الرئيسية الاقسام القوائم البحث

الطعن رقم 458 سنة 27 ق – جلسة 11 /06 /1957 

أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 661

جلسة 11 من يونيه سنة 1957

برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، ومحمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم يسى جندى المستشارين.


الطعن رقم 458 سنة 27 القضائية

نقض. سلطة محكمة النقض. أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعى. تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء من شأن محكمة الموضوع. استخلاص المحكمة نتيجة تخالف حقيقة ما أثبته فى حكمها. سلطة محكمة النقض فى تصحيح هذا الاختلاس.
تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء وما إذا كانت هذه القوة تدخل فى حدود الدفاع الشرعى أو تتجاوزه هو من شأن محكمة الموضوع، إلا أنها متى كانت قد أثبتت فى حكمها ما ينفى التجاوز، ولكنها مع ذلك استخلصت نتيجة تخالف هذه الحقيقة. فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون، أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع تلك الحقيقة، وما يقضى به المنطق والقانون.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلا من: 1 – عبد الحميد جاد الله قويدر و2 – عبد الحليم جاد الله قويدر و3 – عبد العليم جاد الله قويدر. بأنهم المتهم الأول – قتل عبد الله عبد الهادى الفيومى عمدا وذلك بأن أطلق عليه عيارا ناريا من بندقية كان يحملها قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية، والتى أدت إلى وفاته. والمتهم الثانى شرع فى قتل صابر محمد الفيومى وذلك بأن أطلق عليه عيارا ناريا من فرد كان يحمله قاصدا من ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى، وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو تدارك المجنى عليه بالعلاج. والمتهم الثالث ضرب المجنى عليه الأول عبد الله عبد الهادى الفيومى فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتحقيقات والتى تحتاج لعلاج مدة لا تزيد على العشرين يوما. وطلبت إلى غرفة الاتهام إحالتهم على محكمة الجنايات لمحاكمتهم بالمواد 45 و46 و234/ 1 و242/ 1 من قانون العقوبات فصدر قرارها بذلك. وادعى الشيخ عبد الهادى إبراهيم عبد الله والست منيرة أحمد جوهر (والدا المجنى عليه) بحق مدنى قبل المتهم الأول بمبلغ ألفى جنيه تعويضا. ومحكمة جنايات دمنهور سمعت هذه الدعوى وقضت حضوريا عملا بالمادتين 234/ 1 و251 من قانون العقوبات وذلك بالنسبة إلى المتهم الأول (الطاعن) أولا – بمعاقبته بالحبس مع الشغل لمدة سنة وإلزامه بأن يدفع للمدعيين بالحق المدنى خمسمائة جنيه على سبيل التعويض والمصاريف المدنية وألف قرش مقابل أتعاب المحاماة. وثانيا – براءة كل من المتهمين الثانى والثالث مما أسند إليهما فطعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض… الخ.


المحكمة

…. وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه هو أنه شابه تناقض فى الأسباب أدى إلى الخطأ فى تطبيق القانون على الواقعة كما أثبتها الحكم إذ أنه بعد أن استظهر من الوقائع التى أثبتها أن الطاعن كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه يبيح قتل المجنى عليه، عاد بعد ذلك يقرر أن الطاعن تجاوز حدود هذا الحق، دون أن يبين كيف حصل التجاوز وما هو الحد الذى كان ينبغى عليه أن يلتزمه ولا تتجاوزه وهو فى تلك الحالة النفسية التى وصفها الحكم، وقال إن الطاعن لم يطلق على المجنى عليه إلا عيارا واحدا.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما مؤداه " أن عبد الله عبد الهادى الفيومى. المجنى عليه القتيل، هو وبعض أقاربه ذهبوا إلى الحقل يحملون النبابيت ومتجردين من بعض ملابسهم وتقابلوا هنالك مع عبد الحميد جاد الله قويدر (الطاعن) وبعض أقاربه فثار بين الفريقين بسبب ما بينهم من سوء تفاهم سابق نقاش تطور إلى مشادة ثم إلى شجار فنشبت بين عائلتى الطرفين معركة وفى هذه المعركة هجم عبد الله عبد الهادى الفيومى المجنى عليه بنبوت على عبد الحميد جاد الله قويدر (المتهم الأول) فأطلق هذا المتهم الأول عيارا ناريا من بندقية كان يحملها على المجنى عليه عبد الله عبد الهادى الفيومى فأصابته المقذوفات ونفذت فى جسمه إلى تجويف الصدر وهتكت القلب والرئتين وأوردته الموت فى الحال". وبعد أن أورد الحكم الأدلة على وقوع الواقعة على تلك الصورة، استطرد يقول بيانا لما استخلصه منها " إن ما استظهرته المحكمة من الأقوال التى أدلى بها الشهود فى التحقيقات وأمام المحكمة على النحو السالف البيان هو أن عبد الحميد جاد الله قويدر المتهم الأول فيما أتاه من إطلاقه العيار النارى على المجنى عليه عبد الله عبد الهادى الفيومى إنما قصد دفع ما تهدده من خطر حال محدق به وقت الحادث، وذلك أن هجوم المجنى عليه وهو يحمل نبوتا على الصورة المبينة فيما تقدم على المتهم الأول من شأنه أن يثير الرعب والهلع فى نفسه، فإن تخوف أن يحدث له من ذلك الموت أو جراح بالغة كان لهذا التخوف فى هذه الظروف أسبابه المعقولة، وما كان عليه أن يقف جامدا حتى يناله المجنى عليه بنبوته بل إن ذلك الهجوم عليه من المجنى عليه بالنبوت يريد ضربه به يبيح له أن يرد هذا الاعتداء عن نفسه ولكن فى حدود لا يتجاوزها وبالقدر الذى تستلزمه حاجة الدفاع عن النفس، وتقدر المحكمة أن المتهم الأول إذ أطلق العيار النارى على المجنى عليه قد استعمل حق الدفاع الشرعى عن نفسه بأكثر مما يستلزمه هذا الدفاع وتعدى الحد الضرورى لذلك، غير أنه كان معذورا فى استعماله مما ترى معه المحكمة تطبيق المادة 251 من قانون العقوبات ومعاقبة المتهم الأول بالحبس بدلا من العقوبة المقررة فى القانون". ولما كانت واقعة الدعوى كما أثبتها الحكم المطعون فيه قد توافرت فيها شرائط الحالة الأولى من حالات حق الدفاع الشرعى عن النفس الذى يبيح القتل المنصوص عليها بالفقرة الأولى من المادة 249 من قانون العقوبات، وكانت المحكمة لم تفصح فى حكمها عن وجه تجاوز الطاعن فى استعمال هذا الحق ولا بينت حد الاباحة الذى كان ينبغى على الطاعن أن يقف عنده ولا يتجاوزه حتى يكون بمنجاة عن العقاب وكان الواضح من تقريرات الحكم أن الطاعن لم يطلق النار على المجنى عليه إلا دفاعا عن نفسه ولم يكن متجاوزا فى استعمال حقه فى الدفاع، لما كان ذلك وكان المقرر أن تقدير القوة اللازمة لرد الاعتداء وما إذا كانت هذه القوة تدخل فى حدود حق الدفاع الشرعى أو تتجاوزه هو من شأن محكمة الموضوع، إلا أنها متى كانت أثبتت فى حكمها ما ينفى التجاوز، ولكنها مع ذلك استخلصت نتيجة تخالف هذه الحقيقة – كما هو الحال فى الدعوى – فعندئذ يكون لمحكمة النقض بما لها من حق الرقابة على صحة تطبيق القانون أن تتدخل وتصحح هذا الاستخلاص بما يتفق مع تلك الحقيقة وما يقضى به المنطق والقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه وبراءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية قبله وإلزام رافعها بالمصروفات.

يمكنك مشاركة المقالة من خلال تلك الايقونات