الطعن رقم 486 سنة 27 ق – جلسة 25 /06 /1957
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 724
جلسة 25 من يونيه سنة 1957
برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: مصطفى كامل، ومحمود محمد مجاهد، وفهيم يسى جندى، والسيد أحمد عفيفى المستشارين.
الطعن رقم 486 سنة 27 القضائية
(أ) موظفون. مساواة موظفى الخاصة بالموظفين العموميين.
(ب) نقض. أثره. قوة الأمر المقضى. دعوى مدنية. تقيد محكمة الاحالة بعد نقض الحكم بالفصل
فيما نقض فيه الحكم وإلا خرجت عن ولايتها. مثال.
1 – سوت القوانين بين موظفى الخاصة الملكية وبين الموظفين العموميين وبذلك لا يكون
ثمة فرق بينهم إلا أن هؤلاء الأولين يتقاضون مرتباتهم من المبلغ الذى ترصده الدولة
للمخصصات الملكية وهو ليس من أموال الملك الشخصية وإنما يتقاضاه بوصفه ملكا يزاول سلطانه
المرسوم له بالدستور وما ينفق منه على موظفى الخاصة لا يعتبر أنه من شئون الملك الشخصية
مما يجعل مزاولتهم لأعمال وظائفهما تتسم بالطابع الخاص.
2 – متى كانت محكمة النقض قد اعتبرت تقدير المحكمة للتعويض تقديرا نهائيا فى حدود سلطتها
التقديرية ولكنها نقضت الحكم لأنه أجرى خصم جزء من قيمة التعويض دون أن يبين ما إذا
كانت الحكومة ملزمة بالتضامن مع المتهمين فيصح الخصم أو غير ملزمة به معهما فلا يصح
الخصم، وكانت محكمة الإحالة قد انتهت إلى أن الحكومة ملزمة مع المتهمين بالتضامن فإن
ولايتها تقتصر على إجراء الخصم والحكم على المتهمين والحكومة بالمبلغ الذى قدرته المحكمة
الأولى، فإن قضت بزيادة مبلغ التعويض فانها تكون بهذه الزيادة خارجة عن ولايتها.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة كلا من أحمد حسين جاد ومحمد سعيد
اسماعيل وحسين محمدين رضوان وعلى محمد حسنين والأميرالاى أحمد كامل ومحمد حسن السليمانى والأميرالاى محمود عبد المجيد واليوزباشى عبده أرمانيوس
بأنهم: أولا – المتهمون الثلاثة الأوائل قتلوا عمدا الملازم أول عبد القادر طه أحمد
وكان ذلك مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وأعدوا لذلك أسلحة نارية
قاتلة وترصدوه فى طريقه إلى مكان استدرجه إليه المتهم الرابع حتى إذا ما ظفروا به أطلقوا
عليه ثلاثة أعيرة نارية قاصدين إزهاق روحه فأحدثوا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة
التشريحية والتى أودت بحياته. وثانيا – المتهمون الباقون اشتركوا بطريق التحريض والاتفاق
والمساعدة مع المتهمين الثلاثة الأول فى ارتكاب جريمة القتل سالفة الذكر وذلك بأن اتفق
المتهمان الخامس والسادس والأميرالاى محمد وصفى الذى انقضت الدعوى الجنائية بالنسبة
له لوفاته على ارتكابها ثم حرض الأميرالاى محمد وصفى المتهمين الرابع والسابع على تنفيذها
فعهد المتهم السابع بذلك إلى المتهمين الثلاثة الأولين والمتهم الثامن وهم من أعوانه
الذين يأنس فيهم طاعة أمره والذين استعان بهم من قبل على قتل الشيخ حسن البنا مرشد
الاخوان المسلمين وقام المتهم الرابع باستدراج المجنى عليه إلى المكان الذى اتفق على
ارتكاب الجريمة فيه وتولى المتهم الثامن نقل المتهمين الثلاثة الأول إلى هذا المكان
فى سيارة أعدها الأميرالاى محمد وصفى لهذا الغرض وقد وقعت الجريمة بناء على هذا التحريض
وذلك الاتفاق وتلك المساعدة. وطلبت من غرفة الاتهام إحالة المتهمين جميعا إلى محكمة
الجنايات لمحاكمتهم طبقا للمواد 40 فقرة أولى وثانية وثالثة و41 و230 و231 و232 من
قانون العقوبات فقررت بذلك. وقد ادعت السيدة كريمة ابراهيم فرغل (زوجة المجنى عليه)
عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر وهم أسامة وطارق وعزه بحق مدنى قدره مائة
ألف جنيه كما ادعى والدى المجنى عليه طه أحمد محمدين والسيدة خضرة أحمد الجوهرى وأخويه
وهما أحمد طه أحمد ومحمد طه أحمد بمبلغ خمسين ألف جنيه وذلك قبل جميع المتهمين ورئيس
مجلس الوزراء ووزيرى الداخلية والمالية وشئون رئاسة الجمهورية ومجلس إدارة تصفية أموال
أسرة محمد على وورثة المرحوم الأميرالاى محمد وصفى بصفتهم مسئولون عن الحقوق المدنية
بالتضامن والملك السابق فاروق أحمد فؤاد. وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة
تنازل المدعون بالحقوق المدنية عن دعواهم المدنية المرفوعة على ورثة المرحوم الأميرالاى
محمد وصفى. وبعد أن أتمت المحكمة نظرها قضت غيابيا للمتهم السادس (محمد حسن السليمانى)
وحضوريا للباقين عملا بالمواد 40/ 2 و3 و41 و230 و231 و232 و235 من قانون العقوبات
بالنسبة إلى المتهم الرابع (على محمد على حسنين) والمواد 40/ 1 و2 و41 و230 و231 و232
و235 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم السادس (محمد حسنين السليمانى) أولا: بمعاقبة
كل من على محمد على حسنين ومحمد حسن السليمانى بالأشغال الشاقة المؤبدة وبإلزامهما
متضامنين بأن يدفعا (أ) إلى المدعية بالحق المدنى كريمه إبراهيم فرغل عن نفسها وبصفتها
وصية على أولادها القصر أسامة وطارق وعزة مبلغ ألفى جنيه والمصاريف المناسبة وعشرة
جنيهات مقابل أتعاب محاماة (ب) وإلى المدعين بالحق المدنى طه أحمد محمدين وخضره أحمد
الجوهرى مبلغ خمسمائة جنيه والمصاريف المناسبة وخمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة.
وثانيا – بإثبات تنازل المدعين أحمد طه ومحمد طه أحمد عن دعواهما المدنية. وثالثا –
بإثبات تنازل المدعين بالحق المدنى جميعا عن دعواهم قبل ورثة محمد وصفى. ورابعا – بعدم
جواز سماع الدعوى المدنية المرفوعة من المدعين بالحق المدنى جميعا قبل المسئول عن الحقوق
المدنية عن المتهم السادس (محمد حسن السليمانى). وخامسا – ببراءة كل من أحمد حسين جاد
ومحمد سعيد اسماعيل وحسين محمدين رضوان والأميرالاى أحمد كامل والأميرالاى محمود عبد
المجيد واليوزباشى عبده أرمانيوس مما أسند إليهم وبرفض الدعويين المدنيتين الموجهتين
قبلهم جميعا.
فطعن كل من النيابة العامة (بالنسبة إلى المتهمين المحكوم ببرائتهم) وعلى محمد حسنين
والوكيل عن السيدة كريمة ابراهيم فرغل عن نفسها وبصفتها المدعية بالحقوق المدنية قبل
جميع المتهمين والحكومة فى هذا الحكم بطريق النقض. ونظرت محكمة النقض هذه الطعون وقضت
بقبول الطعون الثلاثة شكلا وفى الموضوع أولا – برفض الطعنين المقدمين من على محمد حسنين
ومن النيابة العامة. وثانيا – بقبول الطعن المقدم من المدعية بالحق المدنى كريمة ابراهيم
فرغل عن نفسها وبصفتها وصية ونقض الحكم المطعون فيه فى خصوص الدعوى المدنية قبل المحكوم
عليهما على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى وقبل الحكومة باعتبارها مسئولة عن فعلهما
وإحالة القضية على محكمة جنايات القاهرة للفصل فيها مجددا من دائرة أخرى فى الحدود
الواردة فى أسباب هذا الحكم ورفض الطعن فيما عدا ذلك وألزمت المحكوم عليهما على محمد
حسنين ومحمد حسن السليمانى والحكومة بالمصروفات، ثم أعيدت القضية ثانية لمحكمة جنايات
القاهرة للفصل فيها مجددا وفى أثناء نظرها طلب أحمد محمد محمدين والسيدة خضرة أحمد
الجوهرى التدخل فى الدعوى المدنية بمبلغ خمسين ألف جنيه باعتبارهما والدى المرحوم عبد
القادر طه. وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة سماع هذه الدعوى قضت حضوريا بالنسبة لعلى
محمد حسنين والحكومة المصرية ممثلة فى مجلس الوزراء ووزارتى الداخلية والمالية وفى
غيبة محمد حسن السليمانى أولا – بعدم قبول تدخل طه أحمد محمدين والسيدة خضره أحمد الجوهرى
فى الدعوى. وثانيا – بالزام على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى والحكومة المصرية ممثلة
فى مجلس الوزراء ووزارتى الداخلية والمالية متضامنين بأن يدفعوا إلى السيدة كريمة ابراهيم
فرغل بصفتها الشخصية وبصفتها وصية على أولادها القصر أسامة وطارق وعزه أولاد المرحوم
عبد القادر طه مبلغ ستة آلاف جنيه مع المصروفات المناسبة لهذا المبلغ ومبلغ مائة جنيه
مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. فقرر الأستاذ المستشار المساعد
بادارة قضايا الحكومة نائبا عن الحكومة المصرية ممثلة فى السادة رئيس مجلس الوزراء
ووزيرى الداخلية والمالية والاقتصاد بالطعن فى هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية….
الخ.
المحكمة
…. وحيث إن مبنى الوجه الأول من الطعن هو أن الحكم أخطأ فى تطبيق
القانون وأخطأ فى الإسناد، إذ أقام مسئولية الحكومة على أساس أنها متبوعة للأميرالاى
محمد وصفى الذى ارتكب الجريمة مستغلا سلطة وظيفته باعتباره قائد حرس الوزارات والمهيمن
على سيارات هذا الحرس التى استعملت إحداها فى الحادث، مع أن الدعوى التى رفعت على الحكومة
إنما رفعت عليها باعتبار أنها المسئولة عن أفعال على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى
فلم يكن للمحكمة أن تغير من هذا الأساس بادخال محمد وصفى الذى لم تقم عليه الدعوى العمومية
وقد كان المدعون بالحق المدنى قد أقاموا دعواهم أولا على هذا الأساس ثم تنبهوا إلى
عدم جواز ذلك فأقاموا دعوى أمام المحكمة المدنية ضد ورثة محمد وصفى أمام وجه الخطأ
فى الإسناد فهو قول الحكم أن محمد وصفى باعتباره المهيمين على سيارات الحرس قد استعمل
إحداها فى الحادث مع أن ذلك لم يرد فى الوقائع التى ذكرتها محكمة الجنايات فى حكمها
السابق.
وحيث إن هذا الوجه مردود بأن الحكم لم يغير من أساس الدعوى ولم يتحدث عن محمد وصفى
إلا فى شأن إثبات أن الجريمة وقعت من على محمد حسنين وحسن محمد السليمانى بسبب وظيفتهما
ولا يؤثر فى ذلك أن يكون الجناة قد استعملوا فى ارتكابها سيارة من سيارات الحرس أو
سيارة أخرى.
وحيث أن مبنى الوجه الثانى أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون وشابه التناقض إذ قضى بمسئولية
الحكومة بالتضامن مع على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى مع أن الوظيفة كانت منقطعة
الصلة بالجريمة، أما وجه التناقض فهو أن المحكمة فى حين قررت أن الخطأ الذى يقع من
التابع بمناسبة أنه يشتغل وظيفة لا تتحقق به مسئولية المتبوع عادت وأقامت المسئولية
على هذا الأساس.
وحيث أن هذا الوجه مردود بأن المحكمة أقامت المسئولية على أساس أن الوظيفة هى التى
هيأت لمحمد حسن السليمانى وعلى محمد حسنين ارتكاب الجريمة وأفاضت فى بيان الأسباب الواقعية
التى استندت إليها فى ذلك وهى تؤدى إلى النتيجة التى انتهت إليها كما أقامت حكمها على
الأسانيد القانونية التى ذكرتها وهى أسانيد صحيحة ولا يؤثر فيها وقوع التناقض الذى
أشار إليه الطاعن مادام أن المحكمة انتهت فى حكمها إلى نتيجة يقرها القانون.
وحيث إن مبنى الوجه الثالث هو أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون وشاب أسبابه القصور إذ
قضى بمسئولية الحكومة عن أفعال محمد حسن السليمانى مع أنه ليس موظفا عموميا وإذ ردت
على ما دفع به الطاعن من أنه ليس موظفا عموميا ردا قاصرا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ اعتبر محمد حسن السليمانى موظفا عموميا واستند فيما استند
إليه إلى أنه يتقاضى مرتبه من مخصصات السراى المقررة من الحكومة والمذكرة المقدمة من
الحكومة للجنة مصادرة أسرة محمد على – قد انتهى إلى نتيجة يقرها القانون ذلك بأن الأمر
الخديوى رقم 48 لسنة 1882 اعتبر موظفى الخاصة خدمه ميرى ونص على احتساب مدة خدمتهم
فى المعاش الميرى ولا يؤثر فى ذلك أن يكون تعيينهم بمقتضى أوامر ملكية مادام أن المرسوم
الصادر فى 8 فبراير سنة 1925 الذى أباح ذلك قد استند إلى الأمر العالى الصادر فى 10
أبريل سنة 1883 وهو خاص بتسوية حال الموظفين العموميين ويصح اعتباره مرسوما خاصا بتنظيم
المصالح العامة – هذا إلى أن الأمر الخديوى رقم 48 سنة 1882 قد سبقه أمر آخر صدر فى
29 أبريل سنة 1863 يقضى باعتبار مستخدمى الخاصة مستخدمين فى الحكومة ومعاملتهم على
قدم المساواة مع مستخدمى الحكومة ثم صدر القانون رقم 5 سنة 1909 الخاص بالمعاشات الملكية
وقد نصت المادة 67 منه على سريان أحكامه على الموظفين أو المستخدمين المربوطة ماهياتهم
فى ميزانية الحكومة وبصفة استثنائية على موظفى ومستخدمى بعض المصالح التى لا تشملها
ميزانية المملكة العمومية ومن بينها الدائرة الخاصة ولما صدر القانون رقم 29 سنة 1910
لم يتناول هذا النص بأى تعديل ثم صدر القانون رقم 37 سنة 1929 بشأن المعاشات ونصت المادة
66 منه على سريان أحكامه على الخاصة الملكية كما صدر مرسوم بقانون فى 28 يونيه سنة
1922 بإنشاء مجلس تأديب لموظفى ومستخدمى ديوان الملك والمصالح المرتبطة به ونص فى المادة
الخامسة منه على أنه يسرى عليهم الأحكام المعمول بها فيما يتعلق بتأديب موظفى الحكومة
وقد اعتبرهم ديوان الموظفين موظفين عموميين يستحقون العلاوة الاجتماعية وبذلك لا يكون
ثمة فرق بين موظفى الحكومة وموظفى الخاصة إلا أن هؤلاء الأخيرين يتقاضون مرتباتهم من
المبلغ الذى ترصده الدولة للمخصصات الملكية وهو ليس من أموال الملك الشخصية وإنما يتقاضاه
بوصفه ملكا يزاول سلطانه المرسوم له بالدستور وما ينفق منه على موظفى الخاصة لا يعتبر
أنه من شئون الملك الشخصية مادام أن القوانين قد سوت بينهم وبين الموظفين العموميين
مما يجعل مزاولتهم لأعمال وظائفهم تتسم بالطابع العام لا بالطابع الخاص.
وحيث إن مبنى الوجه الرابع هو أن الحكم أخطأ فى تطبيق القانون إذ خرج فى تقدير التعويض
عن الحدود التى رسمتها محكمة النقض وكان عليه وقد أصبح التقدير الأول للتعويض بمبلغ
6100 جنيها نهائيا أن يقتصر على خصم 4100 جنيها منه وأن يحكم بالباقى.
وحيث إن هذا الوجه على أساس، ذلك بأنه يبين من حكم محكمة النقض الصادر فى 14 مارس سنة
1955 أنه جاء به أن المحكمة " إذ استبعدت الحكومة من نطاق المسئولة المدنية عن فعل
المحكوم عليهما على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى قد شاب حكمها القصور بما يعيبه
ويستوجب نقضه إذ لم تعن بالرد على ما أثاره محامى المدعية بالحق المدنى (الطاعنة) فى
جلسة 7 فبراير سنة 1954 وفى المذكرة المقدمة منه لجلسة 21 فبراير سنة 1954 بما يتضمن
التمسك بمسئولية الحكومة عن فعل هذين المتهمين مع أنها صرحت له بتقديم مذكرة تفصيلية
بالدعوى المدنية عقب الأقوال التى صدرت منه بجلسة 4 فبراير سنة 1954 مما يفيد أن هذه
الأقوال لم تكن التصوير النهائى للدعوى المدنية. لما كان ذلك وكانت المحكمة بعد أن
خلصت إلى إثبات الجريمة فى حق من دانته من المتهمين وهما على محمد حسنين ومحمد حسن
السليمانى انتهت فى حدود سلطتها التقديرية إلى الحكم بتعويض قدره 2000 جنيه عليهما
بالتضامن باعتبار أن هذا المبلغ مناسب للضرر الذى أصاب المدعية بالحق المدنى الناشئ
مباشرة عن الجريمة التى وقعت منهما. إذ انتهت المحكمة إلى ذلك كانت قد خصمت مبلغ 4100
جنيه بمقولة أن الحكومة دفعت للمدعية ما يقابله قياما بواجبها الانسانى وذلك دون أن
تبحث قبل اجراء هذا الخصم فيما إذا كانت الحكومة مسئولة بالتضامن عن فعل المحكوم عليهما
على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى أو غير مسئولة مع ما لهذا البحث من الأثر فى جواز
هذا الخصم أو عدم جوازه وفى الزام المحكوم عليهما سالفى الذكر بكامل التعويض الذى قدرته
المحكمة أو بالباقى منه بعد انقاصه بمقدار ما كانت دفعته الحكومة للمدعية بالحق المدنى
الطاعنة وهى إذ أغفلت هذا البحث يكون قد شاب حكمها القصور بما يعيبه ويستوجب نقضه"
ثم انتهى الحكم إلى القضاء " بقبول الطعن المقدم من المدعية بالحق المدنى كريمة ابراهيم
فرغل عن نفسها وبصفتها وصية ونقض الحكم المطعون فيه خصوص الدعوى المدنية قبل المحكوم
عليهما على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى وقبل الحكومة باعتبارها مسئولة عن فعلهما
وإحالة القضية على محكمة جنايات القاهرة للفصل فيها مجددا من دائرة أخرى فى الحدود
الواردة فى أسباب هذا الحكم ورفض الطعن فيما عدا ذلك" لما كان ذلك – وكان مفاد هذا
الحكم أن محكمة النقض قد اعتبرت تقدير المحكمة الأولى للتعويض تقديرا نهائيا فى حدود
سلطتها التقديرية ولذلك رفضت ما جاء فى أسباب الطعن على ذلك الحكم من أنه لم يورد الأسباب
المبررة وتقدير التعويض بالقيمة التى قدره بها. وكان الحكم المذكور قد نقض لأنه أجرى
خصم مبلغ 4100 جنيه من قيمة التعويض دون أن يبين ما إذا كانت الحكومة ملزمة بالتضامن
مع على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى فيصح الخصم أو غير ملزمة به معهما بالتضامن
فلا يصح الخصم – وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن الحكومة ملزمة مع على محمد
حسنين ومحمد حسن السليمانى بالتضامن – لما كان ذلك. فان ولاية المحكمة التى أحيلت عليها
الدعوى تقتصر على اجراء الخصم والحكم على محمد حسنين ومحمد حسن السليمانى بالتضامن
مع الحكومة بمبلغ 2000 جنيه وهى الباقية من قيمة التعويض الذى قدرته المحكمة الأولى
واعتبرته محكمة النقض تقديرا داخلا فى سلطتها التقديرية ورفضت ما جاء بأسباب الطعن
خاصا بتحديد قيمته خصوصا وقد تمسك مندوب الحكومة فى مذكرته بقوة الأمر المقضى. ويكون
ما حكمت به المحكمة فى حكمها المطعون فيه زيادة على ذلك خارجا عن ولايتها ويتعين لذلك
نقض الحكم فى هذا الخصوص وتصحيحه.
