قاعدة رقم الطعن رقم 26 لسنة 23 قضائية “دستورية” – جلسة 07 /07 /2002
أحكام المحكمة الدستورية العليا – الجزء العاشر
من أول أكتوبر 2001 حتى آخر أغسطس 2003 – صـ 468
جلسة 7 يوليه سنة 2002
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد فتحي نجيب – رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: عبد الرحمن نصير وماهر البحيري ومحمد علي سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وأنور رشاد العاصي وحضور السيد المستشار/ سعيد مرعي عمرو – رئيس هيئة المفوضين، وحضور السيد/ ناصر إمام محمد حسن – أمين السر.
قاعدة رقم
القضية رقم 26 لسنة 23 قضائية "دستورية"
1 – دعوى دستورية "الحكم فيها: حجيته: عدم قبول الدعوى". تطبيق
المادة من القانون التأمين الاجتماعي.
قضاء المحكمة الدستورية العليا في الدعوى الدستورية له حجية مطلقة في مواجهة الكافة
وبالنسبة إلى سلطات الدولة. رفض الدعوى بعدم دستورية المادة من قانون التأمين
الاجتماعي. أثره: عدم قبول الدعاوى اللائحة بشأن ذات النص.
2 – دعوى دستورية "المصلحة الشخصية المباشرة: نطاقها".
نطاق الدعوى الدستورية الرابعة – في حدود المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي بما يتوافر
لها من علاقة منطقية بالفصل في طلباته في الدعوى الموضوعية – يبقى قائماً في الطعن
على القرارات المطعون عليها من المادة من قانون التأمين الاجتماعي المنظمة لاعتراض
صاحب العمل على التقدير الجزافي من جانب الهيئة لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه وكيفية
نظر هذا الاعتراض أمام لجنة فحص المنازعات المنصوص عليها في المادة من ذات القانون
ثم الطعن على قرارها – إذا لم يصادف قبولاً لديه – أمام المحكمة المختصة.لا ينال من
توافر مصلحة المدعي ارتباط المادة المذكورة بنص المادة من القانون آنف البيان
والتي سبق وقضت المحكمة – برفض الطعن عليها. عله ذلك. حجية الحكم السابق تظل قاصرة
على ما فصلت فيه المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها دون غيره من النصوص وإن ارتبطت به.
3 – حق التقاضي "لجان فحص المنازعات: لجان توفيق".
اللجان المستحدثة بالمادة من قانون التأمين الاجتماعي تهدف لمحاولة تسوية النزاع
بين الطرفين ودياً قبل اللجوء إلى القضاء. أثره: انحسار الصفة الإدارية عنها وبقاء
أعمالها دائرة في إطار الجهود التوفيقية. مؤدى ذلك: ما يصدر عن هذه اللجان لا يعد قراراً
إدارياً.
1 – حكم المحكمة الدستورية برفض الطعن على دستورية المادة من قانون التأمين الاجتماعي،
تأسيساً على أن المشرع رعاية منه لحصول المؤمن عليهم على حقوقهم التأمينية بأيسر الوسائل
وأقلها تكلفة نظم طريقاً إدارياً لفحصها، قد يغنيهم عن الخصومة القضائية ومتطلباتها
– وإن كان لا يحول دونها – جاعلاً من هذه اللجان وسيلتهم إلى إنهاء النزاع ودياً حول
الحقوق التي يدعونها، وحدد لذلك ميعاداً معقولاً لفحص هذه الحقوق كشرط مبدئي لجواز
طلبها قضاء، ولا يعتبر عمل هذه اللجان ماساً بجهات القضاء، ولا يتضمن تعديلاً أو عدواناً
على اختصاصاتها، بل وسيلة مأمونة للتسوية الودية بما لا يتعارض مع أحكام الدستور. وإذ
نشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بتاريخ 17/ 6/ 1998، وكان مقتضى نص المادتين (48
و49) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون
لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية حجية مطلقة في مواجهة الكافة وبالنسبة للدولة
بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً في المسألة التي قضى فيها، وهي حجية تحول بذاتها
دون المجادلة فيه أو إعادة طرحه عليها من جديد، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة
للطعن على هذه المادة يكون في محله مما يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
2 – نطاق الدعوى الدستورية، وفي حدود المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي، بما يتوافر
لها من علاقة منطقية بالفصل في طلباته في الدعوى الموضوعية يبقى قائماً في الطعن على
الفقرات المطعون عليها من المادة من قانون التأمين الاجتماعي المنظمة لاعتراض
صاحب العمل على التقدير الجزافي من جانب الهيئة لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه، وكيفية
نظر هذا الاعتراض أمام لجنة فحص المنازعات المنصوص عليها في المادة من ذات القانون،
ثم الطعن على قرارها – إذا لم يصادف قبولاً لديه – أمام المحكمة المختصة، وكذا المادتين
الأولى والسابعة من قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 360 لسنة 1976 في شأن تشكيل
لجان فحص المنازعات وبيان إجراءات عملها واعتماد قراراتها، ولا ينال من توافر مصلحة
المدعي في الطعن عليها ارتباطها بنص المادة من القانون والتي قضت المحكمة برفض
المطاعن الدستورية الموجهة إليها على ما سلف بيانه، إذ رغم هذا الارتباط فإن حجية الحكم
السابق تظل قاصرة على ما فصلت فيه المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها دون غيره من النصوص
وإن ارتبطت به.
3 – اللجان التي استحدثها المشرع بالمادة من قانون التامين الاجتماعي سالف الذكر
لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيقه والتي صدر بتشكيلها وإجراءات عملها قرار وزير التأمينات
رقم 360 لسنة 1976، كان القصد من إنشائها هو محاولة تسوية النزاع بين الطرفين بالطرق
الودية قبل اللجوء بشأنه إلى القضاء، وبالتالي فإن النصوص التي تنتظم إجراءات مباشرتها
لأعمالها تضمنت الوسائل التي ارتأى المشرع أنها تكفل توفير وسيلة ميسرة لحل النزاع
الناشب محدداً بذلك مضمونها في هذا المجال، تقديراً لظروف أصحاب الشأن وطبيعة المنازعات،
ودون أن يحول بين أصحاب الشأن واللجوء إلى قاضيهم الطبيعي إذا ما تعثر سبيل الحل الودي،
ومن ثم يكون تشكيل هذه اللجان والإجراءات التي تباشرها لدى تصديها لمعادلة تسوية المنازعات
أمور منبتة الصلة تماماً بالاختصاص القضائي. لما كان ذلك، وكانت تلك اللجان خلال قيامها
بمهمة محاولة التسوية الودية تنحسر عنها الصفة الإدارية وتبقى أعمالها دائرة في إطار
الجهود التوفيقية التي قد تغنى، برضاء صاحب الشأن بنتائجها عن الخوض في منازعات إدارية
وقضائية تالية، بما مؤداه أن ما يصدر عن هذه اللجان لا يعد قراراً إدارياً مما تختص
جهة القضاء الإداري بالفصل في المنازعات التي تثور بشأنه ويترتب على عدم توصلها إلى
تسوية ودية يقبلها صاحب الشأن، أن ينفتح الطريق أمامه للجوء إلى القضاء العادي المختص
بنظر هذا النوع من المنازعات، لما كان ذلك، فإن مطاعن المدعي تغدو غير سديدة مستوجبة
الرفض.
الإجراءات
بتاريخ التاسع عشر من فبراير سنة 2000، أودع المدعي صحيفة هذه الدعوى
قلم كتاب المحكمة، طالباً الحكم بعدم دستورية الفقرات من السادسة إلى التاسعة من المادة
والمادة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975
والمادتين الأولى والسابعة من قرار وزير التأمينات رقم 360 لسنة 1976 في شان تشكيل
وإجراءات عمل لجان فحص المنازعات.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة
اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل في أن المدعي
أقام الدعوى رقم 1852 لسنة 1998 مدني كلي أمام محكمة المحلة الكبرى الابتدائية ضد الهيئة
المدعى عليها الرابعة، طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 4513.90 جنيه قيمة الاشتراكات
التأمينية والغرامات المطالب بها عن نشاطه كرب عمل حتى 30/ 6/ 1998، قضت المحكمة الابتدائية
بإحالة الدعوى إلى محكمة عابدين الجزئية للاختصاص فقيدت بجدولها برقم 421 لسنة 2000،
وأثناء نظرها دفع المدعي بعدم دستورية الفقرات من السادسة إلى التاسعة من المادة ،
والمادة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، والمادتين
الأولى والسابعة من قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 360 لسنة 1976 والتي تتولى
مجموع أحكامها تنظيم لجان فحص المنازعات وعمل هذه اللجان من حيث التشكيل والمواعيد
والإجراءات والاختصاصات، كما تحدد جهة القضاء العادي باعتبارها الجهة المختصة بنظر
الطعون في قراراتها. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع وصرحت للمدعي برفع الدعوى
الدستورية خلال الأجل الذي حددته، فقد أقام الدعوى الماثلة.
وحيث إن المادة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975
نظمت قيام صاحب العمل في القطاع الخاص بأداء الاشتراك المستحقة عن العاملين لدية وألزمته
بتقديم بيان بالعاملين لديه وأجورهم واشتراكاتهم فإذا تقاعس عن أداء هذه الاشتراكات
كان للهيئة أن تقدر قيمة الاشتراكات المستحقة تقديراً جزافياً. وأجاز النص لصاحب الشأن
الاعتراض على تقديرات الهيئة حسبما تضمنته الفقرات المطعون عليها على النحو التالي.
"….. وعلى الهيئة المختصة أن ترد على هذا الاعتراض خلال ثلاثين يوماً من تاريخ وروده
إليها، ولصاحب العمل في حالة رفض الهيئة اعتراضه أن يطلب منها عرض النزاع على اللجان
المشار إليها في المادة .
وتصدر اللجنة قرارها في حدود تقدير الهيئة وطلبات صاحب العمل، وتعلن الهيئة صاحب العمل
بالقرار بخطاب موصي عليه مع علم الوصول وتعدل المستحقات وفقاً لهذا القرار.
وتكون المستحقات واجبة الأداء بانقضاء موعد دون حدوثه أو بصدور قرار اللجنة أو برفض
الهيئة المختصة لاعتراض صاحب العمل أو عدم قيامه بطلب عرض النزاع على لجنة المنازعات
خلال ثلاثين يوماً من تاريخ استلام الإخطار بالرفض. ولصاحب العمل الطعن في قرار اللجنة
أمام المحكمة المختصة خلال ثلاثين يوماً التالية لصدوره ويصبح الحساب نهائياً في حالة
فوات ميعاد الطعن دون حدوثه".
ونصت المادة من ذات القانون على أن "تنشأ بالهيئة المختصة لجان لفحص المنازعات
الناشئة عن تطبيق أحكام هذا القانون يصدر بتشكيلها وإجراءات عملها ومكافآت أعضائها
قرار من الوزير المختص، وعلى أصحاب الأعمال والمؤمن عليهم وأصحاب المعاشات والمستحقين
وغيرهم من المستفيدين، قبل اللجوء إلى القضاء تقديم طلب إلى الهيئة المختصة لعرض النزاع
على اللجان لتسويته بالطرق الودية، ومع عدم الإخلال بأحكام المادة لا يجوز رفع
الدعوى قبل مضي ستين يوماً من تاريخ تقديم الطلب المشار إليه".
ونصت المادتان الأولى والسابعة من قرار وزير التأمينات رقم 360 لسنة 1976 على أن:
مادة : "ينشأ بالمركز الرئيسي بالهيئة العامة للتأمين والمعاشات وبكل منطقة إقليمية
بالهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية لجنة أو أكثر لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيق
أحكام قانون التأمين الاجتماعي تشكل على الوجه الآتي:
مدير عام الشئون القانونية رئيساً ومراقب عام الجهاز الفني المختص أو مدير البحوث ورئيس
الجهاز المختص بالموضوع محل المنازعة أعضاء.
كما يجوز للهيئة العامة للتأمين والمعاشات إنشاء لجان مماثلة بالمناطق التابعة لها،
ويضم لعضوية اللجنة المختصة مندوب عن كل من منطقة العمل المختصة والنقابة العامة التي
ينتمي إليها المؤمن عليه صاحب موضوع النزاع…….".
مادة 7: "يصدر قرار اللجنة بأغلبية الآراء وبعد القرار من أصل وصورتين في كل منازعة
ويوضح به موجز لموضوع المنازعة وملخص لما أبدى فيها من آراء وأسباب القرار وحيثياته
وتاريخ صدوره. ويوقع القرار من الأعضاء ويرفع إلى مدير عام الهيئة العامة للتأمين والمعاشات
أو من يفوضه أو إلى مدير المنطقة المختص بحسب الأحوال لاعتماده. وينبغي البت في المنازعات
خلال خمسة وأربعين يوماً على الأكثر من تاريخ ورود الطلب إلى الجهة المشار إليها بالمادة
من هذا القرار".
ويكون قرار اللجنة بالنسبة للمنازعة في شأن حساب المبالغ المستحقة للهيئة العامة للتأمينات
الاجتماعية بناء على تحرياتها في حدود تقدير الهيئة وطلبات صاحب العمل.
وحيث إن المدعي ينعي على لجان فحص المنازعات – منظمة بالنصوص الطعينة – أنه وقد أوكل
إليها المشرع الفصل في المنازعات الناشئة عن تطبيق قانون التأمين الاجتماعي، فقد اختصها
بعمل قضائي كان يتعين معه أن يتولى بنفسه تنظيمها بما يكفل توافر كافة الضمانات التي
فرضها الدستور والقانون للحقوق، وللعدالة في جوهر خصائصها، إلا أن تنظيم هذه الجان
جاء على نحو أفقدها الحيدة والاستقلال وجرد أعضاءها من الحصانة الواجبة، وأفرغها من
الأسس الموضوعية لضمانات التقاضي، وانحسرت به عن قراراتها الصفة القضائية والحجية الواجبة
لتصبح مجرد قرارات إدارية مما كان يتعين معه أن ينعقد الاختصاص بالطعن عليها لجهة القضاء
الإداري لا القضاء العادي، الأمر الذي يشكل مخالفة لنصوص المواد (165 و166 و167 و172)
من الدستور.
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى لسابقة الفصل فيها فيما يتعلق بالطعن
على المادة من قانون التأمين الاجتماعي، على سند من أن المحكمة الدستورية العليا
كان قد سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة في الدعوى الماثلة بالنسبة للطعن
على هذه المادة، بحكمها الصادر بجلستها المعقودة في 6/ 6/ 1998 في القضية رقم 145 لسنة
19 قضائية "دستورية".
وحيث إن هذا الدفع صحيح؛ ذلك أن حكم المحكمة الدستورية المشار إليه قد قضى برفض الطعن
على دستورية المادة من قانون التأمين الاجتماعي، تأسيساً على أن المشرع رعاية
منه لحصول المؤمن عليهم على حقوقهم التأمينية بأيسر الوسائل وأقلها تكلفة نظم طريقاً
إدارياً لفحصها، قد يغنيهم عن الخصومة القضائية ومتطلباتها – وإن كان لا يحول دونها
– جاعلاً من هذه اللجان وسيلتهم إلى إنهاء النزاع ودياً حول الحقوق التي يدعونها، وحدد
لذلك ميعاداً معقولاً لفحص هذه الحقوق كشرط مبدئي لجواز طلبها قضاء، ولا يعتبر عمل
هذه اللجان ماساً بجهات القضاء، ولا يتضمن تعديلاً أو عدواناً على اختصاصاتها، بل وسيلة
مأمونة للتسوية الودية بما لا يتعارض مع أحكام الدستور. وإذ نشر هذا الحكم في الجريدة
الرسمية بتاريخ 17/ 6/ 1998، وكان مقتضى نص المادتين (48 و49) من قانون المحكمة الدستورية
العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، أن يكون لقضاء هذه المحكمة في الدعاوى الدستورية
حجية مطلقة في مواجهة الكافة، وبالنسبة للدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً
في المسألة التي قضى فيها، وهي حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو إعادة طرحة عليها
من جديد، فإن الدفع بعدم قبول الدعوى بالنسبة للطعن على هذه المادة يكون في محله مما
يتعين معه الحكم بعدم قبولها.
وحيث إن نطاق الدعوى الدستورية – وفي حدود المصلحة الشخصية المباشرة للمدعي بما يتوافر
لها من علاقة منطقية بالفصل في طلباته في الدعوى الموضوعية يبقى قائماً في الطعن على
الفقرات المطعون عليها من المادة من قانون التأمين الاجتماعي المنظمة لاعتراض
صاحب العمل على التقدير الجزافي من جانب الهيئة لقيمة الاشتراكات المستحقة عليه، وكيفية
نظر هذا الاعتراض أمام لجنة فحص المنازعات المنصوص عليها في المادة من ذات القانون،
ثم الطعن على قرارها – إذا لم يصادف قبولاً لديه – أمام المحكمة المختصة، وكذا المادتين
الأولى والسابعة من قرار وزير التأمينات الاجتماعية رقم 360 لسنة 1976 في شأن تشكيل
لجان فحص المنازعات وبيان إجراءات عملها واعتماد قراراتها، ولا ينال من توافر مصلحة
المدعي في الطعن عليها ارتباطها بنص المادة من القانون والتي قضت المحكمة برفض
المطاعن الدستورية الموجهة إليها على ما سلف بيانه، إذ رغم هذا الارتباط فإن حجية الحكم
السابق تظل قاصرة على ما فصلت فيه المحكمة فصلاً حاسماً بقضائها دون غيره من النصوص
وإن ارتبطت به.
وحيث إن المدعي ينعي على النصوص المطعون عليها – محددة نطاقاً على النحو سالف بيانه
– أن لجان فحص المنازعات، هي في حقيقتها هيئات ذات اختصاص قضائي، كان ينبغي أن يتولى
المشرع تنظيم مباشرتها لأعمالها، وأن تضم في عضويتها عنصراً قضائياً، إلا أن ذلك كله
تحدد بموجب قرار من وزير التأمينات ولم يتضمن تشكيلها العنصر القضائي المذكور، مما
أفقدها حيدتها واستقلالها وغدت بذلك مجرد لجان إدارية تُصدر قرارات إدارية كان ينبغي
أن ينعقد الاختصاص بالطعن عليها أمام جهة القضاء الإداري دون القضاء العادي، الأمر
الذي يشكل مخالفة للمواد (165 و166 و167 و172) من الدستور.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن اللجان التي استحدثها المشرع بالمادة من قانون
التأمين الاجتماعي سالف الذكر لفحص المنازعات الناشئة عن تطبيقه والتي صدر بتشكيلها
وإجراءات عملها قرار وزير التأمينات رقم 360 لسنة 1976، كان القصد من إنشائها هو محاولة
تسوية النزاع بين الطرفين بالطرق الودية قبل اللجوء بشأنه إلى القضاء، وبالتالي فإن
النصوص التي تنتظم إجراءات مباشرتها لأعمالها تضمنت الوسائل التي ارتأى المشرع أنها
تكفل توفير وسيلة ميسرة لحل النزاع الناشب محدداً بذلك مضمونها في هذا المجال، تقديراً
لظروف أصحاب الشأن وطبيعة المنازعات، ودون أن يحول بين أصحاب الشأن واللجوء إلى قاضيهم
الطبيعي إذا ما تعثر سبيل الحل الودي، ومن ثم يكون تشكيل هذه اللجان والإجراءات التي
تباشرها لدي تصديها لمحاولة تسوية المنازعات أمور منبتة الصلة تماماً بالاختصاص القضائي.
لما كان ذلك، وكانت تلك اللجان خلال قيامها بمهمة محاولة التسوية الودية تنحسر عنها
الصفة الإدارية وتبقى أعمالها دائرة في إطار الجهود التوفيقية التي قد تغني، برضاء
صاحب الشأن بنتائجها عن الخوض في منازعات إدارية وقضائية تالية، بما مؤداه أن ما يصدر
عن هذه اللجان لا يعد قراراً إدارياً مما تختص جهة القضاء الإداري بالفصل في المنازعات
التي تثور بشأنه ويترتب على عدم توصلها إلى تسوية ودية يقبلها صاحب الشأن، أن ينفتح
الطريق أمامه للجوء إلى القضاء العادي المختص بنظر هذا النوع من المنازعات، لما كان
ذلك، فإن مطاعن المدعي تغدو غير سديدة مستوجبة الرفض.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى في شأن الطعن على المادة من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79 لسنة 1975، وبرفض الدعوى فيما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعي المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة
