الطعن رقم 177 سنة 27 ق – جلسة 02 /04 /1957
أحكام النقض – المكتب الفني – جنائى
العدد الثانى – السنة 8 – صـ 358
جلسة 2 من أبريل سنة 1957
برياسة السيد مصطفى فاضل وكيل المحكمة، وبحضور السادة: حسن داود، و محمود ابراهيم اسماعيل، ومصطفى كامل، والسيد أحمد عفيفى.
القضية رقم 177 سنة 27 القضائية
(أ) دفاع. أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعى. جواز تمسك المتهم
بحقه فى الدفاع الشرعى أمام المحكمة رغم سكوته عن إثارته فى التحقيق.
(ب) أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعى. انعدام التناسب بين اعتداء المجنى عليه
والمتهم. عدم نفيه حق الدفاع الشرعى.
(جـ) أسباب الإباحة وموانع العقاب. دفاع شرعى. تخوف المتهم من حصول اعتداء عليه إذا
كان لهذا التخوف أسباب معقولة. كفايته لقيام حق الدفاع الشرعى.
1 – سكوت المتهم فى التحقيق عن إثارة حقه فى الدفاع الشرعى لا يمنعه من التمسك بهذا
الحق أمام محكمة الموضوع.
2 – مجرد انعدام التناسب بين اعتداء المجنى عليهما أو أحدهما لبساطته وبين ما وقع من
المتهمين لجسامته لا ينتفى به حق الدفاع الشرعى كما هو معرف به فى القانون.
3 – لا يشترط لقيام حق الدفاع الشرعى أن يقع على المدافع اعتداء على النفس بالفعل بل
يكفى أن يكون قد وقع فعل يخشى منه وقوع هذا الاعتداء والعبرة فى ذلك هى بتقدير المدافع
فى الظروف التى كان فيها بشرط أن يكون تقديره مبنيا على أسباب مقبولة تسوغ هذا التقدير.
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعن كلا من: – 1 – إبراهيم على حسن و– 2 – محمد حسن حسين (الطاعنين) و– 3 – مصطفى محمد حسين و ـ4 – على عبد المجيد أحمد على بأنهم – بمركز أبنوب مديرية أسيوط المتهم الأول قتل عمدا مع سبق الإصرار حامد سيد عوض بأن انتوى قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا وأطلق عليه مقذوفا قاصدا قتله فأحدث به الإصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أدت إلى وفاته – المتهم الثانى – شرع فى قتل نادى حسن درغام عمدا ومع سبق الإصرار بأن عزم على قتله وأعد لذلك سلاحا ناريا وأطلق عليه مقذوفا فأحدث به الإصابة المبينة بالتقرير الطبى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو إسعاف المجنى عليه. والمتهمين – الثالث والرابع – تضاربا فأحدث كل منهما بالآخر الإصابات المبينة بالتقرير الطبى والتى أعجزت كلا منهما عن أعماله الشخصية مدة تزيد على عشرين يوما. وطلبت من غرفة الاتهام إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45، 46، 230، 231، 232، 241/ 2 من قانون العقوبات فقررت الغرفة بذلك. ومحكمة جنايات أسيوط قضت فيها حضوريا للأول والثانى وفى غيبة الباقين عملا بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات بالنسبة للمتهم الأول وبالمواد 45، 46، 234/ 1 من نفس القانون بالنسبة إلى المتهم الثانى وبالمادة 241/ 1 منه بالنسبة إلى المتهمين الثالث والرابع بمعاقبة إبراهيم على حسن بالأشغال الشاقة مدة خمس عشرة سنة ومعاقبة محمد حسن حسين بالأشغال الشاقة سبع سنين وبمعاقبة كل من مصطفى محمد حسين وعلى عبد المجيد أحمد بالحبس مع الشغل لمدة ستة أشهر وقد استبعدت المحكمة ركن سبق الإصرار. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض…. الخ.
المحكمة
…. وحيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه بنى
على الفساد فى الاستدلال وأخطأ فى تطبيق القانون إذ دفع الحاضر عنهما بجلسة المحاكمة
بأن الطاعن الثانى كان فى حالة دفاع شرعى عن نفسه وعن نفس الطاعن الأول ولكن المحكمة
ردت على هذا الدفع بما لا يصلح لتنفيذه واستدلت على نفى قيام هذه الحالة بأن الإصابات
التى وجدت بالطاعن الأول لا تكفى لاعتبار أنه كان مواجها بفعل يتخوف منه الموت أو إحداث
جراح بالغة مع أن جسامة الاعتداء ليس شرطا لقيام حالة الدفاع الشرعى.
وحيث إن الحكم المطعون فيه عرض فى قيام نفى ظرف سبق الإصرار لبيان واقعة الدعوى فقال
" إن الصورة الصحيحة للواقعة هى أنهما (الطاعنين) التقيا مصادفة بالمجنى عليهما أثناء
المرور بجوار الحقل وأن حديثا دار بينهم بسبب اختراق الحقل وأيضا بسبب حادث السرقة
السابق الذى تحدث عنه نادى حسن ولم ينكر إثارته المتهم الأول (الطاعن الأول) فلما احتدم
النقاش قام الشجار ووقع الاعتداء أولا بالعصى والسكين وانتهى بإطلاق النار كل ذلك ينبئ
بأن القتل والشروع فيه حدثا من غير إصرار سابق ويؤيد ذلك تناثر الإصابات لدى الفريقين
وتعددها ثم استطرد الحكم من ذلك إلى الرد على ما دفع به محامى الطاعنين من توفر حالة
الدفاع الشرعى فقال " إن ما أثاره الدفاع عن المتهم الثانى فى الجلسة عند التسليم الفرضى
بإطلاقه النار على خصومه وهو أنه كان فى حالة الدفاع الشرعى عن نفسه ونفس غيره مردود
بأنه فضلا عن أن هذا المتهم لم يثر هذا الكلام أو يتحدث عن هذا الدفاع الشرعى بل أنكر
التهمة وأنكر وجوده فى محل الحادث فإن الصورة الصحيحة للحادث كما سلف بيانها لا تؤدى
إلى حالة الدفاع الشرعى التى يزعمها المتهم فقد كان هو ومن معه أكثر عددا وعدة بالنسبة
لخصومه الذين ما كانوا يحملون سوى العصا أو السكين الصغيرة وأن ما حدث بزميله المتهم
الأول من إصابات لا تزيد عن جرح قطعى صغير بالعضد وآخر رضى بفروة الرأس لا تكفى للقول
بأن هذا المتهم كان أمام فعل يتخوف منه الموت أو إحداث الجراح البالغة ولم يكن لهذا
التخوف أسباب معقولة" ومؤدى هذا الذى أثبته الحكم أن الطاعنين لم يطلقا النار على المجنى
عليهما إلا بعد أن بدأ هذان الأخيران أو أحدهما بالعدوان على الطاعن الأول بضربه بعصا
على رأسه وطعنه بسكين فى عضده، لما كان ذلك وكان الحكم لم يبين ظروف هذا العدوان وصلته
بما وقع من الطاعنين، فإن ما قاله الحكم فيما تقدم لا يصلح سببا لنفى حالة الدفاع الشرعى،
ذلك بأن مجرد انعدام التناسب بين اعتداء المجنى عليهما أو أحدهما وبين ما وقع من الطاعنين
لجسامته لا ينتفى به حق الدفاع الشرعى كما هو معرف به فى القانون الذى لا يشترط لقيام
هذا الحق، أن يقع على المدافع اعتداء على نفس بالفعل بل يكفى أن يكون قد وقع فعل يخشى
منه وقوع هذا الاعتداء والعبرة فى ذلك هى بتقدير المدافع فى الظروف التى كان فيها بشرط
أن يكون تقديره مبنيا على أسباب مقبولة تسوغ هذا التقدير. ولما كان سكوت الطاعن الثانى
فى التحقيق عن إثارة حقه فى الدفاع الشرعى لا يمنعه من التمسك بهذا الحق أمام محكمة
الموضوع، لما كان ما تقدم فإن الحكم يكون معيبا بما يبطله ويوجب نقضه بالنسبة لكلا
الطاعنين لاتصال وجه الطعن بهما معا دون حاجة للتعرض لبحث أوجه الطعن الأخرى.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.
