 27 ق

رشوة. متى تتوفر فى حق الموظف العمومى ؟ م 103 ع.
إن جريمة الرشوة طبقا للمادة 103 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 تقوم فى حق الموظف العمومى بمجرد طلبها وفى قول الحكم بحصول هذا الطلب من جانب المتهم وثبوت ذلك فى حقه ما تتحقق به حكمة معاقبته.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفا عموميا رئيس لمكتب تموين بندر دمنهور طلب لنفسه وقبل عطية للامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفته، وذلك بأن أخذ مبلغ أربعين جنيها على سبيل الرشوة من على محمد العبد وآخرين حتى يمتنع عن تحرير محاضر ضدهم فى حالة مخالفتهم قوانين التموين. وطلبت من نيابة أمن الدولة إحالته إلى المحكمة العسكرية العليا لمحاكمته بالمواد 103 و104 و110 و111 من قانون العقوبات المعدل بالقانون رقم 69 لسنة 1953 وتنفيذا للقانون رقم 270 لسنة 1956 فقررت إحالته إلى محكمة جنايات دمنهور. ومحكمة جنايات دمنهور قضت حضوريا عملا بمواد الاتهام مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة 2000 ألفى جنيه. فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.


المحكمة

…. وحيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه شابه فساد فى الاستدلال وخطأ فى الاستنتاج ذلك أن دفاع الطاعن كان يقوم على أنه لم يطلب رشوة من المجنى عليهما وأنهما هما اللذان عرضاها عليه وألحا عليه فى قبولها فلما أن ضاق بهما ذرعا حرر بطاقة إلى مأمور البندر قرر فيها أن المجنى عليهما فى منزله وأنهما أعطياه مبلغا على سبيل الرشوة وطلب إلى المأمور أن يتخذ ما يرى اتخاذه من إجراءات لضبط الواقعة، فلما أن تحدث الحكم عن هذه البطاقة ودلالتها انتهى إلى أنها دليل اصطنعه الطاعن مقدما ليستفيد منه إذا ما ضبط وكان دليل الحكم على اصطناعها أن الطاعن لم يذكرها بمجرد ضبطه. وهذا القول لا يصلح دليلا على اصطناع البطاقة وإعدادها من قبل إذ لو أن الأمر كان كذلك لما تردد الطاعن فى ذكرها بمجرد ضبطه ليترتب أثر اصطناعها وتتحقق النتيجة من إعدادها هذا على أن ما ذهب إليه الحكم من أن البطاقة مصطنعة وأنها كذلك كانت معدة من قبل ينفيه ما أورده الحكم من أنها تحمل تاريخ يوم الحادث، ويقول الطاعن أن ما شاب الحكم من عيب فى الاستدلال على هذا الوجه يجعل دفاعه قائما وقد خلا الحكم من تفنيده وبالتالى يكون الحكم بإدانته معيبا بعيب موجب لنقضه.
وحيث إن حاصل واقعة الدعوى التى استخلصها الحكم المطعون فيه هو أن الطاعن استدعى إلى مكتبه عبد المنعم أحمد عوده صاحب أكبر مخبز بمدينة دمنهور وطلب منه أن يحضر معه دفاتره فذهب الرجل ومعه شريكه على محمد العبد وقدما الدفاتر إليه ثم طلب إليهما الطاعن أن يدفعا له مبلغ خمسين جنيها ليتغاضى عن تحرير محاضر مخالفات لهما فاستمهله عبد المنعم ووعده خيرا وعند انصرافه هو وشريكه كلفه الطاعن بأن يتحدث إلى سليمان محمد الحناوى وهو صاحب مخبز ومطعم – وأن يكلفه بأن يدفع هو الآخر مبلغ خمسين جنيها إلى لطاعن للسبب نفسه وبعد ثلاثة أيام استدعى الطاعن سليمان إلى مكتبه ووعده بزيادة كمية الزيت التى تصرف لمطعمه كما أخبره بأن الخبز الذى يصنعه بمخبزه يقل فى وزنه عن الوزن المقرر، ثم طلب منه مبلغ خمسين جنيها رشوة ليمتنع عن تحرير المحاضر وبعد ذلك تقابل سليمان مع عبد المنعم وكان هذا الأخير قد تحدث فى الموضوع إلى من يدعى زكى نصر الشامى وهو صاحب مستودع دقيق بدمنهور إذ رآه بمكتب الطاعن يوم أن ذهب إليه واتفقت كلمتهم جميعا على إيقاف الطاعن عند حده وتبليغ النيابة وقد حصل ذلك فعلا وذكر المبلغون أنهم على موعد مع الطاعن فى الساعة الثالثة مساء لدفع الرشوة وطلبوا إلى وكيل النيابة ألا يستعين على ضبط الطاعن بأحد من رجال مباحث بندر دمنهور إذ أن الطاعن أفهمهم أن له صلة بمأمور البندر فاستعان وكيل النيابة بمعاون مباحث المديرية واتخذت إجراءات الضبط والتفتيش فدهم المعاون منزل الطاعن وفتشه فوجد بجيب بنطلونه مبلغ عشرين جنيها أوراقا مالية كان وكيل النيابة قد وضع عليها علامة معينة وسلمها إلى عبد المنعم عوده ليدفعه إلى الطاعن كما ضبط المعاون مبلغ عشرين جنيها أخرى دسها الطاعن فى جيب معطف سليمان الحناوى بمجرد أن دهم المعاون المنزل وكان هذا المبلغ يحمل علامة وكيل النيابة أيضا. وبعد أن تم ذلك كله قال الطاعن لمعاون المباحث إنه أرسل بطاقة إلى مأمور البندر يخبره فيها بحضور المجنى عليهما لتقديم رشوة له.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام الدليل على صحة هذه الوقائع وثبوتها مما شهد به اليوزباشى محمد عز الدين شرف معاون مباحث المديرية وعبد المنعم أحمد عوده وسليمان محمد الحناوى وزكى نصر الشامى وأحمد محمد عبد الواحد خادم الطاعن ومحمد ابراهيم قناوى ساعى مكتب التموين وغيرهم من الشهود فقد شهد كل منهم بما رآه أو اتصل علمه به من جزئيات الواقعة وتفصيلياتها بما يؤيد تحصيل الحكم لها كما اتخذ الحكم من ضبط النقود ذاتها إلى وضع وكيل النيابة علامة عليها وأثبت أرقامها بمحضر التحقيق قبل ضبطها دليلا على جانب الدليل المستفاد من شهادة الشهود سالفى الذكر، ثم عرض الحكم بعد ذلك لدفاع الطاعن المستند إلى أن المجنى عليهم هم الذين عرضوا عليه الرشوة وأنه هو الذى عمل على ضبط الواقعة بإرسال بطاقة إلى مأمور البندر ليتخذ إجراءات الضبط. فرد الحكم على هذا الدفاع بقوله " وحيث إنه مع قيام هذه الأدلة المقنعة فلا تأبه المحكمة لإنكار المتهم اقترافها وادعائه أن المبلغ الذى ضبطه معه إنما دس نصفه فى جيبه من على محمد العبد والنصف الآخر ألقاه عليه سليمان الحناوى إثر دخوله المنزل إذ أن هذا الدفاع من جانبه ظاهر عدم جديته ومقصود به التهرب من المسئولية التى أحاطت به فضلا عما شهد به معاون المباحث بأنه يقطع بأن المبلغين العشرين جنيها التى ضبطت بجيب بنطلونه والعشرين جنيها الأخرى التى حاول إلقاءها على سليمان الحناوى كانا بحيازة المتهم عند دخوله وأن يدا لم تمتد إلى جيب المتهم…. كما أن واقعة البطاقة التى قال بها المتهم فإن الظروف التى أحاطت بهذه الواقعة تدل على أنها اصطنعت لخدمة المتهم وتخليصه من المسئولية وأنها حيلة أعدها المتهم كى تكون تكئة له عندما يحاول ضبطه متلبسا برشوة ومن الظروف التى تستشف منها المحكمة هذا النظر أن البلاغ الأصلى المقدم للنيابة من عبد المنعم عوده وسليمان الحناوى طلبا فيه عدم إشراك بوليس البندر فى إجراءات هذه الشكوى لعلاقة مأمور البندر بالمتهم إذ ذكرا بالتحقيقات أن المتهم كان يخبرهم بوجود صلة بينه وبين مأمور البندر وأنه على استعداد لخدمتهم إذا ما كانت هناك حاجة لهم بالبندر، وكان ذلك من الشاكين حرصا على عدم فشل إجراءات الشكوى بواسطة صديق المتهم وهو مأمور البندر – وهذا القول يعطى ضوءا قائما على القول بأن بطاقة أرسلت إلى مأمور البندر" – ولما كان يبين من ذلك أن الحكم دلل على ثبوت واقعة الرشوة بأدلة متساندة تؤدى إلى ما رتبه عليها كما أن الحكم قد رد على دفاع الطاعن وفنده ثم انتهى إلى عدم الأخذ به لعدم اقتناع المحكمة بصحته وكان تفنيد هذا الدفاع والرد عليه يقوم على استخلاص منطقى سليم مؤسس على الوقائع التى استخلصتها المحكمة وكونت اعتقادها بثبوتها من أدلة سائغة مؤدية إلى هذا الاقتناع وهو ما لا ينال منه الطعن على الحكم بما ينعاه عليه الطاعن، هذا فضلا عن أن جريمة الرشوة طبقا للمادة 103 من قانون العقوبات المعدلة بالقانون رقم 69 لسنة 1953 تقوم فى حق الموظف العمومى بمجرد طلبها، وفى قول الحكم بحصول هذا الطلب من جانب الطاعن وثبوت ذلك فى حقه ما تتحقق به حكمة معاقبته – لما كان ذلك كله فإن الطعن يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات