الطعن رقم 370 سنة 27 ق – جلسة 20 /05 /1957
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 521
جلسة 20 من مايو سنة 1957
برياسة السيد حسن داود المستشار، وبحضور السادة: محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، وفهيم يسى جندى وأحمد زكى كامل المستشارين.
القضية رقم 370 سنة 27 القضائية
تفتيش. تنفيذه. مراد القانون من تفتيش أنثى بمعرفة أنثى. م 46/
2 أ. ج.
مراد القانون من اشتراط تفتيش أنثى بمعرفة أنثى أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية
التى لا يجوز لرجل الضبط القضائى الاطلاع عليها ومشاهدتها باعتبارها من عورات المرأة
التى تخدش حياءها إذا مست ومن ثم فإن ضابط البوليس لا يكون قد خالف القانون إن هو التقط
لفافة المخدر التى طالعته فى وضعها الظاهر بين أصابع قدم المتهمة وهى عارية.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها أحرزت جوهرا مخدرا (أفيونا) فى غير الأحوال المرخص بها قانونا. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتها على محكمة الجنايات لمحاكمتها بالمواد 1 و2 و33 جـ و35 من القانون رقم 351 لسنة 1952. فقررت الغرفة بذلك وفى أثناء نظر الدعوى أمام محكمة جنايات القاهرة دفع الحاضر مع المتهمة ببطلان التفتيش لأن من قام به هو الضابط بنفسه ولم يندب لذلك امرأة كما تقضى بذلك المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية وبعد أن أتمت المحكمة المذكورة نظرها قضت حضوريا عملا بالمواد 1 و2 و34 و35 من المرسوم بقانون رقم 351 لسنة 1952 والبند (أ) من الجدول (ا) الملحق به مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة زكية أمام محمود الشهيرة بأم صالح بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة وتغريمها خمسمائة جنيه ومصادرة الجوهر المخدر المضبوط وذلك على اعتبار أن الإحراز كان بقصد التعاطى الشخصى وقالت فى أسباب حكمها إن الدفع ببطلان التفتيش غير قائم على أساس. فطعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.
المحكمة
وحيث إن محصل الوجه الأول من الطعن هو الخطأ فى تطبيق القانون وفى
بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم المطعون فيه خالف ما تقضى به المادة 46/ 2 من قانون
الإجراءات الجنائية من وجوب حصول التفتيش بمعرفة أنثى إن كان المتهم أنثى ورفض الدفع
ببطلان تفتيش الطاعنة على الرغم من أنه تم بمعرفة ضابط البوليس الذى زعم أنه وجد لفافة
المخدر بين أصابع قدمها اليسرى فالتقطها بقسوة.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حين عرض للدفع ببطلان التفتيش الواقع على الطاعنة قال: "
وبما أن الدفع ببطلان التفتيش غير قائم على أساس إذ أن المتهمة (الطاعنة) كانت عارية
القدمين أثناء جلوسها ولقد لفت نظر الضابط إخفاؤها شيئا بين أصابع قدمها مما دعاه إلى
الإمساك بقدمها لالتقاطه وليس فى هذا تعرض لموضع حساس من الجسم أو كشف لجزء منه لم
يكن مكشوفا، إذ كان القدم عاريا فلا مبرر فى هذه الحالة لندب أنثى لالتقاط الورقة من
بين أصابع قدمها". ولما كانت الفقرة الثانية من المادة 46 من قانون الإجراءات الجنائية
تنص على أنه " إذا كان المتهم أنثى وجب أن يكون التفتيش بمعرفة أنثى يندبها لذلك مأمور
الضبط القضائى". وكان مراد القانون من اشتراط تفتيش أنثى بمعرفة أنثى أن يكون مكان
التفتيش من المواضع الجسمانية التى لا يجوز لرجل الضبط القضائى الاطلاع عليها ومشاهدتها
باعتبارها من عورات المرأة التى تخدش حياءها إذا مست، وكان الثابت بما أورده الحكم
أن الطاعنة كانت تضع لفافة المخدر بين أصابع قدمها اليسرى وهى عارية، فإن ضابط البوليس
لا يكون قد خالف القانون إن هو التقط لفافة المخدر التى طالعته فى وضعها الظاهر من
قدم الطاعنة، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع ببطلان التفتيش للأسباب
السائغة التى أوردها، يكون قد طبق القانون تطبيقا سليما.
وحيث إن مبنى الوجهين الثانى والثالث هو القصور فى البيان والفساد فى الاستدلال إذ
عولت المحكمة فى إدانة الطاعنة على عبارة وردت بأقوال الشاهد عباس أحمد سعيد فى محضر
تحقيق النيابة مؤداها أن الطاعنة كانت تشكو ألما فى أذنها، دون أن تسمع المحكمة أقواله
كاملة. ثم جعلت من هذه العبارة ما يؤيد الاعتراف المنسوب إلى الطاعنة أمام الضابط بأنها
إنما أحرزت المخدر بقصد العلاج، وفى هذا ما يتنافى مع بقية أقوال الشاهد من أنه لم
ير الطاعنة تحرز مخدرا ما كما استندت المحكمة فى إدانة الطاعنة إلى أقوال الضابط والكونستابل
رغم تضارب أقوالهما فى شأن واقعتى حصول مقاومة منها، ورفع المنضدة (الطبلية) التى كانت
أمامها حال ضبط المخدر، هذا فضلا عن أن الضابط أغفل ذكر أسماء رجال القوة التى صاحبته
خشية حصول خلاف بين أقوالهم إذا رؤى سماعهم.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية
للجريمة التى دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها فى حقها أدلة من شأنها أن تؤدى إلى
النتيجة التى انتهى إليها. لما كان ذلك وكان للمحكمة أن تأخذ بما تطمئن إليه من أقوال
الشاهد فى مرحلة التحقيق ولو لم تسمعه بمعرفتها مادامت مطروحة على بساط البحث فى الجلسة
إذ مرجع الأمر فى ذلك إلى حريتها فى تقدير الدليل الذى تأخذ به، وكانت الطاعنة لم تطلب
من المحكمة سماع أقوال الشاهد عباس أحمد سعيد أو تتمسك بسؤال رجال القوة التى صاحبت
الضابط عند إجراء التفتيش، وكان الحكم قد حصل أقوال الشاهدين اليوزباشى محمد محمد فهمى
والكونستابل أحمد حسين دون ما خلاف فيها، وكان التناقض فى أقوال الشهود بفرض قيامه
لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصا سائغا بما لا تناقض فيه.
لما كان كل ما تقدم فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم فى هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلا
موضوعيا فى أدلة الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعينا رفضه موضوعا.
